تتدحرج الأوضاع في المنطقة نحو تسارع البحث عن الحلول السياسية لأزماتها ومحورها سورية،  ويجد دعاة الحلول العسكرية من أطراف حلف الحرب على سورية أنهم من دون حليف دولي يستندون إليه، فالتفاهمات تأخذ طريقها ولم يعد ثمة ما يسمح بالعودة إلى الوراء، وإذا كانت العيون التركية والسعودية و»الإسرائيلية» دائماً تتجه إلى واشنطن لاستكشاف فرص توريطها باللغة الحربية، أو الحصول منها على إشارات تسمح بالتصعيد، فواشنطن التي تفادت خيار الحرب، وحلفاؤها الذين تهرّبوا من التورّط من دونها، في زمن التصعيد في العلاقات الروسية الأميركية والأميركية الإيرانية معاً، هي واشنطن التي تحوّلت للحديث عن الحلول السياسية من دون خريطة طريق، وعن حرب على الإرهاب من دون حلف قادر، وعن معارضة معتدلة لا وجود لها، في زمن الحوار مع روسيا والتفاوض مع إيران، وهي واشنطن التي ستكون خارج أيّ تشجيع أو سماح بمغامرات في زمن التفاهم مع روسيا وإيران معاً، لا بل المضطرة للانخراط في رعاية الحلول السياسية والتجاوب مع دعوات الحرب على الإرهاب.

 

- تتقدّم موسكو الصفوف لعرض مبادرة للحلّ السياسي في سورية تتزامن مع دعوتها الجادّة إلى قيام حلف إقليمي دولي لمكافحة الإرهاب تتطلع إلى مشاركة الدول الكبرى ودول جوار سورية والعراق فيه، وتنطلق موسكو في البحث عن إطار للحلّ السياسي، بما يسمح بقطع الطريق على كلّ مسعى للتنصّل منه أو لتخريبه، وتدعو موسكو إلى الحلف الدولي الإقليمي على قاعدة تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بمكافحة الإرهاب في سورية، وما تنص عليه من وقف لتدفق المال والسلاح والرجال عبر الحدود إلى سورية، يبدو ضرورياً فرض آليات للرقابة والتحقق من الالتزام بمضمون هذه القرارات، طالما لم تبادر الدول المعنية إلى ذلك طوال عامين من صدور أول هذه القرارات، وموسكو في المقابل تتبنى للحلّ السياسي الدعوة إلى حكومة جامعة يشارك فيها الراغبون من المعارضة والقادرون على تقبّل عنوان الحرب على الإرهاب إطاراً لعمل حكومة وحدة وطنية ودعم الجيش السوري في هذه المهمة، ويوافقون على اعتبار مستقبل رئاسة الجمهورية غير مطروح للبحث قبل حلول المهلة الدستورية للانتخابات الرئاسية عام 2021، إلا إذا حاز دعاة تقصير الولاية الرئاسية على نصاب دستوري في الانتخابات البرلمانية المقبلة يفوق الثلثين، ما يخوّلهم تعديل الدستور ومن ضمنه مدّة ولاية رئيس الجمهورية، وتتولى الحكومة الإشراف على انتخابات برلمانية في موعد الاستحقاق الانتخابي ربيع عام 2016 بصورة تضمن مشاركة المعارضين بلا استثناء بمن فيهم من لم يشارك في الحكومة، والطامحين إلى تقصير الولاية الرئاسية الذين كان ولا يزال شعارهم تغيير الرئاسة ليختبروا فرصهم الديمقراطية لهذا الخيار، وتتعهّد الحكومة وفقاً للمبادرة بمجموعة إجراءات تتضمّن إزالة كلّ القيود التي تحول دون أوسع مشاركة في الانتخابات، وتتضمّن المبادرة أن تجري الانتخابات بمشاركة مراقبين دوليين ترك أمر هويتهم ومسؤولياتهم وجهة الإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم، للتفاوض بين الحكومة السورية والمعارضة التي ستستجيب للمبادرة، والشركاء الدوليين الذين سيقدّمون الضمانات للمشاركة في الانتخابات لكلّ المعارضين ويتعهّدون بالاعتراف بنتائج الانتخابات، وبفك كلّ الإجراءات وكلّ العقوبات المتخذة ضدّ سورية بعد تشكيل حكومة تعبّر عن تركيبة البرلمان الجديد، بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري ويقفلون كلّ الممثليات والمكاتب التي منحوها صفات ديبلوماسية أو شبه ديبلوماسية في فترة الأزمة السورية بدلاً من الدولة السورية وسفاراتها.

 

- تتعامل الحكومة السورية بكلّ انفتاح مع المبادرة الروسية بشقيها المتصلين بالحلف ضدّ الإرهاب والمصالحة مع المعارضة نحو انتخابات 2016، لكنها لا تعطي موافقة ولا رفضاً يتخطيان الاستعداد للانفتاح في انتظار سماع الأجوبة الواضحة من الدول المتورّطة في الحرب ضدّها، فكيف ستتعامل هذه الدول مع هذه المبادرة قبل أن تقول سورية كلمتها حول حدود وكيفيات ما تقبله وما لا تقبله، هل ستلتزم دول الجوار السوري بإقفال معسكرات الإرهابيين على تنوّعاتهم وليس «داعش» فقط، وقطع شرايين إمدادهم وخطوط تنقلهم وتنقل المال والسلاح إليهم، وهل ستلتزم الدول الكبرى ودول الجوار برفع كلّ العقوبات والإجراءات العدائية التي اتخذتها ضدّ سورية ديبلوماسيا ًوقانونياً واقتصادياً، في ضوء نتائج انتخابات العام المقبل للبرلمان الجديد، وهل ستنجح هذه الدول مجتمعة بجلب أفرقاء المعارضة الذين منحوا كلّ الدعم لتخريب بلدهم سورية إلى القبول بالتسليم بأنّ الانتخابات النيابية هي ما يقرّر حجم هذه المعارضة وليس الادّعاءات الفارغة والدعم الخارجي، وانّ أحقية طرح الشروط تستمدّ شرعيتها من صناديق الاقتراع، فمن لا ينال ثلثي مقاعد البرلمان لا يحق له الحديث عن تعديل الدستور ولا عن الولاية الرئاسية، ومن لا ينال نصف المقاعد وأكثر لا يحق له تسمية رئيس حكومة ولا مناقشة تشكيلة الحكومة إلا بحدود ما تقبل به الغالبية المنتخبة، ومن لا يتخطى حاجز الـ10 في المئة من الأحزاب لا يدخل البرلمان، كما هي حال نموذج الديمقراطية البرلمانية التركية التي يتباهى بها المعارضون، ونقاش الصلاحيات الدستورية والدستور الجديد يبقيان رهناً بحقوق تمنح لمن تمنحه الناس تفويضها في صناديق الاقتراع، كما تولي المناصب السيادية في الدول، لا ينال عبر مجلس حكم انتقالي بانتهاك سيادة سورية وفقاً للفصل السابع ليسمّي من لا يمثلون السوريين قيّمين على مستقبلهم، بل عبر انتزاع صفاتهم التمثيلية في الانتخابات.

 

- روسيا تعدّ فريقاً متخصصاً لنقل المبادرة إلى المعنيين دولياً وإقليمياً، كما تحدث معاون الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، سورية ستنتظر الأجوبة لتقول جوابها بعد أن تسمع وتقرأ وترى… ولكلّ مقام مقال.

  • فريق ماسة
  • 2015-07-03
  • 10069
  • من الأرشيف

انتخابات 2016 في سورية إطارا للمبادرة الروسية

تتدحرج الأوضاع في المنطقة نحو تسارع البحث عن الحلول السياسية لأزماتها ومحورها سورية،  ويجد دعاة الحلول العسكرية من أطراف حلف الحرب على سورية أنهم من دون حليف دولي يستندون إليه، فالتفاهمات تأخذ طريقها ولم يعد ثمة ما يسمح بالعودة إلى الوراء، وإذا كانت العيون التركية والسعودية و»الإسرائيلية» دائماً تتجه إلى واشنطن لاستكشاف فرص توريطها باللغة الحربية، أو الحصول منها على إشارات تسمح بالتصعيد، فواشنطن التي تفادت خيار الحرب، وحلفاؤها الذين تهرّبوا من التورّط من دونها، في زمن التصعيد في العلاقات الروسية الأميركية والأميركية الإيرانية معاً، هي واشنطن التي تحوّلت للحديث عن الحلول السياسية من دون خريطة طريق، وعن حرب على الإرهاب من دون حلف قادر، وعن معارضة معتدلة لا وجود لها، في زمن الحوار مع روسيا والتفاوض مع إيران، وهي واشنطن التي ستكون خارج أيّ تشجيع أو سماح بمغامرات في زمن التفاهم مع روسيا وإيران معاً، لا بل المضطرة للانخراط في رعاية الحلول السياسية والتجاوب مع دعوات الحرب على الإرهاب.   - تتقدّم موسكو الصفوف لعرض مبادرة للحلّ السياسي في سورية تتزامن مع دعوتها الجادّة إلى قيام حلف إقليمي دولي لمكافحة الإرهاب تتطلع إلى مشاركة الدول الكبرى ودول جوار سورية والعراق فيه، وتنطلق موسكو في البحث عن إطار للحلّ السياسي، بما يسمح بقطع الطريق على كلّ مسعى للتنصّل منه أو لتخريبه، وتدعو موسكو إلى الحلف الدولي الإقليمي على قاعدة تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بمكافحة الإرهاب في سورية، وما تنص عليه من وقف لتدفق المال والسلاح والرجال عبر الحدود إلى سورية، يبدو ضرورياً فرض آليات للرقابة والتحقق من الالتزام بمضمون هذه القرارات، طالما لم تبادر الدول المعنية إلى ذلك طوال عامين من صدور أول هذه القرارات، وموسكو في المقابل تتبنى للحلّ السياسي الدعوة إلى حكومة جامعة يشارك فيها الراغبون من المعارضة والقادرون على تقبّل عنوان الحرب على الإرهاب إطاراً لعمل حكومة وحدة وطنية ودعم الجيش السوري في هذه المهمة، ويوافقون على اعتبار مستقبل رئاسة الجمهورية غير مطروح للبحث قبل حلول المهلة الدستورية للانتخابات الرئاسية عام 2021، إلا إذا حاز دعاة تقصير الولاية الرئاسية على نصاب دستوري في الانتخابات البرلمانية المقبلة يفوق الثلثين، ما يخوّلهم تعديل الدستور ومن ضمنه مدّة ولاية رئيس الجمهورية، وتتولى الحكومة الإشراف على انتخابات برلمانية في موعد الاستحقاق الانتخابي ربيع عام 2016 بصورة تضمن مشاركة المعارضين بلا استثناء بمن فيهم من لم يشارك في الحكومة، والطامحين إلى تقصير الولاية الرئاسية الذين كان ولا يزال شعارهم تغيير الرئاسة ليختبروا فرصهم الديمقراطية لهذا الخيار، وتتعهّد الحكومة وفقاً للمبادرة بمجموعة إجراءات تتضمّن إزالة كلّ القيود التي تحول دون أوسع مشاركة في الانتخابات، وتتضمّن المبادرة أن تجري الانتخابات بمشاركة مراقبين دوليين ترك أمر هويتهم ومسؤولياتهم وجهة الإشراف عليهم وحدود صلاحياتهم، للتفاوض بين الحكومة السورية والمعارضة التي ستستجيب للمبادرة، والشركاء الدوليين الذين سيقدّمون الضمانات للمشاركة في الانتخابات لكلّ المعارضين ويتعهّدون بالاعتراف بنتائج الانتخابات، وبفك كلّ الإجراءات وكلّ العقوبات المتخذة ضدّ سورية بعد تشكيل حكومة تعبّر عن تركيبة البرلمان الجديد، بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري ويقفلون كلّ الممثليات والمكاتب التي منحوها صفات ديبلوماسية أو شبه ديبلوماسية في فترة الأزمة السورية بدلاً من الدولة السورية وسفاراتها.   - تتعامل الحكومة السورية بكلّ انفتاح مع المبادرة الروسية بشقيها المتصلين بالحلف ضدّ الإرهاب والمصالحة مع المعارضة نحو انتخابات 2016، لكنها لا تعطي موافقة ولا رفضاً يتخطيان الاستعداد للانفتاح في انتظار سماع الأجوبة الواضحة من الدول المتورّطة في الحرب ضدّها، فكيف ستتعامل هذه الدول مع هذه المبادرة قبل أن تقول سورية كلمتها حول حدود وكيفيات ما تقبله وما لا تقبله، هل ستلتزم دول الجوار السوري بإقفال معسكرات الإرهابيين على تنوّعاتهم وليس «داعش» فقط، وقطع شرايين إمدادهم وخطوط تنقلهم وتنقل المال والسلاح إليهم، وهل ستلتزم الدول الكبرى ودول الجوار برفع كلّ العقوبات والإجراءات العدائية التي اتخذتها ضدّ سورية ديبلوماسيا ًوقانونياً واقتصادياً، في ضوء نتائج انتخابات العام المقبل للبرلمان الجديد، وهل ستنجح هذه الدول مجتمعة بجلب أفرقاء المعارضة الذين منحوا كلّ الدعم لتخريب بلدهم سورية إلى القبول بالتسليم بأنّ الانتخابات النيابية هي ما يقرّر حجم هذه المعارضة وليس الادّعاءات الفارغة والدعم الخارجي، وانّ أحقية طرح الشروط تستمدّ شرعيتها من صناديق الاقتراع، فمن لا ينال ثلثي مقاعد البرلمان لا يحق له الحديث عن تعديل الدستور ولا عن الولاية الرئاسية، ومن لا ينال نصف المقاعد وأكثر لا يحق له تسمية رئيس حكومة ولا مناقشة تشكيلة الحكومة إلا بحدود ما تقبل به الغالبية المنتخبة، ومن لا يتخطى حاجز الـ10 في المئة من الأحزاب لا يدخل البرلمان، كما هي حال نموذج الديمقراطية البرلمانية التركية التي يتباهى بها المعارضون، ونقاش الصلاحيات الدستورية والدستور الجديد يبقيان رهناً بحقوق تمنح لمن تمنحه الناس تفويضها في صناديق الاقتراع، كما تولي المناصب السيادية في الدول، لا ينال عبر مجلس حكم انتقالي بانتهاك سيادة سورية وفقاً للفصل السابع ليسمّي من لا يمثلون السوريين قيّمين على مستقبلهم، بل عبر انتزاع صفاتهم التمثيلية في الانتخابات.   - روسيا تعدّ فريقاً متخصصاً لنقل المبادرة إلى المعنيين دولياً وإقليمياً، كما تحدث معاون الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، سورية ستنتظر الأجوبة لتقول جوابها بعد أن تسمع وتقرأ وترى… ولكلّ مقام مقال.

المصدر : ناصر قنديل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة