بخطى محكمة يتمكن الجيش السوري بصموده من إضعاف البنية الرئيسية للمجموعات المسلحة. لم يصمد في السابق أي اتفاق بين تلك المجموعات جنوب البلاد، اكثر من شهر، ومع ما يسمى "عاصفة الجنوب" صمدت غرفة عمليات المسلحين لمدة اربعة ايام فقط، برغم كل الدعم الاردني والامريكي والاسرائيلي، حيث يستمر الفشل بملاحقة هذه الجماعات والدول الداعمة لها.

 النية الاساسية لغرفة العمليات التابعة للتكفيريين في جنوب سورية، كانت الهجوم على كافة محاور الاشتباك في درعا وريفها، عبر تقسيم غرفة العمليات الى سبعة اقسام، فكان هناك غرفة العمليات تحت مسمى اعصار 1، تختص بحي المنشية، والاعصار 2 منطقة طريق السد، والاعصار 3 المخيم، والاعصار 4 منطقة النعيمة، والاعصار 5 منطقة عتمان واليادودة، والاعصار 6 منطقة سجنة، والاعصار 7 تتولى عملية قطع الاسترداد الدولي دمشق درعا من منطقة خربة غزالة.

 العمليات التي اشرفت على التخطيط لها وتنفيذها، غرفة موك الاردنية، كانت تحاول من خلال تقسيم القطاعات كما ذكرنا، تشتيت جهد الجيش السوري. في الساعات الاولى فوجئ المسلحون ان قطاع حي المنشية وحي سجنة لم ينجز فيه أي تقدم، والجيش قطع حبل الوصل للمجموعات المسلحة مع الاردن، عبر القذائف النارية والرمايات الكثيفة، في هذه الاثناء حاولت المجموعات المسلحة التقدم من نفس القطاع باتجاه اسوار المشفى الوطني، وبدأت تسوق لخبر الوصول الى المشفى الوطني، لترفع معنويات مقاتليها التي بدأت تنهار، الا ان ذلك لم يفد بشيء مطلقا. اما على محور المخيم باتجاه سور المطاحن، فكانت العملية اكثر سهولة من حي المنشية، حيث كانت وحدات الجيش السوري تنتظر أي تحرك للمسلحين في ذلك المحور لاستهدافهم بشكل مباشر، وتكرر ذلك الفشل على محور تل السكري وعلى محاور وقطاعات عتمان واليادودة، وفشلت كذلك محاولات المسلحين السيطرة على حاجز السرو.

 الفشل والانتكاسات على مختلف المحاور، عمقت الخلافات بين كافة الجماعات التكفيرية على النفوذ والقيادة والسيطرة على مجريات المعارك، للحصول على اكبر مكاسب من غرفة موك الاردنية، فيما بدأ المسلحون يتبادلون الاتهامات بين بعضهم البعض بالخيانة، اثر كل ضربة يتلقونها في معركة درعا، إلا ان غرفة موك لم تتركهم لمواجهة تكريس هذا الخلاف، فابرقت للجميع وطلبت ان يوضع تقييم لما جرى ولماذا حصل الفشل، فعزت المجموعات المسلحة الفشل الى الاسباب التالية:

 1- ضعف الرماية الثقيلة المعتمدة وخاصة مدافع جهنم التابعة لكتيبة الهندسة والصواريخ وهي مدافع محلية الصنع قامت بضرب قذيفة على طريق السد فأصابت مسلحين من حركة المثنى.

 2- وقف الهجوم من قطاع سجنة "جبهة النصرة" لسبب عدم فتح جبهة المنشية الذي سمح لسلاح الجو السوري باستهداف نقاط المسلحين.

 3- اعتماد الجيش السوري على تقسيم البيوت بشكل مربعات وعندما يتقدم مسلحو "النصرة" يقنص طريق عودتهم.

 4- عدم قدرة القطاع الرابع السيطرة على النقطة الهامة والاستراتيجية وهي (تل السكري) رغم القصف المكثف للراجمات والمدافع الثقيلة.

 بعد هذه الهزيمة، بدأ ضباط الاستخبارات الاردنية يحاولون لملمة المسلحين، الا ان الخلافات وصلت فيما بينهم الى التخوين، والاتهام المباشر بـ"التقصير"، وفي احد الاجتماعات، اهان قيادي من "حركة المثنى" جميع القادة الموجودين في غرفة العمليات المركزية، واتهم الجميع بالتعاون مع الجيش السوري لإفشال الهجوم. هذا الاجتماع كان يضم بالإضافة الى قادة المجموعات التكفيرية كل من عبد الرحمن مسالمة وزياد محاميد كممثلين عن العشائر المدعومة من قبل الاردن، واثناء الاجتماع كان الاتصال مفتوحاً مع ضباط المخابرات الاردنية.

 لم تفلح المخابرات الاردنية بضبط الوضع، ولا اقناع المسلحين بالعودة للقتال، وما زاد الامر تعقيداً بالنسبة لغرفة موك، هو اندلاع اشتباكات بين المجموعات المسلحة. وبدأت المعلومات تصل لضباط موك أن "جبهة النصرة" تسعى إلى تشكيل غرفة عمليات جديدة، تضم إلى جانبها كلاً مما يسمى بـ"أحرار الشام وجند الملاحم وجماعة بيت المقدس"، وتهدف إلى السيطرة على مدينة درعا من محور المنشية باستخدام المفخخات. وأثناء اجتماع عقد بين تلك الجماعات لبحث التحضيرات لتشكيل الغرفة الجديدة، كان لغرفة موك ايضا كلمتها، لكن هذه المرة بطريقة مختلفة، حيث هاجم مسلحون مما يعرف بلواء "تحرير حوران"، بقيادة إبراهيم هيال، موقع الاجتماع، وحطموا سيارات المجتمعين ومنهم ابو شريف المحاميد وانس الزعيم، وأطلقوا الرصاص، ما أسفر عن إصابة احد قادة ما يعرف بجيش المدفعية. وقامت إثر ذلك مجموعة من قادة الجماعات المسلحة باحتواء الاشتباك، واستصدار قرار من القيادة المشتركة لفرقة 18 آذار بعزل إبراهيم هيال زعيم لواء تحرير حوران وتقديمه إلى ما يسمى بالقضاء.

 إن الخلافات والاقتتال الدائرة بعد فشل ما يسمى بـ"عاصفة الجنوب" يدلل على أن صمود الجيش السوري، شكلت المسمار الذي دق في نعش هذا الهجوم، بالرغم من التحضيرات الكثيفة له وعلى مدار اكثر من ستة اشهر من قبل المجموعات المسلحة وغرفة عمليات موك، التي ادخلت عددا كبيرا من راجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، الى الخدمة في جنوب سورية، في محاولة منها لقلب الموازين العسكرية هناك.

  • فريق ماسة
  • 2015-06-29
  • 11361
  • من الأرشيف

فشل وخلافات واتهامات بالخيانة حصيلة معركة ’عاصفة الجنوب’ السوري ....بقلم حسين مرتضى

بخطى محكمة يتمكن الجيش السوري بصموده من إضعاف البنية الرئيسية للمجموعات المسلحة. لم يصمد في السابق أي اتفاق بين تلك المجموعات جنوب البلاد، اكثر من شهر، ومع ما يسمى "عاصفة الجنوب" صمدت غرفة عمليات المسلحين لمدة اربعة ايام فقط، برغم كل الدعم الاردني والامريكي والاسرائيلي، حيث يستمر الفشل بملاحقة هذه الجماعات والدول الداعمة لها.  النية الاساسية لغرفة العمليات التابعة للتكفيريين في جنوب سورية، كانت الهجوم على كافة محاور الاشتباك في درعا وريفها، عبر تقسيم غرفة العمليات الى سبعة اقسام، فكان هناك غرفة العمليات تحت مسمى اعصار 1، تختص بحي المنشية، والاعصار 2 منطقة طريق السد، والاعصار 3 المخيم، والاعصار 4 منطقة النعيمة، والاعصار 5 منطقة عتمان واليادودة، والاعصار 6 منطقة سجنة، والاعصار 7 تتولى عملية قطع الاسترداد الدولي دمشق درعا من منطقة خربة غزالة.  العمليات التي اشرفت على التخطيط لها وتنفيذها، غرفة موك الاردنية، كانت تحاول من خلال تقسيم القطاعات كما ذكرنا، تشتيت جهد الجيش السوري. في الساعات الاولى فوجئ المسلحون ان قطاع حي المنشية وحي سجنة لم ينجز فيه أي تقدم، والجيش قطع حبل الوصل للمجموعات المسلحة مع الاردن، عبر القذائف النارية والرمايات الكثيفة، في هذه الاثناء حاولت المجموعات المسلحة التقدم من نفس القطاع باتجاه اسوار المشفى الوطني، وبدأت تسوق لخبر الوصول الى المشفى الوطني، لترفع معنويات مقاتليها التي بدأت تنهار، الا ان ذلك لم يفد بشيء مطلقا. اما على محور المخيم باتجاه سور المطاحن، فكانت العملية اكثر سهولة من حي المنشية، حيث كانت وحدات الجيش السوري تنتظر أي تحرك للمسلحين في ذلك المحور لاستهدافهم بشكل مباشر، وتكرر ذلك الفشل على محور تل السكري وعلى محاور وقطاعات عتمان واليادودة، وفشلت كذلك محاولات المسلحين السيطرة على حاجز السرو.  الفشل والانتكاسات على مختلف المحاور، عمقت الخلافات بين كافة الجماعات التكفيرية على النفوذ والقيادة والسيطرة على مجريات المعارك، للحصول على اكبر مكاسب من غرفة موك الاردنية، فيما بدأ المسلحون يتبادلون الاتهامات بين بعضهم البعض بالخيانة، اثر كل ضربة يتلقونها في معركة درعا، إلا ان غرفة موك لم تتركهم لمواجهة تكريس هذا الخلاف، فابرقت للجميع وطلبت ان يوضع تقييم لما جرى ولماذا حصل الفشل، فعزت المجموعات المسلحة الفشل الى الاسباب التالية:  1- ضعف الرماية الثقيلة المعتمدة وخاصة مدافع جهنم التابعة لكتيبة الهندسة والصواريخ وهي مدافع محلية الصنع قامت بضرب قذيفة على طريق السد فأصابت مسلحين من حركة المثنى.  2- وقف الهجوم من قطاع سجنة "جبهة النصرة" لسبب عدم فتح جبهة المنشية الذي سمح لسلاح الجو السوري باستهداف نقاط المسلحين.  3- اعتماد الجيش السوري على تقسيم البيوت بشكل مربعات وعندما يتقدم مسلحو "النصرة" يقنص طريق عودتهم.  4- عدم قدرة القطاع الرابع السيطرة على النقطة الهامة والاستراتيجية وهي (تل السكري) رغم القصف المكثف للراجمات والمدافع الثقيلة.  بعد هذه الهزيمة، بدأ ضباط الاستخبارات الاردنية يحاولون لملمة المسلحين، الا ان الخلافات وصلت فيما بينهم الى التخوين، والاتهام المباشر بـ"التقصير"، وفي احد الاجتماعات، اهان قيادي من "حركة المثنى" جميع القادة الموجودين في غرفة العمليات المركزية، واتهم الجميع بالتعاون مع الجيش السوري لإفشال الهجوم. هذا الاجتماع كان يضم بالإضافة الى قادة المجموعات التكفيرية كل من عبد الرحمن مسالمة وزياد محاميد كممثلين عن العشائر المدعومة من قبل الاردن، واثناء الاجتماع كان الاتصال مفتوحاً مع ضباط المخابرات الاردنية.  لم تفلح المخابرات الاردنية بضبط الوضع، ولا اقناع المسلحين بالعودة للقتال، وما زاد الامر تعقيداً بالنسبة لغرفة موك، هو اندلاع اشتباكات بين المجموعات المسلحة. وبدأت المعلومات تصل لضباط موك أن "جبهة النصرة" تسعى إلى تشكيل غرفة عمليات جديدة، تضم إلى جانبها كلاً مما يسمى بـ"أحرار الشام وجند الملاحم وجماعة بيت المقدس"، وتهدف إلى السيطرة على مدينة درعا من محور المنشية باستخدام المفخخات. وأثناء اجتماع عقد بين تلك الجماعات لبحث التحضيرات لتشكيل الغرفة الجديدة، كان لغرفة موك ايضا كلمتها، لكن هذه المرة بطريقة مختلفة، حيث هاجم مسلحون مما يعرف بلواء "تحرير حوران"، بقيادة إبراهيم هيال، موقع الاجتماع، وحطموا سيارات المجتمعين ومنهم ابو شريف المحاميد وانس الزعيم، وأطلقوا الرصاص، ما أسفر عن إصابة احد قادة ما يعرف بجيش المدفعية. وقامت إثر ذلك مجموعة من قادة الجماعات المسلحة باحتواء الاشتباك، واستصدار قرار من القيادة المشتركة لفرقة 18 آذار بعزل إبراهيم هيال زعيم لواء تحرير حوران وتقديمه إلى ما يسمى بالقضاء.  إن الخلافات والاقتتال الدائرة بعد فشل ما يسمى بـ"عاصفة الجنوب" يدلل على أن صمود الجيش السوري، شكلت المسمار الذي دق في نعش هذا الهجوم، بالرغم من التحضيرات الكثيفة له وعلى مدار اكثر من ستة اشهر من قبل المجموعات المسلحة وغرفة عمليات موك، التي ادخلت عددا كبيرا من راجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، الى الخدمة في جنوب سورية، في محاولة منها لقلب الموازين العسكرية هناك.

المصدر : الماسة السورية/ العهد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة