فجأة صار دعاة النأي بالنفس معنيين علناً في الشأن السوري، وصارت المهمة التي يتنطحون لها بحسابات لا تخصّ لبنان، تبرّر الاتصالات الإقليمية والدولية، والحديث عن التسليح في سورية، وعن حياد مناطق وإدخال قوات إلى مناطق والاعتراض على وجود قوات أخرى في مناطق، فصار الحرام الذي قاتلوا سواهم عليه حلالاً لهم، مع فارق جوهري هو أنّ حزب الله الذي اتهموه بالتورّط في سورية كان يستهدف التشكيلات الإرهابية التي ضرب انتحاريوها بتفجيراتهم قلب لبنان، وتحتلّ جزءاً من الأرض اللبنانية في عرسال وجرودها، وتخطف وتتخذ رهائن من العسكريين اللبنانيين، بينما ما يقوم به حلف  وليد جنبلاط و سعد الحريري تحت شعار متابعة الوضع في السويداء هو توظيف مجازر «جبهة النصرة» بحق أبناء طائفة الموحدين الدروز في ريف إدلب لإخضاع جبل العرب لمشروع «إسرائيلي» يمرّر تحت عنوان أردني وبغطاء أميركي.

وفي انتظار التوقيت الأميركي، لم يطل الوقت حتى سقط أصحاب خطاب النأي بالنفس سقوطاً مدوياً وبحسابهم أنّ الاعتبار الطائفي يعذرهم، وهم من رفض العذر الوطني لسواهم.

لم يطل الوقت حتى أعلنت «إسرائيل» أنها معنية، وأعلنت واشنطن أنها مهتمّة، وصارت عمّان حيث يجري تدريب وإعداد كتائب لعشائر الأنبار على الأيدي الأميركية ومعها فصائل سورية، محطة للاتصالات من أجل تسليح أميركي لوحدات من جبل العرب يفترض أن تتولى تحييده نظرياً عن الجيش السوري بداعي الحماية، لتسلخه فعلياً من الجغرافيا السورية وتجعله في منطقة وسط بين الأردن وسورية وفلسطين المحتلة ولبنان، تمهيداً للإمارة الموعودة من دون إعلان، بل بتقدّمها كأمر واقع تدريجي.

في هذا الإطار بدأت «إسرائيل» حرباً نفسية لدبّ الذعر بالحديث عن مجازر متوقعة، وفي السياق يتمّ التمهيد لإقامة ما يشبه تجربة الجدار الطيب مع لبنان، على جبهة الجولان المحتلّ تحت ذات الشعار وهو تقديم المساعدات للسكان المحتاجين بالتعاون مع الصليب الأحمر، حيث أكدت مصادر «إسرائيلية» رسمية أنّ «إسرائيل» تتابع عن كثب أوضاع الدروز في سورية وقالت: «لا توجد هناك أيّ نية لاستقبال لاجئين دروز في إسرائيل، ولكن كشعب مرّ بكارثة، ليس لدينا أيّ نية لتجاهل إمكانية حدوث مذابح جماعية للأقلية الدرزية في سورية». وتنضمّ هذه التصريحات إلى تلك التي أدلى بها ضابط كبير في هيئة أركان الجيش «الإسرائيلي» خلال مقابلة له مع مراسلين عسكريين، والتي قال من خلالها «إنّ إسرائيل لن تسمح بدخول اللاجئين الدروز إلى إسرائيل، وأيضاً في المقابل لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما شاهدت وقوع مذابح».

 

وأوضحت سابين سيتروك، رئيسة قسم الإعلام في الصليب الأحمر أنها لا تؤكد ولا تنفي المعلومات، ولكنها وافقت وأكدت أنّ «الصليب الأحمر يجري مداولات سرية مع جهات مختلفة حول الأوضاع في سورية». وبحسب أقوالها: «المؤتمر الدولي للصليب الأحمر يجري تقديرات للأوضاع الإنسانية، ولاحتياجات المجموعات المدنية الموجودة في مناطق المواجهات، وحول نوع وحجم المساعدات التي يجب تقديمها من طرفي الحدود».

بينما زار رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي أول من أمس القدس، وفي ختام الزيارة صرّح الرئيس «الإسرائيلي» بأن «ما يجري في الوقت الحالي ترهيب وتهديد لوجود نصف مليون درزي في جبل الدروز القريب جداً من الحدود الإسرائيلية»… بينما قال مسؤول أميركي «إنّ تسليح الدروز لم يطرح في محادثات ديمبسي في إسرائيل على رغم أنّ الموضوع السوري كان في أول نقاط أجندة المحادثات»، وأضاف المسؤول: «أنّ دروز إسرائيل أثاروا الأمر مع إسرائيل والولايات المتحدة والأردن والكثير من الدول».

موفدو النائب وليد جنبلاط المتنقلين بين عواصم المنطقة لالتقاط التوقيت الأميركي المناسب لإعلان حياد السويداء، خذلتهم السويداء مرة أخرى حيث أعلن مشايخ العقل في جبل العرب تمسّكهم بحماية الدولة السورية ورعايتها لأمنهم، ودعوا شباب المنطقة للالتحاق بمراكز التعبئة والتجنيد التي استقبلت أكثر من عشرة آلاف شاب تمّت تسوية أوضاعهم القانونية وسيقومون بالخدمة العسكرية في مناطقهم ويتولون حمايتها من ضمن تشكيلات الجيش وتحت قيادته، بينما أكدت الأنباء من السويداء توزيع آلاف قطع السلاح من الجيش على الأهالي ضمن منظومات الدفاع الوطني لمواجهة أي تهديد تتعرّض له المنطقة من الجماعات المسلحة.

من التزام الحياد إلى الانخراط في تشكيلات الدفاع الوطني

بات ملف السويداء هو الملف الرئيس، بعد تحوّل الموقف الدرزي من التزام الحياد ورفض حمل السلاح إلى الاندفاعة غير المحدودة طلباً للسلاح والانخراط في تشكيلات الدفاع الوطني التي بدأت فروعها تظهر في السويداء بقيادة ضابط متقاعد.

وفي تقييم موضوعي وعملي للبيان الذي أصدرته «جبهة النصرة» أول من أمس، الذي أكد «أنّ ما وقع في شمال غربي سورية خطأ كبير وغير مبرّر وتمّ من دون علم القيادة وبمخالفة واضحة لتوجيهات قيادة جبهة النصرة»، أكدت أوساط سياسية مطلعة على ما يجري في السويداء لـ«البناء» «أن لا قيمة سياسية لهذا البيان، لأنّ الميدان ينبئ بخلافه، فالأمور استمرّت في إدلب على حالها، والدروز في قلب لوزة مُنعوا من دفن ضحاياهم».

بيان «النصرة» يتصل باستغاثة جنبلاط

ولفتت الأوساط إلى «أنّ بيان النصرة يتصل بالاستغاثة التي أطلقها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط اتجاه الأردن وتركيا لإخراجه من المأزق الذي وضعته فيه المجزرة، وأظهرته أنه يؤيد قصف الدروز وقتلهم وذبحهم وتهجيرهم».

 

وتحدّثت الأوساط «أنّ اتصال زعيم جبهة «النصرة» أبو محمد الجولاني بشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في الجليل وتأكيده أنه لن يتمّ المسّ بالدروز مستقبلاً»، معتبرة «أنّ هذا الأمر مثير للسخرية، فهذا التعهّد كان النائب جنبلاط يتاجر به، ولكن عندما دقت ساعة الحقيقة، لم يتمكن من حماية الدروز في قلب لوزة، وهذا ما جعل القيادات السياسية الدرزية في لبنان وسورية تحمّل جنبلاط المسؤولية عما حصل نتيجة مواقفه الخاطئة وطموحاته الشيطانية».

ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى انقسام حادّ داخل الطائفة الدرزية حيال مجزرة قلب لوزة، والذي ترافق مع مواقف متشدّدة ومتباينة مع موقف النائب جنبلاط، بعدما كان هناك نوع من الهدنة بين جنبلاط من جهة والنائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب من جهة أخرى». ولفتت المصادر إلى «أنّ جنبلاط أجرى اتصالات إقليمية ودولية وأخرى بمشغلي جبهة النصرة لمعالجة الوضع. وأوفد أمس الوزير أبو فاعور إلى تركيا لمتابعة التطورات، فمجزرة إدلب أفقدته مصداقيته، بعدما كان يقدّم الضمانات بعدم تعرّض النصرة للدروز في سورية، وأوفد منذ فترة ليست ببعيدة القيادي في الحزب الاشتراكي هشام نصر الدين إلى السويداء إلا أنّ الأهالي رفضوا استقباله، بعد أن حلّل جنبلاط دم الدروز الذين يقفون إلى جانب الدولة السورية».

وأكد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان «أنّ اعتذار جبهة النصرة هو بمثابة تسخيف لما حصل من هجمة بربرية وحشية بحق الدروز العزل من السلاح في جبل السمّاق، وأكد «أنّ هذه المجزرة بتوقيتها تأتي في سياق المؤامرة الكبرى على سورية، وتخدم المصالح المشتركة للتكفيريين وإسرائيل وهما وجهان لعملة واحدة».

وأكد رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب في حديث تلفزيوني «أنّ للسويداء الحق في الدفاع عن نفسها ولن نقبل أن تصبح قلب لوزة ثانية»، مشيراً إلى «أنّ الجيش السوري وزع أكثر من 25000 قطعة سلاح لأبنائها» ، مشيراً إلى «أنه سيتمّ الردّ على عائلات جبهة النصرة الموجودين في لبنان».

السندان والمطرقة

أمنياً، بات تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة» بين فكي كماشة الجيش اللبناني الذي يحمي الحدود اللبنانية من رأس بعلبك حتى جرود القاع، وحزب الله والجيش السوري من الجهة الشرقية. وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» أنّ العملية تتمّ عبر السندان والمطرقة، فالجيش يشكل حالة الثبات على الأرض، وحزب الله والجيش السوري يتحرّكان لتدمير القوى التكفيرية الموجودة في جرود رأس بعلبك والقاع من الناحية اللبنانية وما تبقى من عسال الورد على الجانب السوري من الحدود، بعدما انتهى حزب الله والجيش السوري من وصل جرود فليطا بجرود عرسال، على أن يتمّ تنظيف ما تبقى من مدينة الزبداني في مرحلة لاحقة لتأمين خلفية الجيش السوري في حركته المقبلة، لا سيما أنه يتحضّر لهجوم معاكس باتجاه محور درعا جنوباً ومحور حماة جسر الشغور إدلب».

  • فريق ماسة
  • 2015-06-14
  • 11965
  • من الأرشيف

«إسرائيل» تبحث مع الصليب الأحمر إقامة جدار طيب على حدود الجولان ...عشرة آلاف ملتحق بالجيش خلال يومين... وآلاف قطع السلاح للأهالي

فجأة صار دعاة النأي بالنفس معنيين علناً في الشأن السوري، وصارت المهمة التي يتنطحون لها بحسابات لا تخصّ لبنان، تبرّر الاتصالات الإقليمية والدولية، والحديث عن التسليح في سورية، وعن حياد مناطق وإدخال قوات إلى مناطق والاعتراض على وجود قوات أخرى في مناطق، فصار الحرام الذي قاتلوا سواهم عليه حلالاً لهم، مع فارق جوهري هو أنّ حزب الله الذي اتهموه بالتورّط في سورية كان يستهدف التشكيلات الإرهابية التي ضرب انتحاريوها بتفجيراتهم قلب لبنان، وتحتلّ جزءاً من الأرض اللبنانية في عرسال وجرودها، وتخطف وتتخذ رهائن من العسكريين اللبنانيين، بينما ما يقوم به حلف  وليد جنبلاط و سعد الحريري تحت شعار متابعة الوضع في السويداء هو توظيف مجازر «جبهة النصرة» بحق أبناء طائفة الموحدين الدروز في ريف إدلب لإخضاع جبل العرب لمشروع «إسرائيلي» يمرّر تحت عنوان أردني وبغطاء أميركي. وفي انتظار التوقيت الأميركي، لم يطل الوقت حتى سقط أصحاب خطاب النأي بالنفس سقوطاً مدوياً وبحسابهم أنّ الاعتبار الطائفي يعذرهم، وهم من رفض العذر الوطني لسواهم. لم يطل الوقت حتى أعلنت «إسرائيل» أنها معنية، وأعلنت واشنطن أنها مهتمّة، وصارت عمّان حيث يجري تدريب وإعداد كتائب لعشائر الأنبار على الأيدي الأميركية ومعها فصائل سورية، محطة للاتصالات من أجل تسليح أميركي لوحدات من جبل العرب يفترض أن تتولى تحييده نظرياً عن الجيش السوري بداعي الحماية، لتسلخه فعلياً من الجغرافيا السورية وتجعله في منطقة وسط بين الأردن وسورية وفلسطين المحتلة ولبنان، تمهيداً للإمارة الموعودة من دون إعلان، بل بتقدّمها كأمر واقع تدريجي. في هذا الإطار بدأت «إسرائيل» حرباً نفسية لدبّ الذعر بالحديث عن مجازر متوقعة، وفي السياق يتمّ التمهيد لإقامة ما يشبه تجربة الجدار الطيب مع لبنان، على جبهة الجولان المحتلّ تحت ذات الشعار وهو تقديم المساعدات للسكان المحتاجين بالتعاون مع الصليب الأحمر، حيث أكدت مصادر «إسرائيلية» رسمية أنّ «إسرائيل» تتابع عن كثب أوضاع الدروز في سورية وقالت: «لا توجد هناك أيّ نية لاستقبال لاجئين دروز في إسرائيل، ولكن كشعب مرّ بكارثة، ليس لدينا أيّ نية لتجاهل إمكانية حدوث مذابح جماعية للأقلية الدرزية في سورية». وتنضمّ هذه التصريحات إلى تلك التي أدلى بها ضابط كبير في هيئة أركان الجيش «الإسرائيلي» خلال مقابلة له مع مراسلين عسكريين، والتي قال من خلالها «إنّ إسرائيل لن تسمح بدخول اللاجئين الدروز إلى إسرائيل، وأيضاً في المقابل لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما شاهدت وقوع مذابح».   وأوضحت سابين سيتروك، رئيسة قسم الإعلام في الصليب الأحمر أنها لا تؤكد ولا تنفي المعلومات، ولكنها وافقت وأكدت أنّ «الصليب الأحمر يجري مداولات سرية مع جهات مختلفة حول الأوضاع في سورية». وبحسب أقوالها: «المؤتمر الدولي للصليب الأحمر يجري تقديرات للأوضاع الإنسانية، ولاحتياجات المجموعات المدنية الموجودة في مناطق المواجهات، وحول نوع وحجم المساعدات التي يجب تقديمها من طرفي الحدود». بينما زار رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي أول من أمس القدس، وفي ختام الزيارة صرّح الرئيس «الإسرائيلي» بأن «ما يجري في الوقت الحالي ترهيب وتهديد لوجود نصف مليون درزي في جبل الدروز القريب جداً من الحدود الإسرائيلية»… بينما قال مسؤول أميركي «إنّ تسليح الدروز لم يطرح في محادثات ديمبسي في إسرائيل على رغم أنّ الموضوع السوري كان في أول نقاط أجندة المحادثات»، وأضاف المسؤول: «أنّ دروز إسرائيل أثاروا الأمر مع إسرائيل والولايات المتحدة والأردن والكثير من الدول». موفدو النائب وليد جنبلاط المتنقلين بين عواصم المنطقة لالتقاط التوقيت الأميركي المناسب لإعلان حياد السويداء، خذلتهم السويداء مرة أخرى حيث أعلن مشايخ العقل في جبل العرب تمسّكهم بحماية الدولة السورية ورعايتها لأمنهم، ودعوا شباب المنطقة للالتحاق بمراكز التعبئة والتجنيد التي استقبلت أكثر من عشرة آلاف شاب تمّت تسوية أوضاعهم القانونية وسيقومون بالخدمة العسكرية في مناطقهم ويتولون حمايتها من ضمن تشكيلات الجيش وتحت قيادته، بينما أكدت الأنباء من السويداء توزيع آلاف قطع السلاح من الجيش على الأهالي ضمن منظومات الدفاع الوطني لمواجهة أي تهديد تتعرّض له المنطقة من الجماعات المسلحة. من التزام الحياد إلى الانخراط في تشكيلات الدفاع الوطني بات ملف السويداء هو الملف الرئيس، بعد تحوّل الموقف الدرزي من التزام الحياد ورفض حمل السلاح إلى الاندفاعة غير المحدودة طلباً للسلاح والانخراط في تشكيلات الدفاع الوطني التي بدأت فروعها تظهر في السويداء بقيادة ضابط متقاعد. وفي تقييم موضوعي وعملي للبيان الذي أصدرته «جبهة النصرة» أول من أمس، الذي أكد «أنّ ما وقع في شمال غربي سورية خطأ كبير وغير مبرّر وتمّ من دون علم القيادة وبمخالفة واضحة لتوجيهات قيادة جبهة النصرة»، أكدت أوساط سياسية مطلعة على ما يجري في السويداء لـ«البناء» «أن لا قيمة سياسية لهذا البيان، لأنّ الميدان ينبئ بخلافه، فالأمور استمرّت في إدلب على حالها، والدروز في قلب لوزة مُنعوا من دفن ضحاياهم». بيان «النصرة» يتصل باستغاثة جنبلاط ولفتت الأوساط إلى «أنّ بيان النصرة يتصل بالاستغاثة التي أطلقها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط اتجاه الأردن وتركيا لإخراجه من المأزق الذي وضعته فيه المجزرة، وأظهرته أنه يؤيد قصف الدروز وقتلهم وذبحهم وتهجيرهم».   وتحدّثت الأوساط «أنّ اتصال زعيم جبهة «النصرة» أبو محمد الجولاني بشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في الجليل وتأكيده أنه لن يتمّ المسّ بالدروز مستقبلاً»، معتبرة «أنّ هذا الأمر مثير للسخرية، فهذا التعهّد كان النائب جنبلاط يتاجر به، ولكن عندما دقت ساعة الحقيقة، لم يتمكن من حماية الدروز في قلب لوزة، وهذا ما جعل القيادات السياسية الدرزية في لبنان وسورية تحمّل جنبلاط المسؤولية عما حصل نتيجة مواقفه الخاطئة وطموحاته الشيطانية». ولفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى انقسام حادّ داخل الطائفة الدرزية حيال مجزرة قلب لوزة، والذي ترافق مع مواقف متشدّدة ومتباينة مع موقف النائب جنبلاط، بعدما كان هناك نوع من الهدنة بين جنبلاط من جهة والنائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب من جهة أخرى». ولفتت المصادر إلى «أنّ جنبلاط أجرى اتصالات إقليمية ودولية وأخرى بمشغلي جبهة النصرة لمعالجة الوضع. وأوفد أمس الوزير أبو فاعور إلى تركيا لمتابعة التطورات، فمجزرة إدلب أفقدته مصداقيته، بعدما كان يقدّم الضمانات بعدم تعرّض النصرة للدروز في سورية، وأوفد منذ فترة ليست ببعيدة القيادي في الحزب الاشتراكي هشام نصر الدين إلى السويداء إلا أنّ الأهالي رفضوا استقباله، بعد أن حلّل جنبلاط دم الدروز الذين يقفون إلى جانب الدولة السورية». وأكد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان «أنّ اعتذار جبهة النصرة هو بمثابة تسخيف لما حصل من هجمة بربرية وحشية بحق الدروز العزل من السلاح في جبل السمّاق، وأكد «أنّ هذه المجزرة بتوقيتها تأتي في سياق المؤامرة الكبرى على سورية، وتخدم المصالح المشتركة للتكفيريين وإسرائيل وهما وجهان لعملة واحدة». وأكد رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب في حديث تلفزيوني «أنّ للسويداء الحق في الدفاع عن نفسها ولن نقبل أن تصبح قلب لوزة ثانية»، مشيراً إلى «أنّ الجيش السوري وزع أكثر من 25000 قطعة سلاح لأبنائها» ، مشيراً إلى «أنه سيتمّ الردّ على عائلات جبهة النصرة الموجودين في لبنان». السندان والمطرقة أمنياً، بات تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة» بين فكي كماشة الجيش اللبناني الذي يحمي الحدود اللبنانية من رأس بعلبك حتى جرود القاع، وحزب الله والجيش السوري من الجهة الشرقية. وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» أنّ العملية تتمّ عبر السندان والمطرقة، فالجيش يشكل حالة الثبات على الأرض، وحزب الله والجيش السوري يتحرّكان لتدمير القوى التكفيرية الموجودة في جرود رأس بعلبك والقاع من الناحية اللبنانية وما تبقى من عسال الورد على الجانب السوري من الحدود، بعدما انتهى حزب الله والجيش السوري من وصل جرود فليطا بجرود عرسال، على أن يتمّ تنظيف ما تبقى من مدينة الزبداني في مرحلة لاحقة لتأمين خلفية الجيش السوري في حركته المقبلة، لا سيما أنه يتحضّر لهجوم معاكس باتجاه محور درعا جنوباً ومحور حماة جسر الشغور إدلب».

المصدر : البناء ـ المحرر السياسي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة