تدرك الدولة السورية من بداية العدوان عليها أنّ الميدان هو الميزان، وقد خاضت المعارك والمواقع والعمليات والحرب المركّبة لتبقى كفة الميزان في الميدان الوطني راجحة وخاصة في الميدان العسكري، وقد كانت أطراف العدوان والإرهاب الوكيل والأصيل تراهن على السيطرة على الجغرافيا لتفريغ التاريخ ونسف الديمغرافيا وفرض استراتيجية الأمر الواقع لتقسيم سورية وتفتيتها وتشتيت قواها الذاتية وفي مقدمها العسكرية، وصولاً لتشتيت قوة منظومة محور المقاومة خدمة لتحقيق الهدف الصهيوأميركي الأكبر والأخطر بمشروع الشرق الأوسط الكبير.

 ولأربع سنوات ونيّف من الكرّ والفرّ وتدحرج كرة الإرهاب والدعم اللامحدود له بدواعشه ونصرته القاعدية التكفيرية، وبين مدّ وجزر وسيطرة وتطهير وساعات صفر تحطّمت، وانسحابات تكتيكية تعددت، بقيت بعض المناطق تأخذ أهمية استراتيجية كنقاط ارتكاز كدمشق وحلب وإدلب ودرعا والقنيطرة ودير الزور والقلمون لتبقى منصات لتعدد غزوات الإرهاب ومحاولة فرض مناطق عازلة وحظر جوي لما يمكن أن تؤمنه دول الجوار الداعمة للإرهاب من عمق ومسرح مناورة وإمداد ودعم للإرهاب، ومع أن معركة تطهير القصير صيف عام 2013 وما بعدها تطهير بلدات القلمون، شكّلا تطوراً نوعياً في مسار الحرب وكادت تغيّر موازين الحرب وترسم نتائجها، إلا أن أطراف العدوان أعادوا إنتاج وتشكيل الإرهاب في القلمون لأهميته الاستراتيجية ليبقى «خرّاجاً» إرهابياً صهيونياً وهابياً يهدد مصير لبنان وسورية ويشكّل الخزان الأكبر والأخطر لتهديد العاصمة دمشق، ومع دخول الحرب عامها الخامس ومرحلتها الختامية وظهور بوادر التسويات الكبرى، لاحظنا هستيريا التصعيد الإرهابي العدواني من الشمال والجنوب والشرق لتطبيق خطة فكيّ الكماشة الاستراتيجي بمطارق الإرهاب شمالاً وجنوباً وسندان القلمون، فكان الإبداع والسبق الاستراتيجي للجيش السوري وحزب الله بإطلاق معركة القلمون التي تعتبر بما حققته إلى الآن أكبر من معركة وأوسع من جغرافيا، لا سيما أنها حققت بزمن قياسي معدلات تقدم وتطهير غير مسبوقة في تاريخ الحروب، وأثبتت البراعة والإحكام في التخطيط والتنسيق، والإقدام في التنفيذ، والتراكم الكمي والنوعي في الإنجاز، في أصعب وأعقد بيئة قتالية وضدّ أخطر وأخبر تجميعات الإرهاب القاعدية وكهوفها ومغاورها وأوكارها، ومع ذلك فقد امتلكت المقاومة والجيش السوري ناصية الميدان ومفاتيح النصر في المعركة بسيطرتها على التلال الاستراتيجية كجبال الباروح وتلال نحلة وتلة موسى، وباتت مسألة الحسم مسألة وقت بمؤشرات قوة وقدرة وعلو كعب الجيش السوري والمقاومة وحالة الانهيار الإدراكي المادي والنفسي والمعنوي للمجموعات الإرهابية وأعداد قتلاها وتقهقر فلولها وهروب متزعميها لتعطي تلك المؤشرات جملة رسائل عاجلة إلى من يهمه الأمر وهي:

 1ـ رسالة إلى مَن تبقى من المجموعات الإرهابية في جرود فليطة والجراجير وقارة وعرسال أن قتالها عبثي ولن يغيّر أو يؤخّر هزيمتها الاستراتيجية.

 2 ـ رسالة إلى مجاميع الإرهاب في الجغرافيا السورية بأن رياح الميدان السوري آتية وأن حجم الإرهاب ونوعه ودعمه وتحصيناته وبيئته المعقدة جغرافياً لم تصمد، فكيف لمن ينكشف في بيئات أقل سيكون قادراً على الصمود والعبرة لمن اعتبر في الغوطة الشرقية أو المنطقة الجنوبية والشمالية.

 3ـ رسالة للدول والأنظمة التي دعمت الإرهاب حتى الثمالة ولم تكن قادرة على ترجمة هذا الدعم إلى أماني لتلك الدول بتحقيق أهدافها وبالتالي بدأَ الجمل ينهار بما حمل.

 4 ـ رسالة إلى الكيان «الإسرائيلي» بأن أحلامه بإقامة إسفين إرهابي من الحرمون إلى القلمون وفصل جسد الجيش السوري والمقاومة والعمق الاستراتيجي، تحطّمت وذهبت مع الريح التي نسفت الجدار الخبيث في القنيطرة بعد عملية مثلث التطهير الاستراتيجي في دير العدس وتلول فاطمة.

 5 ـ رسالة ثانية لكيان العدو «الإسرائيلي» بأن آلاف المقاتلين من نخبة النخبة في الجيش السوري والمقاومة الذين حققوا هذا الإنجاز في بيئة معقدة، قادرة على تحقيق نصر أسرع وأوقع في الجولان والجليل وما بعد الجليل وكأن ما يحصل في القلمون بروفا لما يمكن أن يحصل هناك حين يتطلّب الأمر.

 6 ـ رسالة إلى رؤوس الإرهاب المنفوخة بالدعم والوهم في ما تبقى من الجغرافيا السورية، بأن آلاف المقاتلين من الجيش السوري والمقاومة بعد انتهاء المعركة ستكون جاهزة للمناورة والقتال وتغيير الموازين والحسم الخاطف في أربع رياح الجغرافيا السورية واقتلاع الإرهاب من تحت الأرض وفوقها.

 7 ـ رسالة إلى الأميّين في الحساب والمقامرين في المراهنة، لأن يعيدوا حساباتهم ويتعلموا الفرق بين الوهم والحقيقة وبين المستحيل والممكن.

 8 ـ رسالة إلى من يهمه الأمر من أصحاب الوعد الصادق وشعار هيهات منا الذلة والذين قالوا وصدقوا أن هزيمة سورية ممنوعة ومستحيلة ومن الشعب السوري الوفي والجيش السوري البطل الذي يترجم قولاً وفعلاً شعاره الذي أطلقه الرئيس بشار الأسد في الحرب الوطنية السورية العظمى هيهات منا الهزيمة .
  • فريق ماسة
  • 2015-05-17
  • 9997
  • من الأرشيف

رسائل عاجلة بالبريد المضمون من جبال القلمون

تدرك الدولة السورية من بداية العدوان عليها أنّ الميدان هو الميزان، وقد خاضت المعارك والمواقع والعمليات والحرب المركّبة لتبقى كفة الميزان في الميدان الوطني راجحة وخاصة في الميدان العسكري، وقد كانت أطراف العدوان والإرهاب الوكيل والأصيل تراهن على السيطرة على الجغرافيا لتفريغ التاريخ ونسف الديمغرافيا وفرض استراتيجية الأمر الواقع لتقسيم سورية وتفتيتها وتشتيت قواها الذاتية وفي مقدمها العسكرية، وصولاً لتشتيت قوة منظومة محور المقاومة خدمة لتحقيق الهدف الصهيوأميركي الأكبر والأخطر بمشروع الشرق الأوسط الكبير.  ولأربع سنوات ونيّف من الكرّ والفرّ وتدحرج كرة الإرهاب والدعم اللامحدود له بدواعشه ونصرته القاعدية التكفيرية، وبين مدّ وجزر وسيطرة وتطهير وساعات صفر تحطّمت، وانسحابات تكتيكية تعددت، بقيت بعض المناطق تأخذ أهمية استراتيجية كنقاط ارتكاز كدمشق وحلب وإدلب ودرعا والقنيطرة ودير الزور والقلمون لتبقى منصات لتعدد غزوات الإرهاب ومحاولة فرض مناطق عازلة وحظر جوي لما يمكن أن تؤمنه دول الجوار الداعمة للإرهاب من عمق ومسرح مناورة وإمداد ودعم للإرهاب، ومع أن معركة تطهير القصير صيف عام 2013 وما بعدها تطهير بلدات القلمون، شكّلا تطوراً نوعياً في مسار الحرب وكادت تغيّر موازين الحرب وترسم نتائجها، إلا أن أطراف العدوان أعادوا إنتاج وتشكيل الإرهاب في القلمون لأهميته الاستراتيجية ليبقى «خرّاجاً» إرهابياً صهيونياً وهابياً يهدد مصير لبنان وسورية ويشكّل الخزان الأكبر والأخطر لتهديد العاصمة دمشق، ومع دخول الحرب عامها الخامس ومرحلتها الختامية وظهور بوادر التسويات الكبرى، لاحظنا هستيريا التصعيد الإرهابي العدواني من الشمال والجنوب والشرق لتطبيق خطة فكيّ الكماشة الاستراتيجي بمطارق الإرهاب شمالاً وجنوباً وسندان القلمون، فكان الإبداع والسبق الاستراتيجي للجيش السوري وحزب الله بإطلاق معركة القلمون التي تعتبر بما حققته إلى الآن أكبر من معركة وأوسع من جغرافيا، لا سيما أنها حققت بزمن قياسي معدلات تقدم وتطهير غير مسبوقة في تاريخ الحروب، وأثبتت البراعة والإحكام في التخطيط والتنسيق، والإقدام في التنفيذ، والتراكم الكمي والنوعي في الإنجاز، في أصعب وأعقد بيئة قتالية وضدّ أخطر وأخبر تجميعات الإرهاب القاعدية وكهوفها ومغاورها وأوكارها، ومع ذلك فقد امتلكت المقاومة والجيش السوري ناصية الميدان ومفاتيح النصر في المعركة بسيطرتها على التلال الاستراتيجية كجبال الباروح وتلال نحلة وتلة موسى، وباتت مسألة الحسم مسألة وقت بمؤشرات قوة وقدرة وعلو كعب الجيش السوري والمقاومة وحالة الانهيار الإدراكي المادي والنفسي والمعنوي للمجموعات الإرهابية وأعداد قتلاها وتقهقر فلولها وهروب متزعميها لتعطي تلك المؤشرات جملة رسائل عاجلة إلى من يهمه الأمر وهي:  1ـ رسالة إلى مَن تبقى من المجموعات الإرهابية في جرود فليطة والجراجير وقارة وعرسال أن قتالها عبثي ولن يغيّر أو يؤخّر هزيمتها الاستراتيجية.  2 ـ رسالة إلى مجاميع الإرهاب في الجغرافيا السورية بأن رياح الميدان السوري آتية وأن حجم الإرهاب ونوعه ودعمه وتحصيناته وبيئته المعقدة جغرافياً لم تصمد، فكيف لمن ينكشف في بيئات أقل سيكون قادراً على الصمود والعبرة لمن اعتبر في الغوطة الشرقية أو المنطقة الجنوبية والشمالية.  3ـ رسالة للدول والأنظمة التي دعمت الإرهاب حتى الثمالة ولم تكن قادرة على ترجمة هذا الدعم إلى أماني لتلك الدول بتحقيق أهدافها وبالتالي بدأَ الجمل ينهار بما حمل.  4 ـ رسالة إلى الكيان «الإسرائيلي» بأن أحلامه بإقامة إسفين إرهابي من الحرمون إلى القلمون وفصل جسد الجيش السوري والمقاومة والعمق الاستراتيجي، تحطّمت وذهبت مع الريح التي نسفت الجدار الخبيث في القنيطرة بعد عملية مثلث التطهير الاستراتيجي في دير العدس وتلول فاطمة.  5 ـ رسالة ثانية لكيان العدو «الإسرائيلي» بأن آلاف المقاتلين من نخبة النخبة في الجيش السوري والمقاومة الذين حققوا هذا الإنجاز في بيئة معقدة، قادرة على تحقيق نصر أسرع وأوقع في الجولان والجليل وما بعد الجليل وكأن ما يحصل في القلمون بروفا لما يمكن أن يحصل هناك حين يتطلّب الأمر.  6 ـ رسالة إلى رؤوس الإرهاب المنفوخة بالدعم والوهم في ما تبقى من الجغرافيا السورية، بأن آلاف المقاتلين من الجيش السوري والمقاومة بعد انتهاء المعركة ستكون جاهزة للمناورة والقتال وتغيير الموازين والحسم الخاطف في أربع رياح الجغرافيا السورية واقتلاع الإرهاب من تحت الأرض وفوقها.  7 ـ رسالة إلى الأميّين في الحساب والمقامرين في المراهنة، لأن يعيدوا حساباتهم ويتعلموا الفرق بين الوهم والحقيقة وبين المستحيل والممكن.  8 ـ رسالة إلى من يهمه الأمر من أصحاب الوعد الصادق وشعار هيهات منا الذلة والذين قالوا وصدقوا أن هزيمة سورية ممنوعة ومستحيلة ومن الشعب السوري الوفي والجيش السوري البطل الذي يترجم قولاً وفعلاً شعاره الذي أطلقه الرئيس بشار الأسد في الحرب الوطنية السورية العظمى هيهات منا الهزيمة .

المصدر : الماسة السورية/ د. سليم حربا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة