الخميس 13 تموز/يوليو 2006، دعا الجيش الاسرائيلي عبر وسائل إعلامه إلى "إخلاء كل المدنيين من الضاحية الجنوبية لبيروت حيث مراكز مسؤولين حزب الله والذخائر ومقر إقامة حسن نصر الله"، أسلوب استساغته المملكة العربية السعودية.

أول من أمس الخميس أيضاً، خرج الناطق باسم العدوان السعودي على اليمن، أحمد عسيري، بدعوته أهالي صعدة لإخلائها والابتعاد عن مواقع القوات اليمنية ومنازل قيادات أنصار الله... تشابه في الأسلوب وتزامن في الاختيار يوم الإعلان الهستيري، لا ينعكس إلا تفاؤلاً بهزيمة مدوية .

يبدو ان مرض ضعف الذاكرة (ألزهايمر) يسيطر على السعودية لعدم اخذها بالاعتبار هزيمة العام 2010 والتي دفعت بالمملكة إلى تشغيل وساطات باتجاه صعدة، لإبداء رغبتها بوقف الحرب، ولمناشدة السيد عبد الملك الحوثي لاخراج مقاتليه من الأراضي السعودية، ولتقديم عرض لم يحظَ بقبول اليمنيين بدفع المال مقابل استرداد أسلحة ثقيلة كان قد غنمها أنصار الله!

إلى جانب الزهايمر، تظهر على السلوكيات السياسية لقصور الرياض عوارض الاضطرابات النفسية لمرض الهسيتيريا، والمرضان كفيلان بما قد يفزرانه من قرارات وسياسات بأن يُحرقا المملكة ومن معها.

وتُشخص الهستيريا من الاضطرابات النفسية التي تظهر في سلوكيات الفرد منها التمركز حول الذات، والأنانية، واستدرار العطف، والاستعراض، وأيضاً الاعتماد على الآخرين... من عوارضها أيضاً عدم التحكم في الانفعالات، والسذاجة.

التمركز حول الذات والأنانية: تجهد المملكة العربية السعودية لتقدم نفسها الراعي الحصري للإسلام، حتى ولو كان على حساب الدم المسلم. حروب الرعاية الحصرية للاسلام، قادت آل سعود لتمويل عمليات القتل المتنقل من أفغانستان إلى العراق وليبيا وسورية حتى في تونس ومصر، ولبنان وفلسطين. الصراع مع تركيا على تصدر المشهد السياسي، يفسر تعدد الجماعات التكفيرية في سورية والتي تقود حرباً بالوكالة بين الطرفين. والخوف من تمدد نفوذ الاخوان المسلمين يوضح وقوف المملكة وراء دعم التكفير في تونس وليبيا، كما أن الخشية من نفوذ إيران المتزايد نظراً لوقوفها إلى جانب قوى المقاومة، يفسر استعداء المملكة لحزب الله وتبريرها لعدوان تموز 2006، وتهميشها لحركة حماس وسكوتها عن العدوان في غزة، ووصفها لمجازر داعش في العراق بأنها ثورة عشائر.

 

استدرار العطف:  في لقاء مع كبار القيادات العسكرية في السعودية، برر الملك سلمان بن عبدالعزيز العدوان على الشعب المسلم في اليمن بأنه دفاع عن الدين وعن بلاد الحرمين، بالقول: "يسعدني أن أكون هذا اليوم بينكم، بين قواتنا التي تدافع عن ديننا قبل كل شيء، وعن بلاد الحرمين". وفي خطاب آخر له أمام رؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج بحضور الرئيس الفرنسي، زعم سلمان أن العدوان يأتي "مواجهة ما تتعرض له منطقتنا العربية من أطماع خارجية ترتكز في سعيها لتوسيع نفوذها وبسط هيمنتها على زعزعة أمن المنطقة واستقرارها، وزرع الفتن الطائفية، وتهيئة البيئة الخصبة للتطرف والإرهاب".

الاستعراض: ركز الإعلام السعودي مع بدء العدوان على اليمن على عشرات الصور التي التقطها وزير الدفاع محمد بن سلمان إلى جانب القوات العسكرية اليمنية، صور استعراضية أراد بن سلمان أن يقطف نتائجها في معاركه الداخلية مع أبناء عمومته حول السلطة. كما انتشرت صور تظهر مرابطة القوات السعودية بأسلحة ثقيلة ومدرعات على المنطقة الحدودية مع اليمن.

الاعتماد على الآخرين: ورغم الصور الاستعراضية، لم تتجرأ السعودية على خوض عدوانها ضد اليمن إلا بعد حشد تحالف يسندها في أي هزيمة، إذ ان شبح هزيمتها السادسة في صعدة لازال يلاحق أمراء آل سعود. مصادر باكستانية تؤكد أن خيار العدوان على اليمن استبقه قبل أسبوع استدعاء رئيس الحكومة الباكستانية نواز شريف، الذي تعهد للسعوديين دعمهم في أي حرب ضد اليمن، وهو وعد فهمه الأمراء من مجاملات المسؤولين المصريين. إلا أن رفض البرلمان الباكستاني للمشاركة في العدوان إلى جانب البرودة الشديدة التي أبداها المصريون في المشاركة، دفع المملكة العربية السعودية إلى الضغط بشكل أكبر.

وزير الأوقاف السعودي عبد الله بن عبد العزيز آل الشيخ ولاحقاً إمام الحرم المكي خالد بالغامدي زارا باكستان، ما دفع الطائفة الديوبندية الوهابية لترجمة التوجه السعودي الضاغط على حكومة باكستان من خلال عقد مؤتمرات ليخرج دعاة الوهابية مصرحين بأن "محبة الحرمين الشريفين والدفاع عنهما هو جزء من الإيمان".

أما مصر فأعلنت عن موافقة الحكومة طلب وزارة الدفاع المصرية، تمديد مدة إرسال بعض عناصر القوات المسلحة إلى منطقة الخليج. ثم خرجت السنغال للإعلان عن نيتها إرسال 2100 جندي إلى السعودية للانضمام إلى تحالف العدوان، كما تحركت القواعد العسكرية الأميركية والفرنسية في جيبوتي لتقديم الدعم لأي توغل معادي من الجهة البحرية.

عدم التحكم في الانفعالات: وتقدم أحداث صعدة الأخيرة صورة واضحة عن سياسة عدم التحكم في الانفعالات السعودية. دخول القوات اليمنية إلى المواقع العسكرية في نجران وجازان، وسيطرتهم على الأسلحة والعتاد بعد قتلهم عدداً من العسكر وأسرهم الباقي قبل فرار آلاف العسكريين أمام بضع مئات من المقاتلين... أحرج السعودية، فكان إعلان "صعدة وضواحيها ومران منطقة استهداف". فأعلن أحمد عسيري أن أمام أهالي صعدة مهلة حتى السابعة من مساء أمس الجمعة، قبل شن غارات ضد المنطقة.

 

"ثاني الجيوش العربية" -بحسب دعاية الإعلام السعودي-، والذي فر الآلاف من جنوده من قواعدهم المحصنة لدى تقدم المقاتلين اليمنيين بأسلحتهم الشخصية، اختار أن يرد على التقدم العسكري لليمنيين بتدمير الأضرحة وقتل الأطفال وتدمير بيوت المدنيين. الهسيتيريا السعودية تفسر إلى حد ما شن 14 غارة ضد ضريح الشهيد السيد حسين الحوثي بمران قبل تدميره بالكامل، وباستهداف المراقد المقدسة كضريح الإمام يحيى بن الحسين المتوفى منذ عام 911، أي من قبل مجيء أجداد عبد العزيز آل سعود إلى الحكم في الدرعية... المرض نفسه يوضح لماذا جعلت السعودية من أطفال اليمن أهدافاً لغاراتها التي لم تتمكن من إلحاق الضرر بالترسانة العسكرية للقبائل اليمنية. العجز السعودي المستحكم عن تحقيق أي انجاز عسكري، يدفع السعودية إلى مزيد من الجنون... وهو ما يصب في خانة تأكيد الهستيريا السعودية.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-05-09
  • 10085
  • من الأرشيف

الهستيريا السعودية ... جنون الضعفاء تكسره صعدة

 الخميس 13 تموز/يوليو 2006، دعا الجيش الاسرائيلي عبر وسائل إعلامه إلى "إخلاء كل المدنيين من الضاحية الجنوبية لبيروت حيث مراكز مسؤولين حزب الله والذخائر ومقر إقامة حسن نصر الله"، أسلوب استساغته المملكة العربية السعودية. أول من أمس الخميس أيضاً، خرج الناطق باسم العدوان السعودي على اليمن، أحمد عسيري، بدعوته أهالي صعدة لإخلائها والابتعاد عن مواقع القوات اليمنية ومنازل قيادات أنصار الله... تشابه في الأسلوب وتزامن في الاختيار يوم الإعلان الهستيري، لا ينعكس إلا تفاؤلاً بهزيمة مدوية . يبدو ان مرض ضعف الذاكرة (ألزهايمر) يسيطر على السعودية لعدم اخذها بالاعتبار هزيمة العام 2010 والتي دفعت بالمملكة إلى تشغيل وساطات باتجاه صعدة، لإبداء رغبتها بوقف الحرب، ولمناشدة السيد عبد الملك الحوثي لاخراج مقاتليه من الأراضي السعودية، ولتقديم عرض لم يحظَ بقبول اليمنيين بدفع المال مقابل استرداد أسلحة ثقيلة كان قد غنمها أنصار الله! إلى جانب الزهايمر، تظهر على السلوكيات السياسية لقصور الرياض عوارض الاضطرابات النفسية لمرض الهسيتيريا، والمرضان كفيلان بما قد يفزرانه من قرارات وسياسات بأن يُحرقا المملكة ومن معها. وتُشخص الهستيريا من الاضطرابات النفسية التي تظهر في سلوكيات الفرد منها التمركز حول الذات، والأنانية، واستدرار العطف، والاستعراض، وأيضاً الاعتماد على الآخرين... من عوارضها أيضاً عدم التحكم في الانفعالات، والسذاجة. التمركز حول الذات والأنانية: تجهد المملكة العربية السعودية لتقدم نفسها الراعي الحصري للإسلام، حتى ولو كان على حساب الدم المسلم. حروب الرعاية الحصرية للاسلام، قادت آل سعود لتمويل عمليات القتل المتنقل من أفغانستان إلى العراق وليبيا وسورية حتى في تونس ومصر، ولبنان وفلسطين. الصراع مع تركيا على تصدر المشهد السياسي، يفسر تعدد الجماعات التكفيرية في سورية والتي تقود حرباً بالوكالة بين الطرفين. والخوف من تمدد نفوذ الاخوان المسلمين يوضح وقوف المملكة وراء دعم التكفير في تونس وليبيا، كما أن الخشية من نفوذ إيران المتزايد نظراً لوقوفها إلى جانب قوى المقاومة، يفسر استعداء المملكة لحزب الله وتبريرها لعدوان تموز 2006، وتهميشها لحركة حماس وسكوتها عن العدوان في غزة، ووصفها لمجازر داعش في العراق بأنها ثورة عشائر.   استدرار العطف:  في لقاء مع كبار القيادات العسكرية في السعودية، برر الملك سلمان بن عبدالعزيز العدوان على الشعب المسلم في اليمن بأنه دفاع عن الدين وعن بلاد الحرمين، بالقول: "يسعدني أن أكون هذا اليوم بينكم، بين قواتنا التي تدافع عن ديننا قبل كل شيء، وعن بلاد الحرمين". وفي خطاب آخر له أمام رؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج بحضور الرئيس الفرنسي، زعم سلمان أن العدوان يأتي "مواجهة ما تتعرض له منطقتنا العربية من أطماع خارجية ترتكز في سعيها لتوسيع نفوذها وبسط هيمنتها على زعزعة أمن المنطقة واستقرارها، وزرع الفتن الطائفية، وتهيئة البيئة الخصبة للتطرف والإرهاب". الاستعراض: ركز الإعلام السعودي مع بدء العدوان على اليمن على عشرات الصور التي التقطها وزير الدفاع محمد بن سلمان إلى جانب القوات العسكرية اليمنية، صور استعراضية أراد بن سلمان أن يقطف نتائجها في معاركه الداخلية مع أبناء عمومته حول السلطة. كما انتشرت صور تظهر مرابطة القوات السعودية بأسلحة ثقيلة ومدرعات على المنطقة الحدودية مع اليمن. الاعتماد على الآخرين: ورغم الصور الاستعراضية، لم تتجرأ السعودية على خوض عدوانها ضد اليمن إلا بعد حشد تحالف يسندها في أي هزيمة، إذ ان شبح هزيمتها السادسة في صعدة لازال يلاحق أمراء آل سعود. مصادر باكستانية تؤكد أن خيار العدوان على اليمن استبقه قبل أسبوع استدعاء رئيس الحكومة الباكستانية نواز شريف، الذي تعهد للسعوديين دعمهم في أي حرب ضد اليمن، وهو وعد فهمه الأمراء من مجاملات المسؤولين المصريين. إلا أن رفض البرلمان الباكستاني للمشاركة في العدوان إلى جانب البرودة الشديدة التي أبداها المصريون في المشاركة، دفع المملكة العربية السعودية إلى الضغط بشكل أكبر. وزير الأوقاف السعودي عبد الله بن عبد العزيز آل الشيخ ولاحقاً إمام الحرم المكي خالد بالغامدي زارا باكستان، ما دفع الطائفة الديوبندية الوهابية لترجمة التوجه السعودي الضاغط على حكومة باكستان من خلال عقد مؤتمرات ليخرج دعاة الوهابية مصرحين بأن "محبة الحرمين الشريفين والدفاع عنهما هو جزء من الإيمان". أما مصر فأعلنت عن موافقة الحكومة طلب وزارة الدفاع المصرية، تمديد مدة إرسال بعض عناصر القوات المسلحة إلى منطقة الخليج. ثم خرجت السنغال للإعلان عن نيتها إرسال 2100 جندي إلى السعودية للانضمام إلى تحالف العدوان، كما تحركت القواعد العسكرية الأميركية والفرنسية في جيبوتي لتقديم الدعم لأي توغل معادي من الجهة البحرية. عدم التحكم في الانفعالات: وتقدم أحداث صعدة الأخيرة صورة واضحة عن سياسة عدم التحكم في الانفعالات السعودية. دخول القوات اليمنية إلى المواقع العسكرية في نجران وجازان، وسيطرتهم على الأسلحة والعتاد بعد قتلهم عدداً من العسكر وأسرهم الباقي قبل فرار آلاف العسكريين أمام بضع مئات من المقاتلين... أحرج السعودية، فكان إعلان "صعدة وضواحيها ومران منطقة استهداف". فأعلن أحمد عسيري أن أمام أهالي صعدة مهلة حتى السابعة من مساء أمس الجمعة، قبل شن غارات ضد المنطقة.   "ثاني الجيوش العربية" -بحسب دعاية الإعلام السعودي-، والذي فر الآلاف من جنوده من قواعدهم المحصنة لدى تقدم المقاتلين اليمنيين بأسلحتهم الشخصية، اختار أن يرد على التقدم العسكري لليمنيين بتدمير الأضرحة وقتل الأطفال وتدمير بيوت المدنيين. الهسيتيريا السعودية تفسر إلى حد ما شن 14 غارة ضد ضريح الشهيد السيد حسين الحوثي بمران قبل تدميره بالكامل، وباستهداف المراقد المقدسة كضريح الإمام يحيى بن الحسين المتوفى منذ عام 911، أي من قبل مجيء أجداد عبد العزيز آل سعود إلى الحكم في الدرعية... المرض نفسه يوضح لماذا جعلت السعودية من أطفال اليمن أهدافاً لغاراتها التي لم تتمكن من إلحاق الضرر بالترسانة العسكرية للقبائل اليمنية. العجز السعودي المستحكم عن تحقيق أي انجاز عسكري، يدفع السعودية إلى مزيد من الجنون... وهو ما يصب في خانة تأكيد الهستيريا السعودية.  

المصدر : إسراء الفاس - المنار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة