دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم أتعود أن أبخل بالنصيحة على أحد .. ولكنني مع الأوغاد أفضل أن لاأغمس النصيحة في مستنقع ضمائرهم وأخلاقهم لأنها ستموت غرقا في الوحل .. وأفضل ان أرميها في النهر أو في البحر أو في النار على أن أعطيها لهم ولو مقابل مال قارون .. ولكنني مع وليد بيك جنبلاط أحس أنني مضطر لأن أغمس نصيحتي في مستنقعات ضميره لا لأهين النصيحة بل من أجل من أحببت ..
ولخصوصية كلمتي اليه اليوم أجد لزاما علي أن لاأرمي نصيحتي في البحر ولاأحرقها بالنار بل سأذهب اليه الى عتبة داره في المختارة وأدق الباب وأقدمها له بقلب صادق وهي ملفوفة بعناية بشريط ملون لماع كما تقدم الهدايا الثمينة .. لن أدخل بيته طبعا لأنني لن أكون آمنا على نفسي .. فالرجل لايؤمن غدره وليس له أمان ولاعهد ولاميثاق .. وقد يصافحك ويدعوك الى تناول الغداء معه ولكن مايدريك أنه يطهو لك السم الزعاف .. ويستطيع أن يصدر فتوى يتنكر فيها لما قاله وهو يصافحك .. فأخلاقه من أخلاق جبهة النصرة وأخلاق الاسلاميين الذين يدارونك ماداموا في دارك .. وأخلاقه الرفيعة لاتقل رفعة عن أخلاق القرضاوي الذي تناول الطعام في خيمة القذافي ودعا له بالنصر على أعدائه وبعد أن خرج وقد ملأ معدته من الطعام غرز أنياب فتاواه في لحم "ملك الملوك" وملأ رقبته من دم العقيد حتى كادت تنفجر .. ووليد بيك لن يكون أفضل من السفاح أردوغان ولص المدن الذي دخل ضيفا فأراد أخذ البيت ومافيه ومن في البيت الى استانبوله .. ولايزال موقف وليد بيك من السوريين محط احتقارهم بعد أن جاء معتذرا ملايين المرات وعفونا عنه ملايين المرات وصفحنا عنه ملايين المرات .. فاذا به لايقدر الا أن يلدغ كالعقرب كلما منا اقترب ..
وخشيتي ليست على وليد بيك بل خشيتي هي على الكرام أبناء الكرام .. وأقصد بذلك من يمثلهم رمزيا واجتماعيا وسياسيا وليد جنبلاط .. فالكل يعلم أن وليد ليس لديه حزب تقدمي ولا اشتراكي وليست عنده نظرية ثالثة اقتصادية .. بل حزبه يمثل أبناء بني معروف الكرام في لبنان لأن الطوائف تعلّب في أحزاب طائفية وفي صناديق دينية ومذهبية وفق ديكور التصميم الفرنسي للبنان .. وشئنا أم أبينا فان جنبلاط استولى على رمزية تمثيل المسلمين الموحدين الدروز في لبنان حتى صار أهم ممثل لهم في ذلك البلد .. ويريد ان تتوسع مستعمرته الطائفية ليلحق من بقي من بني معروف في المنطقة برمزيته هو وببيته الجنبلاطي وحلم دولة جنبلاطية يرثها ابناؤه من بعده الى يوم الدين ..
وحتى هذه اللحظة فليس في هذا شيء يهمني أو يهم أحدا منا لأننا نحترم النأي بالنفس عن خصوصيات الجماعات والطوائف .. ولكن هذا لايجب أن يمنعنا من اسداء النصيحة والقاء المحاضرات على شخص لايبدو أنه يرى عبر الضباب ماهو آت من المستقبل ولاحجم الاذى الذي يلحقه برعيته .. فمن يريد الحاق بني معروف برمزيته عليه أن يعكس طباعهم وأخلاقهم الحقيقية ليكون مصدر فخرهم واعتزازهم .. وعليه تقع مسؤولية تاريخية في منتهى الحساسية وهي ألا يساهم في عملية تنميطهم بصورة سيئة وسجنهم في الذاكرة الاجتماعية خلف قضبان التخوين واللاثقة وذلك بأن يكون مثالا على هيبة الكلمة وفروسية الموقف .. وعليه أن يكون شديد الحذر في كل مايقول ويفعل لأن صورة رعيته ستكون مقتبسة عنه بين الناس .. أقول هذا لأن الذاكرة الجمعية لأي مجتمع تصنعها الأكثرية .. والأقليات الاجتماعية والعرقية تأخذ صورتها دوما من حكم الاكثرية عليها .. وعملية التنميط والنحت لصورة ما تتم ببطء احيانا عبر عملية تخزين متواصل لملايين الصور والمواقف فنعرف مثلا أن مجتمعا ما هو ميال للكرم وآخر ميال للشجاعة أو للكرم .. وغيره ميال للغدر والنذالة والأنانية .. وهذه كلها انطباعات قد تكون حقيقية وقد تكون منحرفة بسبب ما ..ولكن حتما لها جذورها واسبابها ..
ولكن هناك مفاصل حاسمة في الذاكرة الاجتماعية وفي الذاكرة التاريخية وبالذات في الأحداث الساخنة تتم فيها عملية الحكم والنحت وصناعة الصورة النمطية بسرعة فائقة وبأثر غائر لايمحى مثل انطباعة المستحاثة في الرسوبيات .. وهذه قد تلغي تراكم ملايين الصور والأعمال والانطباعات التي تكونها المجتمعات عبر مئات وربما آلاف السنين عن جماعة ما أو مكون اجتماعي آخر ..وعملية التنميط غالبا تبحث عن رمز يمثل جماعة ما .. قد يكون فلاحا بطلا .. أو ملكا فاتحا .. أو زعيما دينيا .. وكل تنميط اجتماعي اذا انتشر يصبح كالوشم على الجلد .. لايزول ولايتغير ..وقد تصبح له صفة المورثات الجينية التي تنتقل من جيل الى جيل وتلتصق بأصحابها كما تنتقل الصفات العرقية والجسمية للأعراق والأجناس .. ومنها جاءت محاولات تصنيف أنواع الناس وصفاتهم كالعرب والعجم والفرنجة في كتاب الملل والنحل للشهرستاني وفي كتب ابن خلدون وفي كتب الاستشراق الكثيرة التي صنعت صورة المسلمين والشرقيين عموما .. ولكن هناك قاموس شعبي آخر أكثر أهمية أحيانا يسير موازيا لهذه التصنيفات والأنماط ذات الطابع الوصفي البحثي .. والقاموس الشعبي قوي بقوة العرف .. فاليهودي مراب مراوغ محتال .. والاسكتلندي بخيل والانكليزي بارد المشاعر .. والفرنسي عنصري .. والالماني خشن فظ .. الخ
اذا اراد وليد جنبلاط التلاعب في السياسة وممارسه البهلوانيات والتذبذبات فهذا شأنه ولكنه للأسف يتصرف وهو يحمل على ظهره رمزية اجتماعية وصورة عن الرجل الذي ينتمي للمسلمين الموحدين من بني معروف وينتمون اليه .. الذين سيدفعون ثمنها من صورتهم عندما يصبح كل واحد منهم في نظر المجتمعات الشرقية مجرد نسخة عن وليد جنبلاط الحاقد الكاره المتقلب الذي لايوثق به .. الذي يصافحك وهو يتحسس خنجره .. والذي يتناول معك الغداء ثم ينصرف الى ضفة النهر ينتظر أن يحمل النهر جثتك اليه .. يصفح عنك ليطعنك في ظهرك .. يعتذر ويقبل يدك ثم يشتمك عندما تدير ظهرك له .. يبتسم في وجهك وهو يعرف أنه ان ظفر بك فسيغرز نابيه في عنقك في المحاكم الدولية الصهيونية .. غدر ووخز وتقلب وقلة رجولة .. واخلاق قطاع الطرق ..
في الحقيقة أنا لاأصدق أحيانا أن هذا الرجل يمكن ان يكون تربى على قيم الدروز الموحدين الأصيلة .. لأنني في مرحلة هامة من حياتي تعرفت على أصدقاء من بني معروف تعلمت منهم معنى الشهامة والرجولة والصدق .. بل أن اهم درس في الفروسية وأخلاقها النبيلة تلقيته من أصدقاء من بني معروف أيام الدراسة الجامعية .. حيث ذهبت الى قراهم .. صغيرها وكبيرها وعشت معهم أياما طويلة وتعرفت على عاداتهم وطباعهم الجبلية ومصادر فخرهم واعتزازهم وتجولت معهم في معظم قراهم وأعجبتني مضافاتهم وكرمهم واعتزازهم بعهودهم .. وعلمت أن هذا النوع من الرجال نادر واصيل وأن وعده وعد وكلمته عقد .. ولذلك كنت أحيانا لاأصدق أن وليد بيك يمكن أن يكون تربى بينهم وعلى قيمهم .. أو تشرب ثقافتهم أو تأثر برجولتهم ..
واذكر أنني يوما وفي احدى زياراتي الى مدينة السويداء التقيت بشقيق البطل السوري سلطان باشا الأطرش الذي تلطف وتجول معنا في قريته وكان يعرفنا على بعض تاريخها ودورها .. وبينما كان يتحدث ويشرح مر مزارع يقود بعض الماشية ومن بينها عجل .. فتوقف مضيفنا وقال ممازحا وهو يشير بعصاه الى العجل: وهذا هو العجل الذي نعبده (وقصد السخرية من صورة نمطية اشيعت زورا عن عبادة العجل في قراهم) .. وضحك وضحكنا .. ثم اضاف محتجا: الى متى يظل الناس يقومون بتنميط الناس ويفترون عليهم بالادعاءات الباطلة ..؟؟ ومالم يدركه مضيفنا يوما أن وليد جنبلاط يقوم بعملية تنميط بشعة بحق ابناء بني معروف بسبب تهوره وسيره خلف ثاراته الشخصية وخناقاته مع بعض السياسيين ..
وليد جنبلاط يقدم على حبس بني معروف في صورة نهائية ليست حقيقية ووضع وشم لايليق بهم سيلازمهم بسببه أجيالا طويلة ويدفعون بسببه اثمانا من رصيدهم الكبير .. وسيخسرون ثقة الناس لأن صورة وليد جنبلاط المراوغ تدمر أجمل صورة لهم في الوفاء والصدق حيث ستسبق صورته أيا منهم الى اي مكان او حوار او نشاط انساني .. ووليد يلتهم كالدودة أوراق شجرة خضراء عليها أسماء عظيمة ويثقبها ورقة ورقة ليصنع شرنقته .. وشرنقة ابنه تيمور ..
ان الأذى الذي يلحقه الزعماء بمحطة من محطات الحياة قد يسافر عبر الاجيال ..ومسؤولية الزعيم ليست في ان يحكم ويحل مشاكل يومية بل في أن يستشرف المستقبل ويحمي المجموعة البشرية التي ينتمي اليها ويحمي اسمها وخصائصها وخصائص أجيالها .. والخطأ دوما يكون عابرا للأجيال ..
وليد جنبلاط مثل خالد مشعل الذي لوث مع اسماعيل هنية بموقف واحد سمعة الشعب الفلسطيني وأعطاه زورا تنميطا قبيحا وصورة بشعة عن الغدر والخيانة وقلة الوفاء .. وسيدرك الفلسطينيون كم سيدفعون ثمن حماقة مشعل وهنية وهم يظهرون في الذاكرة كشعب منسوخ عن خيانة خالد مشعل الذي سيبقى كالوشم على ظهورهم .. وكلما اقترب منهم أحد خشي أن يكون الفلسطيني خسيسا وسافلا كما هو خالد مشعل .. وصارت صورة الفدائي البطل المقاوم تتآكل لتحل محلها صورة مشتقة من نمط خالد مشعل وغدره وطعنته الشهيرة لمن أدخله بيته .. وقد يحتاج الفلسطينيون الى عقود قبل تنظيف صورتهم من وشم غادر اسمه خالد مشعل ..
الزعماء التاريخيون يحكمون أجيالا لانهاية لها .. ومن هنا كان الزعيم الخالد حافظ الأسد يفكر في كل قرار يتخذه بالأجيال التي ستحمل معها تبعات هذا القرار .. وأذكر أنني في مصارحة نادرة مع مثقفين سياسيين سوريين الذين ربما فهموا الرئيس حافظ الأسد أكثر مما فهمه كثيرون .. ففي احدى الجلسات الصريحة سألتهم عن رأيهم ان كان الأسد سيحصل على مايريد عندما كان بيل كلينتون قد دعاه الى آخر لقاء في جنيف لأن معه أخبارا هامة بشأن الجولان واتفاق السلام .. يومها قال أحدهم وهو يبدو على يقين:"لن يقدم كلينتون للأسد مايريد على الاطلاق" .. فلم افهم لأن الأنباء تحدثت عن عرض لايمكن ان يرده الأسد .. فقال شارحا: "لو أعطى كلينتون كل الجولان للاسد لاأعتقد أن هذا هو مايريده الأسد؟؟ ما يريده الأسد حقيقة هو فلسطين .. واسترداد الجولان يعني أنه سيطلب منه أن يتخلى عن فلسطين .. لذلك فان الأسد يفضل تحرير الجولان بالحرب وليس باتفاق سلام .. ولكن اذا أعيد له الجولان غير منقوص ودون انتقاص لكرامة السوريين فانه لن يأخذه باتفاق السلام مالم يكن كاملا وكذلك لايلزمه على الاطلاق بحملة تطبيع وتقبيل مع الاسرائيليين وتبادل للسفراء .. لأن هذا يعني قبوله بالتخلي عن فلسطين وشعبها وان يدير لها ظهره .. وهذا يشبه المستحيل .. ولذلك يصر الاسرائيليون على تجريده من فلسطين معنويا بشروط تطبيع اجبارية وهو مصرّ على رفض مابعد استعادة الجولان من تطبيع ..
واستطرد الرجل قائلا: "حافظ الاسد يقرأ التاريخ بشكل ممتاز .. وهو مدرك ان المشروع الصهيوني الى زوال مهما طال الزمن وأن أبناء المنطقة سيحكمون فلسطين مهما طال الزمن .. وهو لايريد للتاريخ أن يقول للعلويين بأنهم صالحوا وسالموا العدو ووقعوا معه اتفاقا ناقصا ولو مثقال ذرة .. وفي ذاكرته أن قتال الأمراء العلويين للفرنجة وقتلهم لقادة وامراء كبار من الفرنجة لم يشفع لهم حيث أصر كتاب مناوئون لهم في التاريخ على ظلمهم لغايات سياسية وانكار جهادهم بل واتهامهم بأنهم لم يقاتلوا الفرنجة انما تعاونوا معهم (كما يقول الوهابيون اليوم ان حسن نصرالله لايقاتل الاسرائيليين بل يتعاون معهم) .. لذلك يفضل الأسد أن يقول التاريخ بأن العلويين هم الوحيدون الذين رفضوا توقيع سلام مع العدو لايكون شاملا وعادلا وحافظا للكرامة ولحق فلسطين .. أي الرئيس الاسد يدرك أنه رئيس سورية كلها بكل أطيافها ان صمد وحرر وقاتل وانتصر .. ولكنه ان وقع اتفاق سلام منقوصا فسيكون رئيسا للعلويين فقط في حكم التاريخ الذين سيظهرون وكأنهم سلموا فلسطين وهم في حكم سورية .. أي سيذكره التاريخ رئيسا للطائفة التي وقعت اتفاق سلام مع الأعداء .. وستحمل الطائفة وزر هذا الاتفاق لأنه هو من وقعه حتى لو كانت له مبرراته اللحظية وقد سبقته حملة استسلام عربية ومعاهدات سلام تحاصره وتقدم له كل الأعذار ليسالم ويصافح العدو .. لأن التاريخ قد يقول بقسوة بأن سورية لو كان من يقودها مسلما سنيا لما رضيت سلاما مع العدو بأي ثمن .. والرئيس الاسد كان يفضل أن يناور في السياسة الى أن تتغير المعطيات دون أن يعطي اتفاقا أو وعدا لايعطيه كل مايريد حتى حقوقه في علاقة خاصة بفلسطين .. والاسرائيليون يدركون نقطة ضعفه هذه ومع ذلك لم يجرؤوا على عرض السلام بجولان كامل دون أن يعطي وعدا بالنأي بالنفس عن فلسطين وشعبها .. في هذا كان الأسد يريد أن يكون رئيسا لسورية الصامدة كلها وأن ينجز اتفاقا باسم سورية كلها عندما لايكون منقوصا .. ولكنه حرم التاريخ من ان يتهم طائفته بالخيانة في مسألة التعامل مع العدو او انتقاص الحق الشرعي لسورية في كامل ترابها وفي علاقتها الخاصة بفلسطين .. ويستطيع العالم والعدو والصديق ان يقول أي اتهام لعهد الأسد من أي نوع الا التسليم للعدو ومصافحته وانتقاص الحق السوري .. وهذا الشرف سيحمله له التاريخ وسيباهي به العلويون ويقف الزمن لايقوى على مناكفة الحقيقة ولامجادلتها ..
وبالمقابل لو تفحصنا قلة حكمة الساسة العراقيين الذين وافقوا على اعدام الرئيس صدام حسين في يوم العيد لوجدنا أن مافعلوه جعل فقراء العراقيين وأجيالهم يدفعون الثمن باهظا منذ تلك اللحظة التي صنعت التطرف وأسطورة مظلومية أهل السنة .. التي لم تتوقف طاحونتها حتى الآن وقد سحقت مئات الالاف .. فرغم أن الجميع يعرف أن من أسقط الرئيس العراقي ومن شنق الرئيس العراقي هم الاميريكيون وايباك الصهيوينة ودول الخليج .. ولكن اعدامه في يوم العيد في ظل حكم المالكي (الشيعي) كان فخا اميريكيا لاطلاق سعير الحرب الدينية لأن الناس قد تنسى كل شيء الا الحدث العاطفي الذي يهزها ويشق قلبها وخاصة اذا لامس عقائدها الحساسة وولاءاتها المذهبية .. ولو كان عند قادة العراقيين الذين في السلطة بعض النظر والتروي آنذاك ورفضوا التوقيع وتنفيذ الحكم حتى ينقضي العيد ربما لكان حجم الغضب اقل ورمزية الراحل تتراجع وامكانية التصالح مع الآخر أكثر اتساعا وبدت الفاصلة المذهبية قليلة القيمة .. ولكنه قصور النظر وقلة الخبرة السياسية والحماقة والطيش عندما يقودان السياسة خاصة عندما يكلل مشهد الاعدام بأناشيد طائفية لايكترث بها الساسة ..
ومن هنا يبدو وليد حنبلاط اقل حنكة وتدبيرا .. ولاتقرأ عيناه الجاحظتان أكثر من عشرة ايام للأمام .. لأنه ليست له نظرة عابرة للأجيال ..ولايبدو أنه لايدرك أن البقاء والنجاة بالطائفة في توازنات معقدة لايعني تحميلها بالآثام واللوثات التي يرتكبها خاصة أنه يستغل الطائفة في معاركه الشخصية وحسابات مزاجه ..
ويذكرني وليد بيك دوما بتلك القصة الشهيرة التي تحكي عن أعرابي يسافر على حصانه في الصحراء فيلتقي رجلا يسير منهكا تائها في الصحراء فيدعوه بشهامة لأن يركب خلفه على حصانه ليساعده في ادراك أهله .. وعندما ينطلق الحصان بهما يبادر الرجل الى مديح الحصان بالقول: ان حصانك قوي وسريع .. وبعد قليل يقول للأعرابي: ان حصاننا قوي وسريع .. وماهي الا دقائق حتى يدفع بالأعرابي الى الأرض ويكز الحصان وهو يقول: ان حصاني قوي وسريع ..
والقصة حسب الرواة لاتنتهي هنا بل ينادي الأعرابي الرجل ويستوقفه ليقول له شيئا قبل أن يغيب في الصحراء .. ولما توقف قال له: استحلفك بالله ألا تخبر أحدا بهذه الحكاية لئلا تموت المروءة في الصحراء ويخشى فاعل الخير من غدر اللئام ..
فالأعرابي خشي أن تصبح هذه الحكاية سببا في سلب الصحراء قيمها في اغاثة الملهوف اذا ماانتشرت وخلقت انطباعا أن اللصوص يتربصون بك في الصحراء وليس المحتاجين للغوث .. فيصبح كل تائه في الصحراء لصا في عرف الناس لايستحق المساعدة ولايؤمن جانبه ..
قصتنا مع وليد بيك ليست تماما عن حصان مسروق .. بل عن مكون اجتماعي كريم يريد جنبلاط سرقته بأنانية والصاق تهمة لاتليق به ولابمكانته ولابتاريخه العريق الضارب في النخوة والفروسية والشهامة والمروءة والرجولة .. .. ووليد بيك مرة يكون فوق الحصان خلفنا ممسكا بثيابنا ومرة يمسك باللجام ليسرق الحصان .. ومرة يعتذر ومرة يحاول القاءنا ارضا ثم يتعثر ويسقط فيعتذر ويعود يطلب ركوب الحصان ..
وان كان هناك من ناصح حوله فليقل له بأن التاريخ يسجل الآن وعقل الناس الواعي واللاواعي يقوم بالتنميط والتدوين وهو يتصرف في السياسة .. وكأن جنبلاط يقول ان جميع الموحدين على هذه الشاكلة نسخة طبق الأصل عن جنبلاط ..ولكن جميع السوريين الذين أكلوا من موائد الكرم في السويداء وشبعوا كما لم يشبعوا من قبل .. وجلسوا في تلك المضافات الأصيلة وسمعوا كلاما لايقوله الا من كان من سلالات الفرسان يعلمون أن السياسي وليد جنبلاط يريد أن يمحو هذه الصورة بصورته وهو يقفز فوق الأحصنة ويمسك باللجام .. ويغير السروج .. ويرمي من حمله خلفه على الحصان .. والحقيقة أن جميع من يعرف الموحدين يعرف أنهم لايقفزون ولايغيرون الحصان ولاتعرف كل الصحراء عنهم الا أنهم يغيثون ويكرمون ويمارسون ذروة الفروسية والشجاعة .. ومثالهم لايبدأ بسلطان باشا الأطرش أبو السوريين الثوار .. ولاينتهي بالبطل العميد عصام زهر الدين .. قاهر داعش ..
ولمن يريد أن يعرف كيف أن شهداء بني معروف لايستحقون ان يقوم مجنون مثل وليد بيك بأخذهم معه الى معاركه الدونكيشوتية وهم الذين يخوضون معركة الدفاع عن سورية والشرق كالأساطير انظروا الى هذه الصفحة التي ترفع رأس السوريين والعرب بأبناء جبل العرب .. وتغسل طرقات الوعي التي يلطخها جنبلاط .. تغسلها بالعطر وماء الورد .. وترسم النمط الذي يستحقه الموحدون .. نمط الشجاعة والفداء وصهيل الدم الذي يتردد صداره في كل الشرق ..
https://ar-ar.facebook.com/Martyrs.alswaida
فهل لايسمع جنبلاط أصوات صهيل الخيول الأصيلة وهل لايعرف ماذا تقول له ؟؟ هل نسمح للصوص بسرقة صهيلها وبيعه في أسواق السياسة؟؟ ..
المصدر :
نارام سرجون
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة