أخبار سيئة للمعارضة السورية: هجوم واسع متوقع في القلمون قد ينهي وجودها في الريف الدمشقي، و «لا» أميركية لطلب منطقة حظر جوي لحماية «جبهة النصرة» و «القاعدة» في الشمال السوري.

 

الـ«لا» الأميركية جاءت الأسبوع الماضي على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال لقائه رئيس «الائتلاف الوطني السوري» خالد خوجة. ويوحي ذلك بأن ترجمة «الانتصارات» العسكرية للمجموعات المسلحة في الشمال السوري، وتصريفها سياسياً، لا يلقى آذاناً صاغية لدى الأميركيين، الذين لا يشاطرون «الائتلافيين» نظرتهم أن الحرب قد دخلت منعطفاً انحدارياً للرئيس السوري بشار الأسد.

 

إذ لا تغيير في مبدأ قائد الأركان الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي، الذي تحولت مطالعته مرشد عمل للولاية الأولى للرئيس باراك أوباما وخطاً احمر للتورط الأميركي المباشر، لتضافر الكلفة الباهظة لأي حظر جوي في سوريا مع رفض الانزلاق نحو عملية برية، وهو مبدأ تعزز في الأيام الأخيرة، بعد غزو الأتراك و «جبهة النصرة» والجماعات «الجهادية» لجسر الشغور، فضلا عن مواصلة تأجيل تدريب القوة «المعتدلة» في تركيا المستمر منذ عام ونصف العام.

اللقاء لم يكن ايجابياً كما قال خوجة للصحافيين، بل إن الردود السلبية لكيري على طلب حماية جوية، تبعه متحدث باسم الخارجية بتوضيح أن لا تغيير في الموقف الأميركي حالياً من مسألة إقامة حظر جوي.

ويقدم التعقيب تكذيباً مزدوجاً: الأول لأوهام «الائتلافيين» الذين يحاولون حصد ما تزرعه «النصرة» في الشمال السوري، والثاني لرئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو، الذي لم يكف عن ترداد أن الفجوة مع واشنطن حول مسألة إقامة الحظر الجوي قد ضاقت.

ويبدو حديث «الائتلافيين» عن دخول الولايات المتحدة مرحلة دراسة الآليات للتدخل تعزية للأنفس التي رأت في عملية جسر الشغور، وقبلها ادلب، المنعطف الذي تنقلب معه مجريات الحرب السورية. ذلك أن رغبة «الائتلاف» بتحويل طيران التحالف إلى سلاح جو للمجموعات المسلحة، التي أعادت تركيا والسعودية وقطر إصلاح ذات بينها، وتوحيدها، يتجاهل تركيبة «جيش الفتح»، الذي تشكل من «النصرة»، و «جنود الشام»، و «كتيبة تركستان»، و «أنصار الإسلام»، و «أحرار الشام»، و «جند الأقصى»، وهي كلها مجموعات «قاعدية» الهوى أو البيعة، وبدأ توحيدها بقرار سعودي - تركي في آذار الماضي، برعاية استخبارات البلدين، ورفض السعوديون شيئاً واحداً، على ما قاله مصدر سوري معارض، هو أن يطلق الأتراك عليه اسم «جيش الفاتح»، كما اقترح رئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان تيمناً بالسلطان العثماني محمد الفاتح، وأصر السعوديون على تعميده بـ «جيش الفتح».

إن اشتراط إرسال إدارة «ائتلافية» إلى «الداخل» السوري بغطاء جوي دولي، كما طالب خوجة، لا يأخذ بعين الاعتبار أن هذه المنطقة، المرشحة لتظليلها بطيران التحالف أو غيره وحمايتها من هجمات الطيران السوري، تضم تلك المجموعات التي وضعتها الولايات المتحدة نفسها على لائحة الإرهاب، وهي جماعات تناصبها العداء حيناً وتستخدمها أحياناً أخرى في استراتيجياتها الإقليمية لاستنزاف خصومها، تحت مسميات متباينة، من آسيا الوسطى الأفغانية والباكستانية، إلى سوريا فالعراق فاليمن، ولكنها قد لا تذهب إلى حد القبول بانتصارهم النهائي، وخروجهم كلياً أو جزئياً عن السيطرة، كما في حالة «داعش». وهو يعني، في النهاية، أن تقوم طائرات الحظر الجوي، بحماية أبو محمد الجولاني، ومسلم الشيشاني، وأمراء الحرب و «الجهاد» في الشمال السوري، وإهداء الجماعات الوهابية بؤرة مفتوحة في المشرق.

وإذا كان مفهوماً أن الانشغال الإيراني بالأزمة اليمنية، واحتواء «داعش» في العراق، ومتطلبات ضبط النفس في الخط الأخير نحو الاتفاق النووي مع الغرب، أتاح نافذة تكتيكية للأتراك والسعوديين لتنفيذ هجمات الشمال، إلا أن هذه المتطلبات نفسها تقيد جزءاً من حركة الولايات المتحدة أيضاً. ذلك أن إدارة أوباما تفتش هي أيضا مع طهران عن انجاز ديبلوماسي كبير في الملف النووي، وقد ذهبت بعيدا في المفاوضات، وفي المواجهات الداخلية مع الكونغرس، ولا تريد التضحية بالاتفاق حتى يثبت العكس. كما لا تملك إدارة أوباما أي مصلحة في تصعيد المواجهة مع طهران في هذه اللحظة، وقبل التوقيع على الاتفاق، سواء عبر عملية عسكرية واسعة في الشمال السوري لكسر التوازنات، أو عبر إنشاء منطقة حظر جوي، ستكون استفزازاً مباشرا لإيران وسوريا، فضلا عن تعقيدات التوصل إلى قرار من هذا النوع في مجلس الأمن في مواجهة روسيا.

والأغلب أن سابقة كوسوفو، التي أباح فيها حلف شمال الأطلسي لنفسه أجواء يوغوسلافيا السابقة من دون العودة إلى مجلس الأمن، ليست مرشحة للتكرار في سوريا، ذلك أن روسيا، التي غضت النظر عن ذلك منتصف التسعينيات، كان يحكمها آنذاك الثلاثي بوريس يلتسين و «الفودكا» والغيبوبات الكحولية المتكررة، وليست روسيا العائدة بقوة مع فلاديمير بوتين.

ولم ينقلب مسار الحرب في سوريا لمصلحة تركيا والسعودية والمجموعات التي تقاتل باسمها على الأرض السورية، وإن صح أن هذه المجموعات قد اخترقت التوازن في شمال غرب سوريا، في غزوها لجسر الشغور وإدلب، إلا أن العملية، التي تصح تسميتها حملة كسر ميزان القوى، لا تزال بعيدة عن تحقيق أهدافها، حيث أن جسر الشغور وإدلب ليست سوريا كلها. وإذا كان صحيحاً أيضا أن الجيش السوري يواجه مجموعات مسلحة، أفضل تنظيماً وتنسيقاً وتسليحاً، بفضل غرف العمليات في إنطاكيا وعمان، إلا أن المعارضة تنحو إلى تفضيل رغباتها على حقائق ميدانية كثيرة، وإطلاق العد التنازلي نفسه الذي أطلقته صيف العام 2012، بقرب دخولها دمشق منتصرة.

وبحسب مصادر واسعة الاطلاع فقد بدأ الإيرانيون فعلاً بإرسال وحدات مقاتلة، ومجموعات كبيرة من ضباط الحرس الثوري، إلى المنطقة. كما أن وحدات من مقاتلي «عصائب الحق» العراقية، التي كانت خففت من حضورها الميداني في سوريا، بعد غزوة الموصل «الداعشية» في حزيران الماضي، قد بدأت بالعودة إلى ميادين القتال، والاحتشاد إلى جانب الجيش السوري في منطقة سهل الغاب، لتطوير هجوم مضاد لاستعادة المدينة.

وتحولت منطقة سهل الغاب جنوب جسر الشغور، إلى أكبر تجمعات الجيش السوري في المنطقة، وهو لا يزال يحتفظ فيها بخطوط إمداد واتصال مفتوحة، فيما لا تزال قوة من 200 جندي وضابط تتحصن في المستشفى الوطني لجسر الشغور، لتشكل رأس جسر لأي هجوم مضاد منتظر، بحماية غارات لا تنقطع للطيران الحربي منذ غزو المدينة.

كما أن الخريطة العامة للجبهات لا تزال ترجح تفوق الجيش السوري، وتظهر أهمية التدخل التركي والسعودي والأردني أيضاً في وضعية هذه الجبهات. إذ لا يزال الجيش في حالة هجوم في مناطق تمتد من أطراف الجبهة الجنوبية إلى دمشق والغوطة، كما أن الطوق الدمشقي الذي بات يحكم السيطرة عليه، بعد دخوله إلى ميدعا، وإغلاقه احد أهم خطوط إمداد المعارضة و «جيش الإسلام»، نحو البادية السورية - الأردنية، انجاز نوعي ومهم، سيلعب دوراً كبيراً في عمليات القلمون الشرقي أيضاً. ولا يزال الجيش السوري، الذي قاتل في العام 2012 على 468 جبهة قتال مختلفة، وفقد أكثر من 50 ألف شهيد، يسيطر على قلب سوريا، وفي حالة هجوم أو دفاع ديناميكي من دمشق فالقلمون فالمنطقة الوسطى، فحماه شرقاً، واللاذقية غرباً.

إن كل الانجازات التي حققتها المجموعات المسلحة، سورية و «جهادية» من كل حدب وصوب، لم يكن لها أن تتحقق لولا استنادها إلى قواعد خلفية قريبة، فهي لا تقاتل إلا انطلاقاً من دول الجوار، واستناداً إلى حلف إقليمي يرعاها، فلا جبهة جنوبية ولا تقدم فيها من دون الأردن واستخباراته، وإسرائيل، والسعودية وغرفة عمليات عمان، ولا سقوط لجسر الشغور أو ادلب، أو تهديد لحلب، من دون تركيا، التي باتت تقاتل المجموعات المسلحة، انطلاقاً منها. أما في كل الداخل السوري، فلا معاقل لها إلا وتحت الحصار والقصف، فضلاً عن أن كل المجموعات المسلحة لا تملك مشروعاً سياسياً سوى مشاريع «الإمارات الجهادية».

  • فريق ماسة
  • 2015-05-06
  • 8604
  • من الأرشيف

سورية تحشد في سهل الغاب لمنازلة حاسمة

أخبار سيئة للمعارضة السورية: هجوم واسع متوقع في القلمون قد ينهي وجودها في الريف الدمشقي، و «لا» أميركية لطلب منطقة حظر جوي لحماية «جبهة النصرة» و «القاعدة» في الشمال السوري.   الـ«لا» الأميركية جاءت الأسبوع الماضي على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال لقائه رئيس «الائتلاف الوطني السوري» خالد خوجة. ويوحي ذلك بأن ترجمة «الانتصارات» العسكرية للمجموعات المسلحة في الشمال السوري، وتصريفها سياسياً، لا يلقى آذاناً صاغية لدى الأميركيين، الذين لا يشاطرون «الائتلافيين» نظرتهم أن الحرب قد دخلت منعطفاً انحدارياً للرئيس السوري بشار الأسد.   إذ لا تغيير في مبدأ قائد الأركان الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي، الذي تحولت مطالعته مرشد عمل للولاية الأولى للرئيس باراك أوباما وخطاً احمر للتورط الأميركي المباشر، لتضافر الكلفة الباهظة لأي حظر جوي في سوريا مع رفض الانزلاق نحو عملية برية، وهو مبدأ تعزز في الأيام الأخيرة، بعد غزو الأتراك و «جبهة النصرة» والجماعات «الجهادية» لجسر الشغور، فضلا عن مواصلة تأجيل تدريب القوة «المعتدلة» في تركيا المستمر منذ عام ونصف العام. اللقاء لم يكن ايجابياً كما قال خوجة للصحافيين، بل إن الردود السلبية لكيري على طلب حماية جوية، تبعه متحدث باسم الخارجية بتوضيح أن لا تغيير في الموقف الأميركي حالياً من مسألة إقامة حظر جوي. ويقدم التعقيب تكذيباً مزدوجاً: الأول لأوهام «الائتلافيين» الذين يحاولون حصد ما تزرعه «النصرة» في الشمال السوري، والثاني لرئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو، الذي لم يكف عن ترداد أن الفجوة مع واشنطن حول مسألة إقامة الحظر الجوي قد ضاقت. ويبدو حديث «الائتلافيين» عن دخول الولايات المتحدة مرحلة دراسة الآليات للتدخل تعزية للأنفس التي رأت في عملية جسر الشغور، وقبلها ادلب، المنعطف الذي تنقلب معه مجريات الحرب السورية. ذلك أن رغبة «الائتلاف» بتحويل طيران التحالف إلى سلاح جو للمجموعات المسلحة، التي أعادت تركيا والسعودية وقطر إصلاح ذات بينها، وتوحيدها، يتجاهل تركيبة «جيش الفتح»، الذي تشكل من «النصرة»، و «جنود الشام»، و «كتيبة تركستان»، و «أنصار الإسلام»، و «أحرار الشام»، و «جند الأقصى»، وهي كلها مجموعات «قاعدية» الهوى أو البيعة، وبدأ توحيدها بقرار سعودي - تركي في آذار الماضي، برعاية استخبارات البلدين، ورفض السعوديون شيئاً واحداً، على ما قاله مصدر سوري معارض، هو أن يطلق الأتراك عليه اسم «جيش الفاتح»، كما اقترح رئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان تيمناً بالسلطان العثماني محمد الفاتح، وأصر السعوديون على تعميده بـ «جيش الفتح». إن اشتراط إرسال إدارة «ائتلافية» إلى «الداخل» السوري بغطاء جوي دولي، كما طالب خوجة، لا يأخذ بعين الاعتبار أن هذه المنطقة، المرشحة لتظليلها بطيران التحالف أو غيره وحمايتها من هجمات الطيران السوري، تضم تلك المجموعات التي وضعتها الولايات المتحدة نفسها على لائحة الإرهاب، وهي جماعات تناصبها العداء حيناً وتستخدمها أحياناً أخرى في استراتيجياتها الإقليمية لاستنزاف خصومها، تحت مسميات متباينة، من آسيا الوسطى الأفغانية والباكستانية، إلى سوريا فالعراق فاليمن، ولكنها قد لا تذهب إلى حد القبول بانتصارهم النهائي، وخروجهم كلياً أو جزئياً عن السيطرة، كما في حالة «داعش». وهو يعني، في النهاية، أن تقوم طائرات الحظر الجوي، بحماية أبو محمد الجولاني، ومسلم الشيشاني، وأمراء الحرب و «الجهاد» في الشمال السوري، وإهداء الجماعات الوهابية بؤرة مفتوحة في المشرق. وإذا كان مفهوماً أن الانشغال الإيراني بالأزمة اليمنية، واحتواء «داعش» في العراق، ومتطلبات ضبط النفس في الخط الأخير نحو الاتفاق النووي مع الغرب، أتاح نافذة تكتيكية للأتراك والسعوديين لتنفيذ هجمات الشمال، إلا أن هذه المتطلبات نفسها تقيد جزءاً من حركة الولايات المتحدة أيضاً. ذلك أن إدارة أوباما تفتش هي أيضا مع طهران عن انجاز ديبلوماسي كبير في الملف النووي، وقد ذهبت بعيدا في المفاوضات، وفي المواجهات الداخلية مع الكونغرس، ولا تريد التضحية بالاتفاق حتى يثبت العكس. كما لا تملك إدارة أوباما أي مصلحة في تصعيد المواجهة مع طهران في هذه اللحظة، وقبل التوقيع على الاتفاق، سواء عبر عملية عسكرية واسعة في الشمال السوري لكسر التوازنات، أو عبر إنشاء منطقة حظر جوي، ستكون استفزازاً مباشرا لإيران وسوريا، فضلا عن تعقيدات التوصل إلى قرار من هذا النوع في مجلس الأمن في مواجهة روسيا. والأغلب أن سابقة كوسوفو، التي أباح فيها حلف شمال الأطلسي لنفسه أجواء يوغوسلافيا السابقة من دون العودة إلى مجلس الأمن، ليست مرشحة للتكرار في سوريا، ذلك أن روسيا، التي غضت النظر عن ذلك منتصف التسعينيات، كان يحكمها آنذاك الثلاثي بوريس يلتسين و «الفودكا» والغيبوبات الكحولية المتكررة، وليست روسيا العائدة بقوة مع فلاديمير بوتين. ولم ينقلب مسار الحرب في سوريا لمصلحة تركيا والسعودية والمجموعات التي تقاتل باسمها على الأرض السورية، وإن صح أن هذه المجموعات قد اخترقت التوازن في شمال غرب سوريا، في غزوها لجسر الشغور وإدلب، إلا أن العملية، التي تصح تسميتها حملة كسر ميزان القوى، لا تزال بعيدة عن تحقيق أهدافها، حيث أن جسر الشغور وإدلب ليست سوريا كلها. وإذا كان صحيحاً أيضا أن الجيش السوري يواجه مجموعات مسلحة، أفضل تنظيماً وتنسيقاً وتسليحاً، بفضل غرف العمليات في إنطاكيا وعمان، إلا أن المعارضة تنحو إلى تفضيل رغباتها على حقائق ميدانية كثيرة، وإطلاق العد التنازلي نفسه الذي أطلقته صيف العام 2012، بقرب دخولها دمشق منتصرة. وبحسب مصادر واسعة الاطلاع فقد بدأ الإيرانيون فعلاً بإرسال وحدات مقاتلة، ومجموعات كبيرة من ضباط الحرس الثوري، إلى المنطقة. كما أن وحدات من مقاتلي «عصائب الحق» العراقية، التي كانت خففت من حضورها الميداني في سوريا، بعد غزوة الموصل «الداعشية» في حزيران الماضي، قد بدأت بالعودة إلى ميادين القتال، والاحتشاد إلى جانب الجيش السوري في منطقة سهل الغاب، لتطوير هجوم مضاد لاستعادة المدينة. وتحولت منطقة سهل الغاب جنوب جسر الشغور، إلى أكبر تجمعات الجيش السوري في المنطقة، وهو لا يزال يحتفظ فيها بخطوط إمداد واتصال مفتوحة، فيما لا تزال قوة من 200 جندي وضابط تتحصن في المستشفى الوطني لجسر الشغور، لتشكل رأس جسر لأي هجوم مضاد منتظر، بحماية غارات لا تنقطع للطيران الحربي منذ غزو المدينة. كما أن الخريطة العامة للجبهات لا تزال ترجح تفوق الجيش السوري، وتظهر أهمية التدخل التركي والسعودي والأردني أيضاً في وضعية هذه الجبهات. إذ لا يزال الجيش في حالة هجوم في مناطق تمتد من أطراف الجبهة الجنوبية إلى دمشق والغوطة، كما أن الطوق الدمشقي الذي بات يحكم السيطرة عليه، بعد دخوله إلى ميدعا، وإغلاقه احد أهم خطوط إمداد المعارضة و «جيش الإسلام»، نحو البادية السورية - الأردنية، انجاز نوعي ومهم، سيلعب دوراً كبيراً في عمليات القلمون الشرقي أيضاً. ولا يزال الجيش السوري، الذي قاتل في العام 2012 على 468 جبهة قتال مختلفة، وفقد أكثر من 50 ألف شهيد، يسيطر على قلب سوريا، وفي حالة هجوم أو دفاع ديناميكي من دمشق فالقلمون فالمنطقة الوسطى، فحماه شرقاً، واللاذقية غرباً. إن كل الانجازات التي حققتها المجموعات المسلحة، سورية و «جهادية» من كل حدب وصوب، لم يكن لها أن تتحقق لولا استنادها إلى قواعد خلفية قريبة، فهي لا تقاتل إلا انطلاقاً من دول الجوار، واستناداً إلى حلف إقليمي يرعاها، فلا جبهة جنوبية ولا تقدم فيها من دون الأردن واستخباراته، وإسرائيل، والسعودية وغرفة عمليات عمان، ولا سقوط لجسر الشغور أو ادلب، أو تهديد لحلب، من دون تركيا، التي باتت تقاتل المجموعات المسلحة، انطلاقاً منها. أما في كل الداخل السوري، فلا معاقل لها إلا وتحت الحصار والقصف، فضلاً عن أن كل المجموعات المسلحة لا تملك مشروعاً سياسياً سوى مشاريع «الإمارات الجهادية».

المصدر : محمد بلوط - السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة