كما نعرف فان صفحات التاريخ لاتخلو من بعض المهلوسات والأفيون التي يكتبها المؤرخون ويضيفون عليها قدرا من المخدرات والمنشطات تخدر الحاضر وتدوخ القارئ ..

ولكن حفلات تعاطي الأفيون الجماعي الى حد الجنون انتقلت من اختصاص المؤرخين الى اختصاص الاعلاميين في العالم كله في فترة سموها الربيع العربي وخاصة اعلاميي الجزيرة والعربية واعلاميي الاسلام السياسي الذين أقاموا حفلات تعاطي الأفيون الجماعي الجماهيري بشكل هستيري ..

لم يشهد التاريخ مثل هذه الكمية من الأفيون التي تحقن بشكل جماعي لأمة كاملة فتصاب بالجنون وتقتل نفسها مجانا كما هو في السنوات الأربع الأخيرة التي يسميها أصحاب الأفيون الاعلامي الجماعي (الربيع العربي) .. كميات هائلة من الافيون والهيرويين والكلمات المدوخة التي يوزعها الاعلاميون الثوار مجانا على الجمهور وبسخاء لاحدود له حتى يدوخ ويحلق في الأوهام .. واذا أردنا تسمية حقيقية للربيع العربي فان علينا أن نسميه (ربيع الأفيون) .. فكل مابني عليه هذا التفسخ الاجتماعي والتشظي كان هلوسات بلا حدود .. وتخيلات تصر على انها الحقيقة وأننا الخيال .. وأنها الحق واننا الباطل .. فصارت دول الفساد والجنس والمال النفطي المسروق من شعبه وأبناء الحكام السفهاء هي بلاد صناعة الثورات الشعبية وصرنا نحن بلاد الظلم والقمع والقهر والاستبداد .. وصارت اسرائيل وحاخاماتها أصدقاءنا فيما أتباع علي ابن عم النبي وزينب ابنته وأتباع المسيح وأمه أعداءنا .. بل وصارت داعش من أذناب النظام السوري الذي صنعها في ليل لتقمع الثوار نيابة عنه ..تخيلوا أن داعش لاتزال في يقين البعض نابعة من قلب النظام السوري ويحرك خيوطها بسرية ودهاء ..

ولكن اليوم بشرتنا داعش بوصولها الى اليمن واعلانها صراحة الدخول في التحالف الدولي ضد أنصار الله الى جانب السعودية وقطر .. وخصت الحوثيين تحديدا في بيان البيعة للبغدادي بالذبح على الطريقة المتبعة في العراق وسورية وليبيا ..

 

ألا يتساءل الثوار السوريون الآن مستوحين السؤال من رحم يقينهم عن منشأ داعش .. لماذا يرسل الرئيس الأسد والنظام السوري داعش الى اليمن؟؟ ولماذا يرسل محور المقاومة داعش لنصرة جيش سلمان بن عبد العزيز وابنه المعتوه محمد؟؟

بالطبع لايزال الكثير من المنضوين تحت يافطة الثورة السورية مصرين على ان النظام السوري هو الذي صنع داعش واطلقها لتشتيت الثورة السورية والاساءة الى عذريتها الطاهرة؟؟ ولم ينفع مع هؤلاء أي نقاش منطقي ولاأسئلة لاتحتاج اجابتها الا الى قليل جدا جدا من الذكاء لدحر حجم الغباء في طبيعة الفكرة والتصور والسؤال .. ولكن دون جدوى .. الأفيون حاجز عنيد في أدمغة هؤلاء ..

حتى الصحفيون الذين يأتون الى سورية يسألون الرئيس الأسد نفس السؤال من فصيلة الحشيش والأفيون: هل أنت من صنعت داعش؟؟ ولماذا؟؟

اليوم ظهرت داعش في اليمن وبايعت البغدادي علنا .. وقررت حز رؤوس الحوثيين .. وهنا لابد ان نطالب الأغبياء الذين لايزالون يؤكدون طهارة الثورة من داعش وأنها خرجت من رحم الاستخبارات السورية بأن يرفعوا اصواتهم مطالبين النظام السوري بأن يبرر لهم سبب ارسال داعش الى اليمن؟؟ المنطق والحكمة يطالبهم بأن يتابعوا نفس النشيد دون أن يتلعثموا .. ودون ان يبلعوا ريقهم مترددين .. ودون أن يغيروا الكلام الثوري المقدس الذي بني على اليقين المطلق ومنحهم القوة الأخلاقية للعويل والبكاء وشتم النظام .. الا اذا كان الأفيون والحشيش قد بدآ بالنضوب ..

لاندري ان كان هؤلاء أمام مدد داعش الى اليمن يمكن أن يتوقفوا عند هذا الخبر ويعيدوا حساباتهم ومواقفهم ويخجلوا من انفسهم .. ويعتذروا من جمهورهم الذي كان يستمع اليهم محبوس الانفاس مأخوذا بنظرياتهم وتفسيراتهم العبقرية للأحداث حتى صار كل شيء مقلوبا في العقل رأسا على عقب ..

نفس التفسيرات أطلقها سابقا ذلك البليد المسمى ميشيل كيلو عن ان النظام هو الذي أطلق الاسلاميين من السجون لتخريب الثورة وخص ميشيل بالذكر اطلاق زهران علوش لاعطاء طابع اسلامي على الحراك الديمقراطي العلماني .. واعتبر البعض أن هؤلاء الاسلاميين خرجوا بصفقة بينهم وبين النظام لاجتياح الثورة وتخريبها .. فاذا بالثورة تحتفل بزهران علوش وتعتبره بطلها .. وتهلل لصواريخه على دمشق وتوزع صوره كما توزع صور الأبطال .. وهاهو اليوم يصل الى استانبول تحت عين وبصر الثوار الذين قالوا انه مبعوث النظام الى الثورة دون أن يطالب الثوار باعتقاله والتحقيق معه باعتباره عميلا للنظام السوري الذي دسه في جسم الثورة ليخترق بواسطته هذه الثورة الرائعة البريئة..

من جديد .. ألا يسأل أحد عن سر هذا التوافق بين ابي بكر البغدادي وبين السعودية وتركيا؟؟ .. فماالذي خطر على بال البغدادي ليرسل المدد الى اليمن ضد الحوثيين وحلفائهم أعداء السعودية وتركيا ؟؟

ألا تبدو الآن الصورة هي اللعب على المكشوف؟؟

داعش لعبة تركية سعودية مشتركة والمشرف العام اسرائيلي أميريكي .. وهي تذهب دوما في نفس اتجاه الرياح السعودية والتركية وعواصف الحزم .. حتى السيسي ذهبت داعش اليه وشدته من أذنه وذبحت له مواطنيه في ليبيا عندما حاول أن يسير قليلا في عكس اتجاه الريح السعودية التركية .. فهناك شروط لمن يريد النجاة من داعش وهناك خطوط حمر يجب أن يبقى داخلها ..

والمنطق يسأل لماذا تراعي داعش جدا مصالح أميريكا في دول النفط بالرغم من ان ثروة النفط يجب أن يسيل لها اللعاب الداعشي؟؟ كما أن الخلفاء والخلافة لم تكن في الرقة ولا الموصل بل في مكة والمدينة .. ومع هذا تعف عنهما داعش ..ولاتشير اليهما الا لذر الرماد في العيون ..

أخشى من بعد كل هذا أن يقول لنا الثوار انهم لم يفهموا السؤال ولا الطلاسم في هذا المقال .. وان يقولوا: هل لك في ان تزيد في الايضاح كي تهضم أمعاء عقولنا هذا البرسيم لأننا لانتعاطى الا الافيون؟؟ وأخشى ماأخشاه أن يوفر عليهم البعض مشقة التفكير وذل السؤال ويملي عليهم هذا البعض من تجار ومنتجي الحشيش مثل المهرج فيصل القاسم الاجابة بالقول ان النظام السوري يريد ابتزاز أصدقائه الايرانيين في اليمن .. فأرسل داعش الى اليمن؟؟

ماهذا النظام السوري العبقري والمنفلت من كل التوقعات والضوابط والذي يشكل التنظيمات ويستولدها ويقتل صهره ومؤيديه ورجال دينه ويرتكب المجازر ويفجر السيارات في مناطقه الموالية؟؟ .. ماأخشاه هو أن يكون الغباء ليس مقتصرا على جمهور الثورة .. بل أن تنتشر بقعة الغباء حتى تشمل بعض الناس ممن يظن نفسه انه أذكى من أن تورطه المفخخات الاعلامية والشائعات في حرب الأفيون الثوري .. أفيون المؤامرات .. الأفيون صار مثل سحابة تشرنوبل تغطي العالم العربي .. وتسقي الناس والشوارع والنباتات والمواشي والكتب ونشرات الطقس ..

 

 

  • فريق ماسة
  • 2015-04-24
  • 6590
  • من الأرشيف

ربيع الأفيون والجنون ..لماذا أرسل النظام السوري داعش الى اليمن؟

كما نعرف فان صفحات التاريخ لاتخلو من بعض المهلوسات والأفيون التي يكتبها المؤرخون ويضيفون عليها قدرا من المخدرات والمنشطات تخدر الحاضر وتدوخ القارئ .. ولكن حفلات تعاطي الأفيون الجماعي الى حد الجنون انتقلت من اختصاص المؤرخين الى اختصاص الاعلاميين في العالم كله في فترة سموها الربيع العربي وخاصة اعلاميي الجزيرة والعربية واعلاميي الاسلام السياسي الذين أقاموا حفلات تعاطي الأفيون الجماعي الجماهيري بشكل هستيري .. لم يشهد التاريخ مثل هذه الكمية من الأفيون التي تحقن بشكل جماعي لأمة كاملة فتصاب بالجنون وتقتل نفسها مجانا كما هو في السنوات الأربع الأخيرة التي يسميها أصحاب الأفيون الاعلامي الجماعي (الربيع العربي) .. كميات هائلة من الافيون والهيرويين والكلمات المدوخة التي يوزعها الاعلاميون الثوار مجانا على الجمهور وبسخاء لاحدود له حتى يدوخ ويحلق في الأوهام .. واذا أردنا تسمية حقيقية للربيع العربي فان علينا أن نسميه (ربيع الأفيون) .. فكل مابني عليه هذا التفسخ الاجتماعي والتشظي كان هلوسات بلا حدود .. وتخيلات تصر على انها الحقيقة وأننا الخيال .. وأنها الحق واننا الباطل .. فصارت دول الفساد والجنس والمال النفطي المسروق من شعبه وأبناء الحكام السفهاء هي بلاد صناعة الثورات الشعبية وصرنا نحن بلاد الظلم والقمع والقهر والاستبداد .. وصارت اسرائيل وحاخاماتها أصدقاءنا فيما أتباع علي ابن عم النبي وزينب ابنته وأتباع المسيح وأمه أعداءنا .. بل وصارت داعش من أذناب النظام السوري الذي صنعها في ليل لتقمع الثوار نيابة عنه ..تخيلوا أن داعش لاتزال في يقين البعض نابعة من قلب النظام السوري ويحرك خيوطها بسرية ودهاء .. ولكن اليوم بشرتنا داعش بوصولها الى اليمن واعلانها صراحة الدخول في التحالف الدولي ضد أنصار الله الى جانب السعودية وقطر .. وخصت الحوثيين تحديدا في بيان البيعة للبغدادي بالذبح على الطريقة المتبعة في العراق وسورية وليبيا ..   ألا يتساءل الثوار السوريون الآن مستوحين السؤال من رحم يقينهم عن منشأ داعش .. لماذا يرسل الرئيس الأسد والنظام السوري داعش الى اليمن؟؟ ولماذا يرسل محور المقاومة داعش لنصرة جيش سلمان بن عبد العزيز وابنه المعتوه محمد؟؟ بالطبع لايزال الكثير من المنضوين تحت يافطة الثورة السورية مصرين على ان النظام السوري هو الذي صنع داعش واطلقها لتشتيت الثورة السورية والاساءة الى عذريتها الطاهرة؟؟ ولم ينفع مع هؤلاء أي نقاش منطقي ولاأسئلة لاتحتاج اجابتها الا الى قليل جدا جدا من الذكاء لدحر حجم الغباء في طبيعة الفكرة والتصور والسؤال .. ولكن دون جدوى .. الأفيون حاجز عنيد في أدمغة هؤلاء .. حتى الصحفيون الذين يأتون الى سورية يسألون الرئيس الأسد نفس السؤال من فصيلة الحشيش والأفيون: هل أنت من صنعت داعش؟؟ ولماذا؟؟ اليوم ظهرت داعش في اليمن وبايعت البغدادي علنا .. وقررت حز رؤوس الحوثيين .. وهنا لابد ان نطالب الأغبياء الذين لايزالون يؤكدون طهارة الثورة من داعش وأنها خرجت من رحم الاستخبارات السورية بأن يرفعوا اصواتهم مطالبين النظام السوري بأن يبرر لهم سبب ارسال داعش الى اليمن؟؟ المنطق والحكمة يطالبهم بأن يتابعوا نفس النشيد دون أن يتلعثموا .. ودون ان يبلعوا ريقهم مترددين .. ودون أن يغيروا الكلام الثوري المقدس الذي بني على اليقين المطلق ومنحهم القوة الأخلاقية للعويل والبكاء وشتم النظام .. الا اذا كان الأفيون والحشيش قد بدآ بالنضوب .. لاندري ان كان هؤلاء أمام مدد داعش الى اليمن يمكن أن يتوقفوا عند هذا الخبر ويعيدوا حساباتهم ومواقفهم ويخجلوا من انفسهم .. ويعتذروا من جمهورهم الذي كان يستمع اليهم محبوس الانفاس مأخوذا بنظرياتهم وتفسيراتهم العبقرية للأحداث حتى صار كل شيء مقلوبا في العقل رأسا على عقب .. نفس التفسيرات أطلقها سابقا ذلك البليد المسمى ميشيل كيلو عن ان النظام هو الذي أطلق الاسلاميين من السجون لتخريب الثورة وخص ميشيل بالذكر اطلاق زهران علوش لاعطاء طابع اسلامي على الحراك الديمقراطي العلماني .. واعتبر البعض أن هؤلاء الاسلاميين خرجوا بصفقة بينهم وبين النظام لاجتياح الثورة وتخريبها .. فاذا بالثورة تحتفل بزهران علوش وتعتبره بطلها .. وتهلل لصواريخه على دمشق وتوزع صوره كما توزع صور الأبطال .. وهاهو اليوم يصل الى استانبول تحت عين وبصر الثوار الذين قالوا انه مبعوث النظام الى الثورة دون أن يطالب الثوار باعتقاله والتحقيق معه باعتباره عميلا للنظام السوري الذي دسه في جسم الثورة ليخترق بواسطته هذه الثورة الرائعة البريئة.. من جديد .. ألا يسأل أحد عن سر هذا التوافق بين ابي بكر البغدادي وبين السعودية وتركيا؟؟ .. فماالذي خطر على بال البغدادي ليرسل المدد الى اليمن ضد الحوثيين وحلفائهم أعداء السعودية وتركيا ؟؟ ألا تبدو الآن الصورة هي اللعب على المكشوف؟؟ داعش لعبة تركية سعودية مشتركة والمشرف العام اسرائيلي أميريكي .. وهي تذهب دوما في نفس اتجاه الرياح السعودية والتركية وعواصف الحزم .. حتى السيسي ذهبت داعش اليه وشدته من أذنه وذبحت له مواطنيه في ليبيا عندما حاول أن يسير قليلا في عكس اتجاه الريح السعودية التركية .. فهناك شروط لمن يريد النجاة من داعش وهناك خطوط حمر يجب أن يبقى داخلها .. والمنطق يسأل لماذا تراعي داعش جدا مصالح أميريكا في دول النفط بالرغم من ان ثروة النفط يجب أن يسيل لها اللعاب الداعشي؟؟ كما أن الخلفاء والخلافة لم تكن في الرقة ولا الموصل بل في مكة والمدينة .. ومع هذا تعف عنهما داعش ..ولاتشير اليهما الا لذر الرماد في العيون .. أخشى من بعد كل هذا أن يقول لنا الثوار انهم لم يفهموا السؤال ولا الطلاسم في هذا المقال .. وان يقولوا: هل لك في ان تزيد في الايضاح كي تهضم أمعاء عقولنا هذا البرسيم لأننا لانتعاطى الا الافيون؟؟ وأخشى ماأخشاه أن يوفر عليهم البعض مشقة التفكير وذل السؤال ويملي عليهم هذا البعض من تجار ومنتجي الحشيش مثل المهرج فيصل القاسم الاجابة بالقول ان النظام السوري يريد ابتزاز أصدقائه الايرانيين في اليمن .. فأرسل داعش الى اليمن؟؟ ماهذا النظام السوري العبقري والمنفلت من كل التوقعات والضوابط والذي يشكل التنظيمات ويستولدها ويقتل صهره ومؤيديه ورجال دينه ويرتكب المجازر ويفجر السيارات في مناطقه الموالية؟؟ .. ماأخشاه هو أن يكون الغباء ليس مقتصرا على جمهور الثورة .. بل أن تنتشر بقعة الغباء حتى تشمل بعض الناس ممن يظن نفسه انه أذكى من أن تورطه المفخخات الاعلامية والشائعات في حرب الأفيون الثوري .. أفيون المؤامرات .. الأفيون صار مثل سحابة تشرنوبل تغطي العالم العربي .. وتسقي الناس والشوارع والنباتات والمواشي والكتب ونشرات الطقس ..    

المصدر : نارام سرجون


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة