دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بالخروج السوري من لبنان عام 2005 عقب جريمة اغتيال الرئيس الحريري التي اريد منها الحاق الاذى بدمشق وحضورها في لبنان وما تبعها من اتهامات لدمشق وضغوط جعلتها تنهي حضورها المباشر على الصعيد العسكري والامني،
ظنت الرياض انها ستحضر بقوة بحيث تكسر الميزان السياسي لصالحها .. لكن غاب عنها ان هناك معادلات في لبنان لا يمكن تجاوزها.
ظهرت امامها معادلات على الصعيد السياسي الداخلي لم تكن بحسبانها، رغم ان حزب الله واطراف "8 اذار" لا يقولون بمعارك "كسر عظم" سياسي بل المشاركة الوطنية، لكن الاحجام السياسية والشعبية جعلت نظرة السعودية خاطئة بعد ان ظنت انها تستطيع دعم حكم لبناني احادي الجانب ومنها مؤخرا مسالة حكومة امر واقع.. اثبتت الوقائع السياسية لسنوات ان هناك توازنات سياسية لا يمكن اغفالها.
لن نستحضر هنا التفجيرات التي وجهت اصابع الاتهام في بعضها الى يد مخابراتية ولم تفت من عضد المقاومة وجمهورها. ولكن اليوم على الصعيد السياسي تحاول السعودية التدخل واثبات قوتها السياسية داخل لبنان من جديد، ومثال على ذلك محاولة فرض فيتو رئاسي من منطلق نظرة تقول بعدم تحبيذ رئيس مسيحي قوي استنادا الى نظرة الحسابات المصلحية الضيقة ولكن لم تصل هذه المسالة الى حد استطاعتها فرض رئيس على اللبنانيين.
في الموضوع السوري نعود بالذاكرة الى التصرحات السعودية على لسان سعود الفيصل عام 2012 بقوله ان تسليح المعارضة السورية واجب، واثتبت الكثير من التقارير الضلوع السعودي في دعم الجماعات المسلحة في سوريا ، وهي جماعات انضوى الكثير منها فيما بعد تحت لواء داعش والنصرة ، كما كما قال نائب الرئيس الاميركي مؤخرا ان حلفاءنا موّلوا وسلحوا مقاتلي القاعدة في سورية.
كان هناك قرار سعودي بمحاولة تغيير الوقائع على الارض قبل مؤتمر جنيف 2، تحدث عنه الامين العام لحزب الله لكن الوقائع الميدانية اجهضته. النتيجة الان: فشل السياسة السعودية في سوريا وعدم القدرة على فرض تغيير النظام السوري ولم تستطع الجماعات المسلحة المتطرفة رغم كل الدعم العربي والاقليمي من إحكام اليد على البلد.
في العراق حاولت وتحاول الرياض التدخل لمنع دخول العراق ضمن النفوذ الايراني -بحسب نظرتها- رغم ان ايران لم تتدخل في شان عراقي داخلي ، وكانت علامات الاستفهام تثار حول الدور السعودي في حركة الجماعات المسلحة في العراق لضعضعة الاوضاع وادخال البلاد في اتون الضعف والفوضى والاخضاع السياسي للعراق ولكن دون جدوى.
نذهب الى ايران حيث حاولت الاسرة الحاكمة في السعودية لعقود خلت اثارة مسالة الخوف من الخطر الايراني المزعوم ودعمت كل محاولات اضعاف الجمهورية الاسلامية لكن لم تستطع ايقاف القطار الايراني المتقدم في المنطقة وقوة ايران و الاعتراف الدولي بايران نووية.
نصل الى اليمن حيث عاصفة الحزم تحزم امتعتها وتذهب خاوية الوفاض حيث ان اهدافها الكبرى لم تتحقق وصمد اليمنيون فجاءت حسابات السعودية ليس كما توقعت.
واعتبرت صحيفة واشنطن بوست ان اهداف الحرب على اليمن واهمها اضعاف انصار الله ودفعهم للتراجع عن المناطق الاساسية الكبرى التي سيطروا عليها تركزت ومن بينها العاصمة صنعاء، لم تتحقق، كما أنه من غير الواضح كيفية عودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى اليمن، و "الحوثيون" مازالوا يسيطرون أراض كثيرة هناك.
ليس فقط ان السعودية لم تؤد الادوار العروبية والقومية ودعم قضايا العرب والمسلمين والمنطقة بل ان سياساتها كانت دوما سياسة المصالح والتدخلات التي لم تنتج الا فوضى او شقاقا ولم تنسالقضية الفلسطينية فحسب بل اعملت الاموال ودعم التسليح في الدول العربية . وقد حاولت ان تغيير نظرة فصائل المقاومة في فلسطين لكن لم تنجح.
لا شك ان الفشل السعودي وراءه ايضا فشل اميركي في المنطقة ، فالسياستان صنوان لا يفترقان في العديد من ملفات المنطقة، وهناك فارق بالنسبة الى اليمن ان المصلحة السعودية في الهجوم كانت اقوى من المصلحة الاميركية.
وفي هذا الاطار قالت وول ستريت جورنال أن التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن، أثبت بالفعل رغبة جديدة لدى الرياض للخروج من ظل واشنطن –على حد تعبيرها-، ذلك بعد سنوات من رؤية المملكة فشل السياسة الأميركية، خاصة في سوريا والعراق.
لقد قال السيد حسن نصر الله في خطابه في اواخر اذار عن سياسات السعودية "هم تعاطوا مع موضوع تونس كذلك، وتعاطوا مع موضوع مصر بالطريقة نفسها، ومن الأول يتعاطون مع اليمن ومع ليبيا ومع العراق ومع سوريا ومع كل المناطق بنفس الأسلوب. هذا الفهم، هذا العقل إلى أين يوصل؟ يوصل إلى مواقف خاطئة، سياسات خاطئة، وبالتالي إلى نتائج خاطئة، وإلى فشل متراكم. يعني إذا أخذنا من 20-30 سنة إلى اليوم، نأخذ مثلاً السياسة الخارجية السعودية، لا أريد أن أتكلم في الشأن الداخلي، ونأخذ الديبلوماسية السعودية، أتوا لي بنجاحات، أتوا بإنجازات ونجاحات؟ فشل متراكم. الآن أيضاً يأتي في السياق، لماذا؟ الفشل نتيجة سياسات خاطئة، السياسات الخاطئة نتيجة قراءة خاطئة، القراءة الخاطئة نتيجة عقل يفكر بشكل خاطئ أو لديه تعقيدات غير صحيحة".
صحيح ان سياسات الأموال والتسليح والحروب اثارت الفوضى والدمار وانهاك واستنزاف الجيوش في بعض الدول العربية وهو لصالح اعداء الامة، ولكن يَثبت مرة تلو اخرى فشل متراكم وهزيمة تلو اخرى للسياسات السعودية في كل بلد تدخلت فيه، والسبب نعود فيه الى ما قاله السيد حسن نصرالله: "عدم الاعتراف بشيء اسمه شعوب".. يظن حكام السعودية ان المال هو كل شيء لكن هل المال يشتري الشعوب؟ عندما تكون ارادة الشعب حرة ورافضة ووراءه احزاب وطنية سيادية حقيقية فالفشل مصير كل تدخل. فهل يكون هذا الفشل المتراكم عبرة ودرسا وحافزا للكف عن سياسات عقيمة قد ترتد عليها ولا ينفع الندم؟
المصدر :
المنار/ أحمد شعيتو
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة