الجنرال الاميركي مايكل هايدن هو من رأى ان» عيون الدببة تنتشر في ارجاء الشرق الاوسط». فلاديمير بوتين الآتي من الغرف السوداء، والذي يصفه مسؤول لبناني غير مدني سبق والتقى به بـ « الحديدي والخطير»، ذهب بعيدا في تكثيف الوجود الاستخباراتي لبلاده في المنطقة. هل هو صاحب النصيحة؟

الايرانيون لا يريدون هزات دراماتيكية قبل توقيع الاتفاق النهائي في 30 حزيران المقبل. الى اشعار آخر يؤثرون الهدوء وحتى الانكفاء، وهم الذين يعتبرون ان اطلاق «عاصفة الحزم» في هذا التوقيت بالذات انما يرمي الى استثارتهم، وبالتالي تفجير المنطقة، استطرادا تفجير الاتفاق…

الحقبة تكتيكية، وتعتمد بالدرجة الاولى على الاعصاب. من تابع المفاوضات النووية يدرك اي نوع من الاعصاب يمتلكها حائكو السجاد(وبائعو السجاد)، وان كتب معلقون غربيون ان المسألة تعدت بكثير(فلسفة) حياكة السجاد. ربما كانت المفاوضات الاكثر مشقة في التاريخ…

الايرانيون كما الروس يعتبرون ان القيادة السعودية على دراية تامة بأن الحرب الجوية، في الحالة اليمنية، تغير الكثير في المسرح العسكري، لكنها لا تفضي الى نتائج سياسية حاسمة. لا بد من ان تصل الدبابات الى صنعاء وحتى الى صعدة وجبال مران كما هدد عبد ربه منصور هادي…

القيادة السعودية كانت واثقة من ان الباكستانيين سيبعثون بعشرات آلاف الجنود. المملكة لم تنقذ اسلام آباد من عثراتها الاقتصادية في اوقات مختلفة فحسب، بل انها اضطلعت بدور محوري في بعض المفترقات السياسية الحساسة…

 

لا بل ان السعوديين، وتبعا لما يقوله الروس، تباحثوا مع الباكستانيين في مسألة العملية العسكرية،ولم يبدِ هؤلاء اي تحفظ بل بدوا جاهزين للمساعدة، حتى اذا ما حانت ساعة التدخل البري، الذي لا بد منه، كان الموقف الباكستاني، وبالاجماع، صادماً وهائلاً. العاصفة بدأت تدور في حلقة مفرغة…

السعوديون تابعوا بذهول ايضا ذهاب رجب طيب اردوغان الى طهران غداة اتفاق لوزان. منطق الشهبندر، وحيث جاذبية السوق، تغلّب على منطق السلطان الذي ارتطم بالحائط في كل مكان حاول حصانه الوصول اليه…

الى حد بعيد، بدا السعوديون وكأنهم يقاتلون بمفردهم. حتى ان الاميركيين حين تحدثوا عن تزويد القاذفات السعودية بالوقود في الجو، اوضحوا (!!) ان هذه العملية تتم خارج الاجواء اليمنية، مع ان الطائرات الاميركية من دون طيار كانت تعمل في اليمن، وعلى مدى السنوات المنصرمة، دون رقيب او حسيب بموجب اتفاقية كرست حضورا اميركيا لادارة العمليات ضد تنظيم القاعدة في قاعدة عتق الجوية…

لا تكفي الاستعانة بالقبائل. الحرب الاهلية هي ما يتوخاه التنظيم الذي يتمدد الآن في المناطق التي تخليها القوات العسكرية والجماعات الحوثية، فيما لا تستطيع القبائل المناوئة او التي تم شراؤها اخيرا سوى تحقيق اهداف محدودة جدا على الارض…

الاميركيون يعلمون انه اذا ما استمرت الدوامة الحالية، وحيث الغارات الجوية لم تعد ذات اثر، فإن مقاتلي القاعدة سيمسكون بمفاصل اساسية في البلاد، وربما اعلنوا امارتهم. لا يمكن التكهن في اي حال بما سيكون عليه الوضع في منطقة باب المندب…

هل صحيح ان واشنطن بدأت تنشط من اجل دفع الاطراف نحو التفاوض، وان كان لافتا ان قرار مجلس الامن كرس الرياض مكانا للحوار، وهو الامر الذي يرفضه الحوثيون بصورة قاطعة. ماذا بعد؟

بل ماذا عن الجيش السعودي الذي انفقت مئات مليارات الدولارات لبنائه وتطويره، وهو الذي يمتلك آلاف الطائرات والدبابات وعشرات الاف الصواريخ؟

يقول الروس والايرانيون ان هذا الجيش لا يمتلك اي تجربة ميدانية، كما ان قتاله في التضاريس اليمنية سيكون خيارا انتحاريا، كما ان المجتمع السعودي ليس بالمجتمع المؤهل للتعاطي مع هذا الوضع. ادارة الازمات تحتاج الى الخبرة والممارسة والقدرة الفائقة على التكيف…

الايرانيون قالوا ان الحوثيين «يمتلكون قدرات صاروخية هائلة»، والامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله صاغ مصطلحا جديدا «الصبر الاستراتيجي»، موحيا بل مؤكدا ان الحوثيين لم يبدأوا بالرد، لكنهم قد يردون في لحظة ما، وفي قلب المملكة التي اذا ما عاشت حالة من البلبلة، فإن «القاعدة» التي هدفها الاستراتيجي والايديولوجي مكة والمدينة ستستثمر هذه الحالة الى ابعد الحدود…

الافضل ان تبقى الصواريخ في صوامعها لان ضرب السعودية قد يغير كثيرا في قواعد الاشتباك على مستوى المنطقة بأسرها، وقد يدفع بالباكستانيين والمصريين الى تغيير موقفهم. الاتراك جاهزون لتوظيف اللحظة الهستيرية في المنطقة لاختراق العمق السوري. الايرانيون يقولون ان «عاصفة الحزم» امام المأزق. حتى القاذفات تسأل…وماذا بعد؟

  • فريق ماسة
  • 2015-04-18
  • 14269
  • من الأرشيف

من قال للحوثيين لا تضربوا المملكة العربية السعودية.. بالصواريخ؟

  الجنرال الاميركي مايكل هايدن هو من رأى ان» عيون الدببة تنتشر في ارجاء الشرق الاوسط». فلاديمير بوتين الآتي من الغرف السوداء، والذي يصفه مسؤول لبناني غير مدني سبق والتقى به بـ « الحديدي والخطير»، ذهب بعيدا في تكثيف الوجود الاستخباراتي لبلاده في المنطقة. هل هو صاحب النصيحة؟ الايرانيون لا يريدون هزات دراماتيكية قبل توقيع الاتفاق النهائي في 30 حزيران المقبل. الى اشعار آخر يؤثرون الهدوء وحتى الانكفاء، وهم الذين يعتبرون ان اطلاق «عاصفة الحزم» في هذا التوقيت بالذات انما يرمي الى استثارتهم، وبالتالي تفجير المنطقة، استطرادا تفجير الاتفاق… الحقبة تكتيكية، وتعتمد بالدرجة الاولى على الاعصاب. من تابع المفاوضات النووية يدرك اي نوع من الاعصاب يمتلكها حائكو السجاد(وبائعو السجاد)، وان كتب معلقون غربيون ان المسألة تعدت بكثير(فلسفة) حياكة السجاد. ربما كانت المفاوضات الاكثر مشقة في التاريخ… الايرانيون كما الروس يعتبرون ان القيادة السعودية على دراية تامة بأن الحرب الجوية، في الحالة اليمنية، تغير الكثير في المسرح العسكري، لكنها لا تفضي الى نتائج سياسية حاسمة. لا بد من ان تصل الدبابات الى صنعاء وحتى الى صعدة وجبال مران كما هدد عبد ربه منصور هادي… القيادة السعودية كانت واثقة من ان الباكستانيين سيبعثون بعشرات آلاف الجنود. المملكة لم تنقذ اسلام آباد من عثراتها الاقتصادية في اوقات مختلفة فحسب، بل انها اضطلعت بدور محوري في بعض المفترقات السياسية الحساسة…   لا بل ان السعوديين، وتبعا لما يقوله الروس، تباحثوا مع الباكستانيين في مسألة العملية العسكرية،ولم يبدِ هؤلاء اي تحفظ بل بدوا جاهزين للمساعدة، حتى اذا ما حانت ساعة التدخل البري، الذي لا بد منه، كان الموقف الباكستاني، وبالاجماع، صادماً وهائلاً. العاصفة بدأت تدور في حلقة مفرغة… السعوديون تابعوا بذهول ايضا ذهاب رجب طيب اردوغان الى طهران غداة اتفاق لوزان. منطق الشهبندر، وحيث جاذبية السوق، تغلّب على منطق السلطان الذي ارتطم بالحائط في كل مكان حاول حصانه الوصول اليه… الى حد بعيد، بدا السعوديون وكأنهم يقاتلون بمفردهم. حتى ان الاميركيين حين تحدثوا عن تزويد القاذفات السعودية بالوقود في الجو، اوضحوا (!!) ان هذه العملية تتم خارج الاجواء اليمنية، مع ان الطائرات الاميركية من دون طيار كانت تعمل في اليمن، وعلى مدى السنوات المنصرمة، دون رقيب او حسيب بموجب اتفاقية كرست حضورا اميركيا لادارة العمليات ضد تنظيم القاعدة في قاعدة عتق الجوية… لا تكفي الاستعانة بالقبائل. الحرب الاهلية هي ما يتوخاه التنظيم الذي يتمدد الآن في المناطق التي تخليها القوات العسكرية والجماعات الحوثية، فيما لا تستطيع القبائل المناوئة او التي تم شراؤها اخيرا سوى تحقيق اهداف محدودة جدا على الارض… الاميركيون يعلمون انه اذا ما استمرت الدوامة الحالية، وحيث الغارات الجوية لم تعد ذات اثر، فإن مقاتلي القاعدة سيمسكون بمفاصل اساسية في البلاد، وربما اعلنوا امارتهم. لا يمكن التكهن في اي حال بما سيكون عليه الوضع في منطقة باب المندب… هل صحيح ان واشنطن بدأت تنشط من اجل دفع الاطراف نحو التفاوض، وان كان لافتا ان قرار مجلس الامن كرس الرياض مكانا للحوار، وهو الامر الذي يرفضه الحوثيون بصورة قاطعة. ماذا بعد؟ بل ماذا عن الجيش السعودي الذي انفقت مئات مليارات الدولارات لبنائه وتطويره، وهو الذي يمتلك آلاف الطائرات والدبابات وعشرات الاف الصواريخ؟ يقول الروس والايرانيون ان هذا الجيش لا يمتلك اي تجربة ميدانية، كما ان قتاله في التضاريس اليمنية سيكون خيارا انتحاريا، كما ان المجتمع السعودي ليس بالمجتمع المؤهل للتعاطي مع هذا الوضع. ادارة الازمات تحتاج الى الخبرة والممارسة والقدرة الفائقة على التكيف… الايرانيون قالوا ان الحوثيين «يمتلكون قدرات صاروخية هائلة»، والامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله صاغ مصطلحا جديدا «الصبر الاستراتيجي»، موحيا بل مؤكدا ان الحوثيين لم يبدأوا بالرد، لكنهم قد يردون في لحظة ما، وفي قلب المملكة التي اذا ما عاشت حالة من البلبلة، فإن «القاعدة» التي هدفها الاستراتيجي والايديولوجي مكة والمدينة ستستثمر هذه الحالة الى ابعد الحدود… الافضل ان تبقى الصواريخ في صوامعها لان ضرب السعودية قد يغير كثيرا في قواعد الاشتباك على مستوى المنطقة بأسرها، وقد يدفع بالباكستانيين والمصريين الى تغيير موقفهم. الاتراك جاهزون لتوظيف اللحظة الهستيرية في المنطقة لاختراق العمق السوري. الايرانيون يقولون ان «عاصفة الحزم» امام المأزق. حتى القاذفات تسأل…وماذا بعد؟

المصدر : الديار / نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة