دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
للمرة الرابعة، اختارت الميليشيات المتطرفة المتواجدة على التخوم بين ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، الانتحار برصاص وحدات الجيش العربي السوري الذي يفرض طوقاً يشبه بصلابته "طوق الياسمين" في محيط دمشق،
أو "طوق الشهباء" الذي يعدّ أيامه القليلة المتبقية حتى يكتمل. بعد أن استشعرت الخطر المحدق بها في إدلب "المدينة والريف"، فكانت الخطة "العاجلة" تقوم كما سابقاتها على فتح جبهة "إشغال" للجيش العربي السوري عن معركة إدلب التي بدأت بوادرها بالسيطرة على 4 نقاط استراتيجية، بينما يعيش مقاتلو "جيش الفتح" حالة من الرعب داخل المدينة التي باتت على وشك "السقوط نارياً" قبل أن يقوم الجيش بتوجيه الضربة القاضية لها والسيطرة عليها. فالريف الإدلبي (المعقل الاستراتيجي للنصرة) بدأ يتهاوى تباعاً أمام الضغط الذي شكّله الجيش السوري الذي حوّل "خسارة مدينة إدلب" إلى نقطة هجوم هدفها ليس استعادة المدينة، بل إخضاع المدينة والريف حتى أطراف اللاذقية وحلب وحماة وصولاً إلى الحدود مع تركيا، أي قطع كل منفذ يتنفس منه مقاتلو "السعودية وتركيا" في سوريا، مع العلم أن قيادات ميليشيا جيش الفتح، بدأت منذ أول أمس بترحيل عائلاتها إلى تركيا وسط حديث بين الميليشيات عن مخاوف تسكن صدور هؤلاء المقاتلين بأن يترك "قادتهم" كل شيء ويهربوا باتجاه تركيا التي انشغلت منذ أسبوع تقريباً بتأمين مشافي ميدانية وسيارات إسعاف تتسع للعدد الكبير الذي سقط من الميليشيات سواء في ضربات الجيش السوري "البعيدة" أو في الهجوم الأخير الذي شنه على معاقل تلك الميليشيات وأفضى إلى السيطرة على "كفر نجد – نحليا – مقبلة – كورين"، بينما يفرض طوقه العسكري على فيلون التي اقتحم أمس جزءّ منها مقترباً من تحريرها بشكل كامل.
الهجوم الذي شنّه 17 فصيل متطرف قيل أنه تابع لميليشيا "الجيش الحر" تحت عنوان "شفاء الصدور"، اصطدم كسابقاته بصلابه خطوط الدفاع التي جهّزها الجيش بدعم من قوات الدفاع الوطني وانقلب سحر الهجوم الذي بدء ليل الخميس على الميليشيات المهاجمة، حيث فوجؤوا بحجم القوة الصاروخية التي استهدفت تجمعاتهم بـ"عناية" أدت إلى فرط عقد الفصائل المهاجمة خاصة على محور "الزلاقيات – تل ملح – زلين – القرامطة – الحماميات"، وهو "أي المحور" عبارة عن عدة حواجز عسكرية تطمح الميليشيات منذ عدة سنين للسيطرة عليها، لكن دائماً ماتسقط هذه الطوحات والأحلام في الساعات الأولى للهجوم، خاصة هذه المرة، القوات السورية حصّنت نفسها تماماً "جنوب إدلب" بالتزامن مع التجهيز لمعركة تحرير إدلب، فالقادة العسكريون المولج لهم مهمة تكتيكات المعارك، على علم بأن معركة إدلب لأهميتها الاستراتيجية، ستدفع الميليشيات لـ"خلق معارك انتحارية" هدفها تخفيف الضغط على مدينة إدلب، إضافة إلى "الإلحاح السعودي – التركي" على جيش الفتح، بضرورة المحافظة على "مدينة إدلب" تحت سيطرتهم ومنع أي سيطرة للدولة السورية بأي ثمن، لكن خط سير الحملة العسكرية التي جهزها الجيش، خالف توقعات "مراهقو الحروب"، وتفاجؤوا بأن الجيش وسّع نطاق سيطرته في محيط إدلب وقضم "مجرى التنفس" للميليشيات وبدأ بهدوء يتنقل من نقطة لأخرى بسلاسة وراحة تعكس شعور الميليشيات التي باتت محصورة بقفص ضيّق نوعاً ما، ثمن الخطأ فيه يكون الموت دون أي خيار آخر.
الهجوم الذي فشل في ريف حماة مكلفاً الجيش السوري سبعة شهداء وعشرة جرحى فقط، كان ثمنه على الفصائل الـ17 مكلفاً كثيراً، فالحصيلة الأولية "بحسب صفحات المعارضة" تقول أن القتلى تجاوزوا المئة، بينما ليس للجرحى عدد ثابت حتى اللحظة هذه، بينما انبرت الصفحات الموالية للميليشيات على مواقع التواصل الاجتماعي، بتوجيه أصابع الاتهام لـ"قادة العمليات" الذين وضعوا خطة الهجوم بـ"الغباء"، معتبرين أن مايقارب المئة قتيل الذين سقطوا "دمائهم في رقاب من يعتبرون أنفسهم قادة عسكريون" من ميليشيات "الحرّ"، كما وجهوا دعوى مباشرة لهؤلاء القادة بنسيان الدخول إلى "حماة" على غرار "دمشق"، محذرين من تكرار "سيناريو إدلب" في حماة وتنقلب الميليشيات المسلحة من موقف "المهاجم" إلى "المدافع ومن ثم المنسحب" تكتيكياً بمعارك لاناقة لهم فيها ولاجمل، بحسب ما جاء في تعليقات بعض الناشطين.
ماجرى في محيط إدلب أمس، شابه إلى حدّ ما ماحدث بمحيط دمشق، وتحديداً على التخوم الشرقية بين العاصمة والغوطة، بعد أن دخلت مجموعة تابعة لتنظيم داعش إلى منطقتي "القابون وبرزة" بهدف السيطرة عليها، لكن وجه الاختلاف كمن في تصدي ميليشيات "جيش الإسلام" وغيرها من الفصائل المقاتلة التي عقد جزءً كبيراً منها "صلحة" مع الدولة السورية خاصة في برزة، بعد أن توحدت الفصائل لصد "الهجوم الداعشي" ونجحت فيه بعد أكثر من يوم اشتباك متواصل انتهى مساء الجمعة بقتل أكثر من 40 مسلح من داعش، وإلقاء القبض على 30 آخرين بينهم قائد الهجوم، ليفر من تبقى منهم إلى خارج الغوطة الشرقية. الهجوم سلّط الضوء على المشكلة الحاصلة بين "السعودية وقطر"، فداعش المدعوم من قطر وتركيا "رسمياً"، حاول الضغط على العاصمة السورية على غرار مافعل من جهة "مخيم اليرموك"، إلا أن الهزيمة التي مني بها في "المخيم الفلسطيني" على أيدي الفصائل الفلسطينية، دفعته للتعويض بصورة أعمق من خلال "التوغل" إلى مناطق "المصالحات" في برزة والقابون، لكن هذه المرة دون "تمهيد من جبهة النصرة"، بل دخوله كان بمثابة "وضع علامة" على عمليات "جيش الإسلام والفصائل الأخرى" بأنه دخل معاقلهم وسط النهار، ليتفاجأ بحجم الرد والمعارك "القاسية" التي دارت هناك لطرده، حيث انهارت قواته فوراً منهم من سلم نفسه ومنهم من قتل .. لتنتهي بسيطرة ميليشيا "جيش الإسلام" و"الفصائل المسلحة المتصالحة مع الدولة السورية" على المنطقتين، إضافة إلى تقدم الفصائل الفلسطينية على جبهة مخيم اليرموك وسط أنباء تؤكد السيطرة على "شارع لوبية" وسط المخيم بعد انسحاب التنظيم باتجاه "مخيم فلسطين والحجر الأسود" اللذان يشهدان معارك مع فصائل مسلحة تدخلت لمنع "تمدد" داعش جنوب دمشق.
بعد أربع سنوات من المعارك المستمرة في سوريا، لن يصدق المتابع للوضع الميداني في البلاد أن الميليشيات المسلحة قامت بهجوم أو سيطرة هنا أو هناك بقرار "شخصي" منها، فكل حركة أو نفس يتنفسوه يكون بتنسيق مع الدول الداعمة "مادياً" لهم، وبموافقة وتخطيط ضباط استخباراتهم التي تتخذ من تركيا والأردن مراكز ثابتة لها، فالسعودية "المصدومة" في اليمن، أصابها "الصّرع" مع تركيا طبعاً، عندما شعرت بأن "إدلب" خرجت من بين يديها في اليوم الثاني من سيطرة "جيش الفتح" عليها، حيث "حوصر" هذا الجيش المزعوم وتلقى ضربات لم يتلقاها عندما كان خارج المدينة، لذا كان عليها أن تدفع أذرعها للانتحار كما فعلت "قطر" سواء في مخيم اليرموك أو القابون وبرزة، فمعركة ريف حماة أمس قطعت يد السعودية وتركيا الممدودة سابقاً من المنطقة، ومع بدء وانتهاء معركة إدلب، سوف يتم "بتر" هذه الأذرع وصولاً إلى الحدود مع تركيا، وهذا ماتخشاه الأخيرة، اقتراب الجيش السوري من حدودها، خوفاً من انتقال المعارك إلى قلب المناطق التركية "الحدودية" حيث تتجمع الميليشيات "النصرة – داعش"، ومنها تشن هجماتها على المناطق السورية وترتكب فيها أبشع الجرائم. وهذا بالمناسبة، ما يخشاه "الأردن" الذي لم يكن أقل تورطاً بالأزمة السورية عن تركيا .. وللأيام القادمة سيكون "حديثاً آخر".
المصدر :
عربي برس
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة