يرى دبلوماسي عربي سابق أن مئات المليارات التي صرفتها السعودية وقطر ودول الخليج على "لوثة" ما يسمى "الربيع العربي"، إضافة إلى المليارات التي خسرتها الدول العربية التي طالتها مآثر "ديمقراطية" البدوي الصحراوي، لو وُظِّفت في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، لوضعت العالم العربي في مصاف الدول الأكثر رقياً وتقدماً في العالم.

 ويؤكد هذا الدبلوماسي الذي عمل طويلاً في ردهات الجامعة العربية، أن تحوُّل أمناء هذه الجامعة، منذ زمن عصمت عبد المجيد، الذي كان الأقل سوءاً من اللذين جاءا بعده، إلى متطلعين للثروة والرفاهية والبذخ، الذي لا يتوافر إلا من خلال بائعي الكاز في الصحراء العربية، أخذت هذه الجامعة بالانحدار والتحوُّل إلى أداة تعيق العمل القومي المشترك، ومن أوقف سرعة هذا الانحدار هو الموقف الصلب لسورية، والذي كان يلقى تأييداً من دول عربية مثل الجزائر وليبيا واليمن، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وإلى حد بسيط جداً تونس، وهي ما استحقت عليه كل هذه المؤامرات التي أخذت أشكالها المختلفة منذ العام 1981، وكان مؤشرها في قمة فاس الأولى، حينما طرح ولي العهد السعودي الملك لاحقاً فهد بن عبد العزيز مبادرته السلمية مع العدو "الإسرائيلي"، لكنها لم تمرّ، فكان بعدها بأشهر الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان، وخلاله كانت هذه الجامعة شاهد زور حقيقي، فلم تسجّل موقفاً نوعياً ضد العدوان الذي وصل إلى حد اجتياح بيروت، وارتكاب المجازر الفظيعة على نحو ما جرى في صبرا وشاتيلا، لتتوَّج بقمة ثانية في "فاس" في أواخر أيلول، أُقرّت فيها مبادرة الأمير فهد بالسلام مع العدو، مع تحفّظ سوري وجزائري، فكانت الفتنة الداخلية في الجزائر؛ حينما موّلت السعودية الحركات الإرهابية التكفيرية في بلد المليون شهيد، والتي راح ضحيتها عشرات آلاف الشهداء.. وما تزال مؤامرات بائعي الكاز العربي مستمرة، من حروب الخليج التي موّلتها ضد إيران، وهدفها الحقيقي أيضاً هو تدمير العراق، وهذا ما حصل، والوثائق ستؤكد حينما يفرَج عنها أنه ليس الأميركي وحده من دفع صدام حسين لغزو الكويت، بل السعودية التي كانت رغم صراخها ضد هذا الغزو هي أول من دفعته إلى هذا الجنون، لتأديب الكويت التي كانت دائماً حجرة عثرة في وجه الأطماع السعودية في بلدان الخليج، وثم إيجاد المبررات لتحطيم العراق، وهو ما حصل فعلاً، فأصبحت دول الخليج بذلك تحت السطوة السعودية؛ لا ترفض لها طلباً ولا أمراً، باستثناء سلطنة عمان، التي حيّدت نفسها عن هذه الهمجية البدوية، فيما سلكت قطر طريق المزايدة على السعودية بالولاء لواشنطن وتل أبيب، فبدت حاملة الغاز الخلجية قطباً في مواجهة السعودية، وبدأت تلعب دورها التآمري الكبير الذي تُوّج بأكذوبة "الربيع العربي".

 في المحصلة العامة لهذا السرد السريع للدبلوماسي العربي، لم تبقَ عقبة كأداء أمام "لوثة القيادة" السعودية إلا سورية، التي ظلت فلسطين بوصلتها، و"إسرائيل" عدوها الأوحد، فكان يجب أن "تتلقى العقاب" بتدميرها وإسقاطها، وثم تقسيمها، بعد أن قطع المشروع الجهنمي أشواطاً في العراق وليبيا ومصر.

 ويرى هذا الدبلوماسي أنه بعد أن أُعطي الأتراك والقطريون و"الإخوان" وكل أصناف "القاعدة"، وكل المعارضات المتلونة والمتعددة، كل أشكال الفرص، وعجزوا عن المهمة، نزل "أبناء الدرعية" حسب وصفه (الدرعية كانت العاصمة الأولى لآل سعود قبل الرياض) إلى الميدان مباشرة، فوسّعوا دائرة استهدافهم، والتي طالت أيضاً حلفاء دمشق، من خلال زيادة إنتاج النفط نحو مليون ونصف المليون برميل يومياً، فتدحرجت الأسعار هبوطاً من نحو 120 دولاراً للبرميل إلى أقل من ستين دولاراً، للتأثير على روسيا وإيران، خصوصاً أن موسكو وضعت استراتيجية اقتصادية تقوم على أساس سعر برميل النفط فوق 110 دولاراً.

 وحينما لم تُفلح هذه الخطة التي صبّت في خدمة واشنطن أولاً وأخيراً، كبر المأزق السعودي والخليجي الذي أخذ يتخبط في كل اتجاه، فاندفعت في حربها المجنونة نحو اليمن، بحجة الدفاع عن شرعية عبد ربه منصور هادي، الذي لا يشكّل في اليمن أي قيمة، ولا وزن له، فهو مجرد أداة استعمله سابقاً علي عبدالله صالح، والآن بات بيدقاً على رقعة شطرنج الأزمة اليمنية، تحركه الأصابع السعودية وفق إرادتها.

 مأزق السعودية والخليج والأتراك والأردن وتل أبيب على حد وصف الدبلوماسي العربي يكبر باستمرار، لأنهم عجزوا عن زحزحة الدولة الوطنية السورية، فالرئيس بشار الأسد صار رمزاً كبيراً، لأنه يمتلك إرادة وطنية وقومية حازمة، فبات يشكّل على المستوى السوري زعامة شعبية هائلة، وبصفته رئيساً للدولة صار رمزاً كبيراً لسيادة واستقلال سورية.

 ولأن فلسطين بقيت دائماً وأبداً بوصلة الأسد القومية، وبسبب موقع سورية القومي الفاعل والمؤثر في مجرى الصراع العربي - "الإسرائيلي"، وبفعل صمود دمشق، بات الأسد رمزاً كبيراً لحركة التحرر العربية والعالمية.

  • فريق ماسة
  • 2015-04-15
  • 8907
  • من الأرشيف

بعد العجز عن إسقاط سوريا.. السعودية وحلفاؤها يوسّعون دائرة حروبهم

يرى دبلوماسي عربي سابق أن مئات المليارات التي صرفتها السعودية وقطر ودول الخليج على "لوثة" ما يسمى "الربيع العربي"، إضافة إلى المليارات التي خسرتها الدول العربية التي طالتها مآثر "ديمقراطية" البدوي الصحراوي، لو وُظِّفت في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، لوضعت العالم العربي في مصاف الدول الأكثر رقياً وتقدماً في العالم.  ويؤكد هذا الدبلوماسي الذي عمل طويلاً في ردهات الجامعة العربية، أن تحوُّل أمناء هذه الجامعة، منذ زمن عصمت عبد المجيد، الذي كان الأقل سوءاً من اللذين جاءا بعده، إلى متطلعين للثروة والرفاهية والبذخ، الذي لا يتوافر إلا من خلال بائعي الكاز في الصحراء العربية، أخذت هذه الجامعة بالانحدار والتحوُّل إلى أداة تعيق العمل القومي المشترك، ومن أوقف سرعة هذا الانحدار هو الموقف الصلب لسورية، والذي كان يلقى تأييداً من دول عربية مثل الجزائر وليبيا واليمن، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وإلى حد بسيط جداً تونس، وهي ما استحقت عليه كل هذه المؤامرات التي أخذت أشكالها المختلفة منذ العام 1981، وكان مؤشرها في قمة فاس الأولى، حينما طرح ولي العهد السعودي الملك لاحقاً فهد بن عبد العزيز مبادرته السلمية مع العدو "الإسرائيلي"، لكنها لم تمرّ، فكان بعدها بأشهر الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان، وخلاله كانت هذه الجامعة شاهد زور حقيقي، فلم تسجّل موقفاً نوعياً ضد العدوان الذي وصل إلى حد اجتياح بيروت، وارتكاب المجازر الفظيعة على نحو ما جرى في صبرا وشاتيلا، لتتوَّج بقمة ثانية في "فاس" في أواخر أيلول، أُقرّت فيها مبادرة الأمير فهد بالسلام مع العدو، مع تحفّظ سوري وجزائري، فكانت الفتنة الداخلية في الجزائر؛ حينما موّلت السعودية الحركات الإرهابية التكفيرية في بلد المليون شهيد، والتي راح ضحيتها عشرات آلاف الشهداء.. وما تزال مؤامرات بائعي الكاز العربي مستمرة، من حروب الخليج التي موّلتها ضد إيران، وهدفها الحقيقي أيضاً هو تدمير العراق، وهذا ما حصل، والوثائق ستؤكد حينما يفرَج عنها أنه ليس الأميركي وحده من دفع صدام حسين لغزو الكويت، بل السعودية التي كانت رغم صراخها ضد هذا الغزو هي أول من دفعته إلى هذا الجنون، لتأديب الكويت التي كانت دائماً حجرة عثرة في وجه الأطماع السعودية في بلدان الخليج، وثم إيجاد المبررات لتحطيم العراق، وهو ما حصل فعلاً، فأصبحت دول الخليج بذلك تحت السطوة السعودية؛ لا ترفض لها طلباً ولا أمراً، باستثناء سلطنة عمان، التي حيّدت نفسها عن هذه الهمجية البدوية، فيما سلكت قطر طريق المزايدة على السعودية بالولاء لواشنطن وتل أبيب، فبدت حاملة الغاز الخلجية قطباً في مواجهة السعودية، وبدأت تلعب دورها التآمري الكبير الذي تُوّج بأكذوبة "الربيع العربي".  في المحصلة العامة لهذا السرد السريع للدبلوماسي العربي، لم تبقَ عقبة كأداء أمام "لوثة القيادة" السعودية إلا سورية، التي ظلت فلسطين بوصلتها، و"إسرائيل" عدوها الأوحد، فكان يجب أن "تتلقى العقاب" بتدميرها وإسقاطها، وثم تقسيمها، بعد أن قطع المشروع الجهنمي أشواطاً في العراق وليبيا ومصر.  ويرى هذا الدبلوماسي أنه بعد أن أُعطي الأتراك والقطريون و"الإخوان" وكل أصناف "القاعدة"، وكل المعارضات المتلونة والمتعددة، كل أشكال الفرص، وعجزوا عن المهمة، نزل "أبناء الدرعية" حسب وصفه (الدرعية كانت العاصمة الأولى لآل سعود قبل الرياض) إلى الميدان مباشرة، فوسّعوا دائرة استهدافهم، والتي طالت أيضاً حلفاء دمشق، من خلال زيادة إنتاج النفط نحو مليون ونصف المليون برميل يومياً، فتدحرجت الأسعار هبوطاً من نحو 120 دولاراً للبرميل إلى أقل من ستين دولاراً، للتأثير على روسيا وإيران، خصوصاً أن موسكو وضعت استراتيجية اقتصادية تقوم على أساس سعر برميل النفط فوق 110 دولاراً.  وحينما لم تُفلح هذه الخطة التي صبّت في خدمة واشنطن أولاً وأخيراً، كبر المأزق السعودي والخليجي الذي أخذ يتخبط في كل اتجاه، فاندفعت في حربها المجنونة نحو اليمن، بحجة الدفاع عن شرعية عبد ربه منصور هادي، الذي لا يشكّل في اليمن أي قيمة، ولا وزن له، فهو مجرد أداة استعمله سابقاً علي عبدالله صالح، والآن بات بيدقاً على رقعة شطرنج الأزمة اليمنية، تحركه الأصابع السعودية وفق إرادتها.  مأزق السعودية والخليج والأتراك والأردن وتل أبيب على حد وصف الدبلوماسي العربي يكبر باستمرار، لأنهم عجزوا عن زحزحة الدولة الوطنية السورية، فالرئيس بشار الأسد صار رمزاً كبيراً، لأنه يمتلك إرادة وطنية وقومية حازمة، فبات يشكّل على المستوى السوري زعامة شعبية هائلة، وبصفته رئيساً للدولة صار رمزاً كبيراً لسيادة واستقلال سورية.  ولأن فلسطين بقيت دائماً وأبداً بوصلة الأسد القومية، وبسبب موقع سورية القومي الفاعل والمؤثر في مجرى الصراع العربي - "الإسرائيلي"، وبفعل صمود دمشق، بات الأسد رمزاً كبيراً لحركة التحرر العربية والعالمية.

المصدر : الثبات/ أحمد زين الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة