عامر راشد | يبدي النظام السعودي مؤشرات متسارعة تدل على انشغاله بأدخال تعديلات كبيرة على عقيدته "الأمنية- العسكرية"

 ....ان دوافعها وأسبابها تتعلق بتغير ملحوظ في ثوابت علاقتها مع الولايات المتحدة والغرب وبعض القوى الاقليمية على مدار عقود طويلة.

 تلعب دار الافتاء وهيئة كبار العلماء المقصود "رجال الدين" دوراً مهماً على الصعيد السياسي بالسعودية في شكلين متداخلين: اما التمهيد لقرارات حكومية ذات أبعاد استراتيجية ,,,, أو تسويق تلك القرارات بفتاوى ومقاربات لتسويغها من منظور فقهي بالقياس أو الاجتهاد.

 في هذا السياق تندرج دعوة أطلقها مفتي السعودية "عبد العزيز أل الشيخ" ,,,, في خطبة يوم أمس الجمعة بالرياض حث فيها على العمل بالتجنيد الالزامي للشباب في لتدريبهم وتهيئتهم عسكرياً"للدفاع عن الدين والوطن ,,,, والاستعداد والتسلح الدائم لمقاومة أي شيطان ,,,, والتجنيد الاجباري لشبابنا أمر مهم ومطلوب , لتكون لنا قوة لا تُغلب مُدربة تدريباً جيداً".

 أنها دعوة غير مسبوقة في تاريخ السعودية , حيث لم تصدر عن أي مرجع سياسي أو ديني حتى في ذروة الصراع "العربي- الإسرائيلي" أو "حرب الخليج الأولى وحرب الخليج الثانية" ,,,, لكنها باتت اليوم على جدول أعمال "أل سعود" والتمهيد لها من دار الافتاء يضعها على صفيح ساخن في مقدمة سلم الأولويات ,,,, بفعل تلمس "ال سعود" لتغيرات ذات تأثير عميق واستراتيجي تمس العلاقة التحالفية للرياض مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية , وبعض القوى الاقليمية المتحالفة معها تاريخياً.

 ترجمة الدعوة تعبر عن قلق متزايد في أوساط صناع القرار داخل العائلة ومن خلفهم من الخارج المتخفي , بتراجع قوة التزام واشنطن والغرب بحماية أمن "ال سعود" ودول مجلس التعاون الخليجي , ونشوء معادلات اقليمية تحد من تأثير المملكة ودول الخليج اقليمياً ,,,, ووجود موانع وعقبات تحول دون أن تصبح الرياض مركزاً لتحالف عربي تنضوي فيه مصر والمملكتان الأردنية والمغربية والسودان , مدعوم من باكستان وتركيا ,,,, لخلق توازن يحتوي النفوذ الايراني المتزايد خلال السنوات الأربع الأخيرة.

 قلق يؤكده امتناع "واشنطن" والدول الغربية عن المشاركة مباشرة في العمليات العسكرية في اليمن , ومحدودية الدعم اللوجستي الذي تقدمه عملياً ,,,, رغم اعلانها تفهم وتأييد ما يسمى "عاصفة الحزم".

 وفي سياق متصل يلاحظ أن دعوة المفتي "أل الشيخ" تزامنت مع رفض البرلمان الباكستاني المشاركة في العمليات العسكرية التي تقوم بها خمس دول خليجية في اليمن ,,,, بقيادة السعودية خلافاً لما قيل عن موافقة الحكومة الباكستانية.

 فضلاً عما يتردد على نطاق واسع حول تراجع الحماسة المصرية للمشاركة في العمليات العسكرية في اليمن ,,,, وكون التوقيع على اتفاق اطار بين مجموعة الدول الست الكبرى وايران بشأن ملفها النووي ,,,, لم يكن محل رضا من قبل الرياض وعدد من عواصم الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

 ويثقل كاهل السياسة الخارجية السعودية مرحلة الارتباك التي تمر بها العلاقات مع تركيا , بسبب الخلاف بين البلدين على الملفين المصري والليبي , وعلاقة حكومة حزب "العدالة والتنمية" مع جماعة "الاخوان المسلمين" ,,,, وحسابات أنقرة في المجالين الدولي والاقليمي ,,,, بما تمليه من توازنات معينة دولية واقليمية بالنسبة لتركيا ,,,, تتناقض في جوانب منها مع التوجهات العامة للسياسة الخارجية السعودية.

 أنها معادلات لا تتفق مع الحسابات التقليدية"لأل سعود" ,,,, و من المنطقي أن تدفعها في المستقبل في محاولة الاعتماد على نفسها في حفظ أمنها واستقرارها , واتخاذ الإاجراءات الكفيلة بذلك ,,,, ومن بينها سن قانون خدمة الزامية للشباب في الجيش .

 دعوة مفتي" أل سعود" يهدف الى تهيئة الرأي العام السعودي لقبوله ,,,, وهو ما سيستدعي لاحقاً اعادة النظر بهيكلية الجيش ومنظومة تسليحه وعقيدته القتالية والتحالفات.

 غير أن ما قاله المفتي "آل الشيخ" حرفياً قد يفهم منه أن المملكة السعودية لم تعد تستبعد الانخراط في حرب طائفية ,,,, تحت ذريعة احتواء النفوذ الايراني و"الدفاع عن الدين" !!!! ,,,, وأن التجنيد الالزامي فاتورة سيدفعها الشباب السعودي ,,,, الذي بقي بعيداً عن معترك ساحات الصراعات والحروب على امتداد عقود طويلة.

 لكن الوضع تغير والمعادلات السياسية والمصالح الاقتصادية الاقليمية والدولية قد انقلبت ,,,, ولم تعد واشنطن بحاجة "لأل سعود" خلال السنوات القادمة , وهي تعمل الأن الى انهائه بشكل غير مباشر , او اضعافه على اقل تقدير , ليصبح مجرد تابع للدول الاقليمية الكبيرة في المنطقة , وسوف يدفع شعب الجزيرة العربية ثمن كل المجريات والأحداث القادمة.

  • فريق ماسة
  • 2015-04-11
  • 9084
  • من الأرشيف

"ماهي خلفيات الانقلاب في السياسة الأستراتيجية الأمنية السعودية"

عامر راشد | يبدي النظام السعودي مؤشرات متسارعة تدل على انشغاله بأدخال تعديلات كبيرة على عقيدته "الأمنية- العسكرية"  ....ان دوافعها وأسبابها تتعلق بتغير ملحوظ في ثوابت علاقتها مع الولايات المتحدة والغرب وبعض القوى الاقليمية على مدار عقود طويلة.  تلعب دار الافتاء وهيئة كبار العلماء المقصود "رجال الدين" دوراً مهماً على الصعيد السياسي بالسعودية في شكلين متداخلين: اما التمهيد لقرارات حكومية ذات أبعاد استراتيجية ,,,, أو تسويق تلك القرارات بفتاوى ومقاربات لتسويغها من منظور فقهي بالقياس أو الاجتهاد.  في هذا السياق تندرج دعوة أطلقها مفتي السعودية "عبد العزيز أل الشيخ" ,,,, في خطبة يوم أمس الجمعة بالرياض حث فيها على العمل بالتجنيد الالزامي للشباب في لتدريبهم وتهيئتهم عسكرياً"للدفاع عن الدين والوطن ,,,, والاستعداد والتسلح الدائم لمقاومة أي شيطان ,,,, والتجنيد الاجباري لشبابنا أمر مهم ومطلوب , لتكون لنا قوة لا تُغلب مُدربة تدريباً جيداً".  أنها دعوة غير مسبوقة في تاريخ السعودية , حيث لم تصدر عن أي مرجع سياسي أو ديني حتى في ذروة الصراع "العربي- الإسرائيلي" أو "حرب الخليج الأولى وحرب الخليج الثانية" ,,,, لكنها باتت اليوم على جدول أعمال "أل سعود" والتمهيد لها من دار الافتاء يضعها على صفيح ساخن في مقدمة سلم الأولويات ,,,, بفعل تلمس "ال سعود" لتغيرات ذات تأثير عميق واستراتيجي تمس العلاقة التحالفية للرياض مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية , وبعض القوى الاقليمية المتحالفة معها تاريخياً.  ترجمة الدعوة تعبر عن قلق متزايد في أوساط صناع القرار داخل العائلة ومن خلفهم من الخارج المتخفي , بتراجع قوة التزام واشنطن والغرب بحماية أمن "ال سعود" ودول مجلس التعاون الخليجي , ونشوء معادلات اقليمية تحد من تأثير المملكة ودول الخليج اقليمياً ,,,, ووجود موانع وعقبات تحول دون أن تصبح الرياض مركزاً لتحالف عربي تنضوي فيه مصر والمملكتان الأردنية والمغربية والسودان , مدعوم من باكستان وتركيا ,,,, لخلق توازن يحتوي النفوذ الايراني المتزايد خلال السنوات الأربع الأخيرة.  قلق يؤكده امتناع "واشنطن" والدول الغربية عن المشاركة مباشرة في العمليات العسكرية في اليمن , ومحدودية الدعم اللوجستي الذي تقدمه عملياً ,,,, رغم اعلانها تفهم وتأييد ما يسمى "عاصفة الحزم".  وفي سياق متصل يلاحظ أن دعوة المفتي "أل الشيخ" تزامنت مع رفض البرلمان الباكستاني المشاركة في العمليات العسكرية التي تقوم بها خمس دول خليجية في اليمن ,,,, بقيادة السعودية خلافاً لما قيل عن موافقة الحكومة الباكستانية.  فضلاً عما يتردد على نطاق واسع حول تراجع الحماسة المصرية للمشاركة في العمليات العسكرية في اليمن ,,,, وكون التوقيع على اتفاق اطار بين مجموعة الدول الست الكبرى وايران بشأن ملفها النووي ,,,, لم يكن محل رضا من قبل الرياض وعدد من عواصم الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.  ويثقل كاهل السياسة الخارجية السعودية مرحلة الارتباك التي تمر بها العلاقات مع تركيا , بسبب الخلاف بين البلدين على الملفين المصري والليبي , وعلاقة حكومة حزب "العدالة والتنمية" مع جماعة "الاخوان المسلمين" ,,,, وحسابات أنقرة في المجالين الدولي والاقليمي ,,,, بما تمليه من توازنات معينة دولية واقليمية بالنسبة لتركيا ,,,, تتناقض في جوانب منها مع التوجهات العامة للسياسة الخارجية السعودية.  أنها معادلات لا تتفق مع الحسابات التقليدية"لأل سعود" ,,,, و من المنطقي أن تدفعها في المستقبل في محاولة الاعتماد على نفسها في حفظ أمنها واستقرارها , واتخاذ الإاجراءات الكفيلة بذلك ,,,, ومن بينها سن قانون خدمة الزامية للشباب في الجيش .  دعوة مفتي" أل سعود" يهدف الى تهيئة الرأي العام السعودي لقبوله ,,,, وهو ما سيستدعي لاحقاً اعادة النظر بهيكلية الجيش ومنظومة تسليحه وعقيدته القتالية والتحالفات.  غير أن ما قاله المفتي "آل الشيخ" حرفياً قد يفهم منه أن المملكة السعودية لم تعد تستبعد الانخراط في حرب طائفية ,,,, تحت ذريعة احتواء النفوذ الايراني و"الدفاع عن الدين" !!!! ,,,, وأن التجنيد الالزامي فاتورة سيدفعها الشباب السعودي ,,,, الذي بقي بعيداً عن معترك ساحات الصراعات والحروب على امتداد عقود طويلة.  لكن الوضع تغير والمعادلات السياسية والمصالح الاقتصادية الاقليمية والدولية قد انقلبت ,,,, ولم تعد واشنطن بحاجة "لأل سعود" خلال السنوات القادمة , وهي تعمل الأن الى انهائه بشكل غير مباشر , او اضعافه على اقل تقدير , ليصبح مجرد تابع للدول الاقليمية الكبيرة في المنطقة , وسوف يدفع شعب الجزيرة العربية ثمن كل المجريات والأحداث القادمة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة