يبدو بديهياً أنّ الذي يستهدف مخيم اليرموك إنما يستهدف القضية الفلسطينية عموماً، لرمزية المخيم فلسطينياً وعربياً، فهو يمثل الخزّان البشري الأكبر لشعب فلسطين في الشتات وخزان المقاومة الفلسطينية، وهو المكان الذي بدأ منه وسيبقى صراط حقّ العودة.

 دخلت التنظيمات الإرهابية إلى المخيم في شكل مدروس ومتسلسل وكانت في ما مضى واحدة متوحدة على القتل والتدمير والتهجير. وقد بدأت بما يسمّى «أكناف بيت المقدس» و«جيش الإسلام» وملحقاتهما من المسمّيات التي شكّلت البيئة الحاضنة لـ«جبهة النصرة» التي شكّلت، بدورها، الحضن الدافئ لتنظيم «داعش» الإرهابي، وعاثت فساداً وقتلاً وأسرت المخيم ومن بقي من أهله حتى بدأت الأوراق تتكشّف وبدأت قطعان «جبهة النصرة» و«داعش» الموجودة في المخيم وجلّها من متعددي الجنسيات، تُحاصَر وتُطوَّق من أكثر من اتجاه وأهمها طوق المصالحات في ببيلا ويلدا وبيت سحم والقدم وسيدي مقداد، وثانيها بهبَّة وانتفاضة أهلنا في تلك المناطق والمخيم التي رأت أنّ تلك المجموعات الإرهابية لا تنتمي إليها وتمارس معها أبشع أنواع القتل والإذلال وقطع الأرزاق ونهب المساعدات على حساب حياة وبقاء الأطفال والنساء، وثالثها إصرار الفصائل الوطنية الفلسطينية على التصدي وملاحقة المجموعات الإرهابية وتضييق الخناق عليها ميدانياً، ورابعها المصالحة الوطنية الأخيرة التي كانت أدنى من قاب قوسين والتي تقضي بإخراج الأجانب من المخيم، على غرار مصالحة ببيلا ويلدا.

 في إطار هذا المشهد، كان لا بدّ أن يأتي أمر العمليات لـ«النصرة» ذراع تنظيم القاعدة وذراع كيان العدو «الإسرائيلي» والنظام الأردني من غرفة عمليات الموك في الأردن، بعد أن أثبتت الجبهة ولاءها لـ«الإسرائيلي» في المنطقة الجنوبية وشكّلت الجدار الخبيث الذي سقط. كان أمر العمليات أن توقظ «جبهة النصرة» خلايا «داعش» الموجودة في «أكناف بيت المقدس» وكنف «النصرة» وتتحالف معها لخلط الأوراق والضغط على الدولة السورية والتهديد بأنّ «داعش» على أبواب دمشق، وأنّ التنظيم الإرهابي أصبح شريكاً في تحديد مصير ومستقبل فلسطين. هنا لا بدّ من التأكيد على بديهية أن لا خلاف بين كلّ تلك المسميات الإرهابية بدواعشها ونصرتها وأفرعها، والتساؤل: من الذي أدخل الدب إلى كرمه؟ طبعاً الدولة السورية كانت دائماً تتعامل مع المخيمات الفلسطينية كعهدها بأنّ الفلسطينيين هم كالسوريين ولم تتدخل يوماً وكانت تترك القرار الأساسي للفصائل الوطنية الفلسطينية التي ترى في العدوان الإرهابي على سورية عدواناً على العروبة والمقاومة وفلسطين وتتصدّى مع الجيش والشعب السوري للإرهاب والعدوان، وكان القرار السوري هو دعم قرار فصائل المقاومة وهذا ما حصل في مخيم اليرموك ومخيم الحجر الأسود وببيلا وخان الشيح ومخيم السدّ في درعا ومخيم حندرات في حلب، أمّا وقد جاء أمر العمليات الصهيوني الأميركي الخليجي من غرفة عمليات الموك لهيمنة «داعش» و«النصرة» على مخيم اليرموك لتصفية القضية الفلسطينية ولتمكين ما يسمّى الجامعة العربية من طرح ربما مبادرات تصفية، برعاية سعودية أردنية صهيونية، ولمحاولة الضغط على الدولة السورية واتهامها بقتل الشعب الفلسطيني والضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية لتغيير خيارها وبوصلتها، ومحاولة وضع مسمار جحا إرهابي في خاصرة دمشق الجنوبية مرتبط بالكيان «الإسرائيلي» كما في ريف درعا والقنيطرة، فعلينا أن نذكّر من فقد رشده وصوابه وبصيرته في غرف الموك وما بعدها أنّ مخيم اليرموك وغيره من المخيمات هو أرض سورية وواجب ومسؤولية الدولة السورية تحريرها وتطهيرها من رجس المجموعات الإرهابية بكلّ مسمّياتها وأنّ وأنّ الدفاع عن أهلنا من سوريين وفلسطينيين في المخيم وخارجه وعن أمنهم وأرزاقهم هو واجب ومسؤولية وطنية.

 لهذا كان القرار الذي لا رجعة فيه وبإجماع الفصائل الفلسطينية والجيش السوري تشكيل غرفة عمليات مشتركة لدحر وهزيمة مشروع الإرهاب في المخيم والحجر الأسود، وفق مقتضيات الحاجة والضرورة والحقّ والمسؤولية السورية والرغبة والمسؤولية الفلسطينية ومن مبدأ آخر العلاج الكي. أما مَن كان يتوهم أنّ «داعش» و«النصرة» في سورية، يختلفان عن الدواعش والقاعدة والنصرة في اليمن وتكريت والأنبار والرقة وإدلب فهو واهم، ومن يتوهم أنّ هذه الدواعش في مخيم اليرموك يمكن أن يخشاها الجيش أو الشعب العربي السوري والفلسطيني فهو أكثر وهماً، ولنا أن نذكّر مَن يريد أن يعتبر أنّ مجاميع الإرهاب في الغوطة الشرقية أكثر عدداً وعتاداً ودعماً وإرهاباً ومع ذلك لم ولن تستطيع أن تغيّر موازين قوى أو تخيفنا وتحرجنا منذ سنوات، وهي في حالة اندحار وانحسار، بأنّ «داعش» ونصيره في المخيم ليسا إلا زوبعة إرهاب ومؤشرات هزيمتهما الميدانية بدأت ولن تتوقف ولعلّ الذي أيقظهما، يوقظ من فقد بوصلته وقال عن هذا الإرهاب يوماً ووهماً أنه ثورة.

  • فريق ماسة
  • 2015-04-11
  • 6313
  • من الأرشيف

الإرهاب في مخيم اليرموك وقيادته في عمليات «الموك» ....د. سليم حربا

يبدو بديهياً أنّ الذي يستهدف مخيم اليرموك إنما يستهدف القضية الفلسطينية عموماً، لرمزية المخيم فلسطينياً وعربياً، فهو يمثل الخزّان البشري الأكبر لشعب فلسطين في الشتات وخزان المقاومة الفلسطينية، وهو المكان الذي بدأ منه وسيبقى صراط حقّ العودة.  دخلت التنظيمات الإرهابية إلى المخيم في شكل مدروس ومتسلسل وكانت في ما مضى واحدة متوحدة على القتل والتدمير والتهجير. وقد بدأت بما يسمّى «أكناف بيت المقدس» و«جيش الإسلام» وملحقاتهما من المسمّيات التي شكّلت البيئة الحاضنة لـ«جبهة النصرة» التي شكّلت، بدورها، الحضن الدافئ لتنظيم «داعش» الإرهابي، وعاثت فساداً وقتلاً وأسرت المخيم ومن بقي من أهله حتى بدأت الأوراق تتكشّف وبدأت قطعان «جبهة النصرة» و«داعش» الموجودة في المخيم وجلّها من متعددي الجنسيات، تُحاصَر وتُطوَّق من أكثر من اتجاه وأهمها طوق المصالحات في ببيلا ويلدا وبيت سحم والقدم وسيدي مقداد، وثانيها بهبَّة وانتفاضة أهلنا في تلك المناطق والمخيم التي رأت أنّ تلك المجموعات الإرهابية لا تنتمي إليها وتمارس معها أبشع أنواع القتل والإذلال وقطع الأرزاق ونهب المساعدات على حساب حياة وبقاء الأطفال والنساء، وثالثها إصرار الفصائل الوطنية الفلسطينية على التصدي وملاحقة المجموعات الإرهابية وتضييق الخناق عليها ميدانياً، ورابعها المصالحة الوطنية الأخيرة التي كانت أدنى من قاب قوسين والتي تقضي بإخراج الأجانب من المخيم، على غرار مصالحة ببيلا ويلدا.  في إطار هذا المشهد، كان لا بدّ أن يأتي أمر العمليات لـ«النصرة» ذراع تنظيم القاعدة وذراع كيان العدو «الإسرائيلي» والنظام الأردني من غرفة عمليات الموك في الأردن، بعد أن أثبتت الجبهة ولاءها لـ«الإسرائيلي» في المنطقة الجنوبية وشكّلت الجدار الخبيث الذي سقط. كان أمر العمليات أن توقظ «جبهة النصرة» خلايا «داعش» الموجودة في «أكناف بيت المقدس» وكنف «النصرة» وتتحالف معها لخلط الأوراق والضغط على الدولة السورية والتهديد بأنّ «داعش» على أبواب دمشق، وأنّ التنظيم الإرهابي أصبح شريكاً في تحديد مصير ومستقبل فلسطين. هنا لا بدّ من التأكيد على بديهية أن لا خلاف بين كلّ تلك المسميات الإرهابية بدواعشها ونصرتها وأفرعها، والتساؤل: من الذي أدخل الدب إلى كرمه؟ طبعاً الدولة السورية كانت دائماً تتعامل مع المخيمات الفلسطينية كعهدها بأنّ الفلسطينيين هم كالسوريين ولم تتدخل يوماً وكانت تترك القرار الأساسي للفصائل الوطنية الفلسطينية التي ترى في العدوان الإرهابي على سورية عدواناً على العروبة والمقاومة وفلسطين وتتصدّى مع الجيش والشعب السوري للإرهاب والعدوان، وكان القرار السوري هو دعم قرار فصائل المقاومة وهذا ما حصل في مخيم اليرموك ومخيم الحجر الأسود وببيلا وخان الشيح ومخيم السدّ في درعا ومخيم حندرات في حلب، أمّا وقد جاء أمر العمليات الصهيوني الأميركي الخليجي من غرفة عمليات الموك لهيمنة «داعش» و«النصرة» على مخيم اليرموك لتصفية القضية الفلسطينية ولتمكين ما يسمّى الجامعة العربية من طرح ربما مبادرات تصفية، برعاية سعودية أردنية صهيونية، ولمحاولة الضغط على الدولة السورية واتهامها بقتل الشعب الفلسطيني والضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية لتغيير خيارها وبوصلتها، ومحاولة وضع مسمار جحا إرهابي في خاصرة دمشق الجنوبية مرتبط بالكيان «الإسرائيلي» كما في ريف درعا والقنيطرة، فعلينا أن نذكّر من فقد رشده وصوابه وبصيرته في غرف الموك وما بعدها أنّ مخيم اليرموك وغيره من المخيمات هو أرض سورية وواجب ومسؤولية الدولة السورية تحريرها وتطهيرها من رجس المجموعات الإرهابية بكلّ مسمّياتها وأنّ وأنّ الدفاع عن أهلنا من سوريين وفلسطينيين في المخيم وخارجه وعن أمنهم وأرزاقهم هو واجب ومسؤولية وطنية.  لهذا كان القرار الذي لا رجعة فيه وبإجماع الفصائل الفلسطينية والجيش السوري تشكيل غرفة عمليات مشتركة لدحر وهزيمة مشروع الإرهاب في المخيم والحجر الأسود، وفق مقتضيات الحاجة والضرورة والحقّ والمسؤولية السورية والرغبة والمسؤولية الفلسطينية ومن مبدأ آخر العلاج الكي. أما مَن كان يتوهم أنّ «داعش» و«النصرة» في سورية، يختلفان عن الدواعش والقاعدة والنصرة في اليمن وتكريت والأنبار والرقة وإدلب فهو واهم، ومن يتوهم أنّ هذه الدواعش في مخيم اليرموك يمكن أن يخشاها الجيش أو الشعب العربي السوري والفلسطيني فهو أكثر وهماً، ولنا أن نذكّر مَن يريد أن يعتبر أنّ مجاميع الإرهاب في الغوطة الشرقية أكثر عدداً وعتاداً ودعماً وإرهاباً ومع ذلك لم ولن تستطيع أن تغيّر موازين قوى أو تخيفنا وتحرجنا منذ سنوات، وهي في حالة اندحار وانحسار، بأنّ «داعش» ونصيره في المخيم ليسا إلا زوبعة إرهاب ومؤشرات هزيمتهما الميدانية بدأت ولن تتوقف ولعلّ الذي أيقظهما، يوقظ من فقد بوصلته وقال عن هذا الإرهاب يوماً ووهماً أنه ثورة.

المصدر : الماسة السورية / البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة