في وقت تستمر المعارك مع الظلام يتمدد ضوء الثورة الثقافية ببطء في سورية ويتقهقر الظلام بالتدريج ..

 

 ونرى الغبار القديم يتطاير عن التاريخ ويصنع سحابات وغمامات من غبار كثيف حولنا كلما اقتحمت أصابعنا رفوف المكتبات المنسية وبالذات تلك التي تحمل الذكريات العثمانية البغيضة في الشرق التي تشبه رائحتها رائحة الكوارث الكبرى .. ويحس أحدنا أنه كلما امتدت اصابعنا لتفتح أوراق الكتب القديمة التي التصقت صفحاتها تفتحت عيون الذاكرة التي نامت نوما طويلا .. وكلما انقلبت ورقة فيها رأينا مايدهش من أسرار طواها الزمن عما فعلته المرحلة العثمانية بمكونات الشعب السوري خلال فترة الاحتلال العثماني للشرق .. الذي أنهى وجوده بسفربرلك الأولى ..

 

من بين عدة تحركات ثقافية جديرة بالاهتمام في سورية تحاول تحريك الظلام لفتت نظري سلسلة (سفربرلك 2 ) المقدمة على اذاعة شام اف ام .. وهي سلسلة ممتعة وجميلة تقدمها الاذاعة مع الباحث السوري الدكتور نبيل فياض عن التنوع الثقافي والاثني والديني والمذهبي البديع في بلاد الشام والعراق .. ولكنها تكشف الأسرار عن تورط العثمانيين في تدمير النسيج الثقافي والاجتماعي المشرقي بشكل كبير عن سابق اصرار وترصد .. وتصور بالوثائق تلك المرحلة الحزينة من عمر الشرق الذي سكن فيه الجرذ العثماني وقضم كل مكوناته .. وربما كان أكثر من دفع ثمنا لمرحلة دخول الجرذ العثماني الى الشرق هم المسلمون العرب وتحديدا المسلمون السنة ..

 

والحلقة الرابعة من هذه السلسلة حلقة جميلة فيها قصص سوداء يرويها د. نبيل فياض .. والجميل فيها أن الحديث ابتعد عن السياسة قدر الامكان واكتفى برصد الحقائق والمرور على المقابر الجماعية التي ملأت الشرق في العهد العثماني .. وفيها نجد أن نبيل فياض لم يتغير في اندفاعته المناوئة للمتدينين ولبعض ما ورد في التراث لكنه يقترب كثيرا من انصاف الدين الاسلامي والدعوة المحمدية ويصرح دون مواربة أنها تعرضت للتشويه المقصود عبر الزمن .. ويشرح عن تلاقي الوهابية مع التلمودية اليهودية .. فالتلمودية هي التي بدأت بتعاليم رجم النساء وقتل الأغيار .. وقد نقلت تيارات اسلامية هذه التعاليم التلمودية بحذافيرها وأعادت انتاجها وكأنها تعاليم اسلامية .. فكانت المرحلة العثمانية الوهابية ..

 

ليس الغرض من الاستماع لأحد هو الانسجام والتوافق معه أو التخاصم معه بل محاكمة مايقول ومحاكمة مانقول كي نختلف مع مانقول أو نتفق مع مايقول .. فالمعرفة هي أن نتعرض للتصادم والمواجهة مع المختلف لا لقتله بل لتعليمه مانعلم ..ولتعلّم ما لانعلم ..

وهذا هو ديدن التغيير الثقافي والمواجهة الفكرية وعملية اعادة انتاج النخب التي سقطت متهالكة في الربيع دون أن تقدر على الدفاع عن اي شيء تملكه سوى بقائها .. وليس بقاء قناعاتها وثقافتها وفكرها .. لأن ماحكم مواقف النخب العربية في الربيع هو غريزة البقاء المادي وليس غريزة الخلود المعنوي والروحي لأفكارها .. فنالت البقاء المادي الذي طلبته ولكنها انتحرت ثقافيا وفكريا وروحيا .. وانطوت مرحلتها بكل مافيها من أفكار ماتت معها .. ولكنها تركت المجال الآن فسيحا لجيل جديد بدأ يملأ الفراغ تدريجيا .. ويبني مكتبة جديدة وقيما جديدة .. وشرقا جديدا ..

 

https://www.youtube.com/watch?v=1iTgD8J3nuA

 

المزيد في بقية أجزاء هذه السلسلة الجميلة لمن يهمه متابعة المزيد

 

https://www.facebook.com/pages/%D8%B3%D9%81%D8%B1-%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%83-2/1575197789406969

 

  • فريق ماسة
  • 2015-04-06
  • 14996
  • من الأرشيف

سفربرلك 2 .. مطاردة الجرذ العثماني.

في وقت تستمر المعارك مع الظلام يتمدد ضوء الثورة الثقافية ببطء في سورية ويتقهقر الظلام بالتدريج ..    ونرى الغبار القديم يتطاير عن التاريخ ويصنع سحابات وغمامات من غبار كثيف حولنا كلما اقتحمت أصابعنا رفوف المكتبات المنسية وبالذات تلك التي تحمل الذكريات العثمانية البغيضة في الشرق التي تشبه رائحتها رائحة الكوارث الكبرى .. ويحس أحدنا أنه كلما امتدت اصابعنا لتفتح أوراق الكتب القديمة التي التصقت صفحاتها تفتحت عيون الذاكرة التي نامت نوما طويلا .. وكلما انقلبت ورقة فيها رأينا مايدهش من أسرار طواها الزمن عما فعلته المرحلة العثمانية بمكونات الشعب السوري خلال فترة الاحتلال العثماني للشرق .. الذي أنهى وجوده بسفربرلك الأولى ..   من بين عدة تحركات ثقافية جديرة بالاهتمام في سورية تحاول تحريك الظلام لفتت نظري سلسلة (سفربرلك 2 ) المقدمة على اذاعة شام اف ام .. وهي سلسلة ممتعة وجميلة تقدمها الاذاعة مع الباحث السوري الدكتور نبيل فياض عن التنوع الثقافي والاثني والديني والمذهبي البديع في بلاد الشام والعراق .. ولكنها تكشف الأسرار عن تورط العثمانيين في تدمير النسيج الثقافي والاجتماعي المشرقي بشكل كبير عن سابق اصرار وترصد .. وتصور بالوثائق تلك المرحلة الحزينة من عمر الشرق الذي سكن فيه الجرذ العثماني وقضم كل مكوناته .. وربما كان أكثر من دفع ثمنا لمرحلة دخول الجرذ العثماني الى الشرق هم المسلمون العرب وتحديدا المسلمون السنة ..   والحلقة الرابعة من هذه السلسلة حلقة جميلة فيها قصص سوداء يرويها د. نبيل فياض .. والجميل فيها أن الحديث ابتعد عن السياسة قدر الامكان واكتفى برصد الحقائق والمرور على المقابر الجماعية التي ملأت الشرق في العهد العثماني .. وفيها نجد أن نبيل فياض لم يتغير في اندفاعته المناوئة للمتدينين ولبعض ما ورد في التراث لكنه يقترب كثيرا من انصاف الدين الاسلامي والدعوة المحمدية ويصرح دون مواربة أنها تعرضت للتشويه المقصود عبر الزمن .. ويشرح عن تلاقي الوهابية مع التلمودية اليهودية .. فالتلمودية هي التي بدأت بتعاليم رجم النساء وقتل الأغيار .. وقد نقلت تيارات اسلامية هذه التعاليم التلمودية بحذافيرها وأعادت انتاجها وكأنها تعاليم اسلامية .. فكانت المرحلة العثمانية الوهابية ..   ليس الغرض من الاستماع لأحد هو الانسجام والتوافق معه أو التخاصم معه بل محاكمة مايقول ومحاكمة مانقول كي نختلف مع مانقول أو نتفق مع مايقول .. فالمعرفة هي أن نتعرض للتصادم والمواجهة مع المختلف لا لقتله بل لتعليمه مانعلم ..ولتعلّم ما لانعلم .. وهذا هو ديدن التغيير الثقافي والمواجهة الفكرية وعملية اعادة انتاج النخب التي سقطت متهالكة في الربيع دون أن تقدر على الدفاع عن اي شيء تملكه سوى بقائها .. وليس بقاء قناعاتها وثقافتها وفكرها .. لأن ماحكم مواقف النخب العربية في الربيع هو غريزة البقاء المادي وليس غريزة الخلود المعنوي والروحي لأفكارها .. فنالت البقاء المادي الذي طلبته ولكنها انتحرت ثقافيا وفكريا وروحيا .. وانطوت مرحلتها بكل مافيها من أفكار ماتت معها .. ولكنها تركت المجال الآن فسيحا لجيل جديد بدأ يملأ الفراغ تدريجيا .. ويبني مكتبة جديدة وقيما جديدة .. وشرقا جديدا ..   https://www.youtube.com/watch?v=1iTgD8J3nuA   المزيد في بقية أجزاء هذه السلسلة الجميلة لمن يهمه متابعة المزيد   https://www.facebook.com/pages/%D8%B3%D9%81%D8%B1-%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%83-2/1575197789406969  

المصدر : نارام سرجون


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة