تضاءلت أهمية الأحداث الكبرى التي تدور في العالم والمنطقة، أمام الحدث التاريخي، الذي جاء من لوزان، بالإعلان عن وضع الخطوط الرئيسية للتفاهم حول الملف النووي الإيراني،

 

 وهو الحدث الذي سيلقي بظلاله بحذر خلال الشهور الثلاثة المقبلة، حتى حلول نهاية شهر حزيران الموعد المقرّر لتوقيع الاتفاق النهائي، لكنه حدث سيرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط منذ ذلك التاريخ، فإيران التي تقود حلف المقاومة الذي يضمّها مع العراق وسورية وحزب الله والمقاومين الفلسطينيين والمعارضة البحرانية والسعودية، والتيار الحوثي في اليمن، وعدد من القوى الوطنية والقومية في العديد من البلاد العربية من لبنان إلى مصر وليبيا وتونس والجزائر، تدخل باعتراف العالم، خصوصاً دول الغرب، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، نادي الكبار، والأمر كما يعرفه الجميع ليس في التفاصيل التقنية للتفاهم النووي، الذي يحمل مهما كانت تفاصيله، اعترافاً بإيران قوة عظمى، ويحرّر اقتصادها من عقوبات مرهقة، وهي التي أنجزت صعودها وتقدّمها على رغم هذه العقوبات، فكيف عندما تستعيد إنتاج النفط إلى ثلاثة أضعاف ما تنتج اليوم، وتتمكن من ترميم مؤسساتها الاقتصادية بحاجتها للتقنيات والأسواق، وهي لم تتنازل عن موقف أو خيار تبنّته في موقعها وموقفها، من حدث إقليمي أو دولي، وحافظت على ثوابتها، وعلى رأسها، وهذا هو الأهمّ، كما دأب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على القول للغرب وللأميركيين خصوصاً، المهمّ «أنكم تذهبون إلى الاتفاق والتطبيع مع دولة تعلن وتجاهر أنها تعمل لتدمير «إسرائيل»، وكنا نظن أنّ هذا سبباً كافياً لمعاقبتها والقطيعة معها»، يعود العالم ليعترف بإيران دولة عظمى وهي تصرّ على أنها تقود خيار وحلف المقاومة، وتكسر القاعدة الأميركية الذهبية، «طريق واشنطن تمرّ من تل أبيب».

 

في تفاصيل الاتفاق، يرتبك خصوم حلف المقاومة، فإنْ قالوا إنه تنازل إيراني كبير، سئلوا ولماذا تعترضون؟ وإنْ قالوا إنه تنازل غربي كبير، سئلوا على ماذا تراهنون إذن في حروبكم وقد هزم حلفاؤكم الكبار؟ لذلك يقولون إنّ إيران تنازلت، وإنّ الاتفاق سيّئ للغرب، حتى لو علموا أنّ أحداً لن يقتنع بتناقض كلامهم، فهم يكتفون بتعزية النفس في المصيبة التي وقعت على رؤوسهم، بينما الرئيس الأميركي باراك أوباما وصف الاتفاق بالتاريخي، مطمئناً دول الخليج وعلى رأسها السعودية التي ورّطتهم «غزوة سلمان» بأنّ واشنطن لن تتخلى عنهم، ودعاهم إلى «فطور جبر الخاطر» في آخر الشهر في منتجع «كامب ديفيد». وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في وجه «عاصفة جمهورية» ضدّ الاتفاق بدأت طلائعها، إنه يوم عظيم، بينما بقي الموقف الأوروبي تقنياً يتحدث عن الاتفاق كضمانة لعدم امتلاك إيران قنبلة نووية، ووحده رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو غرّد على «تويتر» بقوله: «اتفاق أسوأ مما توقعنا».

 

الرئيس الإيراني عبّر عن جدية دولته في السير بالاتفاق، معلناً الاستعداد للتوقيع في نهاية المهلة في الثلاثين من حزيران المقبل، بينما توقف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمام إنجازه الرئيسي للداخل الإيراني قائلاً: «إنّ العقوبات سترفع».

 

في تفاصيل الاتفاق، وافقت إيران على الاكتفاء بستة آلاف جهاز طرد مركزي بدلاً من سبعة آلاف وخمسمئة جهاز حديث التقنية تعتزم إحلالها بدلاً من الأجهزة القديمة التسعة عشر ألفاً، لتنتج ما يكفي حاجة مفاعلاتها للطاقة والبحوث من اليورانيوم المخصب سواء في بوشهر أو ناتنز، وتعهّدت بحفظ الفائض من هذا اليورانيوم بمعرفة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران حتى كمية تعادل نصف الحاجة إلى تصنيع قنبلة وفقاً لما تحدّده الوكالة ونقل الباقي إلى روسيا، وتعهّدت الدول المفاوضة بسدّ حاجة إيران من الوقود النووي المخصب في حال الحاجة والنقص، وبقي معمل آراك يعمل من دون أي فائض للبلوتونيوم المخصب، وتحوّل مجمع فوردو إلى غرفة عمليات نووية لإدارة المشاريع التي تملكها وستملكها إيران.

 

مدة الاتفاق عشرة أعوام كما طلبت إيران، في ما يتعلق بضوابط التخصيب وعدد أجهزة الطرد المركزي، وفي المقابل ترفع جميع العقوبات المقرّرة من الأمم المتحدة بحق إيران فور التوقيع على الاتفاق النهائي، وتلتزم الدول المعنية بالعقوبات بالسير في ذات الاتجاه في قوانينها الوطنية، بكلّ العقوبات المتصلة بالبرنامج النووي الإيراني، خصوصاً حظر تصدير التقنيات المسمّاة بالمزدوجة وهي تتضمّن خصوصاً، البرامج المتطوّرة في مجال المعلوماتية الصناعية، والمواد المعدنية المحسّنة لزوم الصناعات الثقيلة.

 

الموقف «الإسرائيلي» وحده يرسم بوصلة ووجهة الموقف من الاتفاق، «يوم حداد في إسرائيل» تقول المواقع «الإسرائيلية»، وتضيف إنه علامة فشل تاريخي لكلّ من «إسرائيل» والسعودية ستكون أثمانه باهظة عليهما.

 

مع هذا التحوّل الكبير، في المنطقة، الذي استقبلته إيران بعلامات النصر والفرح، بقي لبنان يبني شبكات الأمان، لتمرير الوقت الفائت عليه بلا رئاسة، وتفويت مخاطر عاصفة الحرب السعودية في اليمن، وملاقاة الأخبار المتضاربة عن مصير العسكريين المخطوفين والمفاوضات حولهم، بعدما أفرجت «جبهة النصرة» عن جثة الشهيد علي البزّال.

 

لم يعكر العدوان على اليمن والمواقف الحادة المتقابلة بين حزب الله وتيار المستقبل حول هذا العدوان، صفو أجواء الحوار بين الطرفين اللذين أكدا استمراره وشددا على الفصل في المواقف بين القضايا الداخلية والإقليمية، والحفاظ على الاستقرار الأمني وخفض منسوب التشنج السياسي، واستمرار عمل الحكومة.

 

وأوضح المجتمعون في بيان بعد جلسة الحوار التاسعة التي عُقدت في عين التينة مساء أمس «أن البحث تناول عدداً من المواضيع الداخلية المرتبطة بتفعيل عمل المؤسسات الدستورية، واستكمال الخطة الأمنية بما يعزز الاستقرار الداخلي».

  • فريق ماسة
  • 2015-04-03
  • 8778
  • من الأرشيف

حلف المقاومة بقيادة إيران يدخل نادي الكبار ..نتنياهو: أسوأ مما توقعنا

تضاءلت أهمية الأحداث الكبرى التي تدور في العالم والمنطقة، أمام الحدث التاريخي، الذي جاء من لوزان، بالإعلان عن وضع الخطوط الرئيسية للتفاهم حول الملف النووي الإيراني،    وهو الحدث الذي سيلقي بظلاله بحذر خلال الشهور الثلاثة المقبلة، حتى حلول نهاية شهر حزيران الموعد المقرّر لتوقيع الاتفاق النهائي، لكنه حدث سيرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط منذ ذلك التاريخ، فإيران التي تقود حلف المقاومة الذي يضمّها مع العراق وسورية وحزب الله والمقاومين الفلسطينيين والمعارضة البحرانية والسعودية، والتيار الحوثي في اليمن، وعدد من القوى الوطنية والقومية في العديد من البلاد العربية من لبنان إلى مصر وليبيا وتونس والجزائر، تدخل باعتراف العالم، خصوصاً دول الغرب، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، نادي الكبار، والأمر كما يعرفه الجميع ليس في التفاصيل التقنية للتفاهم النووي، الذي يحمل مهما كانت تفاصيله، اعترافاً بإيران قوة عظمى، ويحرّر اقتصادها من عقوبات مرهقة، وهي التي أنجزت صعودها وتقدّمها على رغم هذه العقوبات، فكيف عندما تستعيد إنتاج النفط إلى ثلاثة أضعاف ما تنتج اليوم، وتتمكن من ترميم مؤسساتها الاقتصادية بحاجتها للتقنيات والأسواق، وهي لم تتنازل عن موقف أو خيار تبنّته في موقعها وموقفها، من حدث إقليمي أو دولي، وحافظت على ثوابتها، وعلى رأسها، وهذا هو الأهمّ، كما دأب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على القول للغرب وللأميركيين خصوصاً، المهمّ «أنكم تذهبون إلى الاتفاق والتطبيع مع دولة تعلن وتجاهر أنها تعمل لتدمير «إسرائيل»، وكنا نظن أنّ هذا سبباً كافياً لمعاقبتها والقطيعة معها»، يعود العالم ليعترف بإيران دولة عظمى وهي تصرّ على أنها تقود خيار وحلف المقاومة، وتكسر القاعدة الأميركية الذهبية، «طريق واشنطن تمرّ من تل أبيب».   في تفاصيل الاتفاق، يرتبك خصوم حلف المقاومة، فإنْ قالوا إنه تنازل إيراني كبير، سئلوا ولماذا تعترضون؟ وإنْ قالوا إنه تنازل غربي كبير، سئلوا على ماذا تراهنون إذن في حروبكم وقد هزم حلفاؤكم الكبار؟ لذلك يقولون إنّ إيران تنازلت، وإنّ الاتفاق سيّئ للغرب، حتى لو علموا أنّ أحداً لن يقتنع بتناقض كلامهم، فهم يكتفون بتعزية النفس في المصيبة التي وقعت على رؤوسهم، بينما الرئيس الأميركي باراك أوباما وصف الاتفاق بالتاريخي، مطمئناً دول الخليج وعلى رأسها السعودية التي ورّطتهم «غزوة سلمان» بأنّ واشنطن لن تتخلى عنهم، ودعاهم إلى «فطور جبر الخاطر» في آخر الشهر في منتجع «كامب ديفيد». وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في وجه «عاصفة جمهورية» ضدّ الاتفاق بدأت طلائعها، إنه يوم عظيم، بينما بقي الموقف الأوروبي تقنياً يتحدث عن الاتفاق كضمانة لعدم امتلاك إيران قنبلة نووية، ووحده رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو غرّد على «تويتر» بقوله: «اتفاق أسوأ مما توقعنا».   الرئيس الإيراني عبّر عن جدية دولته في السير بالاتفاق، معلناً الاستعداد للتوقيع في نهاية المهلة في الثلاثين من حزيران المقبل، بينما توقف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أمام إنجازه الرئيسي للداخل الإيراني قائلاً: «إنّ العقوبات سترفع».   في تفاصيل الاتفاق، وافقت إيران على الاكتفاء بستة آلاف جهاز طرد مركزي بدلاً من سبعة آلاف وخمسمئة جهاز حديث التقنية تعتزم إحلالها بدلاً من الأجهزة القديمة التسعة عشر ألفاً، لتنتج ما يكفي حاجة مفاعلاتها للطاقة والبحوث من اليورانيوم المخصب سواء في بوشهر أو ناتنز، وتعهّدت بحفظ الفائض من هذا اليورانيوم بمعرفة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران حتى كمية تعادل نصف الحاجة إلى تصنيع قنبلة وفقاً لما تحدّده الوكالة ونقل الباقي إلى روسيا، وتعهّدت الدول المفاوضة بسدّ حاجة إيران من الوقود النووي المخصب في حال الحاجة والنقص، وبقي معمل آراك يعمل من دون أي فائض للبلوتونيوم المخصب، وتحوّل مجمع فوردو إلى غرفة عمليات نووية لإدارة المشاريع التي تملكها وستملكها إيران.   مدة الاتفاق عشرة أعوام كما طلبت إيران، في ما يتعلق بضوابط التخصيب وعدد أجهزة الطرد المركزي، وفي المقابل ترفع جميع العقوبات المقرّرة من الأمم المتحدة بحق إيران فور التوقيع على الاتفاق النهائي، وتلتزم الدول المعنية بالعقوبات بالسير في ذات الاتجاه في قوانينها الوطنية، بكلّ العقوبات المتصلة بالبرنامج النووي الإيراني، خصوصاً حظر تصدير التقنيات المسمّاة بالمزدوجة وهي تتضمّن خصوصاً، البرامج المتطوّرة في مجال المعلوماتية الصناعية، والمواد المعدنية المحسّنة لزوم الصناعات الثقيلة.   الموقف «الإسرائيلي» وحده يرسم بوصلة ووجهة الموقف من الاتفاق، «يوم حداد في إسرائيل» تقول المواقع «الإسرائيلية»، وتضيف إنه علامة فشل تاريخي لكلّ من «إسرائيل» والسعودية ستكون أثمانه باهظة عليهما.   مع هذا التحوّل الكبير، في المنطقة، الذي استقبلته إيران بعلامات النصر والفرح، بقي لبنان يبني شبكات الأمان، لتمرير الوقت الفائت عليه بلا رئاسة، وتفويت مخاطر عاصفة الحرب السعودية في اليمن، وملاقاة الأخبار المتضاربة عن مصير العسكريين المخطوفين والمفاوضات حولهم، بعدما أفرجت «جبهة النصرة» عن جثة الشهيد علي البزّال.   لم يعكر العدوان على اليمن والمواقف الحادة المتقابلة بين حزب الله وتيار المستقبل حول هذا العدوان، صفو أجواء الحوار بين الطرفين اللذين أكدا استمراره وشددا على الفصل في المواقف بين القضايا الداخلية والإقليمية، والحفاظ على الاستقرار الأمني وخفض منسوب التشنج السياسي، واستمرار عمل الحكومة.   وأوضح المجتمعون في بيان بعد جلسة الحوار التاسعة التي عُقدت في عين التينة مساء أمس «أن البحث تناول عدداً من المواضيع الداخلية المرتبطة بتفعيل عمل المؤسسات الدستورية، واستكمال الخطة الأمنية بما يعزز الاستقرار الداخلي».

المصدر : البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة