دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
سقط مخيم اليرموك عاصمة الشتات الفلسطيني بيد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» الذي لم يطلق في تاريخه طلقةً واحدةً من أجل فلسطين.
وتهاوت القلعة التي هددها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون ذات مرة بأن «لها يوماً»، ليأتي هذا اليوم بلا أي عناء إسرائيلي، لأن بعض «المرتدين عن المقاومة»، بالتحالف مع فصائل تكفيرية، قرروا نحر «حق العودة» على مذبح إسقاط النظام السوري من دون أي تفكير بالعواقب الوخيمة التي قد تترتب على ذلك.
أما سورياً، فإن أحداث مخيم اليرموك تنذر بشرّ مستطير قد لا تتوقف تداعياته عند حدود المخيم المدجج بالجوع والألم وحسب، بل تتزايد المؤشرات على أن الشرر المتطاير من نيران معاركه، قد يتسبب بإشعال الحرائق في جنوب دمشق بكامله، الذي يعيش القسم الأكبر منه تحت كنف المصالحات مع الجيش السوري.
وتمكن «داعش» في اليوم الثاني من الهجوم الذي يشنه على مخيم اليرموك من إحكام سيطرته على معظم أحيائه وشوارعه، ولم يبق خارج سيطرته سوى شارعي صفد ولوبيا اللذين تتحصن فيهما مجموعات من «أكناف بيت المقدس» التي تتولى مهمة التصدي للهجوم بعد الوقوف المريب للفصائل الأخرى على الحياد. ويتوقع سقوط الشارعين في أي لحظة بسبب الحصار الذي يفرضه مسلحو «داعش» حولهما، وهو ما يعني أن المخيم بات فعلياً تحت سلطان «الخلافة» بزعامة أبي بكر البغدادي.
وسعى الجيش السوري إلى وقف تقدم «داعش» من خلال تكثيف القصف الصاروخي على معاقله في الحجر الأسود، أو أماكن انتشاره في المخيم، من دون ورود معلومات عن حصيلة هذا القصف، إلا أن بعض «التنسيقيات» تحدثت عن تدمير بعض مراكز «داعش» من دون إشارة إلى الخسائر البشرية. وأرسلت وزارة الخارجية السورية رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومجلس الأمن بخصوص دخول مئات الإرهابيين إلى مخيم اليرموك، مطالبة بالضغط على قطر وتركيا وإسرائيل لإخراج «الإرهابيين» من المخيم.
في المقابل، سارع «جيش الإسلام»، مع فصائل أخرى على رأسها «أبابيل حوران»، إلى إرسال تعزيزات باتجاه مخيم اليرموك، حيث وردت أنباء عن تجمع ما يقارب ألف مسلح من جهة شارع فلسطين وسوق الثلاثاء استعداداً لدخول المخيم لمؤازرة «الأكناف»، ووقف زحف «داعش». وقد أكد لـ «السفير» المتحدث باسم «المركز الصحافي في جنوب دمشق» أبو مرام الجولاني صحة وجود هذه الحشود، وأنها اشتبكت مع حواجز «جبهة النصرة» الموجودة على الخط الفاصل بين المخيم وبلدة يلدا، المنفذ الوحيد الذي يمكن أن تدخل منه المؤازرات. وأشار إلى احتمال أن يؤدي ذلك إلى «إشعال جنوب دمشق».
وحول مصير «أكناف بيت المقدس»، قال الجولاني «إذا لم تتمكن المؤازرات من تجاوز حواجز جبهة النصرة وإنقاذ الأكناف فهذا يعني أنها انتهت عملياً»، لافتاً إلى أن «الدافع وراء إرسال جيش الإسلام لهذه التعزيزات هو اعتباره داعش العدو الأول له، وإدراكه أن الأخير لن يتوقف عند حدود المخيم، بل الهدف المقبل هو بلدة يلدا ومن ثم ببيلا وبيت سحم»، مشيراً إلى وجود مخطط لدى «داعش» يقضي ببسط سيطرته على جنوب دمشق.
أما بالنسبة إلى الفصائل الموجودة في الحجر الأسود، مثل «صقور الجولان»، فمن المستبعد أن تتمكن من تقديم أي مؤازرة أو مســــاعدة إلى «جيــــش الإسلام» أو «الأكناف»، لأنها بعيدة جغرافياً عن منطقة الاشـتباكات كما أنها محاصرة من قبل «داعش».
وكان «جيش الإسلام» قد أصدر بياناً ظهر أمس أعلن فيه أنه «لن يقف موقف الخذلان من المسلمين في المخيم»، داعياً «جبهة النصرة» إلى «عدم الوقوف حاجزاً بيننا وبين داعش، لأننا ماضون في نصرة الحق». وصدر هذا البيان قبل ساعات من إرسال «جيش الإسلام» المؤازرات التي انخرطت بالفعل في اشتباكات مع «جبهة النصرة» لرفضها السماح لهم بالدخول إلى المخيم.
وبعدما سيطر مسلحو «داعش» على القسم الأكبر من المخيم، أعلنوا عبر مكبرات الصوت في المساجد بأنه «على كل من قاتل الدولة ويريد تسليم نفسه بشرط الأمان فما عليه سوى تسليم نفسه إلى جبهة النصرة، وهو بأمان» وهذا ما يثبت بما لا يدع مجالاً للشك التواطؤ بين الطرفين في الهجوم على مخيم اليرموك والتخلص من «أكناف بيت المقدس»، علاوة على رفض «جبهة النصرة» دخول المؤازرات القادمة من بيت سحم وببيلا ويلدا والاشتباك معها، لمنعها من تـقديم المساعدة إلى «الأكناف».
المصدر :
عبد الله سليمان علي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة