في الذكرى الرابعة لخراب سورية والحرب عليها، أطل وزير الخارجية الأميركي جون كيري ليقول علنا ما كان يقوله سراً خلال الأشهر الأخيرة عبر مبعوثين أو أطراف ثالثة بأنه «في نهاية المطاف لا بد من التفاوض مع الرئيس الأسد».

 

موقف كيري جاء ليس فقط ليصدم حلفاءه ممن صبوا جم إرهابهم على سورية، بل ليمهد لمرحلة جديدة من التفاوض السياسي قد تأتي بمبعوث أميركي إلى موسكو في 6 نيسان المقبل للمشاركة في الجهود الروسية لحل «الأزمة» السورية، وهذا ما تحدثت عنه مصادر دبلوماسية غربية لـ«الوطن» في موسكو مؤكدة أن روسيا تلقت عرضاً أميركياً للمشاركة في المنتدى التشاوري الثاني على أن يتم التحضير لمؤتمر جنيف3 نهاية الصيف المقبل وهذا ربما ما أشار إليه كيري في حديثه عن جهود دبلوماسية يتم بحثها لاستئناف المسار السياسي.

 

كلام كيري أثار موجة غضب عند كل من راهن على التدخل العسكري لإسقاط سورية، وعند كل من كان يعتقد بأن الغرب سيأتي به إلى سدة الحكم السوري عاجلاً أم آجلاً حتى لو كان ذلك على حساب عشرات الآلاف من أرواح السوريين وأطنان من الدمار ومأساة شعب بأكمله دفع ثمن الإرهاب الوهابي الذي كان وسيلة أعداء سورية لتدميرها.

موقف كيري الأخير كان قد سبق الحديث عنه في سياق الاستدارة الأميركية ونقل الرسائل عبر مبعوثين أو أطراف ثالثة، وصلت إلى حد التنسيق في العمليات العسكرية، الأمر الذي نفته واشنطن ودمشق لكن أكدته عدة مصادر أمنية على اطلاع بما يجري في المنطقة.

كما أن موقف كيري في الأمس هو اعتراف جديد، فالأول كان في عقد جنيف2، بشرعية الرئيس الأسد ودوره المحوري وجمهوره وصموده وشعبيته وبالتالي ضرورة التفاوض معه لإنهاء الأزمة، وهو كلام يختلف عن تصريحات واشنطن الدائمة بفقدان شرعية الرئيس وضرورة رحيله.

بكل تأكيد لا يمكن لأحد أن يثق في كلام كيري أو أي مسؤول أميركي، فالمعروف أن لدى الولايات المتحدة مشروعاً يقوم على تفتيت المنطقة وإقامة شرق أوسط جديد تعمل على تنفيذه، وماضية فيه، ولا شك أن صمود سورية والسوريين قد عرقل تنفيذه أو أخفقت، لكن يبقى المشروع قائماً ولم تستسلم بعد واشنطن لرغبة شعوب المنطقة وتمسكهم في تقرير مصيرهم.

كيري يريد التفاوض.. لكن على ماذا؟ هذا هو السؤال الأهم في كلام وزير الخارجية الأميركي المختلف لكن الخبيث، فإنهاء الأزمة في سورية يتطلب من واشنطن أولاً وقف تدفق الإرهابيين ووقف تمويلهم، أي الإيعاز لحلفائهم من آل سعود وآل ثاني والعثمانيين الجدد، بوقف كامل أنشطتهم الإرهابية فوق الأراضي السورية، والكف عن التدخل في شؤون السوريين، ومن ثم فتح المجال أمام الشعب السوري ليقرر مصيره من خلال ممثلين له في مفاوضات من دون تدخلات سياسية أو أجندات تعكس رغبة السوريين الحقيقية وقرارهم.

فهل هذا ما سيتفاوض عليه كيري؟ نشك في ذلك!

  • فريق ماسة
  • 2015-03-15
  • 10573
  • من الأرشيف

مفاوضات كيري «الخبيثة»!؟

في الذكرى الرابعة لخراب سورية والحرب عليها، أطل وزير الخارجية الأميركي جون كيري ليقول علنا ما كان يقوله سراً خلال الأشهر الأخيرة عبر مبعوثين أو أطراف ثالثة بأنه «في نهاية المطاف لا بد من التفاوض مع الرئيس الأسد».   موقف كيري جاء ليس فقط ليصدم حلفاءه ممن صبوا جم إرهابهم على سورية، بل ليمهد لمرحلة جديدة من التفاوض السياسي قد تأتي بمبعوث أميركي إلى موسكو في 6 نيسان المقبل للمشاركة في الجهود الروسية لحل «الأزمة» السورية، وهذا ما تحدثت عنه مصادر دبلوماسية غربية لـ«الوطن» في موسكو مؤكدة أن روسيا تلقت عرضاً أميركياً للمشاركة في المنتدى التشاوري الثاني على أن يتم التحضير لمؤتمر جنيف3 نهاية الصيف المقبل وهذا ربما ما أشار إليه كيري في حديثه عن جهود دبلوماسية يتم بحثها لاستئناف المسار السياسي.   كلام كيري أثار موجة غضب عند كل من راهن على التدخل العسكري لإسقاط سورية، وعند كل من كان يعتقد بأن الغرب سيأتي به إلى سدة الحكم السوري عاجلاً أم آجلاً حتى لو كان ذلك على حساب عشرات الآلاف من أرواح السوريين وأطنان من الدمار ومأساة شعب بأكمله دفع ثمن الإرهاب الوهابي الذي كان وسيلة أعداء سورية لتدميرها. موقف كيري الأخير كان قد سبق الحديث عنه في سياق الاستدارة الأميركية ونقل الرسائل عبر مبعوثين أو أطراف ثالثة، وصلت إلى حد التنسيق في العمليات العسكرية، الأمر الذي نفته واشنطن ودمشق لكن أكدته عدة مصادر أمنية على اطلاع بما يجري في المنطقة. كما أن موقف كيري في الأمس هو اعتراف جديد، فالأول كان في عقد جنيف2، بشرعية الرئيس الأسد ودوره المحوري وجمهوره وصموده وشعبيته وبالتالي ضرورة التفاوض معه لإنهاء الأزمة، وهو كلام يختلف عن تصريحات واشنطن الدائمة بفقدان شرعية الرئيس وضرورة رحيله. بكل تأكيد لا يمكن لأحد أن يثق في كلام كيري أو أي مسؤول أميركي، فالمعروف أن لدى الولايات المتحدة مشروعاً يقوم على تفتيت المنطقة وإقامة شرق أوسط جديد تعمل على تنفيذه، وماضية فيه، ولا شك أن صمود سورية والسوريين قد عرقل تنفيذه أو أخفقت، لكن يبقى المشروع قائماً ولم تستسلم بعد واشنطن لرغبة شعوب المنطقة وتمسكهم في تقرير مصيرهم. كيري يريد التفاوض.. لكن على ماذا؟ هذا هو السؤال الأهم في كلام وزير الخارجية الأميركي المختلف لكن الخبيث، فإنهاء الأزمة في سورية يتطلب من واشنطن أولاً وقف تدفق الإرهابيين ووقف تمويلهم، أي الإيعاز لحلفائهم من آل سعود وآل ثاني والعثمانيين الجدد، بوقف كامل أنشطتهم الإرهابية فوق الأراضي السورية، والكف عن التدخل في شؤون السوريين، ومن ثم فتح المجال أمام الشعب السوري ليقرر مصيره من خلال ممثلين له في مفاوضات من دون تدخلات سياسية أو أجندات تعكس رغبة السوريين الحقيقية وقرارهم. فهل هذا ما سيتفاوض عليه كيري؟ نشك في ذلك!

المصدر : الوطن


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة