«عايز حقي»، فلم كوميدي مصري، في قصته أن أحد المواطنين المسحوقين يكتشف أن هناك مادة في الدستور المصري تجعل منه شريكاً في الملكية العامة للوطن، فيبدأ بحملة للمطالبة بالسماح له ببيع حصته لكي يتخلص من الضائقة الاقتصادية التي يعيشها، ويتبعه في ذلك عددٌ لا بأس به من المسحوقين، وعندما تجتمع الشركات والدول الراغبة في الشراء ويبدأ المزاد، يتراجع هذا المواطن عن قراره بعد أن أدرك أن الكرامة تجعلنا نعرف أن هناك طرقاً كثيرة لبيع الأوطان، وأنَّ هناك أسباباً أكثر لجعل البعض يبذخون للاستثمار في ما يحلو لهم من «أوطان».

 

تبدو هذه القصة صورةً مقربةً عما جرى قبل أمس في المؤتمر الاقتصادي لدعم مصر، وإن كانت النهاية مختلفة. تهافتت الدول والشركات لتدعم مصر تحت مسمياتٍ مختلفة بما فيها «الاستثمار»، وكما هو متوقع كان لمشيخات النفط الحصة الأكبر في عملية شراء القرار المصري، أو بالأصح تحويل مصر بالمجمل إلى شركةٍ استثماريةٍ ينخفض ويرتفع فيها سعر السهم بحسب قيمة القرار الذي يتم التفاوض عليه.

 

لم يكن غريباً ما آلت إليه نتائج هذا المؤتمر، ولم يكن مبلغ الـ12 مليار دولار كوعودٍ أولويةٍ لمشيخات النفط لدعم «أم الدنيا» بالمفاجِئ، لكن المفاجئ ربما هو رفض القيادة المصرية دعوة «إسرائيل» لهذا المؤتمر، فبماذا يختلف مثلاً وجود السفارات والتنسيق الأمني والسياسي عن التنسيق الاقتصادي؟ لدرجة جعلت من وزير الخارجية الأميركي ينسى نفسه بزلة لسان ويتحدث عن «دعم إسرائيل». ألم يسبقهم ملك شرقي نهر الأردن لتوقيع اتفاقٍ مع الكيان الصهيوني لجلب مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت؟ بمعنى آخر ما الفرق بين مجاراة الكيان الصهيوني ومشيخات النفط في العداء لإيران وسورية، واعتبار الجناح العسكري لحماس حركةً إرهابية، ومن ثم التعفف عن دعوتها «علناً» للمشاركة في اقتطاع كعكة تحويل مصر رسمياً لدولةٍ تابعةٍ بعيداً عن التزييف والتلاعب بالألفاظ، مستغلين اتساع اللغة العربية للكثير من المعاني البديلة، حتى لو ضاقت تلك اللغة بالأمس بأمير إحدى مشيخات النفط، وظنناه من فيض الفصاحة وهو يتكلم عن أهمية المستقبل الاقتصادي للمنطقة وكأنه أميرٌ لإحدى القبائل غير الناطقة بالعربية!

بدا واضحاً أن هذا الكرم النفطي- وإن كان على الورق- لا يعدو كونه فصلاً آخر من فصول إحكام مشيخات النفط السيطرة على قرار الدول التي قد تكون فاعلةً في هذه المنطقة، بحيث لا تقوم لها قائمةٌ بعد الآن، وتصبح بطريقةٍ أو بأخرى تابعاً. دمروا العراق، ليبيا، سورية، واليمن ينتظر نحبه، ويكاد الانقسام الخليجي حول الكعكة المصرية يذهب بهذا البلد نحو الكارثة مع تصاعد الاعتداءات الإرهابية هنا وهناك، وتصاعد التحريض الإعلامي، فإعدام المجرم الإخواني الذي رمى الأطفال من أعلى بناء يتم نقله عبر القناة الناطقة باسم مشيخة قطر على أنه «أول إعدام لنشطاء الإخوان في عهد السيسي»، أمّا تلك الناطقة باسم مشيخة «آل سعود» فترى فيه حدثاً في إطار جهود الحكومة المصرية للدفاع عن مواطنيها ضد الإرهابيين. بالتالي يبدو أن الشأن الاقتصادي هو أحد مظاهر تلك الحرب الغامضة للسيطرة على مصر.

في السياسة لا يوجد شيءٌ من دون ثمنٍ، ومشيخات النفط وغيرها ليست جمعيات خيرية في النهاية. أمّا إذا أراد البعض أن يسألنا هل يا تُرى أن دعم إيران وروسيا للحكومة السورية ناتج عن نفس السبب، فنقول له ببساطةٍ: المقاربة مختلفةٌ، فهذه دولٌ لديها اتفاقيات عمرها عشرات السنين ناتجة عن تحالفاتٍ إستراتيجية وليست خافية على أحد، وما يجري هو تنفيذٌ لهذه الاتفاقيات، بالإضافة لأن قادة هذه الدول لا ينكرون أنهم حكماً سيكونون الهدف التالي في الحرب التي تدور رحاها، على طريقة أحجار الدومينو.

أما على المقلب الآخر فأين التحالفات الإستراتيجية؟

جميعنا يتذكر مسارعة مشيخة قطر لدعم الاقتصاد المصري خلال فترة حكم «محمد مرسي»، ومن ثم سحب هذا الدعم بعد «الانقلاب» الذي أطاح به، بالتالي تفرض الواقعية علينا أن نتساءل:

من الذي أوصل دولةً بحجم مصر لمرحلة تنتقل فيها من «الدلف القطري» إلى المزراب «السعو-إماراتي»؟

منذ انطلاق كذبة الربيع العربي بدا واضحاً أن تلك الخزائن النفطية المتنقلة ترى «الآخر» كمادةٍ قابلةٍ للبيع والشراء لا أكثر، حتى ما بزخته من أموال لدعم ما يُسمى «ثورات الربيع العربي» كان في النهاية نوعاً من الاستثمار طويل الأمد بحيث إنها تدفع الآن لتَحصل على ما تريد في السياسة والاقتصاد غداً، ليقوموا بعدها بإيفاء التزاماتهم بتمويل صفقات الأسلحة التي يشترونها من الراعي الأول.

يبدو الأمر وكأنّه حلَقةٌ كاملةٌ متصلةٌ، أثبتتها الوقائع من خلال قيام مشيخة قطر مثلاً بشراء النفط الليبي ومن ثمن إعادة بيعه، وعرضها على مرسي استثماراً طويل الأمد لـ«قناة السويس» والذي كان واضحاً أنه مشروعٌ أبعد من كونه اقتصادياً يهدف للربح، وإنما كان هناك رغبة (إسرائيلية- قطرية) للسيطرة على المجرى للتحكم بمسار السفن والتأكد من طبيعة حمولاتها.

أما في ما يتعلق بالشأن السوري، فالأمر لا يخرج عن هذا النطاق أبداً. جميعنا يتذكر مسرحية مؤتمرات «أصدقاء أبو محمد الجولاني»، كان الجميع يظن أنها مؤتمراتٌ- ولو صورية- لدعم «الثوار»، وفي الحقيقة هي مؤتمرات إثبات وجود لمن كان ينتظر سقوط سورية وتقاسم كعكتها. حتى النفط السوري لم يسلم من ذلك، تحديداً بعد القرار الأوروبي المثير للجدل في نيسان 2013 عن رفع الحظر عن توريد معداتٍ متعلقةٍ بإنتاج النفط إلى المناطق «المحررة»، فكيف وإنْ كان هذا النفط يباع ويسوَّق إلى تركيا بثمن 10 دولارات للبرميل!

عندها من سيهتم للأموال التي تُدفع لدعم اقتصاد هذه الدولة أو للمعارضة التي تغرِّد في سرب رعاتها، لكونهم متأكدين أن هذه الأموال سيتم تحصيلها عاجلاً أم آجلاً إن كان عبر المشاريع الاستثمارية أو عبر الاستثمار «في هذه المعارضة».

بدت فكرة «الاستثمار بالمعارضات» من أنجح أنواع الاستثمارات على الإطلاق. نقول هذا الكلام بعد أن شاهدنا ما آلت إليه الأحوال في تلك الدول التي ضربها ربيع الدم العربي. نقول ذلك بعد أن دخلنا العام الخامس لذكرى ما يسمونه يوم «الغضب السوري»، الذي حمل كل شيء إلا «أغصان الزيتون». نجح بامتياز بتنفيذ كلّ شيء إلا الشعارات التي حملها، لأنه بالأساس لم يعدو كونه «استثماراً» أتقنه عتاة المال.

مع وصولنا للعام الخامس، لا يمكن النظر لكل ما جرى ويجري من باب السلبية المطلقة. لكن علينا النظر بموضوعيةٍ أكثر انطلاقاً من عبارة «الحذر لا يحمي من القدر» والقول إننا ربما «كنا بحاجةٍ لهزّةٍ ما».

لو لم يجر ما جرى- على قساوته- ألم نكن حتى الآن نعيش مع جزءٍ من المسؤولين في الدولة وأصحاب هوايات التصفيق والتنظير وهم يضعون قناعاً يخفي «الداعشية» في داخلهم؟

ربما لو تأخر الذي جرى الآن لكانت فرصة للمتواطئين في كل هذه الحرب، بمن فيهم بعض الذين كانوا يشغلون مناصب قيادية، أن يؤسسوا بطريقةٍ أعمق لما يصبون إليه ولكان الوصول لهدفهم أسهل. في ذات الوقت هذا يجعلنا لا نغفل أن الرخاء الأمني جعلنا ننشغل عن الكثير من المطالب والإصلاحات التي كانت ضروريةً وهي ليست غافلةً على أحدٍ.

دخلنا العام الخامس، والذي فيما يبدو كرقمٍ يحمل للسوريين الكثير من التفاؤل بأن تكون نهايات الحرب قد بدأت وهذا فيما يبدو مرتبط بالكثير من المعطيات، والأهم أننا دخلنا العام الخامس من الحرب وكرامتنا بألف خير... فطمئنونا عنكم.

  • فريق ماسة
  • 2015-03-14
  • 12603
  • من الأرشيف

على أبواب الخامسة: كرامتنا بألف خير فطمئنونا عنكم...

«عايز حقي»، فلم كوميدي مصري، في قصته أن أحد المواطنين المسحوقين يكتشف أن هناك مادة في الدستور المصري تجعل منه شريكاً في الملكية العامة للوطن، فيبدأ بحملة للمطالبة بالسماح له ببيع حصته لكي يتخلص من الضائقة الاقتصادية التي يعيشها، ويتبعه في ذلك عددٌ لا بأس به من المسحوقين، وعندما تجتمع الشركات والدول الراغبة في الشراء ويبدأ المزاد، يتراجع هذا المواطن عن قراره بعد أن أدرك أن الكرامة تجعلنا نعرف أن هناك طرقاً كثيرة لبيع الأوطان، وأنَّ هناك أسباباً أكثر لجعل البعض يبذخون للاستثمار في ما يحلو لهم من «أوطان».   تبدو هذه القصة صورةً مقربةً عما جرى قبل أمس في المؤتمر الاقتصادي لدعم مصر، وإن كانت النهاية مختلفة. تهافتت الدول والشركات لتدعم مصر تحت مسمياتٍ مختلفة بما فيها «الاستثمار»، وكما هو متوقع كان لمشيخات النفط الحصة الأكبر في عملية شراء القرار المصري، أو بالأصح تحويل مصر بالمجمل إلى شركةٍ استثماريةٍ ينخفض ويرتفع فيها سعر السهم بحسب قيمة القرار الذي يتم التفاوض عليه.   لم يكن غريباً ما آلت إليه نتائج هذا المؤتمر، ولم يكن مبلغ الـ12 مليار دولار كوعودٍ أولويةٍ لمشيخات النفط لدعم «أم الدنيا» بالمفاجِئ، لكن المفاجئ ربما هو رفض القيادة المصرية دعوة «إسرائيل» لهذا المؤتمر، فبماذا يختلف مثلاً وجود السفارات والتنسيق الأمني والسياسي عن التنسيق الاقتصادي؟ لدرجة جعلت من وزير الخارجية الأميركي ينسى نفسه بزلة لسان ويتحدث عن «دعم إسرائيل». ألم يسبقهم ملك شرقي نهر الأردن لتوقيع اتفاقٍ مع الكيان الصهيوني لجلب مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت؟ بمعنى آخر ما الفرق بين مجاراة الكيان الصهيوني ومشيخات النفط في العداء لإيران وسورية، واعتبار الجناح العسكري لحماس حركةً إرهابية، ومن ثم التعفف عن دعوتها «علناً» للمشاركة في اقتطاع كعكة تحويل مصر رسمياً لدولةٍ تابعةٍ بعيداً عن التزييف والتلاعب بالألفاظ، مستغلين اتساع اللغة العربية للكثير من المعاني البديلة، حتى لو ضاقت تلك اللغة بالأمس بأمير إحدى مشيخات النفط، وظنناه من فيض الفصاحة وهو يتكلم عن أهمية المستقبل الاقتصادي للمنطقة وكأنه أميرٌ لإحدى القبائل غير الناطقة بالعربية! بدا واضحاً أن هذا الكرم النفطي- وإن كان على الورق- لا يعدو كونه فصلاً آخر من فصول إحكام مشيخات النفط السيطرة على قرار الدول التي قد تكون فاعلةً في هذه المنطقة، بحيث لا تقوم لها قائمةٌ بعد الآن، وتصبح بطريقةٍ أو بأخرى تابعاً. دمروا العراق، ليبيا، سورية، واليمن ينتظر نحبه، ويكاد الانقسام الخليجي حول الكعكة المصرية يذهب بهذا البلد نحو الكارثة مع تصاعد الاعتداءات الإرهابية هنا وهناك، وتصاعد التحريض الإعلامي، فإعدام المجرم الإخواني الذي رمى الأطفال من أعلى بناء يتم نقله عبر القناة الناطقة باسم مشيخة قطر على أنه «أول إعدام لنشطاء الإخوان في عهد السيسي»، أمّا تلك الناطقة باسم مشيخة «آل سعود» فترى فيه حدثاً في إطار جهود الحكومة المصرية للدفاع عن مواطنيها ضد الإرهابيين. بالتالي يبدو أن الشأن الاقتصادي هو أحد مظاهر تلك الحرب الغامضة للسيطرة على مصر. في السياسة لا يوجد شيءٌ من دون ثمنٍ، ومشيخات النفط وغيرها ليست جمعيات خيرية في النهاية. أمّا إذا أراد البعض أن يسألنا هل يا تُرى أن دعم إيران وروسيا للحكومة السورية ناتج عن نفس السبب، فنقول له ببساطةٍ: المقاربة مختلفةٌ، فهذه دولٌ لديها اتفاقيات عمرها عشرات السنين ناتجة عن تحالفاتٍ إستراتيجية وليست خافية على أحد، وما يجري هو تنفيذٌ لهذه الاتفاقيات، بالإضافة لأن قادة هذه الدول لا ينكرون أنهم حكماً سيكونون الهدف التالي في الحرب التي تدور رحاها، على طريقة أحجار الدومينو. أما على المقلب الآخر فأين التحالفات الإستراتيجية؟ جميعنا يتذكر مسارعة مشيخة قطر لدعم الاقتصاد المصري خلال فترة حكم «محمد مرسي»، ومن ثم سحب هذا الدعم بعد «الانقلاب» الذي أطاح به، بالتالي تفرض الواقعية علينا أن نتساءل: من الذي أوصل دولةً بحجم مصر لمرحلة تنتقل فيها من «الدلف القطري» إلى المزراب «السعو-إماراتي»؟ منذ انطلاق كذبة الربيع العربي بدا واضحاً أن تلك الخزائن النفطية المتنقلة ترى «الآخر» كمادةٍ قابلةٍ للبيع والشراء لا أكثر، حتى ما بزخته من أموال لدعم ما يُسمى «ثورات الربيع العربي» كان في النهاية نوعاً من الاستثمار طويل الأمد بحيث إنها تدفع الآن لتَحصل على ما تريد في السياسة والاقتصاد غداً، ليقوموا بعدها بإيفاء التزاماتهم بتمويل صفقات الأسلحة التي يشترونها من الراعي الأول. يبدو الأمر وكأنّه حلَقةٌ كاملةٌ متصلةٌ، أثبتتها الوقائع من خلال قيام مشيخة قطر مثلاً بشراء النفط الليبي ومن ثمن إعادة بيعه، وعرضها على مرسي استثماراً طويل الأمد لـ«قناة السويس» والذي كان واضحاً أنه مشروعٌ أبعد من كونه اقتصادياً يهدف للربح، وإنما كان هناك رغبة (إسرائيلية- قطرية) للسيطرة على المجرى للتحكم بمسار السفن والتأكد من طبيعة حمولاتها. أما في ما يتعلق بالشأن السوري، فالأمر لا يخرج عن هذا النطاق أبداً. جميعنا يتذكر مسرحية مؤتمرات «أصدقاء أبو محمد الجولاني»، كان الجميع يظن أنها مؤتمراتٌ- ولو صورية- لدعم «الثوار»، وفي الحقيقة هي مؤتمرات إثبات وجود لمن كان ينتظر سقوط سورية وتقاسم كعكتها. حتى النفط السوري لم يسلم من ذلك، تحديداً بعد القرار الأوروبي المثير للجدل في نيسان 2013 عن رفع الحظر عن توريد معداتٍ متعلقةٍ بإنتاج النفط إلى المناطق «المحررة»، فكيف وإنْ كان هذا النفط يباع ويسوَّق إلى تركيا بثمن 10 دولارات للبرميل! عندها من سيهتم للأموال التي تُدفع لدعم اقتصاد هذه الدولة أو للمعارضة التي تغرِّد في سرب رعاتها، لكونهم متأكدين أن هذه الأموال سيتم تحصيلها عاجلاً أم آجلاً إن كان عبر المشاريع الاستثمارية أو عبر الاستثمار «في هذه المعارضة». بدت فكرة «الاستثمار بالمعارضات» من أنجح أنواع الاستثمارات على الإطلاق. نقول هذا الكلام بعد أن شاهدنا ما آلت إليه الأحوال في تلك الدول التي ضربها ربيع الدم العربي. نقول ذلك بعد أن دخلنا العام الخامس لذكرى ما يسمونه يوم «الغضب السوري»، الذي حمل كل شيء إلا «أغصان الزيتون». نجح بامتياز بتنفيذ كلّ شيء إلا الشعارات التي حملها، لأنه بالأساس لم يعدو كونه «استثماراً» أتقنه عتاة المال. مع وصولنا للعام الخامس، لا يمكن النظر لكل ما جرى ويجري من باب السلبية المطلقة. لكن علينا النظر بموضوعيةٍ أكثر انطلاقاً من عبارة «الحذر لا يحمي من القدر» والقول إننا ربما «كنا بحاجةٍ لهزّةٍ ما». لو لم يجر ما جرى- على قساوته- ألم نكن حتى الآن نعيش مع جزءٍ من المسؤولين في الدولة وأصحاب هوايات التصفيق والتنظير وهم يضعون قناعاً يخفي «الداعشية» في داخلهم؟ ربما لو تأخر الذي جرى الآن لكانت فرصة للمتواطئين في كل هذه الحرب، بمن فيهم بعض الذين كانوا يشغلون مناصب قيادية، أن يؤسسوا بطريقةٍ أعمق لما يصبون إليه ولكان الوصول لهدفهم أسهل. في ذات الوقت هذا يجعلنا لا نغفل أن الرخاء الأمني جعلنا ننشغل عن الكثير من المطالب والإصلاحات التي كانت ضروريةً وهي ليست غافلةً على أحدٍ. دخلنا العام الخامس، والذي فيما يبدو كرقمٍ يحمل للسوريين الكثير من التفاؤل بأن تكون نهايات الحرب قد بدأت وهذا فيما يبدو مرتبط بالكثير من المعطيات، والأهم أننا دخلنا العام الخامس من الحرب وكرامتنا بألف خير... فطمئنونا عنكم.

المصدر : فراس عزيز ديب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة