دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
مرحلة القصاص قد بدأت، فلا مكان آمن أمام قادة المجموعات المسلحة المتعاملة مع الكيان الاسرائيلي والمخابرات الاردنية، في جنوب سورية، بهذه الكلمات يمكن ان يُختصر عنوان هذه المرحلة من الحرب على سورية، وفق عمليات أمنية دقيقة أقل ما توصف بالناجحة، كانت فاتحتها في ادلب مع مطلع هذا الشهر تلتها عملية في القنيطرة، حيث استهدف الجيش السوري اجتماعاً لقادة المسلحين بالقرب من قرية كودنا في ريف القنيطرة، على بُعد يقل عن كيلومتر واحد من الشريط الحدودي، أثناء التخطيط لشن هجوم كبير على ريفي درعا والقنيطرة بطلب من غرفة "الموك" اﻻردنية.
وقتل في هذا الاستهداف القائد العسكري "ابو اسامة النعيمي" احد اهم اذرع العدو الاسرائيلي في ريف القنيطرة، فضلاً عن نقل 85 جريحا (بينهم قياديون) الى مشافٍ في الاردن ومستشفى صفد في الجولان المحتل، وسط حالة من التخبط في صفوف المسلحين بعد الضربة القاسمة التي تلقتها "قيادة الجيش الاول"، كما استهدفت الضربات المتلاحقة للجيش السوري مقر الكتيبة 23 و 29 والسرية الثانية التابعة للواء 61، التي تتواجد فيها مجموعات النصرة بالإضافة لاستهدف المكتب الاعلامي "للحر".
هذا التطور المهم استدعى من الطيران الحربي الاسرائيلي التحليق في المناطق الفاصلة بين القنيطرة والجولان السوري المحتل بشكل استفزازي، بعد الضربة التي تلاقها ما يسمى بالجيش الاول، التابع لغرفة عمليات "الموك" في الاردن، والتي شكلت صدمة بالنسبة للإسرائيلي والمخابرات الأردنية، فما هي"الموك" وما غاية تشكيلها؟
غرفة "الموك"
تعتبر "الموك" جزءا من معركة الاستخبارات التي تدور رحاها في الحرب على سورية، وهي غرفة عمليات تأسست باتفاق وتنسيق بين كيان العدو والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والأردن، وبمشاركة من السعودية والإمارات وتركيا. وتسعى هذه الغرفة إلى الإمساك بزمام قيادة العمل العسكري في سوريا تدريجاً، عبر دعم بعض المجموعات وعلى رأسها جبهة النصرة وتزويدها بالأسلحة المتطورة أولاً، مثل صواريخ تاو المضادة للدبابات، وبالمال اللازم لدفع رواتب المسلحين تالياً. والغاية من ذلك تكمن في توجيه العمل العسكري على نحوٍ يخرج به من إطار الفوضى والعبثية ويُدخله في سياق منظم، بهدف تحقيق اهداف الدول المشرفة عليه والداعمة للمسلحين.
الجيش السوري
العملية الأمنية الدقيقة والتي تفوق فيها الجيش السوري على تلك الدول كافة، جاءت وفقاً لمصادر معلومات وعمليات رصد دقيق طالت كل اتصالات المسلحين، رغم محاولة تلك المجموعات الهرب من عمليات الرصد باستخدام اجهزة اتصالات متطورة، بالإضافة الى شبكة أورنج الاسرائيلية، والاعتماد على مصادر معلومات دقيقة ومقربة من مصادر القرار فيما يسمى بالجيش الاول، جعلت الجيش السوري مطلعاً على الخلافات الدائرة في أوساطهم، بعد فشل تلك المجموعات تنفيذ ما طلبه قادة غرفة "الموك"، أثناء تقدم الجيش السوري على محور حمريت تل قرين، بفتح معركة الصنمين في ريف درعا، حيث اعتبرت تلك المجموعات الهجوم على المدينة بمثابة انتحار بالمعنى العسكري، في الوقت الذي أرسلت فيه جبهة النصرة وما يسمى بأحرار الشام وحركة المثنى وأكناف بيت المقدس وجبهة ثوار سورية، مقترحا للكيان الاسرائيلي يرمي الى تعزيز مواقعها في القنيطرة وقرب الجولان المحتل.
الخلاف نشب، وأصبح التشتت واضحا، وضعفت تلك المجموعات، كل ذلك أدى الى استدعاء عدد من قادة تلك المجموعات الى منطقة الرفيد، ومنها نقلوا الى داخل الجولان المحتل، لتنسيق العمليات الاستخبارتية ودراسة خطط إيقاف تقدم الجيش السوري باتجاه تل الحارة.
من بين تلك المجموعات بالإضافة الى "حركة المثنى" وجبهة النصرة كانت "سرايا الجهاد وجماعة جند الإسلام، وجماعة البنيان المرصوص وألوية الفرقان وجبهة ثوار سورية" والمخابرات الأردنية تقترح على الامريكي والاسرائيلي الدفاع عن مواقع في غاية الأهمية كالتلال الحمر وبلدة بيت جن ومعابر سرية عبر جبل الشيخ، لأنها تقود إلى لبنان أو الأراضي المحتلة، بالإضافة الى استقدام تعزيزات للنصرة لشن هجوم معاكس، لتشتيت قوة الجيش، في مدينة البعث وخان ارنبة وجبا وتل كروم جبا وتل بزاق وتل الشعار في ريف القنيطرة، ومحاولة الوصول الى استراد السلام، والالتفاف على الجيش السوري في منطقة دير العدس والدناجي ودير ماكر وتل قرين، وايقاف تقدمه نحو التلال الاستراتيجيةحاول الاسرائيلي بكل نفوذه أن يلملم شعث تلك المجموعات، وكلف النقيب الفار محمد غصّاب الخطيب قائد ما يسمى بألوية الفرقان، وشخصا ملقّبا بـ"أبو حيدر" من حركة المثنى، والملقب بـ"أبو أحمد الجولاني"، بالإضافة إلى الثنائي "أبو أسامة النعيمي" وهو من عرب الهيب و المشرف العام لجبهة ثوار سورية في الجنوب، و"أبو ضياء" من ألوية الفرقان، كلفوا من جهاز أمان بمتابعة تطورات العمليات العسكرية في الجنوب، وتولي قيادة فرق استطلاع لرصد تحركات وتمركز الجيش السوري. وهؤلاء القادة المرتبطين بالعدو تم تزويدهم بأجهزة اتصال عسكرية، لتأمين اتصال مباشر بضبّاط التشغيل، وهنا كان المقتل.
عاد المجتمعون في داخل الجولان الى القنيطرة، ودعوا قادة مجموعات ما يسمى بالجيش الاول، لإبلاغهم بالقرار الاردني والاسرائيلي الجديد... لمعت اجهزة رصد الجيش السوري، ما أشار الى اقتراب الهدف، وأُبلغت القيادة بذلك، وكان القرار، ليبدأ القصاص، وتنطلق التحضيرات على قدم وساق.
تقصَّد الجيش عدم استهداف المناطق الواقعة في ذلك القطاع، للإيحاء بهدوء المنطقة، كي يتجمع هؤلاء القادة دون وجل أو خوف، وهذا ما حصل بالفعل فعند وصولهم قام الجيش باستهداف مقر الاجتماع وجميع النقاط المحيطة به، بضربات قاسمة ومباشرة، ما أدى الى قتل عدد من الضباط الفارين من الجيش السوري، وأبرزهم عماد الحاج من قرية بيت جن، ومحمد مهاوش، بالإضافة الى "أبو أسامة النعيمي"، أحد أبرز أذرع الاستخبارات الإسرائيلية في منطقة الجنوب السوري، لتفشل بذلك الخطة البديلة التي وضعها الاحتلال من أجل التعويض عن الخسائر التي مُني بها خلال الأسابيع الماضية.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة