دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
اليوم نصرخ بأعلى الأصوات المنطقة في خطر مخيف، ولن أصاب بالملل والكلل من ترديد عبارات سورية في خطر داهم وأن الشرور تحيط بها من كل اتجاه،
إذ تجري على أرضها معارك حامية يقودها قيادات عسكرية غربية وجندها يتكونون من المرتزقة القادمين من خارج الحدود وغيرهم من التنظيمات المتطرفة، ومع الأسف الشديد لا أحد يسمع ما نقول ولو أنهم تيقنوا ما قلنا في عامي 1991، 2003 لما أصبح حال أمتنا على ما هي عليه اليوم، ما حدث ويحدث للعالم العربي ليس من قبيل الصدفة بل هو نتيجة مخطط إستعماري صهيوني حتى تكون إسرائيل هي السيد المطاع في الشرق الأوسط فضلاً عن حماية أمنها في المنطقة، عن طريق تدخل الغرب في الشؤون الداخلية في مصر والعراق وليبيا واليمن أو عن طريق تنفيذ سيناريو سورية المعد مسبقاً لتقسيمها وحل القضية الفلسطينية وفق الرؤية الإسرائيلية.
اليوم لا يمكن إنكار إن ساحات الإشتباك الدولي والإقليمي بين دمشق وواشنطن وحلفاؤها قد تمددت بشكل واسع, فاليوم لايمكن لأي متابع ان ينكر حقيقة أن السوريين يواجهون مشروعآ غربيآ الهدف منه تقويض الجهود السورية في الوصول الى الأمن والإستقرار, مع محاولات غربية- أمريكية لتفجير الداخل السوري, وما يدلل على ذلك هو حجم الدعم الأمريكي –الغربي والعلني للمتطرفين، ومن هنا يبدو أن مفاعيل ومسارح الإشتباك الدولي بين دمشق وواشنطن قد وصل الى درجة الخطوط الحمراء والتي لا يمكن ان يصمت عليها السوريين.
حذرت سورية في وقت سابق من خطورة تنامي التنظيمات المتطرفة وإشاعة الفوضى والإضطرابات مما يترك آثاراً سلبية مباشرة على الأمن والإستقرار في المنطقة، بالمقابل تجاهلت الإدارة الأمريكية هذه التحذيرات، بالطبع المستفيد الأول والأخير من هذا التجاهل هو تنظيم داعش لأن قوات التحالف تكتفي بالقيام بضربات جوية إستعراضية دون المساس بجوهر البنية الأساسية العسكرية لداعش، في حين أن بإمكانها القضاء عليه خلال ساعات وليس ثلاث سنوات كما يدعي الرئيس أوباما، في إطار ذلك فإن الإستراتيجية الأمريكية بالإرهاب قائمة على تحقيق هدفين أساسيين، الأول:إستقرار الرأسمالية وإقناع مواطنيها بأن الإسلام هو العدو الجديد للغرب، أما الهدف الثاني: فهو تفتيت المنطقة إلى دويلات عرقية وطائفية، مما يجعل وجود إسرائيل مقبولاً بوصفها دولة دينية وسط محيط مماثل، وضمان عدم قيام حروب ضخمة تعطل أمريكا عن تحقيق أهدافها في منطقة الشرق الأوسط، إلا اننا لا نرى إلا الهدف الثاني، حيث إتضح أنه الأسلوب الأمريكي الأمثل والأفضل لتحقيق الهدف الأول، بمعنى أن تفتيت البلدان العربية عرقيا وطائفيا هو المخطط الإستراتيجي الذي يكفل تحقيق هدف إستقرار الغرب وسيطرته على المنطقة العربية، من هنا يتبين لنا أن الإرهاب ضرورة أساسية لأمريكا لتحقيق أهدافها ومصالحها في المنطقة، ولن توافق واشنطن على حل يستأصل الإرهاب، ولن تجاهر بحمايته، وبالتالي فإنها ستسمح بإجراءات تقليم محدودة، تزيد من عمر الإرهاب وآثاره، وطبقاً لهذا المفهوم يمكننا أن نستخلص ونفهم سبب تسليح أمريكا المليشيات المختلفة حتى تبقى شرارة نيران الحرب الأهلية مشتعلة في سورية بما يؤدي إلى تفتيتها إلى دويلات علوية وكردية وسنية وذلك بدعوى عدم الإخلال بالتوازن على الأرض، بالتالي فإن
الغريب في الموقف الأمريكي أنه في الوقت الذي تعلن فيه واشنطن مطالبة العالم بضرورة مواجهة وإجتثاث التنظيمات الإرهابية، نجدها في المنحى الآخر تتجاهل بأنها هي التي ساهمت في إنشاء هذه الجماعات وساعدتها ومولتها بالمال والسلاح ووظفتها لإضعاف المنطقة العربية وتفتيت دولها وجيوشها، وهو ما يعكس الإزدواجية في التعامل الأمريكي مع الجماعات الإرهابية، وهنا تتمثل خطورة هذه الإزدواجية في تأجيج الصراع وتطيل أمده وتفسح المجال لهذه الجماعات للتغلغل في المجتمع السوري أكثر، هذا إلى جانب تغاضي الولايات المتحدة عن دعم تركيا لتنظيم داعش سواء بالإمداد بالأفراد والسلاح والأموال عبر حدودها مع سورية أو بتقديم التسهيلات اللوجستية إلى عناصر داعش، وبالتالي فإن القصف الجوي الأمريكي للأهداف الداعشية في سورية غير فعال، ويبدو أن ذلك عن عمد لأنه ينفذ بعيداً عن الأهداف العسكرية المهمة والمرصودة جيداً بل ينفذ ضد أهداف ثانوية غير ذات أهمية إستراتيجية، هذا فضلاً عن إلقاء مساعدات عسكرية إلى داعش.
في سياق متصل إن المشهد الذي تشهده دول منطقة الشرق الأوسط تؤكد بما لا يدع مجال للشك أن المشروع الأمريكي "الشرق أوسط الجديد" يواجه سقوطاً وفشلاً ذريعاً على أبواب دمشق، وأدلة الفشل على ذلك كثيرة، بدءاً بسقوط وفشل جميع العمليات الإرهابية التي جرت وتجرى داخل سورية في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية، وقد ثبت لأعداء سورية وعلى رأسها أمريكا أن مشروع تقسيم سورية تحت وهم إرساء الديمقراطية إنقلب صفر اليدين بعد أن إنكشفت كل الآلاعيب والأكاذيب ورأى العالم أجمع ما يجري في العراق وليبيا واليمن، وحتى الأدوات التي تستخدمها أمريكا لتحقيق أهدافها ومخططاتها، وعلى رأسها داعش وأخواتها أصبحت أيضا مكشوفة، لذلك لن ترضخ سورية أمام كل الضغوط، التي تفرضها عليها واشنطن وحلفائها إقتصاديآ وأمنيآ وسياسيآ، وأعتقد أن دمشق ستكشر عن أنيابها لتعيد الكرة الى الملعب السوري لأن دمشق هي من تملك لوحدها مفاتيح ضبط وإعادة تريبب أوراقها من جديد وخصوصآ بالداخل السوري.
في إطار ذلك بدأت الأوراق تنكشف وبوضوح، من يريد تقطيع سورية، في إطار ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير عن طريق تدمير وتقسيم سورية الى فدراليات والزج بها في نزاعات ومجازر دموية أخرى مستمرة حتى الآن تروج لها أجندة بعض فضائيات الدعاية والدمار التابعة لمافيا شركات السلاح والنفط العالمية، وفي خضم الحرب على سورية فأن الشعب السوري قال كلمته و بقوة وصوت عالي بأنه ضد التقسيم والتفكيك، وسيعمل جاهداً حتى لا يصل المتآمرون على سورية إلى هدفهم وأطماعهم، من هنا يجب على الدول العربية أن تفهم أن من يحرس أمنهم القومي اليوم ويتحمل كل الأعباء المالية والبشرية ويقاتل بالنيابة عنهم جميعاً هم الجيش السوري والمقاومة والجيش العراقي الذي مازال يستجمع قواه التي مزقتها أميركا في يوم من الأيام بالتعاون مع عرب كانوا يتحدثون عن أمن عربي وعروبة.
واختم مقالتي بالقول إن هدف أمريكا هو إبادة الشعب السوري لصالح إسرائيل ، فالآن إسرائيل تخطط وامريكا تنفذ، لذا يجب علينا أن نستيقظ ونحفر الصخر بأظافرنا دفاعاً عن أنفسنا حتى لا يجرفنا الطوفان القادم، ولا بد أمام هذا الواقع من صحوة الضمير من قبل الشعوب العربية وأن تعي خطورة ما تقوم به الدول الإستعمارية من أهداف سعياً لتعزيز أمن إسرائيل والسيطرة على مقدرات البلاد، ويجب إدراك المصلحة الحقيقية للأمة العربية وعزل أمريكا وإسرائيل من أن تكون اللاعب الرئيسي أو الفرعي في تقرير مصير الصراع ومآلاته، وبإختصار شديد أقول أن تهديدكم لن يخوفنا أبدا, بل يزيدنا قوة على قوة في مواجهة الأطراف التي تريد النيل من سورية ، أن الواجب يحتم علينا الوقوف يد واحدة أمام هذه التهديدات التي تنم عن وجود أحقاد دفينة للنيل من المقاومة وعلى رأسها سورية، وفي النهاية آمل أن يعيد السلام إلى أرض السلام "سورية"التي حوّلوها الغرب وحلفاؤه أرضاً للحديد والنار والقتل والدمار والذبح والخطف، باسم الحرية وهم أبعد الناس عنها.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة