دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تظهر بصمات محور المقاومة بشكلٍ واضح في معركة الجنوب السوري من خلال التكتيكات العسكرية المستخدمة بدقة في سياق المعارك. كل شيء من جهة “العسكرة” في معركة الجنوب بدا لافتاً، الإنضباط، المهارة، القدرة على المناورة، إسقاط المسلحين والمحاور، والأبرز التكتيكات المستخدمة المغايرة لتلك السابقة.
معركة ريف درعا الجنوبي تكتسب أهمية خاصة لمحور المقاومة، هي لا تأتي في إطار الرد على إغتيال القادة في المقاومة في غارة القنيطرة الصهيونية قبل الشهر ونيف، بل تذهب أبعد من ذلك في إطار الرد على المشاريع الصهيونية في عقر مسرح أحداث “إسرائيل” الذي توفر بظل جهود الميليشيات المسلحة. عليه، فإن هذه الأهمية لا بد أن يكون لها أهمية أخرى من حيث السياق العملاتي – العسكري في الميدان، من خلال عمليات الضم والفرز للاراضي المُسيطر عليها، وتلك التي تتقدم القوات نحوها. كل مسرح الجنوب بات ملعباً للجيش السوري ومحور المقاومة ككل. بات هو من يقرر إيقاع العمليات ووتيرتها. المسلحون في إنكماشٍ كامل، شللٌ في القدرات والموارد والرد وطبيعة العمل الميداني، شللٌ على صعيد الدعم اللوجستي – العسكري، وشللٌ مضاف من جهة التنسيق بين المجموعات.
يرصد ضابط ميدان في المقاومة حركة إتصالات المجاميع المسلحة في نطاق العملية. إتهامات وشحذ مساعدات هو ما يخلص لتحليله من سياق ما سمع. مجموعات تتحارب “لاسلكياً” ترمي الإتهامات وتندب قلّة الناصر والمصير المنتظر الذي بات قاب قوسين. لا تنظيمات أو حركات تدعم هنا، كلها تراجعت بسحر ساحر وتتمركز من جهة مدينة “الحارة”. تقاتلوا على من يمكث في المحاور الأمامية مواجهاً زحف حزب الله، الجيش السوري، والحرس الثوري. الجيش الحر كان أول المبادرين إلى الفرار من المعركة واللجوء إلى مؤخرة الجبهة. هو كرّر الفعلة ايضاً هنا مقدماً نموذجاً جديداً في فن الفرار التكتيكي. إنهيار واضح في صفوف المسلحين الذين أصيبوا بالشلل الكامل على جبهات القتال. اصابهم العقم في إستنباط الحلول، للحؤول دون تمدد الجيش السوري. لا تكتيكات لديهم سوى الاعتماد على عمليات الكر والفر والتنقل في خطوط الدفاع الامامية من زاوية إلى زاوية.
على صعيد محور المقاومة الأمور أفضل. هنا تكتيكات عُمل عليها بإتقان أفقدت في الأيام الأولى للمعركة مصادر قوة المسلحين وإعتماداتهم الكبرى. تفيد معلومات “الحدث نيوز”، ان الجيش السوري عبر سلاح الجو عمل وفق تكتيك مغاير تقريباً للتكتيكات التي عُمل عليها في المعارك السابقة. فتلك المعارك كان التركيز فيها بالنسبة لسلاح الجو على إستهداف الدُشم، التحصينات، الخطوط الامامية، عوامل القوة في مناطق سيطرة المسلحين وتجمعاتهم وثكناتهم العسكرية. في معركة الجنوب عُدل ذلك ليشمل التركيز الكامل على إستهداف الاليات رباعية الدفع من حاملات رشاشات ثقيلة، إلى قاذفات الصواريخ (المحمولات) القريبة والمتوسطة، ومرابط الهاون التي تمت ملاحقتها بكثافة. دك الجيش هذه العوامل فقداً المسلحين قسماً كبيراً منها بعد ان درسة وتأكد إعتماد المجاميع الكلي عليها.
إستخدم وابل كثيفاً من الصواريخ كعوامل حرق للميدان لافراغ المناطق المستهدفة من المسلحين عبر إجبارهم على الإنسحاب، وهذا ما حصل. نكاد نقول ان الغطاء الصاروخي كان الأغنف منذ بدء المعارك في سوريا ككل، ما يدل على الشدة التي يعمل عليها الجيش على هذه الجبهة تحديداً.
تابع الجيش تغيير التكتيكات، فبدل تركيز الاستهداف على المحاور الأمامية بشكل كلي وفتحها لمرور القوات، عدّل ذلك من خلال فتح ثغرات في جوانب القرى عبر تركيز القصف الصاروخي على الاطراف المدعوم بغارات مقاتلات سلاح الجو التي فتحت الممرات، فتقدمت الكتائب المقاتلة كل كتيبة خلف جرافة تعمل على شق الطريق ورفع السواتر الترابية عبر الجرف أثناء التقدم، هذه، اعطت لوحدات الجيش والمقاومة تغطية هامة جداً بحيث كانت تُبنى السواتر الحامية للجنود عند كل بضعت أمتار يتم التقدم فيها، ما يُسهل لهم التنقل بحرية وأمان والانتقال إلى عمق المناطق وخوض الاشتباكات في ساحاتها دون الكتل السكنية التي تكفل فيها سلاح الجو فور الاختراق مع إهتمام كتائب أخرى بإشغال المسلحين في المحاور الاخرى بإشتباكات تضيع بوصلتهم.
التكتيك هذا الواحد من بين تكتيكات نجحت في القرى التي سيطر عليها الجيش. معارك الريف الجنوبي لدرعا الدائرة حالياً تظهراً تفوق الأدمغة العسكرية لمحور المقاومة على نظرائهم من قادة المسلحين “أبناء الربع الخالي” في الجزء العلوي من الرأس المتحجر وتظهر مدى صلابة الجيش المتجه نحو تفكيك الخلايا المتصهينة عند هضاب الجولان.
المصدر :
الحدث نيوز / عبدالله قمح
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة