في وقت تغرق فيه المواقع الإعلامية الإلكترونية بعناوين وأخبار عن جهود الولايات المتحده الأميركية في محاربة الإرهاب، وقد عقد مؤتمر ضمّ أكثر من ستين دولة في واشنطن بعنوان «محاربة العنف لدى المتطرفين» برعاية الرئيس الأميركي باراك أوباما ، نجد أنّ الإرهاب ينتقل من منطقة إلى أخرى، ووفق خطة مرسومة تضمن للولايات المتحدة فرض شروطها على الحلفاء وضبط إيقاع القتال على الخصوم. ففي ليبيا لم تجد الولايات المتحدة ما يبرّر قبول الطلب المصري بتشكيل تحالف دولي لضرب إرهاب «داعش» واختار التحالف الغربي أن يكون الحلّ سياسياً من خلال تشكيل حكومة وطنية في بلد تمّ تمزيقة من أربع سنوات تقريباً وتحويله إلى دويلات وفق مشروع تقسيم ليبيا إلى ثلاث أقاليم أحدها مدعوم من تركيا الحليف الأقرب إلى أميركا، رغم كلّ الخلافات التي تتصدر عناوين الصحف بين الحين والآخر.

لم يكن الرفض الأميركي للمشروع المصري في مجلس الأمن ناتجاً عن رغبة أميركية في إحلال السلام على بلد مثل ليبيا، لكنّ أميركا لا تريد تقليم أظافر حليفها التركي في ليبيا، وخصوصاً بعد سقوط الإخوان المسلمين في مصر وتحجيم دورهم في تونس بعد

الانتخابات الأخيرة. ويصبّ الرفض الدولي للطلب المصري في إطار إعطاء فرصة للجماعات الإرهابية للتحصّن وتثبيت مواقعها، وذلك وفق ما يخدم المشروع الأميركي في جعل ليبيا مركز تدريب وتصدير للإرهاب، وخصوصاً أنّ تلك الجماعات تتبع في شكل أو آخر للحليف التركي المقدم والمفضل على العرب لدى الولايات المتحده الأميركية، وبذلك تجد أميركا فرصة لفرض شروطها على حليفها المصري الذي يحاول الخروج من عنق الزجاجة والعودة بقوة إلى الحضور في صنع القرارات العربية والدولية.

وفي وقت تنشر فيه الصحف التركية تحذيرات استخباراتية عن ضربات إرهابية لـ«داعش» متوقعة أن تستهدف البعثات الديبلوماسية الأجنبية في اسطنبول وأنقرة، تفتح الحكومة التركية معبر «باب السلامة» لدخول مئات الإرهابيين لمحاربة الجيش السوري في شمال سورية ومنع تقدمه وبسط نفوذ الدولة على الأراضي السورية التي يسيطر عليها الإرهاب المدعوم من أميركا والغرب، عبر البوابة التركية التي لم تكن في يوم من الأيام وطوال الحرب على سورية، إلا بوابة لعبور الإرهاب. هذا الإجراء المتناقض تماماً مع ما تدّعيه دائماً الولايات المتحدة وتركيا حول محاربة الإرهاب وقتال «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية.

 

إنّ ما تقدمه تركيا من خدمات للولايات المتحده الأميركية، لا يقلّ أهمية عن ما تقدمة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش»، هذا التنظيم الذي أثبت كما غيره من التنظيمات أنه ينفذ مشروع الصهيونية العالمية من خلال سرقة التاريخ الإنساني للمنطقة ونهب ثرواتها وقتل وتشريد سكانها، بما يخدم فكرة تفريغ الشرق من سكانه الأصليين، وهذه الفكرة أساسها المشروع الصهيوني الذي توج في جريمة مذابح الأرمن والتي وصل عدد الضحايا فيها إلى أكثر من مليون إنسان قتلوا على يد العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، ولا تزال تركيا وريث الإمبراطورية العثمانية ترفض الاعتراف أو الاعتذار عن تلك الجرائم التي تؤكدها الأمم المتحدة.

تركيا ليست أفضل من «داعش» من خلال تاريخها وحاضرها الذي يخدم اليوم الإرهاب بكلّ صوره، وهي تبرّر ذلك بأنها تدعم ما يسمى « ثورة سورية»، هذا المصطلح الذي أصبح حجة لتبرير وتمرير المشاريع الإرهابية التي تطال الشعب السوري أولاً وآخراً.

ولا يخفى على أحد أنّ واردات الخزينة التركية ارتفعت من التجارة غير المشروعة مع «داعش» الذي يسرق النفط السوري والعراقي ويقدمه لها بأبخس الأثمان، عدا عن ازدهار كلّ أنواع التجارة الغير شرعية وعلى رأسها الاتجار بالبشر الذي يقود جزءاً منه مكتب محامية «إسرائيلية» يهتم بشراء الأطفال الرضع ليتمّ بيعهم لعائلات يهودية في فلسطين المحتلة، وقد ثبت أنّ أكثر ضحايا مجازر «داعش» الجماعية تتمّ سرقة أعضائهم ليصار إلى نقلها إلى السوق التركية المعبر الوحيد للتنظيم الإرهابي.

إنّ «داعش» ومن في فلكه مثل «النصرة» و«جيش الإسلام»، وحتى ما يطلق عليهم اسم «مقاتلين معتدلين» سيتم تدريبهم على يد ضباط أتراك على الأراضي التركية، وفق ما أعلنته الخارجية الأميركية، ليسوا إلا الأدوات والوجه الآخر للعملة الأميركية، أما العرب الذين يغذون هذه الجرائم ويدعمون الدور التركي هذا، فما هم إلا أدوات أو مجموعات مغلوبة على أمرها لا تدرك خطورة هذه القرارات وهذا الدعم الذي سيجعلهم في نهاية المطاف قشة في مهبّ الريح ويمزق كياناتهم ودولهم التي تدفع المليارات من صناديقها السيادية لخدمة المشروع الصهيوني ـ الأميركي في الاستيلاء على مصادر الطاقة والممرّات المائية الدولية.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2015-02-24
  • 12813
  • من الأرشيف

«داعش» وتركيا وجهان للنهج الأميركي في المنطقة...

 في وقت تغرق فيه المواقع الإعلامية الإلكترونية بعناوين وأخبار عن جهود الولايات المتحده الأميركية في محاربة الإرهاب، وقد عقد مؤتمر ضمّ أكثر من ستين دولة في واشنطن بعنوان «محاربة العنف لدى المتطرفين» برعاية الرئيس الأميركي باراك أوباما ، نجد أنّ الإرهاب ينتقل من منطقة إلى أخرى، ووفق خطة مرسومة تضمن للولايات المتحدة فرض شروطها على الحلفاء وضبط إيقاع القتال على الخصوم. ففي ليبيا لم تجد الولايات المتحدة ما يبرّر قبول الطلب المصري بتشكيل تحالف دولي لضرب إرهاب «داعش» واختار التحالف الغربي أن يكون الحلّ سياسياً من خلال تشكيل حكومة وطنية في بلد تمّ تمزيقة من أربع سنوات تقريباً وتحويله إلى دويلات وفق مشروع تقسيم ليبيا إلى ثلاث أقاليم أحدها مدعوم من تركيا الحليف الأقرب إلى أميركا، رغم كلّ الخلافات التي تتصدر عناوين الصحف بين الحين والآخر. لم يكن الرفض الأميركي للمشروع المصري في مجلس الأمن ناتجاً عن رغبة أميركية في إحلال السلام على بلد مثل ليبيا، لكنّ أميركا لا تريد تقليم أظافر حليفها التركي في ليبيا، وخصوصاً بعد سقوط الإخوان المسلمين في مصر وتحجيم دورهم في تونس بعد الانتخابات الأخيرة. ويصبّ الرفض الدولي للطلب المصري في إطار إعطاء فرصة للجماعات الإرهابية للتحصّن وتثبيت مواقعها، وذلك وفق ما يخدم المشروع الأميركي في جعل ليبيا مركز تدريب وتصدير للإرهاب، وخصوصاً أنّ تلك الجماعات تتبع في شكل أو آخر للحليف التركي المقدم والمفضل على العرب لدى الولايات المتحده الأميركية، وبذلك تجد أميركا فرصة لفرض شروطها على حليفها المصري الذي يحاول الخروج من عنق الزجاجة والعودة بقوة إلى الحضور في صنع القرارات العربية والدولية. وفي وقت تنشر فيه الصحف التركية تحذيرات استخباراتية عن ضربات إرهابية لـ«داعش» متوقعة أن تستهدف البعثات الديبلوماسية الأجنبية في اسطنبول وأنقرة، تفتح الحكومة التركية معبر «باب السلامة» لدخول مئات الإرهابيين لمحاربة الجيش السوري في شمال سورية ومنع تقدمه وبسط نفوذ الدولة على الأراضي السورية التي يسيطر عليها الإرهاب المدعوم من أميركا والغرب، عبر البوابة التركية التي لم تكن في يوم من الأيام وطوال الحرب على سورية، إلا بوابة لعبور الإرهاب. هذا الإجراء المتناقض تماماً مع ما تدّعيه دائماً الولايات المتحدة وتركيا حول محاربة الإرهاب وقتال «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية.   إنّ ما تقدمه تركيا من خدمات للولايات المتحده الأميركية، لا يقلّ أهمية عن ما تقدمة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش»، هذا التنظيم الذي أثبت كما غيره من التنظيمات أنه ينفذ مشروع الصهيونية العالمية من خلال سرقة التاريخ الإنساني للمنطقة ونهب ثرواتها وقتل وتشريد سكانها، بما يخدم فكرة تفريغ الشرق من سكانه الأصليين، وهذه الفكرة أساسها المشروع الصهيوني الذي توج في جريمة مذابح الأرمن والتي وصل عدد الضحايا فيها إلى أكثر من مليون إنسان قتلوا على يد العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، ولا تزال تركيا وريث الإمبراطورية العثمانية ترفض الاعتراف أو الاعتذار عن تلك الجرائم التي تؤكدها الأمم المتحدة. تركيا ليست أفضل من «داعش» من خلال تاريخها وحاضرها الذي يخدم اليوم الإرهاب بكلّ صوره، وهي تبرّر ذلك بأنها تدعم ما يسمى « ثورة سورية»، هذا المصطلح الذي أصبح حجة لتبرير وتمرير المشاريع الإرهابية التي تطال الشعب السوري أولاً وآخراً. ولا يخفى على أحد أنّ واردات الخزينة التركية ارتفعت من التجارة غير المشروعة مع «داعش» الذي يسرق النفط السوري والعراقي ويقدمه لها بأبخس الأثمان، عدا عن ازدهار كلّ أنواع التجارة الغير شرعية وعلى رأسها الاتجار بالبشر الذي يقود جزءاً منه مكتب محامية «إسرائيلية» يهتم بشراء الأطفال الرضع ليتمّ بيعهم لعائلات يهودية في فلسطين المحتلة، وقد ثبت أنّ أكثر ضحايا مجازر «داعش» الجماعية تتمّ سرقة أعضائهم ليصار إلى نقلها إلى السوق التركية المعبر الوحيد للتنظيم الإرهابي. إنّ «داعش» ومن في فلكه مثل «النصرة» و«جيش الإسلام»، وحتى ما يطلق عليهم اسم «مقاتلين معتدلين» سيتم تدريبهم على يد ضباط أتراك على الأراضي التركية، وفق ما أعلنته الخارجية الأميركية، ليسوا إلا الأدوات والوجه الآخر للعملة الأميركية، أما العرب الذين يغذون هذه الجرائم ويدعمون الدور التركي هذا، فما هم إلا أدوات أو مجموعات مغلوبة على أمرها لا تدرك خطورة هذه القرارات وهذا الدعم الذي سيجعلهم في نهاية المطاف قشة في مهبّ الريح ويمزق كياناتهم ودولهم التي تدفع المليارات من صناديقها السيادية لخدمة المشروع الصهيوني ـ الأميركي في الاستيلاء على مصادر الطاقة والممرّات المائية الدولية.    

المصدر : جمال العفلق


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة