ترتفع في أوروبا الأصوات الداعية إلى إعادة التواصل مع دمشق، وذلك مع تزايد المخاوف من عودة «الجهاديين» من سوريا إلى بلدانهم الأصلية وشن هجمات دامية. كما أن هناك رغبة داخل الاستخبارات الفرنسية بتجديد الحوار مع السلطات السورية.

إلى ذلك، وفي الوقت الذي قالت فيه مصادر سورية مسؤولة، لـ «السفير»، إن دمشق مستعدة لتسهيل وصول فريق تابع إلى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى حلب لمعاينة ميدانية لما يمكن أن يكون «القطاع الرقم واحداً» لتجريب تطبيق خطته لتجميد القتال، معلنة أن «وقف القصف لمدة ستة أسابيع مشروط بموافقة الطرف الثاني عليها»، واصلت المجموعات المسلحة، وبينها «جبهة النصرة»، حشد مسلحيها في ريف حلب الشمالي لمنع الجيش السوري من مواصلة الهجوم الذي حقق اختراقاً كبيراً، مغلقاً بالنار أهم الطرق التي تربط المدينة بتركيا.

 

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن قررت تزويد «المقاتلين المعتدلين» بشاحنات «بيك أب» مزودة برشاشات وأجهزة لاسلكي لاستدعاء الضربات الجوية الأميركية، مشيرين إلى أن الغارات في عين العرب (كوباني) ساعدت في طرد مسلحي «داعش» من المنطقة. وأشارت إلى أن المسؤولين الأميركيين يواجهون أسئلة حول ما إذا كان يمكن للطائرات الحربية استهداف القوات السورية ام لا.

ويقول ديبلوماسيون إن بعض دول الاتحاد الأوروبي، التي سحبت سفراءها من سوريا، أصبحت تتحدث بمزيد من الصراحة في الاجتماعات الداخلية عن الحاجة للتحاور مع الحكومة السورية، ولأن يكون لها وجود في دمشق. وترفض كل من لندن وباريس ذلك..

ومن غير المرجح أن يؤدي هذا إلى تغير في سياسة الاتحاد الأوروبي، لكن الجدل يبرز المأزق الذي تواجهه الدول الغربية التي فرضت عقوبات على دمشق.

وقال ديبلوماسيون إن الدعوات جاءت من عدة دول أو تدعمها، وهي السويد والدنمارك ورومانيا وبلغاريا والنمسا واسبانيا، وتشيكيا التي لم تسحب سفيرها من سوريا. كما تؤيد النروج وسويسرا، وهما من خارج الاتحاد، هذه الخطوة.

وعلى الرغم من الخلافات داخل أوروبا بشأن الأزمة السورية، فإن الدعوات زادت منذ تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق وسوريا» ـــ «داعش» في الصيف الماضي وبدء ضربات جوية بقيادة الولايات المتحدة ضده.

وقال ديبلوماسي أوروبي «بعض الدول تقول: بشار أمر واقع، ويجب أن نضع هذا في الاعتبار إذا كانت هناك تهديدات لأوروبا» في إشارة إلى خطر أن ينفذ «الجهاديون» العائدون من سوريا هجمات في الداخل.

ويقول دبلوماسيون إن من المفهوم بوجه عام أنه لا بد وأن تجرى مفاوضات، غير أن بريطانيا وفرنسا تعتبران رحيل الأسد شرطاً مسبقاً، لكن احتمالات انهيار حكومته تتراجع. وقال ديبلوماسي رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي «كنا بانتظار أن يسقط كبيت من ورق، لكن المشكلة أننا ننتظر منذ أربع سنوات دون أن يحدث هذا».

وقال وزير خارجية الدنمارك مارتن ليدغارد، رداً على سؤال حول خطة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لتجميد القتال في حلب، «من المهم أن يدعم الاتحاد الأوروبي الوسيط الأممي وجهوده للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وفي ما يتصل بذلك لا يمكن أن نتجنب الحوار مع النظام في دمشق لأنه يمثل عنصر قوة».

ويشير ديبلوماسيون أوروبيون إلى ما يعتبرونه تغيراً في موقف الولايات المتحدة من سوريا. ويقول ديبلوماسيون أميركيون إنهم لم يحيدوا عن هدف «إطاحة» الأسد من الحكم، لكنهم لا يجدون سياسة قادرة على تحقيق ذلك بثمن مقبول، ونتيجة لذلك فإنهم تعايشوا مع استمرار الأسد في منصبه   وأوضحوا أن تركيز واشنطن ينصب على محاربة «داعش».

 

ويقول ديبلوماسيون إن الأسد حريص على أن يعيد الغرب فتح سفاراته، لكنهم يستبعدون هذا في الوقت الراهن. ويرى البعض حلاً وسطاً يتمثل في التحاور مع دمشق مع التنديد بالعنف والدعوة إلى إدخال المساعدات. وقال ديبلوماسي «كنت لأتردد في استخدام كلمة حوار.. الأمر يتعلق بالتواصل مجددا».

وحتى في باريس، هناك بعض الشكاوى من طريقة التعامل مع الأزمة. وقال ديبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، دعا إلى مزيد من الحوار مع السوريين والإيرانيين، إن إغلاق السفارة كان خطأً.

وتوفد عدة دول أوروبية ديبلوماسييها إلى دمشق لكنهم لا يقيمون هناك رسمياً. وقال الديبلوماسي الفرنسي «الآخرون الذين تركوها (السفارات) مفتوحة تمكنوا من أن تكون لهم عيون على الأرض ومن الاحتفاظ بعلاقة مع الأسد». وأضاف «ليست لدينا فكرة واضحة عما يحدث. الرغبة في تجديد الحوار موجودة داخل دوائر الاستخبارات».

  • فريق ماسة
  • 2015-02-18
  • 13149
  • من الأرشيف

نقاش أوروبي مرتبك: كيف نتواصل مع دمشق؟

ترتفع في أوروبا الأصوات الداعية إلى إعادة التواصل مع دمشق، وذلك مع تزايد المخاوف من عودة «الجهاديين» من سوريا إلى بلدانهم الأصلية وشن هجمات دامية. كما أن هناك رغبة داخل الاستخبارات الفرنسية بتجديد الحوار مع السلطات السورية. إلى ذلك، وفي الوقت الذي قالت فيه مصادر سورية مسؤولة، لـ «السفير»، إن دمشق مستعدة لتسهيل وصول فريق تابع إلى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى حلب لمعاينة ميدانية لما يمكن أن يكون «القطاع الرقم واحداً» لتجريب تطبيق خطته لتجميد القتال، معلنة أن «وقف القصف لمدة ستة أسابيع مشروط بموافقة الطرف الثاني عليها»، واصلت المجموعات المسلحة، وبينها «جبهة النصرة»، حشد مسلحيها في ريف حلب الشمالي لمنع الجيش السوري من مواصلة الهجوم الذي حقق اختراقاً كبيراً، مغلقاً بالنار أهم الطرق التي تربط المدينة بتركيا.   ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن قررت تزويد «المقاتلين المعتدلين» بشاحنات «بيك أب» مزودة برشاشات وأجهزة لاسلكي لاستدعاء الضربات الجوية الأميركية، مشيرين إلى أن الغارات في عين العرب (كوباني) ساعدت في طرد مسلحي «داعش» من المنطقة. وأشارت إلى أن المسؤولين الأميركيين يواجهون أسئلة حول ما إذا كان يمكن للطائرات الحربية استهداف القوات السورية ام لا. ويقول ديبلوماسيون إن بعض دول الاتحاد الأوروبي، التي سحبت سفراءها من سوريا، أصبحت تتحدث بمزيد من الصراحة في الاجتماعات الداخلية عن الحاجة للتحاور مع الحكومة السورية، ولأن يكون لها وجود في دمشق. وترفض كل من لندن وباريس ذلك.. ومن غير المرجح أن يؤدي هذا إلى تغير في سياسة الاتحاد الأوروبي، لكن الجدل يبرز المأزق الذي تواجهه الدول الغربية التي فرضت عقوبات على دمشق. وقال ديبلوماسيون إن الدعوات جاءت من عدة دول أو تدعمها، وهي السويد والدنمارك ورومانيا وبلغاريا والنمسا واسبانيا، وتشيكيا التي لم تسحب سفيرها من سوريا. كما تؤيد النروج وسويسرا، وهما من خارج الاتحاد، هذه الخطوة. وعلى الرغم من الخلافات داخل أوروبا بشأن الأزمة السورية، فإن الدعوات زادت منذ تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق وسوريا» ـــ «داعش» في الصيف الماضي وبدء ضربات جوية بقيادة الولايات المتحدة ضده. وقال ديبلوماسي أوروبي «بعض الدول تقول: بشار أمر واقع، ويجب أن نضع هذا في الاعتبار إذا كانت هناك تهديدات لأوروبا» في إشارة إلى خطر أن ينفذ «الجهاديون» العائدون من سوريا هجمات في الداخل. ويقول دبلوماسيون إن من المفهوم بوجه عام أنه لا بد وأن تجرى مفاوضات، غير أن بريطانيا وفرنسا تعتبران رحيل الأسد شرطاً مسبقاً، لكن احتمالات انهيار حكومته تتراجع. وقال ديبلوماسي رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي «كنا بانتظار أن يسقط كبيت من ورق، لكن المشكلة أننا ننتظر منذ أربع سنوات دون أن يحدث هذا». وقال وزير خارجية الدنمارك مارتن ليدغارد، رداً على سؤال حول خطة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لتجميد القتال في حلب، «من المهم أن يدعم الاتحاد الأوروبي الوسيط الأممي وجهوده للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وفي ما يتصل بذلك لا يمكن أن نتجنب الحوار مع النظام في دمشق لأنه يمثل عنصر قوة». ويشير ديبلوماسيون أوروبيون إلى ما يعتبرونه تغيراً في موقف الولايات المتحدة من سوريا. ويقول ديبلوماسيون أميركيون إنهم لم يحيدوا عن هدف «إطاحة» الأسد من الحكم، لكنهم لا يجدون سياسة قادرة على تحقيق ذلك بثمن مقبول، ونتيجة لذلك فإنهم تعايشوا مع استمرار الأسد في منصبه   وأوضحوا أن تركيز واشنطن ينصب على محاربة «داعش».   ويقول ديبلوماسيون إن الأسد حريص على أن يعيد الغرب فتح سفاراته، لكنهم يستبعدون هذا في الوقت الراهن. ويرى البعض حلاً وسطاً يتمثل في التحاور مع دمشق مع التنديد بالعنف والدعوة إلى إدخال المساعدات. وقال ديبلوماسي «كنت لأتردد في استخدام كلمة حوار.. الأمر يتعلق بالتواصل مجددا». وحتى في باريس، هناك بعض الشكاوى من طريقة التعامل مع الأزمة. وقال ديبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، دعا إلى مزيد من الحوار مع السوريين والإيرانيين، إن إغلاق السفارة كان خطأً. وتوفد عدة دول أوروبية ديبلوماسييها إلى دمشق لكنهم لا يقيمون هناك رسمياً. وقال الديبلوماسي الفرنسي «الآخرون الذين تركوها (السفارات) مفتوحة تمكنوا من أن تكون لهم عيون على الأرض ومن الاحتفاظ بعلاقة مع الأسد». وأضاف «ليست لدينا فكرة واضحة عما يحدث. الرغبة في تجديد الحوار موجودة داخل دوائر الاستخبارات».

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة