لنكن واضحين، لقد كان الغرب يتدخل في السياسة السورية حتى قبل حكم الرئيس الأسد الأب الذي أنهى " فِرَق العمل السياسي" الأمريكية التي حرضّت على القيام بعدة انقلابات في سورية. ويجب التذكر أنَّ رئيس وزراء بريطانيا ماكميلان والرئيس الامريكي إيزنهاور حاكا مؤمرات لاغتيال قادة سوريين وسلحوا الإسلاميين عام 1957.  وقد كثّف جورج بوش هذه الحماسة في سياسته الخارجية حيث رأى أنَّ زعزعة استقرار سورية هي الطريق إلى تقويض إيران. لقد كان كل ذلك بسبب أنابيب النفط والغاز، وما يجري حالياً في سورية هو أيضاً بسبب أنابيب النفط والغاز.

لم تكن واشنطن ولندن مبتكرتين ومجددتين كثيراً في طريقة تغيير الأنظمة ، فقد تم تسليم حمولة 70 طائرة شحن مليئة بالأسلحة منذ آذار 2012 وحتى نيسان 2013 إلى المعارضة السورية وقد دفعت ثمنها قطر ودول الخليج الأخرى، وانضم الجنود البريطانيين إلى الأمريكيين في تدريب " المتمردين المعتدلين" ، كما انضم الأردن وتركيا والسعودية إلى الجوقة.

إنَّ قطر تواقة للدخول إلى سوق الغاز الأوروبية ، وقد اقتربت من سورية للسماح لها بتمديد أنابيب غاز  من أجل ذلك الهدف، لكنَّ الأسد رفض ، ووقعّت سورية فيما بعد اتفاقية مع إيران لبناء أنابيب غاز  من إيران إلى سورية عبر العراق، مما جعل قطر تدفع بلايين الدولارات كثمن للأسلحة التي تدفقت إلى المتمردين، فضلاً عن تقديمها الأموال للانتفاضة في سورية.  

إنَّ مجلس التعاون الخليجي ، الجناح الخليجي للناتو، الذي سحق ثورة البحرين وضع نصب عينيه الإطاحة بالحكومة السورية. وقد تأسست معسكرات الناتو لتدريب المتمردين السوريين على طول الحدود التركية – السورية، وقدمت ممالك البترودولار الاموال والسلاح من الأردن ولبنان. وقد عينّت السعودية  صديقة أمريكا الأمير السيء السمعة بندر للعمل على وضع أفكار لتغيير الحكومة السورية، وبعد أن طالب روسيا بتغيير موقفها المنحاز إلى الحكومة السورية، وفشل في ذلك، فعل أقصى ما يستطيع ، حيث سهل دخول الإسلاميين إلى سورية، وظهرت جبهة النصرة كمستلم رئيسي لكل الأسلحة التي قدمت إلى المعتدلين السوريين، وسرعان ما زاد تنظيم دولة العراق الإسلامية من طموحاته ليصبح " داعش" بعد أنْ أضاف بلاد الشام إلى اسمه.

لقد أشار محلل شؤون الشرق الأوسط الشهير سايمور هيرش إلى أنه بعد الادعاءات بحدوث هجمات بالأسلحة الكيمائية ، خططت واشنطن للقيام بهجمات قوية بهدف إحداث " الصدمة والرعب" في سورية، لكنَّ المستشارين أمروا بإيقافها قبيل منتصف الليل بلحظات فقط. وقد لفت هيرش إلى أنَّ ذلك حدث  لأنَّ واشنطن عرفت أنه قد تكون الدول التي تدفعها للتدخل في سورية هي التي نسقت لتنفيذ الهجمات الكيماوية.

لقد تدخل الغرب في الانتفاضة السورية منذ بدايتها، وأعمى الغاز والنفط عقله وأفقده صوابه، وقد توفي مليون عراقي بسبب غزوه للعراق، وقضى 200 الف سورية في الحرب الدائرة في سورية ، وإلى حد ٍ كبير ، لأنَّ " المواد الخام السوداء هي الجائزة في الشرق الاوسط " كما قال ديك تشيني، ولأنَّ الذي يملك السيطرة السياسية على طرق تدفق الغاز سيستمر بالإمساك ببطاقات السيطرة.  إنَّ " الصناعي " في المجمّع الصناعي العسكري الأمريكي هو الرابح الوحيد من الحرب، فضلاً عن شركات النفط التي تبرم العقود، وشركات السلاح التي تبرم صفقات الموت. لقد ساهم الغرب بشكل واضح في زعزعة استقرار سورية.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-02-11
  • 13080
  • من الأرشيف

هل أعمى النفط والغاز عقول الغرب ؟

لنكن واضحين، لقد كان الغرب يتدخل في السياسة السورية حتى قبل حكم الرئيس الأسد الأب الذي أنهى " فِرَق العمل السياسي" الأمريكية التي حرضّت على القيام بعدة انقلابات في سورية. ويجب التذكر أنَّ رئيس وزراء بريطانيا ماكميلان والرئيس الامريكي إيزنهاور حاكا مؤمرات لاغتيال قادة سوريين وسلحوا الإسلاميين عام 1957.  وقد كثّف جورج بوش هذه الحماسة في سياسته الخارجية حيث رأى أنَّ زعزعة استقرار سورية هي الطريق إلى تقويض إيران. لقد كان كل ذلك بسبب أنابيب النفط والغاز، وما يجري حالياً في سورية هو أيضاً بسبب أنابيب النفط والغاز. لم تكن واشنطن ولندن مبتكرتين ومجددتين كثيراً في طريقة تغيير الأنظمة ، فقد تم تسليم حمولة 70 طائرة شحن مليئة بالأسلحة منذ آذار 2012 وحتى نيسان 2013 إلى المعارضة السورية وقد دفعت ثمنها قطر ودول الخليج الأخرى، وانضم الجنود البريطانيين إلى الأمريكيين في تدريب " المتمردين المعتدلين" ، كما انضم الأردن وتركيا والسعودية إلى الجوقة. إنَّ قطر تواقة للدخول إلى سوق الغاز الأوروبية ، وقد اقتربت من سورية للسماح لها بتمديد أنابيب غاز  من أجل ذلك الهدف، لكنَّ الأسد رفض ، ووقعّت سورية فيما بعد اتفاقية مع إيران لبناء أنابيب غاز  من إيران إلى سورية عبر العراق، مما جعل قطر تدفع بلايين الدولارات كثمن للأسلحة التي تدفقت إلى المتمردين، فضلاً عن تقديمها الأموال للانتفاضة في سورية.   إنَّ مجلس التعاون الخليجي ، الجناح الخليجي للناتو، الذي سحق ثورة البحرين وضع نصب عينيه الإطاحة بالحكومة السورية. وقد تأسست معسكرات الناتو لتدريب المتمردين السوريين على طول الحدود التركية – السورية، وقدمت ممالك البترودولار الاموال والسلاح من الأردن ولبنان. وقد عينّت السعودية  صديقة أمريكا الأمير السيء السمعة بندر للعمل على وضع أفكار لتغيير الحكومة السورية، وبعد أن طالب روسيا بتغيير موقفها المنحاز إلى الحكومة السورية، وفشل في ذلك، فعل أقصى ما يستطيع ، حيث سهل دخول الإسلاميين إلى سورية، وظهرت جبهة النصرة كمستلم رئيسي لكل الأسلحة التي قدمت إلى المعتدلين السوريين، وسرعان ما زاد تنظيم دولة العراق الإسلامية من طموحاته ليصبح " داعش" بعد أنْ أضاف بلاد الشام إلى اسمه. لقد أشار محلل شؤون الشرق الأوسط الشهير سايمور هيرش إلى أنه بعد الادعاءات بحدوث هجمات بالأسلحة الكيمائية ، خططت واشنطن للقيام بهجمات قوية بهدف إحداث " الصدمة والرعب" في سورية، لكنَّ المستشارين أمروا بإيقافها قبيل منتصف الليل بلحظات فقط. وقد لفت هيرش إلى أنَّ ذلك حدث  لأنَّ واشنطن عرفت أنه قد تكون الدول التي تدفعها للتدخل في سورية هي التي نسقت لتنفيذ الهجمات الكيماوية. لقد تدخل الغرب في الانتفاضة السورية منذ بدايتها، وأعمى الغاز والنفط عقله وأفقده صوابه، وقد توفي مليون عراقي بسبب غزوه للعراق، وقضى 200 الف سورية في الحرب الدائرة في سورية ، وإلى حد ٍ كبير ، لأنَّ " المواد الخام السوداء هي الجائزة في الشرق الاوسط " كما قال ديك تشيني، ولأنَّ الذي يملك السيطرة السياسية على طرق تدفق الغاز سيستمر بالإمساك ببطاقات السيطرة.  إنَّ " الصناعي " في المجمّع الصناعي العسكري الأمريكي هو الرابح الوحيد من الحرب، فضلاً عن شركات النفط التي تبرم العقود، وشركات السلاح التي تبرم صفقات الموت. لقد ساهم الغرب بشكل واضح في زعزعة استقرار سورية.  

المصدر : كاونتر بانتش/ جوشوا فيرسامي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة