دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
المعارك الأخيرة بين «النصرة» و«حزم» ليست وليدة الأمس، بل هي جزءٌ من سعي «النصرة» إلى «ابتلاع معتدلي الغرب»، وتكريس «معادلة جهاديّة» في الشمال السوري.
وتوحي المؤشرات بأنّ «حركة أحرار الشام» و«الجبهة الشاميّة» المقرّبتين من تركيّا ستكونان في المحصلة الفائز الأكبر من التطورات. الأخيرة بدأت الحصاد عبر ضمّ «حزم» إلى مكوناتها
«حركة حزم» قررت أخيراً حزمَ حقائبها، مشتملةً على «تاو» وأخواته، والانضمام إلى «الجبهة الشامية» للاستقواء بها في وجه «جبهة النصرة» وحربها «ضدّ المفسدين». «الشاميّة» أصدرت أمس بياناً أعلنت فيه انضمام «حزم» إلى صفوفها، وحمل توقيع قائدها عبدالعزيز سلامة (إخواني الهوى، وأحد أصحاب الحظوة عند الأتراك) و«أهاب بكل الفصائل حلّ خلافاتها مع الحركة عن طريق قيادة الجبهة الشامية ومكتبها القضائي».
التطوّر يبدو لافتاً في دلالاته وعقابيله. هو تمهيد لاصطفافات جديدة تصب في خانة اللاعب التركي، وربّما تحوّل إلى مقدمة لحرب تُشنّ ضد «النّصرة» مشابهة لتلك التي شُنّت قبل عام تماماً ضدّ نظيرها «الدولة الإسلامية». حرب تضع الشمال أمام خيارين، تكريس «معادلة جهادية» مُعلنة متمثلة في «النصرة»، أو أخرى «مُقنّعة» متمثلّة في «أحرار الشام» وشركائها. «النصرة» كانت قد بدأت مرحلة ثانية من مراحل «تصفية معتدلي الغرب». ضمن هذا السياق بالذات ينبغي إدراج معاركها الأخيرة ضد «حزم» في ريفي حلب وإدلب. المرحلة الأولى سبق أن أُنجزت في تشرين الثاني الماضي (الأخبار / 2435)، وأفضَت إلى تحجيم «ثوار سوريا» وإقصائها على نحو شبه نهائي من المعادلة الميدانية في الشمال السوري. ومع صرف النظر عن حقيقة اعتدال «حزم» و«ثوار سوريا» ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أنّ المجموعتين قد خضعتا لعمليات تلميع غربية كبيرة، أميركية على وجه الخصوص. ومن المسلّم به أن «حزم» تحديداً كانت صاحبة النصيب الأوفر من الدعم الأميركي حتى وقت قريب. وكان قادة الحركة من بين الذين عقدوا لقاءات مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في تركيا، قبل بدء ضربات «التحالف» ضد تنظيم «داعش» (الأخبار / 2446). وغنيٌّ عن القول إنّ سباق المجموعات على الأرض يأتي مكمّلاً لسباقات بين اللاعبين الدوليين والإقليميين لغرس سكاكينهم في الكعكة السوريّة. «النصرة» تبدو مصمّمة على المضي في مشروع «استئصال جند أميركا» حتى نهايته، متذرعةً بـ«حرب المفسدين». الأمر الذي أكّده بيانٌ أصدرته أمس، وقالت فيه إنها «استردت مقارّها في معسكر الشيخ سليمان بعدما سلبتها حركة حزم غدراً». البيانُ شدّد أيضاً على أنّ «النصرة» لن «تترك حقاً من حقوق المجاهدين دون استرداده مهما كلف الثمن.. و(ستستمر) في محاربة المفسدين ورفع ظلمهم عن المظلومين».
«أصدقاء تركيّا» بدأوا القطاف
وسط معمعة القتال الحالي، ثمّة مؤشراتٌ على وجود دور تركي خفيّ، يضمن لاثنتين من أقرب المجموعات إلى الأتراك (هما «حركة أحرار الشام»، و«الجبهة الشامية»)، أن تقطفا ثمار حرب «حزم»، و«النصرة». المجموعتان سارعتا إلى الدخول على الخط، عبر منحيين، أولهما الدعوة إلى التهدئة و«الاحتكام إلى محكمة شرعية». والثاني استنفار قواتهما لـ «الفصل بين الطرفين». والحالُ أنّ تسلّم الحواجز من الطرفين، ودخول «قوات الفصل» إلى مناطق الاشتباك، يضمنان توسيع نفوذ «الوسيطَين» وحلولَهما مكان المتقاتلين. في تكرار لما حصل إبّان معارك «النصرة» و«ثوّار سوريا»، حيث كانت «أحرار الشام» الفائز الفعلي الأكبر. (الأخبار / 2441). «الشاميّة» كانت قد استبقت انضمام «حزم» إليها بإصدار بيان أكّدت فيه أنها «أرسلت قوات عسكرية إلى أماكن الاشتباك والتوتر بين الطرفين المتخاصمَين»، ودعت الطرفين إلى «الإيقاف الفوري لإطلاق النار وتسليم حواجزهما إلى قوات الجبهة الشامية لحين انتهاء الأزمة». بدورها؛ تشاركت «أحرار الشام» في إصدار بيانٍ مع «ألوية صقور الشام» (كلاهما من مكونات «الجبهة الإسلامية») يعلن فيه الطرفان «الاستنفار الكامل لمجاهديهما في الشمال». البيان أكّد أيضاً أن المجموعتين «تسعيان إلى صلح بين الطرفين، وإلى منع انتقال التوتر إلى مناطق جديدة». ودعا «أطراف الصراع إلى الامتثال لمحكمة شرعية مستقلة». وباتَ جليّاً أن «أحرار الشام» قد دخلت منذ اغتيال قادتها السابقين انعطافةً كرّست هيمنة «الجناح التركي» داخلَها (الأخبار / 2397). ويبدو لافتاً أن «الحركة» عادت أخيراً إلى واجهة المشهد بقوّة ذاهبة في خط بياني صاعد.
«حزم»: اتقوا الله!
بدورها، أصدرت «حركة حزم» بياناً دعت خلاله «الجبهة الإسلاميّة» و«الجبهة الشامية» إلى «تقوى الله» أثناء قيامهما بالفصل بينها وبين «النصرة»! وقال البيان ما حرفيّته: «نظراً لما نشعر به من خطر تكرار الخطأ في أسلوب الفصل، الذي ربما يعين الباغي، مع ثقتنا بسلامة موقف إخواننا في الجبهة الشامية والجبهة الإسلامية، فإننا نرجو من هذه الفصائل أن تتقي الله». البيان أكّد أن «الأَولى بقوات الفصل أن تبدأ من المهاجم لا من المدافع»، ولوّح بتهديدات مبطنة مفادُها كشف بعض الأوراق: «سننشر لاحقًا تفاصيل كل شيء». وليس معلوماً ما إذا كانت التهديدات المبطنة قد أدت دوراً في احتواء «حزم» تحت جناح «الشّامية».
و«الفرقة 16» تنضم إلى «الحرب»
رقعة المعارك تبدو مرشحةً للتوسّع، سواء من حيث الرقعة الجغرافيّة، أو عدد المجموعات المتحاربة. أحدث التطورات كانت دخول «الفرقة 16» التابعة لـ «الجيش الحر» على الخط. «الفرقة» أصدرت أمس بياناً على خلفية اعتقال «النصرة» 11 مسلحاً تابعين للأولى في حي الأشرفية بحلب. البيان جاء أشبه بإنذار لـ «النصرة» لـ«الإفراج عن كافة معتقلي الفرقة لديها، دون قيد أو شرط». وأمهل «جبهة النصرة حتى مساء اليوم (أمس) للإفراج عن معتقليها الذين اعتقلتهم، وهم في طريقهم إلى معركة هدم الأسوار»، كما وجّه دعوة إلى ضرورة «الاحتكام إلى شرع الله، والتزام الهدنة الموقّعة بين الطرفين قبل شهرين من الآن».
تظاهرات تقوّض «البيئة الحاضنة»
في الأثناء، خرجت تظاهرات عدّة أمس ضدّ «جبهة النصرة» في عدد من المناطق السورية. ناشطون معارضون تحدثوا عن «تظاهرات حاشدة ضد النصرة تطالبها بالخروج من قرى كنصفرة وفريكا ومعرة حرمة في جبل الزاوية بريف إدلب». الأمر الذي تكرّر في بلدة عين ترما بالغوطة الشرقية لدمشق، ضد «النصرة» مضافاً إليها هذه المرة كلٌّ من «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» بسبب «ممارسات مسلحيهم ضدّ أهالي البلدة». اللافت أن «حركة أحرار الشام» سبق لها أن أفادت من تظاهرات مماثلة خرجت في ريف إدلب ضدّ «النصرة» لتبدو بمظهر «المدافع عن السوريين ضدّ الغُلاة». ما زاد في أسهم «الأحرار» بين أبناء تلك المناطق، الأمر الذي يُرجّح تكراره.
«أحرار الشام» قيِّمةً على باب الهوى... بتفويض تركي
في مظهر جديد من مظاهر تزايد نفوذها، باتت «حركة أحرار الشام الإسلاميّة» أخيراً بمثابة «القيّم» على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيّا. المعبر الذي كانت السلطات التركية قد أغلقته قبل أيام سيعود إلى العمل بإشراف «الحركة»، وبموافقة تركيّة بطبيعة الحال. «أحرار الشام» أصدرت أمس بياناً أعلنت فيه أنها «اتخذت إجراءات مؤقتة، لإعادة تهيئة معبر باب الهوى الحدوديّ مع تركيا، بعد المشاكل الأخيرة التي تسببت بإغلاقه» في إشارة إلى حدوث اشتباكات بين عناصر حراسة المعبر الأتراك، و«جيش المجاهدين» يوم الثلاثاء. وقال البيان إن «أحرار الشام اتخذت بعض الإجراءات المؤقتة لإعادة تهيئة معبر باب الهوى الحدودي ليكون بالمستوى الذي يستحقه الشعب السوري». وكان الجانب التركيّ قد وافق على إعادة فتح المعبر «شريطة تعهّد الفصائل عدم تكرار ما حصل، وحالما يجري تسليم التعهّد موقعًا من الفصائل الموجودة على الجانب السوري من المعبر». اللافت في هذا السياق أنّ «حركة حزم» كانت واحدة من المجموعات المسؤولة عن المعبر، فيما باتت «أحرار الشام» هي «المسؤول الرّسمي عنه أمام الأتراك» وفق ما أكّده مصدر سوري معارض لـ «الأخبار».
المصدر :
الأخبار / صهيب عنجريني
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة