دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
حين انتصرت الولايات المتحدة مع حلفائها على ألمانيا النازية واليابان وحلفائهما في الحرب العالمية الثانية لم تستطع الإدارة الأميركية في ذلك الوقت وفرض شروط انتصارها على الجميع لأن منتصرين آخرين مثل الاتحاد السوفييتي وقف في وجه إملاءاتها ..
ومحاولة سيطرتها على العالم وتراجعت القدرة العسكرية لدول مثل بريطانيا وفرنسا وظهرت قدرات عسكرية أخرى منافسة. واليوم وبعد مرحلة استفردت خلالها منذ عام 1990 الولايات المتحدة بمحاولة السيطرة على العالم ومؤسساته الدولية (الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي وغيرهما).
بدأت الساحة الدولية تحمل مؤشرات تتزايد فيها احتمالات وقوع صدام في منطقة ما يؤدي إلى صدام على طريقة الحروب العالمية.
والكل يرى أن المنطقتين اللتين تزداد فيهما احتمالات الصدام بين دول كبرى مثل روسيا والولايات المتحدة ومثل إيران وحلفائها هما أوروبا في الأزمة التي خلقتها في أوكرانيا والشرق الأوسط في الأزمة التي تخلقها تجاه الموضوع النووي الإيراني. والملاحظ أن إدارة أوباما تسير باتجاه حافة هاوية الصدام مع روسيا في أزمة أوكرانيا ولا تستطيع السير بالطريقة نفسها في الأزمات في الشرق الأوسط وهذا ما زاد من الارتباط الدينامي بين المنطقتين أي أوروبا، والشرق الأوسط، وفي كلتا المنطقتين تجد واشنطن نفسها بعيدة عن ساحة أي حرب محتملة أو أي حرب تسعى إلى إشعالها بعد تزايد أشكال التدخل العسكري بالقوات أو بإرسال المعدات والأسلحة في كلتا المنطقتين من الإدارة الأميركية وبما يشبه التدخل البريطاني في أوروبا قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939 في أوروبا، لكن نقاط الاختلاف بين ظروف تلك الحرب مع الظروف الراهنة بدأت تولد قواعد لعبة تستخدم فيها واشنطن كل أشكال الحصار والتهديد والعزل على أي هدف تمهيداً لتفتيت قدراته تدريجياً دون الاشتباك المباشر معه.
ففي أوكرانيا يشتبك وكلاء أميركيون مع المدافعين عن مصالحهم التي تلتقي وتترابط مع مصالح موسكو بطريقة تجعل السكوت الروسي هزيمة لموسكو والاشتباك المباشر مع أي وكيل لواشنطن انتقالاً محتملاً لحرب عالمية.
أما في منطقة الشرق الأوسط فالظروف مختلفة ولا تنطبق عليها قواعد اللعبة في أزمة أوكرانيا لأن القوى الإقليمية قابلة بقدراتها مع حلفائها في الشرق الأوسط على مجابهة الاشتباك المباشر مع واشنطن لأن دول الوكلاء غير مؤهلة للقيام بالاشتباك المباشر باستثناء إسرائيل فواشنطن بعبارة أوضح تجد أن إيران وسورية والمقاومة قادرة على الاشتباك المباشر مع القوة الأميركية وهذا ما كاد يحدث في آب وأيلول 2013 حين حشدت واشنطن قوتها البحرية والجوية للاشتباك المباشر مع سورية ثم تراجعت في اللحظة الأخيرة، فالعاصمة الأميركية تعاني نقطة ضعف في المنطقة بسبب كتلة القوة العسكرية والمعنوية والبشرية التي يمثلها محور المقاومة وأطرافه وهي لهذا السبب ما تزال تراهن على دور الوكلاء المحليين أو من الدول المجاورة لكن وضعاً كهذا لا يمكن التكهن بما يمكن أن يحمله من خطر على جميع الأطراف وخصوصاً لجهة أي احتمال يفجر اشتباكاً واسعاً ومباشراً بين أي من هذه الأطراف الثلاثة (سورية وإيران والمقاومة) وإسرائيل، ويبدو أن واشنطن تنتظر نتائج المفاوضات الجارية مع طهران حول الموضوع النووي لكي تحصل على إحدى نتيجتين: إما التوقيع على اتفاق بين الغرب وإيران يؤدي إلى إبعاد واشنطن عن خطر المجابهة المباشرة ليزداد دور الوكلاء وإما أن تفشل المفاوضات فتنتقل المنطقة كلها إلى خطر المواجهة المباشرة مع القوات الأميركية التي أصبحت في العراق في مرمى النيران الإيرانية والعراقية وتتسارع التطورات لتشمل مواجهة مباشرة واسعة بين سورية والمقاومة من جهة وإسرائيل من الجهة الأخرى، وهذا التداخل بين أي اشتباك تنفذه واشنطن مباشرة على إيران أو سورية أو المقاومة وبين ضرورة اتساع الحرب باتجاه إسرائيل وتنوع أشكال المجابهة العامل الذي يجب وضعه في كل الحسابات المقبلة من جميع الأطراف.
المصدر :
الماسة السورية/ تحسين الحلبي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة