دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
انتقلت إسرائيل أمس من مرحلة القلق إلى مرحلة الذعر، بعدما أخفقت محاولة احتواء غضب إيران وحزب الله، عبر تقديم مبررات تخفيفية «مخادعة»، و»اعتذار» غير مباشر، كما ورد على لسان مصدر أمني رفيع أول من أمس. فيما سيطرت على المستوطنات الشمالية أمس حال من الهلع بعد تداول المستوطنين أنباءً على اجتياز مجموعة من حزب الله للحدود، لتنفيذ عمليات «خطف» شيعت المقاومة الاسلامية امس، آخر شهيدين من المجموعة التي اغتالتها طائرات العدو في القنيطرة الاحد الماضي. بينما بوشرت التحضيرات لاحتفال مركزي يقام الاحد المقبل في الضاحية الجنوبية، لمناسبة مرور اسبوع على استشهادهم. ونفت مصادر لـ «الأخبار» ما تردّد عن كلمة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تعرض رؤية الحزب لخلفية الاعتداء وتحدد موقف المقاومة من طريقة التعامل معه.
في هذه الاثناء، واصلت الجهات المعنية في حزب الله التدقيق في تفاصيل الاعتداء، ودرس المعطيات المحيطة بالعدوان، ووضع مقترحات امام قيادة الحزب بشأن رد بات الجميع يتصرف على انه حاصل حتما.
وتتصرف المقاومة بوضوح ازاء نتائج العدوان. وهي لا تقف امام كل «التوضيحات» او «التفسيرات» او «الاعتذارات» التي يقدمها العدو، وتجد نفسها، كما كل مرة، معنية بتثبيت قواعد الردع والعقاب مع العدو. مع الاخذ في الاعتبار الاستحقاق المتعلق هذه المرة بتوسع حدود الجبهة الشمالية من شبعا في لبنان الى كامل حدود الجولان السوري المحتل.
وكان اللافت محلياً، حصول بعض الاتصالات غير المعلنة، والتي لم تترافق حتى الان مع تصريحات علنية، لكنها تركز من جانب فريق 14 اذار في الحكم وخارجه، على « الا يرد حزب الله على العدوان باعتباره حصل خارج الاراضي اللبنانية».
في هذه الاثناء، عاشت المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الحدود مع لبنان، أمس، حالاً من الذعر والهلع، بعد تداول المستوطنين أخباراً عن اجتياز مجموعة من حزب الله الحدود في اتجاه إحدى المستوطنات لتنفيذ «عملية خطف». وزاد من مستوى الهلع التعزيزات العسكرية الإسرائيلية التي انتشرت في القطاع الأوسط من الحدود، وإقفال الطرق، والطلب من المستوطنين البقاء في منازلهم حتى انتهاء عمليات البحث والتمشيط.
وأفادت وسائل الإعلام العبرية بأن الذعر دفع المستوطنين إلى إقفال محالّهم التجارية، فيما خلت الطرقات من المارة والسيارات، وأغلقت الشرطة والجيش الطرق الرئيسية ومفترقاتها. وأعلنت المؤسسة العسكرية رفع حالة التأهب على طول الحدود مع لبنان، واتباع الإجراءات المتخذة مسبقاً لمواجهة حالة تسلل عدائية لخطف جنود ومستوطنين.
وبعد ساعات من الاستنفار، أعلن الجيش الإسرائيلي عدم رصد أي مجموعة تسللت من لبنان إلى المستوطنات، وتحديداً في منطقة سلسلة جبال «راميم» في القطاع الأوسط، وطلب من المستوطنين استئناف حياتهم الطبيعية، وأُعيد فتح جميع الطرقات. وأشارت وسائل إعلام إلى أن الشائعات عن عمليات تسلل دفعت رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بني غانتس، إلى إلغاء مشاركته في مؤتمر قادة جيوش الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو».
بدء النقاش
إلى ذلك، بدأ الإعلام العبري يرفع الصوت بانتقاد قرار الهجوم المتسرع في القنيطرة الأحد الماضي، لعدم موازنته بين الفائدة والثمن المقدر دفعه، وسط مطالبات بالتحقيق في الخلل الاستخباري الذي لازم الهجوم، وفشل أداء المؤسسة السياسية في أعقابه.
ودعا معلق الشؤون العسكرية في «هآرتس»، عاموس هرئيل، أعضاء لجنة الخارجية والأمن في الكنيست إلى التفرغ للتداول في «الأزمة الأمنية المقبلة»، وتحديداً التهديدات العلنية لإيران وحزب الله، وطرحا مجموعة من الأسئلة يجب على من أصدر قرار الهجوم الإجابة عنها: هل كان (جهاد) مغنية هدف الهجوم أم أن القرار يشمل أيضاً التعرض لحياة الجنرال الإيراني (العميد محمد علي الله داد)؟ وهل علمت الاستخبارات الإسرائيلية بالفعل بوجوده في الموكب؟ وهل أضرار بقاء مغنية تزيد على الأضرار المحتملة لاغتياله، مع إمكان تدهور الوضع الأمني مع حزب الله؟ وأضاف هرئيل أنه يجب أيضاً الإجابة عن مدى جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية لمواجهة احتمال نشوب الحرب التي يهدد حزب الله بأنه سيطلق خلالها عشرات الآلاف من الصواريخ في اتجاه المراكز السكنية الإسرائيلية، وكذلك الإجابة عن الاستعدادات المسبقة لمواجهة كهذه ونوعية الخطط العملية للجيش في المعركة.
وانتقد معلق الشؤون السياسية في «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع، الاعتداء في القنيطرة، مؤكداً أنه يعاني خللاً واضحاً. وأوضح: «الحدث في الجولان السوري وقع نتيجة خلل. والاعتذار من محفل إسرائيلي مغفل أمس (الأول)، بأن الجنرال الإيراني اغتيل خطأ، لم يغطِّ على الخلل الأول، بل فاقمه. وهو دليل على أن الإعلاميين المشككين ليسوا وحدهم من يعتقدون بأن الخلل قائم، بل وأيضاً محافل في المؤسسة الأمنية». وأضاف أن «من المحتمل أن تكون العملية قد شابها خلل عملياتي، وخلل في عملية اتخاذ القرارات، إذ لا يمكن تنفيذ عمل كهذا من دون إذن من المؤسسة السياسية، أي رئيس الوزراء ووزير الدفاع، ما يعني أن القيادة السياسية هي المسؤولة في نهاية المطاف».
معلق الشؤون العسكرية في «يديعوت أحرونوت»، اليكس فيشمان، أشار من جهته إلى أن تعامل إسرائيل مع العملية تحول من ارتباك إلى ذعر، إذ بدت إسرائيل كشخص مصاب بمرض انفصام الشخصية، فمن جهة لا تعترف بأنها شنت الهجوم، ومن جهة أخرى تعترف بأنها اغتالت الجنرال الإيراني خطأ، أي جراء الهجوم الذي لا تعلن مسؤوليتها عنه!
صحيفة «إسرائيل اليوم»، المقربة من بنيامين نتنياهو، تصدّت للدفاع عن قراراته ومحاولة إسكات المنتقدين، بذريعة المصلحة الإسرائيلية، وأشارت في مقال تحت عنوان «على إيران الكفّ عن إطلاق التهديدات»، إلى أن إسرائيل لا تستطيع التوقف عن محاربة التنظيمات الإرهابية، وليس لها إلا أن تقوم بين حين وآخر بإرسال رسالة إلى زعماء الإرهاب، بأنهم لا يستطيعون العيش بأمن مطلق.
المصدر :
الأخبار/ يحيى دبوق
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة