تتجه الأوضاع في ريف دمشق إلى التصعيد في أكثر من مكان، إذ بينما تهدد «جبهة النصرة» باستئصال من تتّهمهم بمبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش» في الغوطة الشرقية، يستمر التدهور في مخيم اليرموك جنوب دمشق، حيث ظهرت مؤشرات جدية بأن المخيم قد يكون قاب قوسين أو أدنى من معركة الحسم العسكرية، بعد فشل جميع محاولات التسوية.

وأصدرت «جبهة النصرة في الغوطة» بياناً جديداً، اتهمت فيه تنظيم «أنصار الشريعة» صراحةً بالارتباط مع «الدولة الإسلامية» التي وصفها البيان بـ «الجماعة المجرمة». وحدد البيان مهلة 48 ساعة (انتهت أمس) ليقوم عناصر «الأنصار» بتسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى الجبهة و «النزول تحت حكم القضاء الشرعي في الجبهة» حصراً.

وبحسب البيان، فإن «كل من لم يستجب من تنظيم الأنصار لنداء التسليم، يعتبر إقراراً منه على كونه عنصراً في الدولة المجرمة، وسيتخذ بحقه الإجراء الشرعي اللازم» والذي يقصد به عادة القتل.

ويؤكد هذا البيان ما نشرته «السفير» في تقرير سابق حول الظهور العلني لعناصر «الدولة الإسلامية» في مناطق من الغوطة، وتخوف «جبهة النصرة» من هذا الظهور وسعيها إلى مواجهته مهما كان الثمن.

وتطرق بيان «النصرة» كذلك إلى حادثة مقتل أبو فيصل الأمني، التي نوّهت إليها «السفير» في تقرير سابق، حيث اتهم البيان كلاً من أبي تركي الجربا وأبي أسامة الأمني وأبي مروان إسماعيل، وهم قيادات في تنظيم «الأنصار»، بالتورط في قتله. علماً أن أبا فيصل هو من قيادات «الدولة الإسلامية»، غير أن «جبهة النصرة» تؤكد أنه قُتل لأنه كان يخطط للانشقاق عنه.

وتزامن صدور البيان مع أنباء عن قيام عناصر من «داعش» بقتل اثنين من مسلحي «جيش الإسلام»، وتأكيد مصدر من «جبهة النصرة» أن أحد قادتها العسكريين في المنطقة تعرض للخطف، من دون أن يؤكد ما إذا كان المقصود هو أبو عاصم عبادة الذي هدد قبل أيام باستئصال كل من يجرؤ على مبايعة «الدولة الإسلامية».

وتأتي هذه التطورات على صعيد اقتتال الفصائل بعضها ضد بعض، في وقت انفرط عقد «الحاضنة الشعبية» من حولها، وباتت تفتقر إلى الغطاء الذي طالما تذرعت به لحمل السلاح، وهو الدفاع عن هذه الحاضنة. ومشهد الآلاف من أهالي الغوطة، وهم يهربون إلى مناطق سيطرة الجيش السوري مؤشر قوي على التغير الجذري الذي طرأ على قناعات المقيمين في مناطق سيطرة المسلحين، وطبيعة الخيارات الجديدة التي يتجهون إليها بعدما أوصلتهم الفصائل المسلحة إلى حائط مسدود على كل الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية.

على صعيد آخر، برزت خلال الأيام الماضية مؤشرات على توجه الأوضاع في مخيم اليرموك نحو تصعيد عسكري محتمل، بعدما فشلت جميع محاولات التسوية خلال الأشهر الماضية، وفي ظل المعاناة الإنسانية الكبيرة للمحاصرين فيه نتيجة عدم وصول المساعدات الغذائية إليهم منذ حوالي شهرين.

فمن جهة، تتفاعل التسريبات بخصوص نية بعض الفصائل الفلسطينية تشكيل «لواء اليرموك» للقتال إلى جانب اللجان الشعبية الفلسطينية بهدف استعادة المخيم من المسلحين. وكان لافتاً في هذا السياق ما أوردته صحيفة «الوطن» السورية نقلاً عن مصادر مهتمة بملف أزمة المخيم من «ضرورة التعامل مع المسلحين بشدة»، ودعوة الفصائل إلى «إعادة النظر بكل الأسلوب السابق لاستعادة المخيم وتوحيد الرؤى». وطالبت المصادر بضرورة مكاشفة حركة «حماس» بما يفعل أتباعها («أكناف بيت المقدس») في المخيم، وإن أنكرت أنهم يتبعون لها فلتعلن «البراءة» منهم «علنا وبوضوح».

في المقابل، وكرد على التسريبات حول تشكيل «لواء اليرموك»، أعلنت مجموعة من الفصائل المسلحة عن استنفارها بهدف الدفاع عن المخيم و «رد العدوان والمعتدين».

واعتبر البيان أن «أي اعتداء على المنطقة، لا سيما مخيم اليرموك، هو اعتداء على المنطقة برمّتها (جنوب دمشق) ولن نقف مكتوفي الأيدي تجاه ذلك». ووقعت على البيان كل من «الهيئة الشرعية في جنوب دمشق، جيش الإسلام، أجناد الشام، حركة أحرار الشام الإسلامية، كتائب أكناف بيت المقدس، قوى الإصلاح، مقاتلي الحجر الأسود». ويلاحظ غياب اسم «جبهة النصرة» رغم أنها تعتبر، مع «كتائب أكناف بيت المقدس»، من أقوى الفصائل التي تسيطر على المخيم.

ودعا وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في مقابلة مع التلفزيون السوري، السعودية إلى «تغيير سياستها من أجل أمن السعودية والمواطن السعودي»، معتبراً أنه «من مصلحة السعودية أن تعيد النظر في توجهاتها ومناهجها وصلاتها»، مضيفاً «نتيجة الثقافة الوهابية فإن لدى الإرهاب أرضية خصبة في السعودية».

وقال «هناك دول عديدة غير راضية عن مؤتمر موسكو (بين السلطة والمعارضة) وتسعى من خلال أدواتها إلى إفشاله»، مضيفاً «همّنا الرئيسي هو إنجاح مؤتمر موسكو، ولن نلتفت إلى ما يجري في القاهرة» في إشارة إلى اجتماع لمجموعات من المعارضة.

وحدّد فيتالي نومكين، الوسيط الروسي في المحادثات التي ستجرى في موسكو نهاية الشهر الحالي بين الحكومة السورية ومجموعة من الشخصيات المعارضة، أهدافاً متواضعة لنتائج الاجتماع، موضحاً أنه سيعتبره ناجحاً إذا عمل الجانبان سوياً واتفقا على الاجتماع مرة أخرى.

  • فريق ماسة
  • 2015-01-20
  • 6528
  • من الأرشيف

مخيم اليرموك نحو حسم عسكري؟

تتجه الأوضاع في ريف دمشق إلى التصعيد في أكثر من مكان، إذ بينما تهدد «جبهة النصرة» باستئصال من تتّهمهم بمبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش» في الغوطة الشرقية، يستمر التدهور في مخيم اليرموك جنوب دمشق، حيث ظهرت مؤشرات جدية بأن المخيم قد يكون قاب قوسين أو أدنى من معركة الحسم العسكرية، بعد فشل جميع محاولات التسوية. وأصدرت «جبهة النصرة في الغوطة» بياناً جديداً، اتهمت فيه تنظيم «أنصار الشريعة» صراحةً بالارتباط مع «الدولة الإسلامية» التي وصفها البيان بـ «الجماعة المجرمة». وحدد البيان مهلة 48 ساعة (انتهت أمس) ليقوم عناصر «الأنصار» بتسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى الجبهة و «النزول تحت حكم القضاء الشرعي في الجبهة» حصراً. وبحسب البيان، فإن «كل من لم يستجب من تنظيم الأنصار لنداء التسليم، يعتبر إقراراً منه على كونه عنصراً في الدولة المجرمة، وسيتخذ بحقه الإجراء الشرعي اللازم» والذي يقصد به عادة القتل. ويؤكد هذا البيان ما نشرته «السفير» في تقرير سابق حول الظهور العلني لعناصر «الدولة الإسلامية» في مناطق من الغوطة، وتخوف «جبهة النصرة» من هذا الظهور وسعيها إلى مواجهته مهما كان الثمن. وتطرق بيان «النصرة» كذلك إلى حادثة مقتل أبو فيصل الأمني، التي نوّهت إليها «السفير» في تقرير سابق، حيث اتهم البيان كلاً من أبي تركي الجربا وأبي أسامة الأمني وأبي مروان إسماعيل، وهم قيادات في تنظيم «الأنصار»، بالتورط في قتله. علماً أن أبا فيصل هو من قيادات «الدولة الإسلامية»، غير أن «جبهة النصرة» تؤكد أنه قُتل لأنه كان يخطط للانشقاق عنه. وتزامن صدور البيان مع أنباء عن قيام عناصر من «داعش» بقتل اثنين من مسلحي «جيش الإسلام»، وتأكيد مصدر من «جبهة النصرة» أن أحد قادتها العسكريين في المنطقة تعرض للخطف، من دون أن يؤكد ما إذا كان المقصود هو أبو عاصم عبادة الذي هدد قبل أيام باستئصال كل من يجرؤ على مبايعة «الدولة الإسلامية». وتأتي هذه التطورات على صعيد اقتتال الفصائل بعضها ضد بعض، في وقت انفرط عقد «الحاضنة الشعبية» من حولها، وباتت تفتقر إلى الغطاء الذي طالما تذرعت به لحمل السلاح، وهو الدفاع عن هذه الحاضنة. ومشهد الآلاف من أهالي الغوطة، وهم يهربون إلى مناطق سيطرة الجيش السوري مؤشر قوي على التغير الجذري الذي طرأ على قناعات المقيمين في مناطق سيطرة المسلحين، وطبيعة الخيارات الجديدة التي يتجهون إليها بعدما أوصلتهم الفصائل المسلحة إلى حائط مسدود على كل الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية. على صعيد آخر، برزت خلال الأيام الماضية مؤشرات على توجه الأوضاع في مخيم اليرموك نحو تصعيد عسكري محتمل، بعدما فشلت جميع محاولات التسوية خلال الأشهر الماضية، وفي ظل المعاناة الإنسانية الكبيرة للمحاصرين فيه نتيجة عدم وصول المساعدات الغذائية إليهم منذ حوالي شهرين. فمن جهة، تتفاعل التسريبات بخصوص نية بعض الفصائل الفلسطينية تشكيل «لواء اليرموك» للقتال إلى جانب اللجان الشعبية الفلسطينية بهدف استعادة المخيم من المسلحين. وكان لافتاً في هذا السياق ما أوردته صحيفة «الوطن» السورية نقلاً عن مصادر مهتمة بملف أزمة المخيم من «ضرورة التعامل مع المسلحين بشدة»، ودعوة الفصائل إلى «إعادة النظر بكل الأسلوب السابق لاستعادة المخيم وتوحيد الرؤى». وطالبت المصادر بضرورة مكاشفة حركة «حماس» بما يفعل أتباعها («أكناف بيت المقدس») في المخيم، وإن أنكرت أنهم يتبعون لها فلتعلن «البراءة» منهم «علنا وبوضوح». في المقابل، وكرد على التسريبات حول تشكيل «لواء اليرموك»، أعلنت مجموعة من الفصائل المسلحة عن استنفارها بهدف الدفاع عن المخيم و «رد العدوان والمعتدين». واعتبر البيان أن «أي اعتداء على المنطقة، لا سيما مخيم اليرموك، هو اعتداء على المنطقة برمّتها (جنوب دمشق) ولن نقف مكتوفي الأيدي تجاه ذلك». ووقعت على البيان كل من «الهيئة الشرعية في جنوب دمشق، جيش الإسلام، أجناد الشام، حركة أحرار الشام الإسلامية، كتائب أكناف بيت المقدس، قوى الإصلاح، مقاتلي الحجر الأسود». ويلاحظ غياب اسم «جبهة النصرة» رغم أنها تعتبر، مع «كتائب أكناف بيت المقدس»، من أقوى الفصائل التي تسيطر على المخيم. ودعا وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في مقابلة مع التلفزيون السوري، السعودية إلى «تغيير سياستها من أجل أمن السعودية والمواطن السعودي»، معتبراً أنه «من مصلحة السعودية أن تعيد النظر في توجهاتها ومناهجها وصلاتها»، مضيفاً «نتيجة الثقافة الوهابية فإن لدى الإرهاب أرضية خصبة في السعودية». وقال «هناك دول عديدة غير راضية عن مؤتمر موسكو (بين السلطة والمعارضة) وتسعى من خلال أدواتها إلى إفشاله»، مضيفاً «همّنا الرئيسي هو إنجاح مؤتمر موسكو، ولن نلتفت إلى ما يجري في القاهرة» في إشارة إلى اجتماع لمجموعات من المعارضة. وحدّد فيتالي نومكين، الوسيط الروسي في المحادثات التي ستجرى في موسكو نهاية الشهر الحالي بين الحكومة السورية ومجموعة من الشخصيات المعارضة، أهدافاً متواضعة لنتائج الاجتماع، موضحاً أنه سيعتبره ناجحاً إذا عمل الجانبان سوياً واتفقا على الاجتماع مرة أخرى.

المصدر : السفير / عبد الله سليمان علي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة