اليوم، وبعد مرور عدة سنوات على المعارك التي دارت في سورية، يبدو أن إستهدافها  وتدميرها ماض في طريق غير معروف الأفق، لأن المطلوب مقدراتها البشرية والعلمية وشل قدرة السوريين على إستعادة الأمن والإستقرار، وبالتالي زرع بذور الفتنة والإقتتال الداخلي ونشر الفوضى الخلاقة التي من شأنها إبعاد سورية عن دورها المحوري والإقليمي في المنطقة، ومن هنا من ينظر الى ما يجري في سورية يدرك مباشرة إن الهدف ليس مساعدة السوريين كما يدعي الغرب بل أخذ هذا البلد الى التقسيم والدمار، في إطار ذلك بدأ المجتمع الدولي يقتنع أكثر من أي وقت مضى إن الرعب الذي يجري في سورية على يد الإرهابيين ضد الجيش والشعب لا يمكن ان يبني وطناً، وإن الارهاب لن يجد مكاناً له سوى القتل والخراب، والإرهاب ليس لسورية فحسب إنما للمنطقة بأسرها وذلك من أجل تحقيق مصالح أمريكا  وحليفتها إسرائيل.

تشهد سورية هذه الأيام أكبر موجة من الإرهاب غير المسبوق فى تاريخها الحديث والمعاصر، فقد إنتشرت الجماعات التكفيرية فى مناطق مختلفة من سورية ونفذت عدداً من العمليات الإرهابية التي إستهدفت المواطنين وأسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين والعسكريين، فالجهاديين متواجدون اليوم في العديد من مدن وقرى سورية مدججين بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة، يسعون الى تركيع سورية وغرز مخالبهم في أجساد السوريين، ولكنهم لن ينالوا من كرامتهم رغم إن أجسادهم مليئة بالجراح وتسيل منها الدماء، بالمقابل لا يزال الشعب السوري صامد في وجه هولاء الذين جاءوا من كل حد وصوب، وهذا الصمود دفع تنظيم داعش الى الإغتيالات المنظمة التي تعتبر واحدة من التكتيكات التي يلجأ إليها هذا التنظيم في عملياته النوعية عندما يفشل في مواجهة القوات النظامية، لكي يقتلع من بين تلك القوات، القيادات التي تقود العمليات الدقيقة ضد التنظيمات الإرهابية، كما يلقون الإتهامات جزافاً، ويكيلونها لمن يشاءون لنشر الرعب والخوف في قلوب الأبرياء من الشعب السوري، الذي لا يزال صامداً في وجه إرهابهم.

 

وفي الوقت الذي يقاوم فيه الجيش السوري التنظيمات الجهادية المسلحة، يقوم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بإلقاء الأسلحة والمساعدات على تنظيم داعش، ودائماً ما تبرر أنها سقطت عن طريق الخطأ بالرغم من أن المواقع التي يتواجد فيها مقاتلي داعش معروفة، كما أنها في مناطق مكشوفة فليس من الممكن أن يكون هناك خطأ، مما يؤكد أن إلقاء تلك الكميات الكبيرة من الأسلحة لتنظيم داعش، كان مخططًا له، ومقصود وله أهداف أمريكية تتمثل في الحفاظ على توازن المعركة، لمد وقتها إلى أطول فترة ممكنة، فواشنطن لا تريد إنهاء الحرب، ولا تريد القضاء على تنظيم داعش، بل تريد إستمرار المعارك والفوضى في سورية وجر البلاد إلى حرب إستنزاف لقدرات الجيش العربي السوري، لضمان إستمرار مصالحها في المنطقة، فضلاً عن أن الضربات الجوية التي ينفذها طيران التحالف في بعض المناطق السورية، هي ضربات لشل حركة التنظيم  كي لا يتمدد على حدود حلفاؤها, وليس ضربات من شأنها أن تنهي قوة ذلك التنظيم، في إطار ذلك يجب أن يدرك السوريون إن أمريكا وحلفائها لا يدافعون عن سورية إنما عن بلدانهم خوفاً من أن يصل اليهم خطر التنظيمات الإرهابية بدليل إن الضربات الجوية المتواضعة للتحالف الدولي ليس للقضاء على داعش  وإنما لتحجيمه فقط والسماح له بخلق دولة حدودها هلامية تتمدد وتتقلص حسب الظروف المحيطة بها، وهي ما تسعى له أمريكا وحلفائها في الوقت الحاضر تحت مشروع الشرق الاوسط الكبير، بمعنى إن الإستراتيجية التي تتبعها أمريكا في سورية قائمة على أساس إطالة أمد الحرب وتشتيت قدرات الجيش العربي السوري، وهذا سيصب بالأخير في مصلحة أميركا وحلفاؤها في المنطقة.

في الأمس القريب خرج  أكثر من ثلاثة ملايين فرنسي في مسيرة الجمهورية بالإضافة الى مشاركة عشرات كبار المسؤولين لخمسين دولة فيها تنديداً بالهجوم الإرهابي الذي وقع في باريس، وبالمقابل هناك يومياً هجمات متعددة سواء بتفجير عبوات ناسفة أو سيارات مفخخة أو إغتيالات أو هجمات بالأسلحة الرشاشة أو سقوط القذائف، والى جانب كل هجوم نرى شلالاً من الدماء، ومع ذلك لا نرى خروج مسيرات مليونية ولا تضامن من منظمات دولية، تندد بالأعمال الإرهابية التي تحصل في وطننا الكبير وخاصة سورية، فنحن ـ كسوريين ـ ندفع ضريبة الشرف والأصالة في زمن التردي والخنوع، وأنا على قناعة راسخة أن سورية بتضحياتها الكبيرة هي البلد الحرّ التي غيّرت معادلة العالم العرجاء، وإنطلاقاً من ذلك تنافس الجيش العربي السوري  مع المتطوعين الأشاوس بكافة عناونينهم من أجل محاربة الإرهاب، ردة الفعل هذه كشفت عظمة سورية وشموخها وصلابتها في مواجهة الإرهاب رغم حجمه ووحشية الإرهابيين الذين لا يوفرون وسيلة إلا وإستخدموها لتدمير سورية والفتك بالسوريين، ومع ذلك لا تزال دمشق واقفة على رجليها، بسبب إرادة السوريين الذين إخلصوا لوطنهم.

 وأخيراً يمكنني القول إن سورية ستبقى صامدة بوجه الإرهاب الدولي والإقليمي من جهة، وبوجه الإرهابيين والقتلة من جهة ثانية مهما طال أمد الازمة، وما يؤكد إستطاعة سورية على الصمود بوجههم، هوإستعادة الجيش السيطرة على كثير من الأراضي التي إحتلها تنظيم داعش والمجموعات الأخرى، وبإختصار شديد إن كل  هذه الحوادث لا تهز الدولة السورية لأن للدولة السورية، لها مواقف في التاريخ، فيها إنتصارات باهرة مسطرة بأحرف من نور، ومن لا يعلم هذا يرجع للتاريخ، فيجد آلاف المواقف الوطنية والقومية، توضح له بأنه أمام دولة كالجبال، هدفها الرئيسي الدفاع عن الوطن، ولأن تلك الحرب التى تخوضها دمشق ضد الارهاب هى مسألة حياة او موت، فقد كان السوريين بالمرصاد لهم في كل زمان ومكان

  • فريق ماسة
  • 2015-01-19
  • 15219
  • من الأرشيف

سورية والإرهاب.... معركة حياة أو موت

اليوم، وبعد مرور عدة سنوات على المعارك التي دارت في سورية، يبدو أن إستهدافها  وتدميرها ماض في طريق غير معروف الأفق، لأن المطلوب مقدراتها البشرية والعلمية وشل قدرة السوريين على إستعادة الأمن والإستقرار، وبالتالي زرع بذور الفتنة والإقتتال الداخلي ونشر الفوضى الخلاقة التي من شأنها إبعاد سورية عن دورها المحوري والإقليمي في المنطقة، ومن هنا من ينظر الى ما يجري في سورية يدرك مباشرة إن الهدف ليس مساعدة السوريين كما يدعي الغرب بل أخذ هذا البلد الى التقسيم والدمار، في إطار ذلك بدأ المجتمع الدولي يقتنع أكثر من أي وقت مضى إن الرعب الذي يجري في سورية على يد الإرهابيين ضد الجيش والشعب لا يمكن ان يبني وطناً، وإن الارهاب لن يجد مكاناً له سوى القتل والخراب، والإرهاب ليس لسورية فحسب إنما للمنطقة بأسرها وذلك من أجل تحقيق مصالح أمريكا  وحليفتها إسرائيل. تشهد سورية هذه الأيام أكبر موجة من الإرهاب غير المسبوق فى تاريخها الحديث والمعاصر، فقد إنتشرت الجماعات التكفيرية فى مناطق مختلفة من سورية ونفذت عدداً من العمليات الإرهابية التي إستهدفت المواطنين وأسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين والعسكريين، فالجهاديين متواجدون اليوم في العديد من مدن وقرى سورية مدججين بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة، يسعون الى تركيع سورية وغرز مخالبهم في أجساد السوريين، ولكنهم لن ينالوا من كرامتهم رغم إن أجسادهم مليئة بالجراح وتسيل منها الدماء، بالمقابل لا يزال الشعب السوري صامد في وجه هولاء الذين جاءوا من كل حد وصوب، وهذا الصمود دفع تنظيم داعش الى الإغتيالات المنظمة التي تعتبر واحدة من التكتيكات التي يلجأ إليها هذا التنظيم في عملياته النوعية عندما يفشل في مواجهة القوات النظامية، لكي يقتلع من بين تلك القوات، القيادات التي تقود العمليات الدقيقة ضد التنظيمات الإرهابية، كما يلقون الإتهامات جزافاً، ويكيلونها لمن يشاءون لنشر الرعب والخوف في قلوب الأبرياء من الشعب السوري، الذي لا يزال صامداً في وجه إرهابهم.   وفي الوقت الذي يقاوم فيه الجيش السوري التنظيمات الجهادية المسلحة، يقوم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بإلقاء الأسلحة والمساعدات على تنظيم داعش، ودائماً ما تبرر أنها سقطت عن طريق الخطأ بالرغم من أن المواقع التي يتواجد فيها مقاتلي داعش معروفة، كما أنها في مناطق مكشوفة فليس من الممكن أن يكون هناك خطأ، مما يؤكد أن إلقاء تلك الكميات الكبيرة من الأسلحة لتنظيم داعش، كان مخططًا له، ومقصود وله أهداف أمريكية تتمثل في الحفاظ على توازن المعركة، لمد وقتها إلى أطول فترة ممكنة، فواشنطن لا تريد إنهاء الحرب، ولا تريد القضاء على تنظيم داعش، بل تريد إستمرار المعارك والفوضى في سورية وجر البلاد إلى حرب إستنزاف لقدرات الجيش العربي السوري، لضمان إستمرار مصالحها في المنطقة، فضلاً عن أن الضربات الجوية التي ينفذها طيران التحالف في بعض المناطق السورية، هي ضربات لشل حركة التنظيم  كي لا يتمدد على حدود حلفاؤها, وليس ضربات من شأنها أن تنهي قوة ذلك التنظيم، في إطار ذلك يجب أن يدرك السوريون إن أمريكا وحلفائها لا يدافعون عن سورية إنما عن بلدانهم خوفاً من أن يصل اليهم خطر التنظيمات الإرهابية بدليل إن الضربات الجوية المتواضعة للتحالف الدولي ليس للقضاء على داعش  وإنما لتحجيمه فقط والسماح له بخلق دولة حدودها هلامية تتمدد وتتقلص حسب الظروف المحيطة بها، وهي ما تسعى له أمريكا وحلفائها في الوقت الحاضر تحت مشروع الشرق الاوسط الكبير، بمعنى إن الإستراتيجية التي تتبعها أمريكا في سورية قائمة على أساس إطالة أمد الحرب وتشتيت قدرات الجيش العربي السوري، وهذا سيصب بالأخير في مصلحة أميركا وحلفاؤها في المنطقة. في الأمس القريب خرج  أكثر من ثلاثة ملايين فرنسي في مسيرة الجمهورية بالإضافة الى مشاركة عشرات كبار المسؤولين لخمسين دولة فيها تنديداً بالهجوم الإرهابي الذي وقع في باريس، وبالمقابل هناك يومياً هجمات متعددة سواء بتفجير عبوات ناسفة أو سيارات مفخخة أو إغتيالات أو هجمات بالأسلحة الرشاشة أو سقوط القذائف، والى جانب كل هجوم نرى شلالاً من الدماء، ومع ذلك لا نرى خروج مسيرات مليونية ولا تضامن من منظمات دولية، تندد بالأعمال الإرهابية التي تحصل في وطننا الكبير وخاصة سورية، فنحن ـ كسوريين ـ ندفع ضريبة الشرف والأصالة في زمن التردي والخنوع، وأنا على قناعة راسخة أن سورية بتضحياتها الكبيرة هي البلد الحرّ التي غيّرت معادلة العالم العرجاء، وإنطلاقاً من ذلك تنافس الجيش العربي السوري  مع المتطوعين الأشاوس بكافة عناونينهم من أجل محاربة الإرهاب، ردة الفعل هذه كشفت عظمة سورية وشموخها وصلابتها في مواجهة الإرهاب رغم حجمه ووحشية الإرهابيين الذين لا يوفرون وسيلة إلا وإستخدموها لتدمير سورية والفتك بالسوريين، ومع ذلك لا تزال دمشق واقفة على رجليها، بسبب إرادة السوريين الذين إخلصوا لوطنهم.  وأخيراً يمكنني القول إن سورية ستبقى صامدة بوجه الإرهاب الدولي والإقليمي من جهة، وبوجه الإرهابيين والقتلة من جهة ثانية مهما طال أمد الازمة، وما يؤكد إستطاعة سورية على الصمود بوجههم، هوإستعادة الجيش السيطرة على كثير من الأراضي التي إحتلها تنظيم داعش والمجموعات الأخرى، وبإختصار شديد إن كل  هذه الحوادث لا تهز الدولة السورية لأن للدولة السورية، لها مواقف في التاريخ، فيها إنتصارات باهرة مسطرة بأحرف من نور، ومن لا يعلم هذا يرجع للتاريخ، فيجد آلاف المواقف الوطنية والقومية، توضح له بأنه أمام دولة كالجبال، هدفها الرئيسي الدفاع عن الوطن، ولأن تلك الحرب التى تخوضها دمشق ضد الارهاب هى مسألة حياة او موت، فقد كان السوريين بالمرصاد لهم في كل زمان ومكان

المصدر : د. خيام الزعبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة