اظهر الاعتداء الذي تعرضت له مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية قبل بضعة ايام ان الارهاب الذي رعاه وموّله وسلّحه الحلف الغربي - الخليجي بدأ يرتد عليه بحسب مصادر ديبلوماسية عربية،  بل ان كل اجهزة الاستخبارات تتوقع ان ترفع المنظمات الارهابية من وتيرة هذه الاعتداءات على الرغم من ان الغرب وحلفاءه في الخليج لا زالوا يمارسون «الشيء ونقيضه» اي يدعّون من جهة مكافحة الارهاب، وفي نفس الوقت يمارسون سياسات تزيد من قوة المجموعات المتطرفة. وبرز دليل على ذلك، الاصرار على تمويل وتسليح عشرات التنظيمات المسلحة في سوريا بحجة مساعدة «المجموعات المسلحة المعتدلة» في حين ان كل هذه المجموعات تخدم التطرف والارهاب، إن من خلال التحاق هذه المجموعات بالتنظيمات الارهابية او سيطرة هذه التنظيمات على انواع متطورة من السلاح الذي يتم توريده الى من يصفه الغرب «بالمعتدلين».

ومن هذا المنطلق يبدو واضحاً تضيف المصادر، ان الغرب يصّر على افشال الحلول للازمة السورية، بل انه يتعمد عدم التعاون مع الدولة السورية، لانه من دون هذا التعاون يبقى عنوان مواجهة الارهاب مجرد شعارات فارغة، خصوصاً ان تجربة مواجهة الارهاب اثبتت ان اي فعل جدي لهذه المواجهة تمر حكماً بالتعاون والتنسيق الكاملين مع سوريا اولاً، ومع الحكومة العراقية ثانيا.

ومن خلال ذلك، تشير معطيات المصادر الديبلوماسية العربية ان الحلف الاميركي - الغربي - الخليجي يتمنع حتى الآن عن اعادة التواصل السياسي والديبلوماسي مع دمشق رغم بعض المؤشرات الخجولة من بعض الدول التي لم ترق الـى مستوى اعادة فتح السفارات او التواصل الديبلوماسي والسياسي، بالتوازي مع عرقلة المساعي لوضع الازمة السورية على سكة الحلول السياسية.

وعلى هذا الاساس تلاحظ المصادر الديبلوماسية ان تعاطي الغرب مع الدولة السورية يندرج وفق الاطر الآتية:

- الادارة الاميركية لم يتجاوز تواصلها مع دمشق الرسائل غير المباشرة عبر العراق وسلطنة عمان، وبالتالي فالديبلوماسية الاميركية رغم اقرارها باستحالة ما كانت تطرحه في السابق على صعيد النظام في سوريا، الا انها لم تذهب نحو اجراء انحرافة كاملة في طريقة التعاطي مع دمشق، علماً ان الاميركي يبدو في حالة ارباك بما يتعلق بسياساته في الشرق الاوسط خصوصا بعد امساك الحزب الجمهوري بالكونغرس والدليل ما حصل بخصوص الاعتراف بدولة فلسطين.

- ان الادارة الفرنسية لا تزال على موقفها السلبي جداً من التعاطي مع دمشق، بحيث ان الاعتداء الارهابي الاخير في باريس لم يقض الى اجراء تغيير في سياساتها من سوريا. وان كانت تسعى للتعاون في مجال الاستخبارات لاعتقادها ان هذا التعاون يقلل من امكانية تعرضها لاعمال ارهابية.

- الادارة البريطانية باتت اقلّ سلبية من الحكومة الفرنسية لكنها لم تظهر اي رغبة جدية في اعادة التواصل السياسي او الديبلوماسي، بل انها - كما باريس - تمولان تدريب ما يسمى «مسلحو المعارضة المعتدلة».

- هناك مؤشرات ايجابية من جانب ايطاليا واسبانيا حول التواصل الديبلوماسي، كما ان لالمانيا علاقات قنصلية، لكن هذه الدول الثلاث لم تبلغ حتى الان احتمال فتح سفاراتها قريبا في دمشق.

- بدأ مؤخرا حراك ديبلوماسي من جانب بعض الدول الاوروبية الاخرى للتواصل الديبلوماسي مع دمشق لكن لم يبلغ امكانية فتح السفارات، بينما هناك بعض سفارات لا زالت تعمل في العاصمة السورية بينها سفارات لعدد من دول اوروبا الشرقية والنمسا.

- اما انقرة فلا زالت لم تغير حتى اليوم، من سياساتها المعادية لدمشق بل انها لا تزال تدعم توسيع كل من «داعش» و«النصرة» لسيطرة كل منهما على مساحات جديدة في سوريا وهي بالتالي تشكل جزءا اساسيا من الارهاب الذي تعاني منه سوريا والعراق.

- اما السعودية، فلا تغيير جدياً في سياساتها من الوضع في سوريا وبالتالي لا مؤشرات لاي انفتاح او حتى المساهمة في الحل السياسي.

- اما قيادة مصر الجديدة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي فهي لم توحي القيام بدور اساسي في حل الازمة السورية وانما هذا الدور لا زال خجولا، إن من حيث عدم تفعيل السفارة المصرية في دمشق او التواصل السياسي مع القيادة السورية وحتى الان فالهاجس الاساس للحكومة المصرية يكمن في جمع المعارضة وتعيد المصادر ذلك الى ان القاهرة لم تتمكن حتى الان الخروج من العباءة السعودية لحاجتها الى المساعدات المالية على الرغم من وجود علاقة جيدة بين الجيشين المصري والسوري.

- اما باقي الدول العربية، فالقطري جرى تحجيم دوره وهو سعى للتعاون الاستخباراتي لكن قوبل برد واضح مضمونه ان توقف قطر دعمها للمجموعات المسلحة، اما الكويت فقد فتحت قنوات التواصل لاعادة فتح السفارة، بينما تونس قد تكسر القاعدة وتعيد فتح سفارتها قريبا بينما الاردن اعاد تحريك علاقاته ولكن بحذر اما عمان فيبدو انها الافضل بين دول الخليج في التواصل مع دمشق.

من كل ذلك، ترى المصادر الديبلوماسية ان مؤشرات الانفتاح من جانب الغرب ودول الخليج ما كانت لتتم لولا صمود سوريا والانجازات التي حققها الجيش السوري في مواجهة الارهاب وتؤكد ان تسريع فتح السفارات او تأخيرها مرتبط بالتالي بالمعركة على الارض وبما تحققه سوريا من انجازات في مواجهة ما تعرضت له منذ ثلاث سنوات ونصف.

  • فريق ماسة
  • 2015-01-18
  • 10898
  • من الأرشيف

حراك أوروبي باتجاه دمشق للتنسيق الإستخباراتي ولا مُؤشّرات للتواصل الديبلوماسي

 اظهر الاعتداء الذي تعرضت له مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية قبل بضعة ايام ان الارهاب الذي رعاه وموّله وسلّحه الحلف الغربي - الخليجي بدأ يرتد عليه بحسب مصادر ديبلوماسية عربية،  بل ان كل اجهزة الاستخبارات تتوقع ان ترفع المنظمات الارهابية من وتيرة هذه الاعتداءات على الرغم من ان الغرب وحلفاءه في الخليج لا زالوا يمارسون «الشيء ونقيضه» اي يدعّون من جهة مكافحة الارهاب، وفي نفس الوقت يمارسون سياسات تزيد من قوة المجموعات المتطرفة. وبرز دليل على ذلك، الاصرار على تمويل وتسليح عشرات التنظيمات المسلحة في سوريا بحجة مساعدة «المجموعات المسلحة المعتدلة» في حين ان كل هذه المجموعات تخدم التطرف والارهاب، إن من خلال التحاق هذه المجموعات بالتنظيمات الارهابية او سيطرة هذه التنظيمات على انواع متطورة من السلاح الذي يتم توريده الى من يصفه الغرب «بالمعتدلين». ومن هذا المنطلق يبدو واضحاً تضيف المصادر، ان الغرب يصّر على افشال الحلول للازمة السورية، بل انه يتعمد عدم التعاون مع الدولة السورية، لانه من دون هذا التعاون يبقى عنوان مواجهة الارهاب مجرد شعارات فارغة، خصوصاً ان تجربة مواجهة الارهاب اثبتت ان اي فعل جدي لهذه المواجهة تمر حكماً بالتعاون والتنسيق الكاملين مع سوريا اولاً، ومع الحكومة العراقية ثانيا. ومن خلال ذلك، تشير معطيات المصادر الديبلوماسية العربية ان الحلف الاميركي - الغربي - الخليجي يتمنع حتى الآن عن اعادة التواصل السياسي والديبلوماسي مع دمشق رغم بعض المؤشرات الخجولة من بعض الدول التي لم ترق الـى مستوى اعادة فتح السفارات او التواصل الديبلوماسي والسياسي، بالتوازي مع عرقلة المساعي لوضع الازمة السورية على سكة الحلول السياسية. وعلى هذا الاساس تلاحظ المصادر الديبلوماسية ان تعاطي الغرب مع الدولة السورية يندرج وفق الاطر الآتية: - الادارة الاميركية لم يتجاوز تواصلها مع دمشق الرسائل غير المباشرة عبر العراق وسلطنة عمان، وبالتالي فالديبلوماسية الاميركية رغم اقرارها باستحالة ما كانت تطرحه في السابق على صعيد النظام في سوريا، الا انها لم تذهب نحو اجراء انحرافة كاملة في طريقة التعاطي مع دمشق، علماً ان الاميركي يبدو في حالة ارباك بما يتعلق بسياساته في الشرق الاوسط خصوصا بعد امساك الحزب الجمهوري بالكونغرس والدليل ما حصل بخصوص الاعتراف بدولة فلسطين. - ان الادارة الفرنسية لا تزال على موقفها السلبي جداً من التعاطي مع دمشق، بحيث ان الاعتداء الارهابي الاخير في باريس لم يقض الى اجراء تغيير في سياساتها من سوريا. وان كانت تسعى للتعاون في مجال الاستخبارات لاعتقادها ان هذا التعاون يقلل من امكانية تعرضها لاعمال ارهابية. - الادارة البريطانية باتت اقلّ سلبية من الحكومة الفرنسية لكنها لم تظهر اي رغبة جدية في اعادة التواصل السياسي او الديبلوماسي، بل انها - كما باريس - تمولان تدريب ما يسمى «مسلحو المعارضة المعتدلة». - هناك مؤشرات ايجابية من جانب ايطاليا واسبانيا حول التواصل الديبلوماسي، كما ان لالمانيا علاقات قنصلية، لكن هذه الدول الثلاث لم تبلغ حتى الان احتمال فتح سفاراتها قريبا في دمشق. - بدأ مؤخرا حراك ديبلوماسي من جانب بعض الدول الاوروبية الاخرى للتواصل الديبلوماسي مع دمشق لكن لم يبلغ امكانية فتح السفارات، بينما هناك بعض سفارات لا زالت تعمل في العاصمة السورية بينها سفارات لعدد من دول اوروبا الشرقية والنمسا. - اما انقرة فلا زالت لم تغير حتى اليوم، من سياساتها المعادية لدمشق بل انها لا تزال تدعم توسيع كل من «داعش» و«النصرة» لسيطرة كل منهما على مساحات جديدة في سوريا وهي بالتالي تشكل جزءا اساسيا من الارهاب الذي تعاني منه سوريا والعراق. - اما السعودية، فلا تغيير جدياً في سياساتها من الوضع في سوريا وبالتالي لا مؤشرات لاي انفتاح او حتى المساهمة في الحل السياسي. - اما قيادة مصر الجديدة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي فهي لم توحي القيام بدور اساسي في حل الازمة السورية وانما هذا الدور لا زال خجولا، إن من حيث عدم تفعيل السفارة المصرية في دمشق او التواصل السياسي مع القيادة السورية وحتى الان فالهاجس الاساس للحكومة المصرية يكمن في جمع المعارضة وتعيد المصادر ذلك الى ان القاهرة لم تتمكن حتى الان الخروج من العباءة السعودية لحاجتها الى المساعدات المالية على الرغم من وجود علاقة جيدة بين الجيشين المصري والسوري. - اما باقي الدول العربية، فالقطري جرى تحجيم دوره وهو سعى للتعاون الاستخباراتي لكن قوبل برد واضح مضمونه ان توقف قطر دعمها للمجموعات المسلحة، اما الكويت فقد فتحت قنوات التواصل لاعادة فتح السفارة، بينما تونس قد تكسر القاعدة وتعيد فتح سفارتها قريبا بينما الاردن اعاد تحريك علاقاته ولكن بحذر اما عمان فيبدو انها الافضل بين دول الخليج في التواصل مع دمشق. من كل ذلك، ترى المصادر الديبلوماسية ان مؤشرات الانفتاح من جانب الغرب ودول الخليج ما كانت لتتم لولا صمود سوريا والانجازات التي حققها الجيش السوري في مواجهة الارهاب وتؤكد ان تسريع فتح السفارات او تأخيرها مرتبط بالتالي بالمعركة على الارض وبما تحققه سوريا من انجازات في مواجهة ما تعرضت له منذ ثلاث سنوات ونصف.

المصدر : الديار/ حسن سلامه


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة