يؤكد كثير ممّن يتابعون التحرك السياسي في الدول الأوروبية افتقار القارة «العجوز» إلى قادة حقيقيين يعكسون دور بلدانهم داخلياً وخارجياً بشكل عقلاني وذكي وبنّاء.

 وفي هذا المجال، يبرز الدور المدمّر لقادة فرنسا وبريطانيا المتخلّف والتابع للسياسات الأميركية والذي تقوده السعودية وقطر بغض النظر عن مصالح شعبي هذين البلدين بل بغض النظر عن مصالح أوروبا واتحادها الذي أصبح وضعه يثير الشفقة والسخرية. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي «قد استفاد كثيراً من تجربة وواقع الجامعة العربية» سواءً من جهة سيطرة بضع دول على صناعة القرار السياسي والاقتصادي فيها أو إصرارها على تحقيق الفشل بعد الفشل أو التدهور الأخلاقي لمرجعيتها على مختلف المستويات، أو استصدار قرارات بحسب الطلب وبحسب الثمن المدفوع.

نحن في سورية لا نرتاح إطلاقاً لإلقاء محاضرات في السياسة أو الأدب على الآخرين، فنحن نعي أن بلدنا ليس قوة عظمى بما يملكه من السلاح والقنابل النووية والاقتصاد العملاق، لكننا نعرف أننا نمتلك كنزاً لا يفنى من الأخلاق والأدب والتاريخ والقوة المعنوية والحضارة والإيمان في حتمية الانتصار على الإرهاب والعدوان والتدخل في شؤوننا الداخلية وسيادتنا واستقلالنا. وأثبت السوريون خلال سنوات التحدّي أنهم كانوا ضد الاحتلال العثماني لبلادهم، وأنهم قدّموا آلاف الشهداء، وضد الاحتلال الفرنسي، وضد الاحتلال «الإسرائيلي» لأرضنا، وسيؤكّد كل من يعرف تاريخ سورية أن من يدّعي الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد الآن أن هؤلاء وخصوصاً الفرنسيين منهم قد قاموا بقصف البرلمان السوري المنتخب ديمقراطياً لأن حاميته البطلة رفضت الانحناء والاستسلام والانصياع لأوامر الجنرال غورو آنذاك، ولإرهابيي شيراك وساركوزي وهولاند الذين يقتلون السوريين والفرنسيين الآن بدم بارد. كيف لا وهؤلاء هم أحفاد مخلصون لمن قتل ما يزيد عن المليون جزائري واختبروا المواد النووية على الأرض الجزائرية الطاهرة، التي مازالت تعاني حتى الآن من أوحالهم والتلوث الذي أدخلوه كل أرض تصوروا أنهم قادرون على السيطرة عليها إلى الأبد.

كيف يدّعي هؤلاء القادة الفرنسيين وحتى كثير من الكتبة الإعلاميين أنه يحق لهم أن يعظوا في الطهارة وأيديهم ملوثة في الدنس والعهر، من أخمص قدميهم وصولاً إلى قمة رأسهم. هذا إذا كانت على رقابهم الغليظة رؤوس أصلاً! إن ما يؤكد ما ذهبنا إليه هو انقياد هؤلاء خلف سياسات سعودية وخليجية أخرى ثبت للعالم أنها لا تراعي من قريب أو بعيد أي قيم إنسانية أمام منطق الحقد والكراهية وتبديد الأموال لقتل الأبرياء في أي مكان لإشباع غريزة القتل التي تتجسد في كيانهم وعقلهم وممارساتهم وعاداتهم وإيمانهم بأن المال يمكن أن يشتري أي شيء في عالم اليوم بدءاً من الأخلاق والشرف والقيم التي اتفق العالم على أنها قيم كونية تنطبق على كل شعوب العالم بغض النظر عن العرق واللون ونوع الجنس البشري والعقيدة والدين، وكلها قيم باعتها القيادات الفرنسية التي ذكرناها مقابل ضمان شرائها للانتخابات من جهة وتمرير مصالح «إسرائيل» في المنطقة على حساب كرامة العرب، كل العرب، وشعوب ودول المنطقة الأخرى. إن التحالف غير المقدس بين فرنسا وتركيا، على سبيل المثال، يتناقض وما تدعيه فرنسا من حرب على الإرهاب، فها هي الحكومة التركية تعلن خطراً على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تمنع بموجبه كشف أي معلومات عن تسليم الإرهابيين في سورية أية أسلحة ومعدات قتل ناهيك عن سماح أوروبا لتركيا بتمرير كل إرهابييها عبر تركيا إلى سورية.

يقول الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في تصريحات وكلمات أطلقها بعد العدوان الإرهابي الذي قامت به مجموعات إرهابية إجرامية ترعرعت في أحضان هولاند وغيره من قادة أوروبا إنه: «يأسف لعدم تدخل المجتمع الدولي عسكرياً في الوقت المناسب في سورية نهاية صيف 2013 كما كانت ترغب فرنسا». وجاء ذلك في كلمة وجهها للعسكريين الفرنسيين على متن حاملة طائرات فرنسية. إن هولاند الذي يسعى إلى دور بأي ثمن وبأي شكل كان، لتنفيذ سياساته المريضة والتي تتناقض مع مصالح الشعب الفرنسي ومصالح أوروبا وقيم الجمهورية التي يترأسها، أصبح مجرد بوق للسعودية وتركيا أردوغان والإرهابيين الذين يقتلون الشعب السوري.

إن الرئيس هولاند الذي لا يزال يحلم بغزو عسكري لبلد مستقل وذي سيادة، وغزو بلد عضو في الأمم المتحدة ويحارب الإرهاب يثير الشكوك العميقة حول حكمته وصدقيته. والأخطر هو أن تأتي هذه التصريحات بعد العدوان الإرهابي الذي قام به فرنسيون في قلب باريس وذهب ضحيته 17 فرنسياً. ويبدو أن الرئيس الفرنسي الذي استنجد بحوالى ستين ملكاً ورئيساً ليسيروا معه في شوارع باريس، ليس لحشد جهدهم في محاربة الإرهاب بل لإنقاذ منصبه شخصياً من غضب الشعب الفرنسي الذي سيقول له عاجلاً أم آجلاً إن سياساته وسياسات أمثاله في أوروبا هي التي أدت إلى تفريخ الإرهابيين في فرنسا وفي أوروبا. ألم يحدد الشعب الفرنسي موقفه من هولاند عندما لم يمنحه أكثر من 12 في المئة في استطلاعات الرأي ثقتهم بقيادة هولاند ومجموعته المتصهينة التي يترأسها لوران فابيوس؟ أما مشاركة مجرمين مثل نتنياهو وأحمد داوود أوغلو يدعمون القتل والإرهاب ويسمحون لكل قتلة العالم بعبور الحدود إلى سورية لقتل شعبها، فهو فضيحة لن يتستر عليها كل ذي ضمير آجلاً أم عاجلاً.

وعلى الجانب الآخر المناهض للإرهاب، تأتي كلمات الرئيس بشار الأسد لصحيفة «الأخبار الأدبية» التشيكية والتي أكد فيها بحكمة القائد وصدقية الموقف عندما أجاب على سؤال يتعلق بموقفه من مجزرة باريس: «عندما يتعلق الأمر بقتل المدنيين، وبصرف النظر عن الموقف السياسي، والاتفاق أو الاختلاف مع الأشخاص الذين قتلوا، فإن هذا إرهاب ونحن ضد قتل الأبرياء في أي مكان في العالم». منذ أربع سنوات، وبعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية تقوم بضخ الإرهابيين لقتل السوريين، وكان إعلام ومسؤولو هذه الدول يصفون هؤلاء بأنهم مجموعات معارضة مسلحة تقوم باستخدام السلاح من أجل الديمقراطية! والسؤال هو: هل سمحت القيادات الأوروبية والأميركية باستخدام المعارضة فيها للسلاح من أجل انتزاع حقوقها الديمقراطية في ضواحي باريس أو في المدن الأميركية؟ إن ما نراه ويراه الأميركيون الذين تطاردهم الشرطة في الشوارع والساحات وهي تقتل «بطريقة ديمقراطية جداً» الأميركيين من أصل أفريقي أو الفقراء الذين يحتجون على بؤسهم وحرمانهم، وتقتل أعداداً هنا وهناك من دون رحمة أو أي اعتبار للديمقراطية والحد الأدنى من حقوق الإنسان ومن دون أي اعتبار لما أطلقوا عليه «الحكم الرشيد». على هؤلاء أن يفهموا أن الإرهاب لا تمكن محاربته في العراق ودعمه في سورية، وأنه لا تمكن محاربة هذه المجموعات في وقت يجرى فيه تمويلها بمليارات الدولارات من قبل السعودية عبر أرقام حساب تشرف عليها الأجهزة الأمنية في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.

لقد أكد الرئيس الأسد، وهو مقتنع في ما يقوله من آراء وأفكار على أنه لا يجوز دعم الإرهاب وتوفير مظلة سياسية له لأن ذلك سينعكس على أوروبا وأميركا والعالم، إلاَّ أن هؤلاء لم يصغوا لصوت العقل، بل كان السياسيون الغربيون قصيري النظر وضيقي الأفق وأن ما حدث في فرنسا أثبت أن ما قاله الرئيس الأسد حول حتمية انتشار الإرهاب الذي يدعمه الغربيون إلى خارج سورية قبل بدء الأحداث في سورية وطيلة أربع سنوات كان صحيحاً. إن ما تفتقده أوروبا حالياً هو حس المساءلة للسياسات الأوروبية لأنها هي المسؤولة عما حدث في باريس وعواصم ومدن أوروبية أخرى وفي سورية والعراق وليبيا والكثير من الدول الآسيوية والأفريقية. لقد قال روبيرت فيسك في صحيفة «اندبندنت» البريطانية: «كان بن لادن نفسه سعودياً. وقد مُوّلت حركة طالبان وتسليحها من قبل السعوديين. وكان تطبيق طالبان لـ «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» متطابقة مع ممارسات الشرطة الدينية السعودية في الرياض وجدة».

 

إن سياسات التضليل التي يمارسها العديد من القادة في أميركا وفي أوروبا والمدعومة إعلامياً بأجهزة أساءت لحرية الإعلام وشرف الكلمة، والتي تنفذها أجهزة أمنية لا يهمها أعداد القتلى الذين يسيرون في جنازاتهم، والمال الخليجي الذي يستخدمه هؤلاء لقتل شعبنا، قد انكشف لشعوب أوروبا والعالم. وها هي سورية التي حاولوا تشويه صورتها الحضارية، ودمّروا منشآتها وقتلوا أطفالها وأججوا النيران فيها، تخرج كالعنقاء مرفوعة الرأس من أتون صراع وقفت خلفه بكل تفاصيله «إسرائيل» ومن يدعمها من سعوديين وأوروبيين. إن حرب السوريين وقيادتهم وجيشهم البطل على الإرهاب والقتل والدمار، وتحقيق مزيد من المصالحات المحلية في أنحاء سورية كافة وتجاوب شعب سورية مع مبادرات إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعها، مؤشرات تتسارع واعدة بنشر الخير على أرض الواقع لتبشر ببزوغ أمل جديد تسطع فيه شمس الحرية. إن النصر لناظره قريب.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-01-16
  • 12367
  • من الأرشيف

الشمس تشرق... والنصر آتٍ

يؤكد كثير ممّن يتابعون التحرك السياسي في الدول الأوروبية افتقار القارة «العجوز» إلى قادة حقيقيين يعكسون دور بلدانهم داخلياً وخارجياً بشكل عقلاني وذكي وبنّاء.  وفي هذا المجال، يبرز الدور المدمّر لقادة فرنسا وبريطانيا المتخلّف والتابع للسياسات الأميركية والذي تقوده السعودية وقطر بغض النظر عن مصالح شعبي هذين البلدين بل بغض النظر عن مصالح أوروبا واتحادها الذي أصبح وضعه يثير الشفقة والسخرية. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي «قد استفاد كثيراً من تجربة وواقع الجامعة العربية» سواءً من جهة سيطرة بضع دول على صناعة القرار السياسي والاقتصادي فيها أو إصرارها على تحقيق الفشل بعد الفشل أو التدهور الأخلاقي لمرجعيتها على مختلف المستويات، أو استصدار قرارات بحسب الطلب وبحسب الثمن المدفوع. نحن في سورية لا نرتاح إطلاقاً لإلقاء محاضرات في السياسة أو الأدب على الآخرين، فنحن نعي أن بلدنا ليس قوة عظمى بما يملكه من السلاح والقنابل النووية والاقتصاد العملاق، لكننا نعرف أننا نمتلك كنزاً لا يفنى من الأخلاق والأدب والتاريخ والقوة المعنوية والحضارة والإيمان في حتمية الانتصار على الإرهاب والعدوان والتدخل في شؤوننا الداخلية وسيادتنا واستقلالنا. وأثبت السوريون خلال سنوات التحدّي أنهم كانوا ضد الاحتلال العثماني لبلادهم، وأنهم قدّموا آلاف الشهداء، وضد الاحتلال الفرنسي، وضد الاحتلال «الإسرائيلي» لأرضنا، وسيؤكّد كل من يعرف تاريخ سورية أن من يدّعي الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد الآن أن هؤلاء وخصوصاً الفرنسيين منهم قد قاموا بقصف البرلمان السوري المنتخب ديمقراطياً لأن حاميته البطلة رفضت الانحناء والاستسلام والانصياع لأوامر الجنرال غورو آنذاك، ولإرهابيي شيراك وساركوزي وهولاند الذين يقتلون السوريين والفرنسيين الآن بدم بارد. كيف لا وهؤلاء هم أحفاد مخلصون لمن قتل ما يزيد عن المليون جزائري واختبروا المواد النووية على الأرض الجزائرية الطاهرة، التي مازالت تعاني حتى الآن من أوحالهم والتلوث الذي أدخلوه كل أرض تصوروا أنهم قادرون على السيطرة عليها إلى الأبد. كيف يدّعي هؤلاء القادة الفرنسيين وحتى كثير من الكتبة الإعلاميين أنه يحق لهم أن يعظوا في الطهارة وأيديهم ملوثة في الدنس والعهر، من أخمص قدميهم وصولاً إلى قمة رأسهم. هذا إذا كانت على رقابهم الغليظة رؤوس أصلاً! إن ما يؤكد ما ذهبنا إليه هو انقياد هؤلاء خلف سياسات سعودية وخليجية أخرى ثبت للعالم أنها لا تراعي من قريب أو بعيد أي قيم إنسانية أمام منطق الحقد والكراهية وتبديد الأموال لقتل الأبرياء في أي مكان لإشباع غريزة القتل التي تتجسد في كيانهم وعقلهم وممارساتهم وعاداتهم وإيمانهم بأن المال يمكن أن يشتري أي شيء في عالم اليوم بدءاً من الأخلاق والشرف والقيم التي اتفق العالم على أنها قيم كونية تنطبق على كل شعوب العالم بغض النظر عن العرق واللون ونوع الجنس البشري والعقيدة والدين، وكلها قيم باعتها القيادات الفرنسية التي ذكرناها مقابل ضمان شرائها للانتخابات من جهة وتمرير مصالح «إسرائيل» في المنطقة على حساب كرامة العرب، كل العرب، وشعوب ودول المنطقة الأخرى. إن التحالف غير المقدس بين فرنسا وتركيا، على سبيل المثال، يتناقض وما تدعيه فرنسا من حرب على الإرهاب، فها هي الحكومة التركية تعلن خطراً على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تمنع بموجبه كشف أي معلومات عن تسليم الإرهابيين في سورية أية أسلحة ومعدات قتل ناهيك عن سماح أوروبا لتركيا بتمرير كل إرهابييها عبر تركيا إلى سورية. يقول الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في تصريحات وكلمات أطلقها بعد العدوان الإرهابي الذي قامت به مجموعات إرهابية إجرامية ترعرعت في أحضان هولاند وغيره من قادة أوروبا إنه: «يأسف لعدم تدخل المجتمع الدولي عسكرياً في الوقت المناسب في سورية نهاية صيف 2013 كما كانت ترغب فرنسا». وجاء ذلك في كلمة وجهها للعسكريين الفرنسيين على متن حاملة طائرات فرنسية. إن هولاند الذي يسعى إلى دور بأي ثمن وبأي شكل كان، لتنفيذ سياساته المريضة والتي تتناقض مع مصالح الشعب الفرنسي ومصالح أوروبا وقيم الجمهورية التي يترأسها، أصبح مجرد بوق للسعودية وتركيا أردوغان والإرهابيين الذين يقتلون الشعب السوري. إن الرئيس هولاند الذي لا يزال يحلم بغزو عسكري لبلد مستقل وذي سيادة، وغزو بلد عضو في الأمم المتحدة ويحارب الإرهاب يثير الشكوك العميقة حول حكمته وصدقيته. والأخطر هو أن تأتي هذه التصريحات بعد العدوان الإرهابي الذي قام به فرنسيون في قلب باريس وذهب ضحيته 17 فرنسياً. ويبدو أن الرئيس الفرنسي الذي استنجد بحوالى ستين ملكاً ورئيساً ليسيروا معه في شوارع باريس، ليس لحشد جهدهم في محاربة الإرهاب بل لإنقاذ منصبه شخصياً من غضب الشعب الفرنسي الذي سيقول له عاجلاً أم آجلاً إن سياساته وسياسات أمثاله في أوروبا هي التي أدت إلى تفريخ الإرهابيين في فرنسا وفي أوروبا. ألم يحدد الشعب الفرنسي موقفه من هولاند عندما لم يمنحه أكثر من 12 في المئة في استطلاعات الرأي ثقتهم بقيادة هولاند ومجموعته المتصهينة التي يترأسها لوران فابيوس؟ أما مشاركة مجرمين مثل نتنياهو وأحمد داوود أوغلو يدعمون القتل والإرهاب ويسمحون لكل قتلة العالم بعبور الحدود إلى سورية لقتل شعبها، فهو فضيحة لن يتستر عليها كل ذي ضمير آجلاً أم عاجلاً. وعلى الجانب الآخر المناهض للإرهاب، تأتي كلمات الرئيس بشار الأسد لصحيفة «الأخبار الأدبية» التشيكية والتي أكد فيها بحكمة القائد وصدقية الموقف عندما أجاب على سؤال يتعلق بموقفه من مجزرة باريس: «عندما يتعلق الأمر بقتل المدنيين، وبصرف النظر عن الموقف السياسي، والاتفاق أو الاختلاف مع الأشخاص الذين قتلوا، فإن هذا إرهاب ونحن ضد قتل الأبرياء في أي مكان في العالم». منذ أربع سنوات، وبعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية تقوم بضخ الإرهابيين لقتل السوريين، وكان إعلام ومسؤولو هذه الدول يصفون هؤلاء بأنهم مجموعات معارضة مسلحة تقوم باستخدام السلاح من أجل الديمقراطية! والسؤال هو: هل سمحت القيادات الأوروبية والأميركية باستخدام المعارضة فيها للسلاح من أجل انتزاع حقوقها الديمقراطية في ضواحي باريس أو في المدن الأميركية؟ إن ما نراه ويراه الأميركيون الذين تطاردهم الشرطة في الشوارع والساحات وهي تقتل «بطريقة ديمقراطية جداً» الأميركيين من أصل أفريقي أو الفقراء الذين يحتجون على بؤسهم وحرمانهم، وتقتل أعداداً هنا وهناك من دون رحمة أو أي اعتبار للديمقراطية والحد الأدنى من حقوق الإنسان ومن دون أي اعتبار لما أطلقوا عليه «الحكم الرشيد». على هؤلاء أن يفهموا أن الإرهاب لا تمكن محاربته في العراق ودعمه في سورية، وأنه لا تمكن محاربة هذه المجموعات في وقت يجرى فيه تمويلها بمليارات الدولارات من قبل السعودية عبر أرقام حساب تشرف عليها الأجهزة الأمنية في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. لقد أكد الرئيس الأسد، وهو مقتنع في ما يقوله من آراء وأفكار على أنه لا يجوز دعم الإرهاب وتوفير مظلة سياسية له لأن ذلك سينعكس على أوروبا وأميركا والعالم، إلاَّ أن هؤلاء لم يصغوا لصوت العقل، بل كان السياسيون الغربيون قصيري النظر وضيقي الأفق وأن ما حدث في فرنسا أثبت أن ما قاله الرئيس الأسد حول حتمية انتشار الإرهاب الذي يدعمه الغربيون إلى خارج سورية قبل بدء الأحداث في سورية وطيلة أربع سنوات كان صحيحاً. إن ما تفتقده أوروبا حالياً هو حس المساءلة للسياسات الأوروبية لأنها هي المسؤولة عما حدث في باريس وعواصم ومدن أوروبية أخرى وفي سورية والعراق وليبيا والكثير من الدول الآسيوية والأفريقية. لقد قال روبيرت فيسك في صحيفة «اندبندنت» البريطانية: «كان بن لادن نفسه سعودياً. وقد مُوّلت حركة طالبان وتسليحها من قبل السعوديين. وكان تطبيق طالبان لـ «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» متطابقة مع ممارسات الشرطة الدينية السعودية في الرياض وجدة».   إن سياسات التضليل التي يمارسها العديد من القادة في أميركا وفي أوروبا والمدعومة إعلامياً بأجهزة أساءت لحرية الإعلام وشرف الكلمة، والتي تنفذها أجهزة أمنية لا يهمها أعداد القتلى الذين يسيرون في جنازاتهم، والمال الخليجي الذي يستخدمه هؤلاء لقتل شعبنا، قد انكشف لشعوب أوروبا والعالم. وها هي سورية التي حاولوا تشويه صورتها الحضارية، ودمّروا منشآتها وقتلوا أطفالها وأججوا النيران فيها، تخرج كالعنقاء مرفوعة الرأس من أتون صراع وقفت خلفه بكل تفاصيله «إسرائيل» ومن يدعمها من سعوديين وأوروبيين. إن حرب السوريين وقيادتهم وجيشهم البطل على الإرهاب والقتل والدمار، وتحقيق مزيد من المصالحات المحلية في أنحاء سورية كافة وتجاوب شعب سورية مع مبادرات إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعها، مؤشرات تتسارع واعدة بنشر الخير على أرض الواقع لتبشر ببزوغ أمل جديد تسطع فيه شمس الحرية. إن النصر لناظره قريب.  

المصدر : البناء /د. فيصل المقداد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة