ثلاثة عوامل تتظافر اليوم لإحداث تغييرات تاريخية وجذرية في أوروبا فيما يتعلق بتراثها الديمقراطي، فهناك سلسلة من الأزمات التي تعصف بالنظام الرأسمالي،

وصارت تنخر في أسس المجتمع الذي بني على قاعدته ومبادئه، وهناك الإرهاب الذي يجر أوروبا إلى منزلق خطير يبدأ بتضييق غير مسبوق على الحريات الديمقراطية، وحقوق الإنسان لمجموعات بشرية معينة داخل مجتمعاتها، وهناك تصاعد المواجهة مع روسيا الذي ينذر بعواقب وخيمة. نترك هنا لخبرائه مهمة تنويرنا عما يجري في مجال الاقتصاد، ونتناول مسألة الإرهاب وتداعياته، خاصة عندما يتزامن التعامل معه واتخاذ العلاقات بين روسيا والغرب عامة منحى خطيرا جراء الحصار الذي يحاول الغرب فرضه على روسيا لتركيعها، ومنع نهوضها كقوة كبرى. إن تزامن التوتر مع روسيا والمواجهة مع الإرهاب، وتفاعلهما يؤدي إلى تعقيد الوضع فيما يتعلق بالحياة الديمقراطية في هذه البلدان، وربما إلى مواجهات خطيرة وخطرة على مستوى العالم.

البلدان الغربية تتفوق على غيرها في مجال سايكولوجيا الحرب بكون عساكرها الذين يحملون أعلى الرتب، ويشغلون أخطر المناصب، ويرسمون الستراتيجيات، لا يبرزون بالضرورة بالبزة العسكرية، ولا يضعون شيئا على أكتافهم، ولا نياشين على صدورهم. إنهم يبرزون عند الضرورة في ثياب مدنية، وفي أكثر الأحيان، لا يظهرون أبدا أمام العالم، وأمام شعوبهم، فهم جنود مجهولون. وهم ليسوا دائما أولئك المقيمين في الثكنات، وفي القواعد المعزولة خارج المدن، بل هم أولئك المتحكمون بعصب المعلومات والأسرار. إنهم كانوا هناك دائما أصحاب القرار والحسم فيما يتعلق بالسياسات الخارجية، لكنهم حافظوا داخليا على صورتهم بأنهم خارج اللعبة السياسية. أما في السنوات القليلة الماضية فقد صار ظهورهم في العلن ظاهرة متكررة، ومقبولة، بل وأصبح جزء من العملية السياسية باعتبارهم ضمانة استمرار الديمقراطية والحفاظ على أطرها. وباتوا يحصلون، تدريجيا وبخطى متسارعة، على مساحة أوسع في الحياة السياسية في بلدانهم. وعلى وقع التطورات الخطيرة التي تجري في العالم، وفي أوروبا يتحرك موقعهم بالنسبة إلى العملية السياسية من كونهم، رسميا، خارجها، باتجاه الداخل، وربما نحو مركزها. في بلدان العالم الثالث تعتبر ظروف أقل من هذه بكثير ناضجة لقفز العسكر، ومنهم ذوو الثياب المدنية، إلى السلطة المباشرة بشكل فظ وحاد. هذا غير ممكن في الغرب إلا في حدود ضيقة، مثلا قد تكون الانقلابات العسكرية ما تزال ممكنة في البلدان التي تعتبر بوابات لأوروبا: اسبانيا، إيطاليا، اليونان، وحتى فرنسا، لكن ذلك غير وارد تقريبا في بريطانيا، وألمانيا، والدول الاسكندنافية وغيرها. ما هو ممكن هنا هو أن العسكر في الثياب المدنية يمكن أن يقوموا بانقلابات هادئة لا يشعر بها أحد من خلال التحالف والتفاهم على تقاسم السلطة مع أحزاب تشارك في الحياة الديمقراطية، لكنْ يجمعها الكثير مع العسكر المدنيين. ما نلاحظه الآن هو أن هناك أحزابا يمينية متطرفة كانت حتى قبل بضع سنوات نكرة، أو أشبه ما يكون بالمهرج في جلسات البرلمان، تتجه الآن إلى أن تصبح أكبر الأحزاب في بلدانها، الدنمارك وفرنسا كمثلين واضحين.

نحن دخلنا فعلا مرحلة تلاقي رغبات العسكر مع مصالح أحزاب اليمين، الذي لم يعد يطلق عليه من قريب أو بعيد بالمتطرف، بل هو اليمين وحسب. وعلى سطح الأحداث يبدو أن من يوفر الأرضية لمثل هذا التلاقي هو "الإرهاب الإسلامي". وهذه الأحزاب هي الحصان الذي يمكن للعسكر في الثياب المدنية أن يراهنوا عليه، فهؤلاء هم قبل كل شيء الأداة التي تستغل الإرهاب لتطالب بقوانين جديدة تمنح العسكر المدنيين المزيد من الصلاحيات والسلطات، وتعطل شيئا فشيئا القوانين الديمقراطية السارية. في السنوات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر صدرت قوانين عديدة لمواجهة الإرهاب تكوّن منها جسم غريب في دم الديمقراطية، ولكن يبدو أن هذا ليس كافيا في نظر اليمين والعسكر، فالقوانين التي تجري المطالبة بتشريعها الآن متطرفة، وتعد ضربة قاضية توجه إلى العقلانية الأوروبية ومن شأنها أن تجعل من دول أوروبا نماذج أسوأ مما عرفنا ونعرف في الشرق الأوسط. إن ما يريده اليمين المتطرف هو أن تقضي السلطة التشريعية تدريجيا على نفسها فتنقل، بقوانين تسنها هي بنفسها، صلاحياتها إلى العسكر المدنيين، وتجرد النظام القضائي أيضا من سلطاته، وتنقل الحكم في حقوق المواطن في المجتمع إلى أيدي العسكر وأجهزتهم التي لها أن تحاسب المواطن، وتحكم عليه ليس فقط لأفعاله، بل وعلى أقواله، وعلى نواياه المحتملة، والأخطار المفترضة الكامنة في انتماءاته العرقية، والدينية، والسياسية، بما يضمن للمجتمع الوقاية من إرهاب محتمل، وبالمثال الملموس فإن هذا المقال الذي بين يدي القارئ، والذي يدخل تقليديا في نطاق حرية التعبير أسوة بالرسوم الكاريكاتورية، يمكن النظر إليه من قبل الأجهزة الأمنية كتهديد لأمن البلد، وكتعاطف مع أعدائه، وكتشجيع للإرهاب، ومن ثم شمول الكاتب بقوانين الإرهاب، بمعنى أن بينوشيت وصدام حسين سيصبحان في أوروبا مع الوقت أيقونات ديمقراطية، وندخل هنا في سباق مع كوريا الشمالية حول من يبدع أكثر في خنق أصوات الناس، وفي كيفية حشر البشر في الأقفاص مثل الدواجن.

الأحزاب اليمينية المتطرفة متعطشة للسلطة، ولكنها ليس لها ما تقدمه لشعوبها غير خطط بائسة لتطمينها من المخاوف، وهي ترى بشكل غريزي في العسكر حليفا يؤازرها في تخويف الناس، وكسب أصواتهم باعتباره درعهم الحصين. أوروبا أصبحت فجأة مستعدة للتعامل مع الحياة على أساس المخاوف الناشئة من وجود الإرهاب، ولم يعد هناك من يجرؤ على السؤال: هل خطر الإرهاب ضد البلدان الغربية حقيقي؟ نحن نطرح السؤال، ونجيب بنعم خطر الإرهاب على المجتمعات الغربية حقيقي، ولكن ضمن الحدود التي تقررها هذه البلدان بنفسها، إذ تتحكم بتناغمه مع أزماتها وحاجتها إلى تمرير مخططاتها سواء داخل مجتمعاتها أو خارجها.

إن خطر الإرهاب ينطوي على ثنائية جدلية، فمن ناحية أصبح وجود الإرهاب في العالم ضرورة من ضروات الحياة للنظام الرأسمالي، وواحدة من وسائله الستراتيجية في محاربة العالم خارج البلدان الرأسمالية الغربية. لو أن البلدان الغربية أرادت إزالة الإرهاب من العالم فهي تستطيع ذلك بين ليلة وضحاها من خلال التحكم بالصمام السعودي، فالعالم كله يدرك أن الإرهاب صناعة أمريكية سعودية مشتركة. السعودية هي التي تمول الإرهاب ماليا، وتغذيه بآلاف الإرهابيين، وتدعمهم أيديولوجيا بالفتاوى والخطاب التكفيري. ولكن الدول الرأسمالية الغربية لن تفعل ذلك لأن الإرهاب هو أداتها لنشر الخراب والفوضى في العالم، وتسهيل السيطرة على كل البلدان، والإرهابيون هم الاحتياطي الفعال تحت تصرفها في حروبها المقبلة في كل العالم، خاصة ضد الصين. هذا لا يعني أن الإرهاب يخضع دائما ليسطرة أمريكا وحلفائها، ولا يشكل خطرا على البلدان الغربية. خطر الإرهاب "الإسلامي" الحقيقي على الغرب يكمن في شيء واحد هو صعوبة إيصال حقيقة كون الإرهاب مشروعا أمريكيا سعوديا مشتركا إلى وعي كل المسلمين، فهناك شباب مسلمون ينضمون إلى الإرهاب ظنا منهم أنهم فعلا يحاربون من أجل الإسلام، وأن الغرب هو العدو اللدود للإسلام بدليل السخرية من نبي الإسلام، عدا عن غزو الغرب للبلدان المسلمة. يساعد على ذلك رفع متطرفي اليمين، وفي مقدمتهم عنصريو الدنمارك ومجانين فرنسا، راية الحرب على الإسلام الأمر الذي يعطي المغفلين من المسلمين الانطباع بأن العداء بين الغرب وبين هذا الإرهاب حقيقي، وأن الإرهاب يدافع عن الإسلام. خطر الإرهاب "الإسلامي" ضد البلدان الغربية هو من الإفرازات الجانبية للمشروع الإرهابي الأمريكي السعودي المشترك ضد العالم، والذي يلحق الأذى والضرر بالشعوب المسلمة قبل غيرها.

إن أمر الخطر الإرهابي على الحياة والاستقرار في البلدان الغربية، يتعقد بوجود الجاليات المسلمة في الغرب ووجود من تسول له نفسه الانضمام إلى المنظمات الإرهابية، لدوافع متنوعة، منها مثلا:

 

1) الاحباطات التي تعاني منها فئات الشباب في المجتمع، والتي بسبب انخفاض مستوى وعيها الاجتماعي لا ترى أنها وأوساطها الاجتماعية تتحمل قسطا من مسؤولية الأوضاع المحبطة التي تعيش فيها، فتلقي بالمسؤولية كاملة على المجتمع، وتتهمه بالعنصرية، والتمييز، والكراهية للمسلمين.

ثانيا) كون التنظيمات الإرهابية سرية، ومفتوحة أمام كل من يدعي الإسلام أو يعتنقه، يفسح في المجال لمختلف أجهزة الاستخبارات العالمية لاختراقها، وبأذكى الوسائل، وتوجيهها لخدمة مآربها. إن الشاب الذي يغرر به، ويدفع إلى ارتكاب عمل إرهابي، بما في ذلك قتل نفسه، لن يكون أبدا متيقنا من هوية من يدفعه إلى ذلك. يكفي أي جهاز مخابرات أن يشتري إمام جامع واحد، أو شيخا ملتحيا في حارة شعبية، كي يبث من خلاله إلى التنظيمات الدينية أعدادا من العملاء والوكلاء المدربين بدقة على الصعود في سلم المراتب الدينية والإمارة، والانتشار في جسد التنظيمات الدينية، الإرهابية منها وغير الإرهابية، والسيطرة عليها وتوجيهها كما تشاء.

إن زعزعة استقرار البلدان الأوروبية لا يمكن أن تكون مصلحة إسلامية، بل هي عكس ذلك.

إن الأنظمة الديمقراطية قوية ومتماسكة، بلا شك، وذلك بفضل تشبع وعي المواطن بمبادئ الحياة الديمقراطية، لكن قوانين الإرهاب بدأت تصيب هذه الأنظمة بمرض التآكل الذاتي. إن سن قوانين تضع المزيد من السلطة في أيدي العسكر المدنيين يخلق دوامة ديمقراطية خطرة، فالقوانين لا يمكن سنها صراحة وبصياغة حرفية لتنطبق على قطاعات مجتمعية معينة، وتضيق الخناق على حرياتها وحقوقها، وإنما يجري سنها بصفة عامة تسري على كل أفراد المجتمع. ومع أن المواطن الأوروبي العادي يمكن أن يتوهم الآن بسهولة أن هذه القوانين لا تشمله، وإنما هي هناك لحمايته من تلك المجموعات المجتمعية التي يمكن أن تكون حاضنة للإرهاب، إلا القانون هو قانون ويمكن استخدامه في ظروف مماثلة قد تنشأ مستقبلا عندما ترى الدولة أن جماعات أخرى، غير المسلمين، أصبحت مصدر خطر، مثلا، كيف سيكون الوضع القانوني لتلك المجموعات السياسية اليسارية أو الدينية التي سترى مع مرور الوقت أن التضييق على المسلمين واضطهادهم وصل حدا غير مقبول؟ وهذا أمر وارد بلا شك، فهناك في أوروبا قوى يسارية وإنسانية حقيقية وفعالة - خذ مثلا خروج مئة ألف مواطن في ألمانيا في مظاهرة ضد الإسلاموفوبيا فهؤلاء يشكلون قيمة أكبر بكثير من المليوني متظاهر في مسرحية شارلي السخيفة في باريس، بل وهناك حتى قوى دينية مسيحية معارضة لاضطهاد المسلمين، إذ أن هذه القوى تريد أن تثبت لشعوبها أنها ديمقراطية فعلا، وأنها تمثل نزعة السلام والمحبة. فهل ستعامل تلك الجماعات أيضا كمصدر خطر على المجتمع عندما تنتقل إلى الدفاع الجدي عن المسلمين؟ ثم إن القوانين التي تصدر تحمل نوعين آخرين من المخاطر، فهي أولا لا يمكن إلغاؤها بسهولة، وهي ثانيا تتحول، خاصة إذا طالت فترة سريانها، إلى ممارسة في الحياة اليومية، وتعطل تدريجيا ميكانيزما الديمقراطية، وتحل في وعي المواطن بدل الأسس الديمقراطية.

السؤال هنا هو ما هي تبعات انفصام الشخصية الأوروبية المتمثل في وجود قوانين غير ديمقراطية في نظام ديمقراطي، وإلى أي حد يمكن أن يستمر هذا التمييز بين من تنطبق عليه هذه القوانين ومن لا تنطبق عليه؟ لو استطعنا أن نتجاوز الانشغال بالوضع الحالي في أوروبا الغربية حيث يدور كل شيء، بشكل مصطنع إلى حدود بعيدة، حول المسلمين والإرهاب "الإسلامي"، ونظرنا إلى المستقبل، يمكننا أن نرى بوضوح أن قوانين الإرهاب يجري وضعها أصلا كإطار للتعامل مع الشعوب الأوروبية نفسها في مستقبل ليس بالبعيد. إن أزمات الرأسمالية التي تستفحل تدريجيا، وتضعضع الاقتصاد، وازدياد الفقر والبطالة، كلها عوامل كفيلة بخلق جماعات معارضة قوية داخل أوروبا ناقمة على النظام الرأسمالي. إن تلك الجماعات التي لم تولد بعد لكن أمها الرأسمالية تمر في وضع المخاض، ستجد إطارا حديديا من القوانين بانتظارها، وستعامل على أساس كونها إرهابية، وستكون هي أيضا ضحية حقيقية للمشروع الأمريكي السعودي الإرهابي المشترك.

أما العلاقات المتوترة مع روسيا فإنها تشكل عاملا آخر في قيام التحالف غير المقدس بين اليمين الأوروبي والعسكر، ولتقدير خطورة هذا التوتر يجب الانتباه إلى أمر جوهري، وهو أن روسيا ليست خليفة الاتحاد السوفيتي في أطروحة التعايش السلمي بأي ثمن كان، وهذا يعني أن خطر الانزلاق إلى مواجهة حقيقية أمر وارد في أية لحظة، وهذا يتطلب التسريع في عملية تعطيل القوانين الديمقراطية، ومنح العسكر المزيد من السلطات؛ وهنا فإن البلدان الغربية تعودت تقليديا على التعامل مع خطر أو عدو واحد، وليس مع خطرين أو عدوين في نفس الوقت، ففي مواجهتها مع ألمانيا الهتلرية جمدت الدول الغربية صراعها مع الاتحاد السوفيتي، بل وعملت على استخدامه للاشتباك مع ألمانيا حتى يضعف أحدهما الآخر. وفي الصراع مع الاتحاد السوفيتي السابق كان الغرب يتحالف مع جميع القوى الرجعية في العالم، ومع حكم العسكر هنا وهناك كي يتفرغ لعدو واحد. وكان الإسلاميون في تلك المرحلة أقوى حليف له استخدمهم لإضعاف الاتحاد السوفيتي. أما اليوم فيترتب على الغرب مواجهة وضع غير تقليدي، فساعة بروز روسيا العازمة على أخذ مكانتها على الساحة الدولية يرى هذا الغرب نفسه وهو يشن حربا حقيقية على مئات الملايين من المسلمين في العالم، وفي مواجهة جانبية مع تبعات الإرهاب "الإسلامي" الذي خلقه بنفسه. البلدان الغربية عليها أن تختار عدوا واحدا لتحاربه، وتتصالح مع الآخر. إنها ستختار حتما محاربة روسيا، لأن روسيا عدو حقيقي، أم الإرهاب (وربطه بالإسلام) فعدو مزيف يمكن التصالح معه علانية.

يمكن القول بدرجة عالية من الثقة أن استفحال المواجهة مع روسيا سيدفع الغرب إلى إعادة النظر في علاقته بالإسلام والمسلمين، ليس لأن عدوانية الرأسمالية قد خفت، أو أنها صارت ذات نزعة حوارية، بل فقط وفقط لتتمكن من التفرغ لعدو واحد إلى حين. الدولة الوحيدة التي ستجد صعوبة في تعديل سياستها الغبية هي فرنسا، فالفرنسي التافه المغرور الذي بالغ في وضع مساحيق التجميل العلمانية على وجهه القبيح، لن يستطيع مواجهة العالم لو مسح عن وجهه تلك المساحيق، إذ سيظهر بصورة المسخ، لأن فرنسا التي يجيد فلاسفتها إنتاج الفكر الإنساني ويسيء سياسيوها وعسكرها استخدامه، أصبحت منبوذة، وسوف يكون من الصعب على المسلمين التعامل بجدية واحترام مع مسخ لا هوية ثابتة له. لذلك فإن فرنسا محكومة بحتمية السير على طريق تحالف العسكر واليمين إلى نهايتها لتنقلب في لحظة تاريخية إلى قلعة للنازية والفاشية معا.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-01-15
  • 14200
  • من الأرشيف

النازية والفاشية تعودان إلى أوروبا عبر البوابة الفرنسية

ثلاثة عوامل تتظافر اليوم لإحداث تغييرات تاريخية وجذرية في أوروبا فيما يتعلق بتراثها الديمقراطي، فهناك سلسلة من الأزمات التي تعصف بالنظام الرأسمالي، وصارت تنخر في أسس المجتمع الذي بني على قاعدته ومبادئه، وهناك الإرهاب الذي يجر أوروبا إلى منزلق خطير يبدأ بتضييق غير مسبوق على الحريات الديمقراطية، وحقوق الإنسان لمجموعات بشرية معينة داخل مجتمعاتها، وهناك تصاعد المواجهة مع روسيا الذي ينذر بعواقب وخيمة. نترك هنا لخبرائه مهمة تنويرنا عما يجري في مجال الاقتصاد، ونتناول مسألة الإرهاب وتداعياته، خاصة عندما يتزامن التعامل معه واتخاذ العلاقات بين روسيا والغرب عامة منحى خطيرا جراء الحصار الذي يحاول الغرب فرضه على روسيا لتركيعها، ومنع نهوضها كقوة كبرى. إن تزامن التوتر مع روسيا والمواجهة مع الإرهاب، وتفاعلهما يؤدي إلى تعقيد الوضع فيما يتعلق بالحياة الديمقراطية في هذه البلدان، وربما إلى مواجهات خطيرة وخطرة على مستوى العالم. البلدان الغربية تتفوق على غيرها في مجال سايكولوجيا الحرب بكون عساكرها الذين يحملون أعلى الرتب، ويشغلون أخطر المناصب، ويرسمون الستراتيجيات، لا يبرزون بالضرورة بالبزة العسكرية، ولا يضعون شيئا على أكتافهم، ولا نياشين على صدورهم. إنهم يبرزون عند الضرورة في ثياب مدنية، وفي أكثر الأحيان، لا يظهرون أبدا أمام العالم، وأمام شعوبهم، فهم جنود مجهولون. وهم ليسوا دائما أولئك المقيمين في الثكنات، وفي القواعد المعزولة خارج المدن، بل هم أولئك المتحكمون بعصب المعلومات والأسرار. إنهم كانوا هناك دائما أصحاب القرار والحسم فيما يتعلق بالسياسات الخارجية، لكنهم حافظوا داخليا على صورتهم بأنهم خارج اللعبة السياسية. أما في السنوات القليلة الماضية فقد صار ظهورهم في العلن ظاهرة متكررة، ومقبولة، بل وأصبح جزء من العملية السياسية باعتبارهم ضمانة استمرار الديمقراطية والحفاظ على أطرها. وباتوا يحصلون، تدريجيا وبخطى متسارعة، على مساحة أوسع في الحياة السياسية في بلدانهم. وعلى وقع التطورات الخطيرة التي تجري في العالم، وفي أوروبا يتحرك موقعهم بالنسبة إلى العملية السياسية من كونهم، رسميا، خارجها، باتجاه الداخل، وربما نحو مركزها. في بلدان العالم الثالث تعتبر ظروف أقل من هذه بكثير ناضجة لقفز العسكر، ومنهم ذوو الثياب المدنية، إلى السلطة المباشرة بشكل فظ وحاد. هذا غير ممكن في الغرب إلا في حدود ضيقة، مثلا قد تكون الانقلابات العسكرية ما تزال ممكنة في البلدان التي تعتبر بوابات لأوروبا: اسبانيا، إيطاليا، اليونان، وحتى فرنسا، لكن ذلك غير وارد تقريبا في بريطانيا، وألمانيا، والدول الاسكندنافية وغيرها. ما هو ممكن هنا هو أن العسكر في الثياب المدنية يمكن أن يقوموا بانقلابات هادئة لا يشعر بها أحد من خلال التحالف والتفاهم على تقاسم السلطة مع أحزاب تشارك في الحياة الديمقراطية، لكنْ يجمعها الكثير مع العسكر المدنيين. ما نلاحظه الآن هو أن هناك أحزابا يمينية متطرفة كانت حتى قبل بضع سنوات نكرة، أو أشبه ما يكون بالمهرج في جلسات البرلمان، تتجه الآن إلى أن تصبح أكبر الأحزاب في بلدانها، الدنمارك وفرنسا كمثلين واضحين. نحن دخلنا فعلا مرحلة تلاقي رغبات العسكر مع مصالح أحزاب اليمين، الذي لم يعد يطلق عليه من قريب أو بعيد بالمتطرف، بل هو اليمين وحسب. وعلى سطح الأحداث يبدو أن من يوفر الأرضية لمثل هذا التلاقي هو "الإرهاب الإسلامي". وهذه الأحزاب هي الحصان الذي يمكن للعسكر في الثياب المدنية أن يراهنوا عليه، فهؤلاء هم قبل كل شيء الأداة التي تستغل الإرهاب لتطالب بقوانين جديدة تمنح العسكر المدنيين المزيد من الصلاحيات والسلطات، وتعطل شيئا فشيئا القوانين الديمقراطية السارية. في السنوات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر صدرت قوانين عديدة لمواجهة الإرهاب تكوّن منها جسم غريب في دم الديمقراطية، ولكن يبدو أن هذا ليس كافيا في نظر اليمين والعسكر، فالقوانين التي تجري المطالبة بتشريعها الآن متطرفة، وتعد ضربة قاضية توجه إلى العقلانية الأوروبية ومن شأنها أن تجعل من دول أوروبا نماذج أسوأ مما عرفنا ونعرف في الشرق الأوسط. إن ما يريده اليمين المتطرف هو أن تقضي السلطة التشريعية تدريجيا على نفسها فتنقل، بقوانين تسنها هي بنفسها، صلاحياتها إلى العسكر المدنيين، وتجرد النظام القضائي أيضا من سلطاته، وتنقل الحكم في حقوق المواطن في المجتمع إلى أيدي العسكر وأجهزتهم التي لها أن تحاسب المواطن، وتحكم عليه ليس فقط لأفعاله، بل وعلى أقواله، وعلى نواياه المحتملة، والأخطار المفترضة الكامنة في انتماءاته العرقية، والدينية، والسياسية، بما يضمن للمجتمع الوقاية من إرهاب محتمل، وبالمثال الملموس فإن هذا المقال الذي بين يدي القارئ، والذي يدخل تقليديا في نطاق حرية التعبير أسوة بالرسوم الكاريكاتورية، يمكن النظر إليه من قبل الأجهزة الأمنية كتهديد لأمن البلد، وكتعاطف مع أعدائه، وكتشجيع للإرهاب، ومن ثم شمول الكاتب بقوانين الإرهاب، بمعنى أن بينوشيت وصدام حسين سيصبحان في أوروبا مع الوقت أيقونات ديمقراطية، وندخل هنا في سباق مع كوريا الشمالية حول من يبدع أكثر في خنق أصوات الناس، وفي كيفية حشر البشر في الأقفاص مثل الدواجن. الأحزاب اليمينية المتطرفة متعطشة للسلطة، ولكنها ليس لها ما تقدمه لشعوبها غير خطط بائسة لتطمينها من المخاوف، وهي ترى بشكل غريزي في العسكر حليفا يؤازرها في تخويف الناس، وكسب أصواتهم باعتباره درعهم الحصين. أوروبا أصبحت فجأة مستعدة للتعامل مع الحياة على أساس المخاوف الناشئة من وجود الإرهاب، ولم يعد هناك من يجرؤ على السؤال: هل خطر الإرهاب ضد البلدان الغربية حقيقي؟ نحن نطرح السؤال، ونجيب بنعم خطر الإرهاب على المجتمعات الغربية حقيقي، ولكن ضمن الحدود التي تقررها هذه البلدان بنفسها، إذ تتحكم بتناغمه مع أزماتها وحاجتها إلى تمرير مخططاتها سواء داخل مجتمعاتها أو خارجها. إن خطر الإرهاب ينطوي على ثنائية جدلية، فمن ناحية أصبح وجود الإرهاب في العالم ضرورة من ضروات الحياة للنظام الرأسمالي، وواحدة من وسائله الستراتيجية في محاربة العالم خارج البلدان الرأسمالية الغربية. لو أن البلدان الغربية أرادت إزالة الإرهاب من العالم فهي تستطيع ذلك بين ليلة وضحاها من خلال التحكم بالصمام السعودي، فالعالم كله يدرك أن الإرهاب صناعة أمريكية سعودية مشتركة. السعودية هي التي تمول الإرهاب ماليا، وتغذيه بآلاف الإرهابيين، وتدعمهم أيديولوجيا بالفتاوى والخطاب التكفيري. ولكن الدول الرأسمالية الغربية لن تفعل ذلك لأن الإرهاب هو أداتها لنشر الخراب والفوضى في العالم، وتسهيل السيطرة على كل البلدان، والإرهابيون هم الاحتياطي الفعال تحت تصرفها في حروبها المقبلة في كل العالم، خاصة ضد الصين. هذا لا يعني أن الإرهاب يخضع دائما ليسطرة أمريكا وحلفائها، ولا يشكل خطرا على البلدان الغربية. خطر الإرهاب "الإسلامي" الحقيقي على الغرب يكمن في شيء واحد هو صعوبة إيصال حقيقة كون الإرهاب مشروعا أمريكيا سعوديا مشتركا إلى وعي كل المسلمين، فهناك شباب مسلمون ينضمون إلى الإرهاب ظنا منهم أنهم فعلا يحاربون من أجل الإسلام، وأن الغرب هو العدو اللدود للإسلام بدليل السخرية من نبي الإسلام، عدا عن غزو الغرب للبلدان المسلمة. يساعد على ذلك رفع متطرفي اليمين، وفي مقدمتهم عنصريو الدنمارك ومجانين فرنسا، راية الحرب على الإسلام الأمر الذي يعطي المغفلين من المسلمين الانطباع بأن العداء بين الغرب وبين هذا الإرهاب حقيقي، وأن الإرهاب يدافع عن الإسلام. خطر الإرهاب "الإسلامي" ضد البلدان الغربية هو من الإفرازات الجانبية للمشروع الإرهابي الأمريكي السعودي المشترك ضد العالم، والذي يلحق الأذى والضرر بالشعوب المسلمة قبل غيرها. إن أمر الخطر الإرهابي على الحياة والاستقرار في البلدان الغربية، يتعقد بوجود الجاليات المسلمة في الغرب ووجود من تسول له نفسه الانضمام إلى المنظمات الإرهابية، لدوافع متنوعة، منها مثلا:   1) الاحباطات التي تعاني منها فئات الشباب في المجتمع، والتي بسبب انخفاض مستوى وعيها الاجتماعي لا ترى أنها وأوساطها الاجتماعية تتحمل قسطا من مسؤولية الأوضاع المحبطة التي تعيش فيها، فتلقي بالمسؤولية كاملة على المجتمع، وتتهمه بالعنصرية، والتمييز، والكراهية للمسلمين. ثانيا) كون التنظيمات الإرهابية سرية، ومفتوحة أمام كل من يدعي الإسلام أو يعتنقه، يفسح في المجال لمختلف أجهزة الاستخبارات العالمية لاختراقها، وبأذكى الوسائل، وتوجيهها لخدمة مآربها. إن الشاب الذي يغرر به، ويدفع إلى ارتكاب عمل إرهابي، بما في ذلك قتل نفسه، لن يكون أبدا متيقنا من هوية من يدفعه إلى ذلك. يكفي أي جهاز مخابرات أن يشتري إمام جامع واحد، أو شيخا ملتحيا في حارة شعبية، كي يبث من خلاله إلى التنظيمات الدينية أعدادا من العملاء والوكلاء المدربين بدقة على الصعود في سلم المراتب الدينية والإمارة، والانتشار في جسد التنظيمات الدينية، الإرهابية منها وغير الإرهابية، والسيطرة عليها وتوجيهها كما تشاء. إن زعزعة استقرار البلدان الأوروبية لا يمكن أن تكون مصلحة إسلامية، بل هي عكس ذلك. إن الأنظمة الديمقراطية قوية ومتماسكة، بلا شك، وذلك بفضل تشبع وعي المواطن بمبادئ الحياة الديمقراطية، لكن قوانين الإرهاب بدأت تصيب هذه الأنظمة بمرض التآكل الذاتي. إن سن قوانين تضع المزيد من السلطة في أيدي العسكر المدنيين يخلق دوامة ديمقراطية خطرة، فالقوانين لا يمكن سنها صراحة وبصياغة حرفية لتنطبق على قطاعات مجتمعية معينة، وتضيق الخناق على حرياتها وحقوقها، وإنما يجري سنها بصفة عامة تسري على كل أفراد المجتمع. ومع أن المواطن الأوروبي العادي يمكن أن يتوهم الآن بسهولة أن هذه القوانين لا تشمله، وإنما هي هناك لحمايته من تلك المجموعات المجتمعية التي يمكن أن تكون حاضنة للإرهاب، إلا القانون هو قانون ويمكن استخدامه في ظروف مماثلة قد تنشأ مستقبلا عندما ترى الدولة أن جماعات أخرى، غير المسلمين، أصبحت مصدر خطر، مثلا، كيف سيكون الوضع القانوني لتلك المجموعات السياسية اليسارية أو الدينية التي سترى مع مرور الوقت أن التضييق على المسلمين واضطهادهم وصل حدا غير مقبول؟ وهذا أمر وارد بلا شك، فهناك في أوروبا قوى يسارية وإنسانية حقيقية وفعالة - خذ مثلا خروج مئة ألف مواطن في ألمانيا في مظاهرة ضد الإسلاموفوبيا فهؤلاء يشكلون قيمة أكبر بكثير من المليوني متظاهر في مسرحية شارلي السخيفة في باريس، بل وهناك حتى قوى دينية مسيحية معارضة لاضطهاد المسلمين، إذ أن هذه القوى تريد أن تثبت لشعوبها أنها ديمقراطية فعلا، وأنها تمثل نزعة السلام والمحبة. فهل ستعامل تلك الجماعات أيضا كمصدر خطر على المجتمع عندما تنتقل إلى الدفاع الجدي عن المسلمين؟ ثم إن القوانين التي تصدر تحمل نوعين آخرين من المخاطر، فهي أولا لا يمكن إلغاؤها بسهولة، وهي ثانيا تتحول، خاصة إذا طالت فترة سريانها، إلى ممارسة في الحياة اليومية، وتعطل تدريجيا ميكانيزما الديمقراطية، وتحل في وعي المواطن بدل الأسس الديمقراطية. السؤال هنا هو ما هي تبعات انفصام الشخصية الأوروبية المتمثل في وجود قوانين غير ديمقراطية في نظام ديمقراطي، وإلى أي حد يمكن أن يستمر هذا التمييز بين من تنطبق عليه هذه القوانين ومن لا تنطبق عليه؟ لو استطعنا أن نتجاوز الانشغال بالوضع الحالي في أوروبا الغربية حيث يدور كل شيء، بشكل مصطنع إلى حدود بعيدة، حول المسلمين والإرهاب "الإسلامي"، ونظرنا إلى المستقبل، يمكننا أن نرى بوضوح أن قوانين الإرهاب يجري وضعها أصلا كإطار للتعامل مع الشعوب الأوروبية نفسها في مستقبل ليس بالبعيد. إن أزمات الرأسمالية التي تستفحل تدريجيا، وتضعضع الاقتصاد، وازدياد الفقر والبطالة، كلها عوامل كفيلة بخلق جماعات معارضة قوية داخل أوروبا ناقمة على النظام الرأسمالي. إن تلك الجماعات التي لم تولد بعد لكن أمها الرأسمالية تمر في وضع المخاض، ستجد إطارا حديديا من القوانين بانتظارها، وستعامل على أساس كونها إرهابية، وستكون هي أيضا ضحية حقيقية للمشروع الأمريكي السعودي الإرهابي المشترك. أما العلاقات المتوترة مع روسيا فإنها تشكل عاملا آخر في قيام التحالف غير المقدس بين اليمين الأوروبي والعسكر، ولتقدير خطورة هذا التوتر يجب الانتباه إلى أمر جوهري، وهو أن روسيا ليست خليفة الاتحاد السوفيتي في أطروحة التعايش السلمي بأي ثمن كان، وهذا يعني أن خطر الانزلاق إلى مواجهة حقيقية أمر وارد في أية لحظة، وهذا يتطلب التسريع في عملية تعطيل القوانين الديمقراطية، ومنح العسكر المزيد من السلطات؛ وهنا فإن البلدان الغربية تعودت تقليديا على التعامل مع خطر أو عدو واحد، وليس مع خطرين أو عدوين في نفس الوقت، ففي مواجهتها مع ألمانيا الهتلرية جمدت الدول الغربية صراعها مع الاتحاد السوفيتي، بل وعملت على استخدامه للاشتباك مع ألمانيا حتى يضعف أحدهما الآخر. وفي الصراع مع الاتحاد السوفيتي السابق كان الغرب يتحالف مع جميع القوى الرجعية في العالم، ومع حكم العسكر هنا وهناك كي يتفرغ لعدو واحد. وكان الإسلاميون في تلك المرحلة أقوى حليف له استخدمهم لإضعاف الاتحاد السوفيتي. أما اليوم فيترتب على الغرب مواجهة وضع غير تقليدي، فساعة بروز روسيا العازمة على أخذ مكانتها على الساحة الدولية يرى هذا الغرب نفسه وهو يشن حربا حقيقية على مئات الملايين من المسلمين في العالم، وفي مواجهة جانبية مع تبعات الإرهاب "الإسلامي" الذي خلقه بنفسه. البلدان الغربية عليها أن تختار عدوا واحدا لتحاربه، وتتصالح مع الآخر. إنها ستختار حتما محاربة روسيا، لأن روسيا عدو حقيقي، أم الإرهاب (وربطه بالإسلام) فعدو مزيف يمكن التصالح معه علانية. يمكن القول بدرجة عالية من الثقة أن استفحال المواجهة مع روسيا سيدفع الغرب إلى إعادة النظر في علاقته بالإسلام والمسلمين، ليس لأن عدوانية الرأسمالية قد خفت، أو أنها صارت ذات نزعة حوارية، بل فقط وفقط لتتمكن من التفرغ لعدو واحد إلى حين. الدولة الوحيدة التي ستجد صعوبة في تعديل سياستها الغبية هي فرنسا، فالفرنسي التافه المغرور الذي بالغ في وضع مساحيق التجميل العلمانية على وجهه القبيح، لن يستطيع مواجهة العالم لو مسح عن وجهه تلك المساحيق، إذ سيظهر بصورة المسخ، لأن فرنسا التي يجيد فلاسفتها إنتاج الفكر الإنساني ويسيء سياسيوها وعسكرها استخدامه، أصبحت منبوذة، وسوف يكون من الصعب على المسلمين التعامل بجدية واحترام مع مسخ لا هوية ثابتة له. لذلك فإن فرنسا محكومة بحتمية السير على طريق تحالف العسكر واليمين إلى نهايتها لتنقلب في لحظة تاريخية إلى قلعة للنازية والفاشية معا.  

المصدر : د. عمر ظاهر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة