تمكنت دايان فنشتاين، رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بالولايات المتحدة، إثر معركة طويلة مع إدارة أوباما التي كانت تعارض وتبذل كل مابوسعها لأخفاء الحقيقة، من نشر مقتطف من تقريرها عن برنامج التعذيب السري لوكالة الاستخبارات المركزية.

بين عامي 2001 و2009، اختطفت الوكالة 119 رجلاً، جعلت منهم «حيوانات مخبرية بشرية» بعد أن أخضعتهم لتجارب في مختبرات تحت إشراف علماء نفس متعاقدين مع سجون سرية تابعة لها.

كانت النتائج على عكس ما صرح الرئيس السابق جورج بوش الابن عام 2006، إذ إن الهدف من ذلك البرنامج لم يكن للحصول على معلومات حول تنظيم القاعدة. فضلا عن ذلك، لم يكن تقريباً لكل «حيوانات المختبرات البشرية» أي علاقة بتنظيم القاعدة. كان البرنامج يرمي بالأحرى إلى إخضاع بشر لتطبيقات عملية كان البروفسور مارتن سيليغمان قد أجراها على حيوانات في المختبر: مثلا.. وضعوا كلباً داخل قفص أرضيته مؤلفة من جزأين منفصلين، ثم كهربوا الجزء الذي يقف فوقه الحيوان، الذي أخذ يقفز من الجزء المكهرب إلى الجزء الآخر غير المكهرب حماية لنفسه.

لا شيء مذهل حتى الآن.

لكن حين تم تسريع العملية وكهربة القفص كله، بدأ الحيوان يدرك أنه لا يستطيع الإفلات، وأن جهوده صارت بلا جدوى.

بعد قليل استسلم الحيوان وتمدد فوق أرض القفص، ودخل في حالة أخرى تسمح له بتحمل الألم سلبياً. لكن حين تم فتح باب القفص، كانت المفاجأة: لم يولي الحيوان هارباً لأنه لم يكن قادراً على المقاومة في الحالة النفسية التي تم وضعه فيها. فقد بقي متمدداً يتحمل الألم. وصار بالامكان فرض سلوك جديد عليه، كإخضاعه لعملية «غسل دماغ».

الغرض الحقيقي من البرنامج هو تلقين «حيوانات المختبرات البشرية» اعترافات على أفعال لم يقوموا بها مطلقاً، كما حدث حين قدموا شهادات تثبت مسؤولية تنظيم القاعدة بأحداث 11 أيلول 2001.

يوضح تقرير فنشتاين الطريقة التي اتبعتها وكالة الاستخبارات المركزية في إخفاء حقيقة برنامجها حتى عن أعين باقي فروع الإدارة الأميركية، ولاسيما الكونغرس ووسائل الإعلام. وبالمناسبة، نكتشف من خلال التقرير حجم التعذيب الذي تعرضت له «الحيوانات المخبرية البشرية» لتحطيم شخصيتها.. تعذيب تدركه الشعوب العربية، على حين تجهله تماماً شعوب الغرب.

يبين التقرير أيضاً أن كل الشهادات التي تؤكد مسؤولية تنظيم القاعدة عن أحداث 11 أيلول كاذبة.

لم يعد هناك في الوقت الحالي أي دليل يثبت أن الخاطفين التسعة عشر كانوا فعلاً على متن أربع طائرات، وأنهم أعضاء في تنظيم القاعدة.

لقد أنفقت وكالة الاستخبارات المركزية مئات ملايين الدولارات، وارتكبت أبشع الجرائم من أجل تصنيع خرافة تفيد بأن تنظيم القاعدة الذي أنشأته بنفسها لقتال السوفييت في أفغانستان، ثم في يوغسلافيا، وفي الشيشان، صار العدو الأول للولايات المتحدة.

لكن اللافت أن تقرير دايان فنشتاين لم يقل شيئاً عن الثمانين ألف سجين الذين تحتجزهم البحرية الأميركية بشكل غير قانوني. كما لم يقل شيئاً عن قادة داعش (أبو بكر البغدادي ورفاقه، أبو مسلم التركماني، حجي بكر، وأبو قاسم، الخ) الذين خضعوا جميعهم للبرنامج نفسه بين الأعوام 2004 – 2009، أثناء وجودهم في معسكر بوكا في العراق.

قبل دخولهم السجن كانوا يقاتلون القوات الأميركية الغازية، وبعد خروجهم من السجن راحوا يقاتلون سورية إلى جانب قوات حلف شمال الأطلسي.

 

  • فريق ماسة
  • 2014-12-16
  • 11136
  • من الأرشيف

تقرير فنشتاين والتعذيب السري

تمكنت دايان فنشتاين، رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بالولايات المتحدة، إثر معركة طويلة مع إدارة أوباما التي كانت تعارض وتبذل كل مابوسعها لأخفاء الحقيقة، من نشر مقتطف من تقريرها عن برنامج التعذيب السري لوكالة الاستخبارات المركزية. بين عامي 2001 و2009، اختطفت الوكالة 119 رجلاً، جعلت منهم «حيوانات مخبرية بشرية» بعد أن أخضعتهم لتجارب في مختبرات تحت إشراف علماء نفس متعاقدين مع سجون سرية تابعة لها. كانت النتائج على عكس ما صرح الرئيس السابق جورج بوش الابن عام 2006، إذ إن الهدف من ذلك البرنامج لم يكن للحصول على معلومات حول تنظيم القاعدة. فضلا عن ذلك، لم يكن تقريباً لكل «حيوانات المختبرات البشرية» أي علاقة بتنظيم القاعدة. كان البرنامج يرمي بالأحرى إلى إخضاع بشر لتطبيقات عملية كان البروفسور مارتن سيليغمان قد أجراها على حيوانات في المختبر: مثلا.. وضعوا كلباً داخل قفص أرضيته مؤلفة من جزأين منفصلين، ثم كهربوا الجزء الذي يقف فوقه الحيوان، الذي أخذ يقفز من الجزء المكهرب إلى الجزء الآخر غير المكهرب حماية لنفسه. لا شيء مذهل حتى الآن. لكن حين تم تسريع العملية وكهربة القفص كله، بدأ الحيوان يدرك أنه لا يستطيع الإفلات، وأن جهوده صارت بلا جدوى. بعد قليل استسلم الحيوان وتمدد فوق أرض القفص، ودخل في حالة أخرى تسمح له بتحمل الألم سلبياً. لكن حين تم فتح باب القفص، كانت المفاجأة: لم يولي الحيوان هارباً لأنه لم يكن قادراً على المقاومة في الحالة النفسية التي تم وضعه فيها. فقد بقي متمدداً يتحمل الألم. وصار بالامكان فرض سلوك جديد عليه، كإخضاعه لعملية «غسل دماغ». الغرض الحقيقي من البرنامج هو تلقين «حيوانات المختبرات البشرية» اعترافات على أفعال لم يقوموا بها مطلقاً، كما حدث حين قدموا شهادات تثبت مسؤولية تنظيم القاعدة بأحداث 11 أيلول 2001. يوضح تقرير فنشتاين الطريقة التي اتبعتها وكالة الاستخبارات المركزية في إخفاء حقيقة برنامجها حتى عن أعين باقي فروع الإدارة الأميركية، ولاسيما الكونغرس ووسائل الإعلام. وبالمناسبة، نكتشف من خلال التقرير حجم التعذيب الذي تعرضت له «الحيوانات المخبرية البشرية» لتحطيم شخصيتها.. تعذيب تدركه الشعوب العربية، على حين تجهله تماماً شعوب الغرب. يبين التقرير أيضاً أن كل الشهادات التي تؤكد مسؤولية تنظيم القاعدة عن أحداث 11 أيلول كاذبة. لم يعد هناك في الوقت الحالي أي دليل يثبت أن الخاطفين التسعة عشر كانوا فعلاً على متن أربع طائرات، وأنهم أعضاء في تنظيم القاعدة. لقد أنفقت وكالة الاستخبارات المركزية مئات ملايين الدولارات، وارتكبت أبشع الجرائم من أجل تصنيع خرافة تفيد بأن تنظيم القاعدة الذي أنشأته بنفسها لقتال السوفييت في أفغانستان، ثم في يوغسلافيا، وفي الشيشان، صار العدو الأول للولايات المتحدة. لكن اللافت أن تقرير دايان فنشتاين لم يقل شيئاً عن الثمانين ألف سجين الذين تحتجزهم البحرية الأميركية بشكل غير قانوني. كما لم يقل شيئاً عن قادة داعش (أبو بكر البغدادي ورفاقه، أبو مسلم التركماني، حجي بكر، وأبو قاسم، الخ) الذين خضعوا جميعهم للبرنامج نفسه بين الأعوام 2004 – 2009، أثناء وجودهم في معسكر بوكا في العراق. قبل دخولهم السجن كانوا يقاتلون القوات الأميركية الغازية، وبعد خروجهم من السجن راحوا يقاتلون سورية إلى جانب قوات حلف شمال الأطلسي.  

المصدر : الوطن /تيري ميسان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة