لا يبدو نجاح خطة دي ميستورا بشأن «تجميد القتال» في حلب أمراً يسيراً. ويمكن القول إن حظوظ المبادرة من الفشل متفوّقة حتى الآن على الأقل.

  في الأثناء، تشهد «عاصمة الشمال» جهوداً متسارعة لاستنساخ «داعش» بقيادة محلية. جهود انطلقت أخيراً عبر بوابة «تطبيق الشريعة»، ويقف خلفها «جيش المجاهدين» و«الجبهة الإسلامية»

 حلب مسرحٌ لسباق متسارع بين التجميد والتسعير. المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، يواصل السعي لإنجاح خطة تجميد القتال، التي قد تشكل ــ في حال نجاحها ــ انعطافةً مهمة في سير الحرب السورية برمّتها. الطريق إلى تحويل «التجميد» حقيقة واقعة يبدو حافلاً بالمطبات المفخخة. وبين أوّله وآخره «جهاديون» على الأرض، و«معتدلون» افتراضيون، ورغباتٌ إقليمية ودولية. نظامٌ سياسيٌّ حذف مفردة التنازلات من قاموسه، ومجموعات مسلحة يبدو توحّدها خلف قرار واحد بحاجة إلى معجزات. ووسط هذه المعمعة يبدو التنبّؤ بمصير المبادرة ضرباً من المستحيل. وإذا انضمت خطة دي ميستورا إلى سابقاتها، فإن المسار الذي ستدخله عاصمة الشمال في اليوم التالي لنعي المبادرة رسميّاً قد يكونُ كارثيّاً إلى درجة تجعل ما سبق مجرد نزهة.

 ويبدو أن بعض اللاعبين الإقليميين (أحدهم على الأقل) قد بدأ بإعداد الخطة «ب»، التي تشي مقدماتُها بمحاولات لاستنساخ تنظيم «الدولة الإسلاميّة»، ولكن بنسخة قياداتها محليّة. مرور الكرام مرّ قبل أيّام بيانٌ صادرٌ عن «الجبهة الإسلاميّة» و«جيش المجاهدين» في حلب. البيانُ كشف عن توقيع الطرفين «ميثاق توحيد القضاء في حلب وريفها»، ويحمل في طيّاته مقدّمات لفرضِ «حكمٍ إسلاميّ» في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية في تلك المناطق. الطرفان أعلنا تشكيل «محكمة شرعية في حلب»، على أن يكون «الشرع الإسلامي هو المصدر الوحيد للقانون الذي سيعتمده المجلس (مجلس قضاء أُعلن تشكيله في الميثاق نفسه)». كذلك أكّدا «استقلالية المحكمة، وعدم تبعيتها لأي فصيل عسكري أو هيئة مدنية»، وتعهّدا بـ«تطبيق كل الأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة بحق مرتكبيها وإغلاق المحاكم الخاصة، ومنع إجراء أي محاكمات داخل المقرات العسكرية، باستثناء المحاكمات المسلكية بحق عناصر الكتائب أو المجموعات التابعة للفصيل». وإذ ترك الطرفان الباب مفتوحاً أمام انضمام كل المجموعات المسلحة إلى «الميثاق»، فقد طالبا في الوقت نفسه المجموعات المنضمة بـ«رفد الشرطة القضائية بالعناصر والعتاد المطلوب».

 ورغم أن «الميثاق» يبدو في ظاهره معنيّاً بتنظيم «العمل القضائي»، غير أنّه في جوهر الأمر يوفّر مظلّة «شرعية» لتوحيد المجموعات المنضمة إليه. فهذه ستكون بطبيعة الحال «الذراع العسكرية» المسؤولة عن فرض الأحكام الصادرة عن «المحكمة الشرعية». «عباءة الدين» تبدو مؤهَّلاً وحيداً لجمع بعض الكيانات والمجموعات المسلحة في الشمال السوري، خاصة أن أكبر المجموعات هناك تتشارك الصبغة «الجهاديّة»، وإن حاولت إظهار عكس ذلك. ويكفي استعراض تجارب «الجهاديين» في «تطبيق الشريعة» لتقديم تصور واضحٍ للمآل الذي قد تذهب إليه مناطق سيطرتهم حالَ مجاهرتهم باعتمادها «مصدراً وحيداً للقانون» فيها. يُعزز هذه المخاوف ما أفاد به مصدرٌ من «جيش المجاهدين» لـ«الأخبار».

المصدر اعتبر «الميثاق» بمثابة إنجاز، وأكّد أنه «مقدمةٌ لإقامة حكم إسلامي حنيف يكونُ به صلاح الدين والدنيا». وقال إن «التواصل قائمٌ مع كل الفصائل في المناطق المحررة، وقد أبدى معظمها حماسة للانضمام إلى الميثاق»، ورأى أن الحديث عن شكل العلاقة مع المجموعات التي قد ترفض الانضمام «أمر سابق لأوانه».

المصدر أكّد في الوقت نفسه أنّ «من البديهي أن تسري قوانين المحكمة الشرعية على الجميع، ما دامت أقوى الفصائل تدعمه»، وتساءل: «من سيرفض تطبيق شرع الله سوى الكفار؟ لا مكان للكفار على هذه الأرض»، ما يعني بطبيعة الحال أن تكفير رافضي المشروع سيكونُ مقدمةً لقتالهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن «جيش المجاهدين» يُعتبر فعليّاً واحداً من القوى الوازنة على الأرض، وأن مصادره أكّدت تلقيها «إشارات إيجابية من مجموعات عدة، أبرزها جبهة أنصار الدين»، وتضم الأخيرة خليطاً من المجموعات «القاعدية»، على رأسها «جيش المهاجرين والأنصار»، (بقيادة صلاح الدين الشيشاني).

وتجدر الإشارة إلى أن «المنطلقات الشرعية» لعبت في أوقات سابقة دوراً بارزاً في توجيه المسارات الميدانية في حلب. أبرز الأمثلة في هذا السياق كان إصدار «جبهة علماء حلب» بياناً يُكفّر تنظيم «داعش» في شهر تشرين الثاني من العام الماضي، ما شكل مقدمة للمعارك الطاحنة بين التنظيم والمجموعات المسلحة المحليّة مطلع العام الحالي (أي بعد شهرين من التكفير). اللافت أنّ «جيش المجاهدين» قد تمّ تشكيله حينَها، وفي الفترة الممتدة بين بيان التكفير وشنّ المعارك ضد «داعش». الجديد اليوم أنّ «الميثاق» الذي يسعى «جيش المجاهدين» إلى فرضه لا يستهدف «داعش»، أو مثيلاً له، بل يستهدف كل المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية، بمدنييها ومسلّحيها.

 «جلدٌ» في ريف حلب وتصفية في ريف إدلب

 تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أمس صورةً تُظهر «إقامة الحد على رجل شتم النبي (ص) في ريف حلب الجنوبي»، من دون تحديد البقعة الجغرافية بدقّة. وأوضح الناشطون أن «الحدّ نفّذته مجموعة من الجبهة الاسلامية وجيش المهاجرين والأنصار».

على صعيد متصل، نقل «المرصد السوري لحقوق الانسان» عن «مصادر موثوقة» قولها إن «فصائل إسلامية أقدمت على إعدام 3 شبان في بلدة سراقب في ريف إدلب، بتهمة الخطف والسرقة والسلب والإفساد في الأرض»، حيث «أطلق الرصاص عليهم وسط تجمهر لعشرات المواطنين، بينهم أطفال»، وفقاً للمصادر ذاتها.

فتوى كويتيّة تُحرّم «الجهاد بالنفس»

أصدرت هيئة الفتوى الكويتية فتوى تحرّم على الكويتيين «الجهاد بالنفس مع التنظيمات الجهادية في سوريا والعراق». الهيئة أكدت أنّ «الجهاد بالنفس لا يجوز إلا بإذن من وليّ الأمر»، وأي مخالفة لذلك تُحدث «فوضى وفساداً في الأرض».

واستندت الهيئة في فتواها إلى «انّ إعلان الجهاد لا يكون إلا بأمر الحاكم، أو من ينوب عنه، كونه المسؤول عن أمن البلاد والعباد، إلا أن يكون الجهاد فرض عين». كذلك حذرت من «تكفير المسلمين، وتفسيقهم، وشق عصا الطاعة، والخروج على إجماع الأمة».

  • فريق ماسة
  • 2014-12-12
  • 13002
  • من الأرشيف

حلب: دي ميستورا VS «داعش» بنسخة محليّة

لا يبدو نجاح خطة دي ميستورا بشأن «تجميد القتال» في حلب أمراً يسيراً. ويمكن القول إن حظوظ المبادرة من الفشل متفوّقة حتى الآن على الأقل.   في الأثناء، تشهد «عاصمة الشمال» جهوداً متسارعة لاستنساخ «داعش» بقيادة محلية. جهود انطلقت أخيراً عبر بوابة «تطبيق الشريعة»، ويقف خلفها «جيش المجاهدين» و«الجبهة الإسلامية»  حلب مسرحٌ لسباق متسارع بين التجميد والتسعير. المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، يواصل السعي لإنجاح خطة تجميد القتال، التي قد تشكل ــ في حال نجاحها ــ انعطافةً مهمة في سير الحرب السورية برمّتها. الطريق إلى تحويل «التجميد» حقيقة واقعة يبدو حافلاً بالمطبات المفخخة. وبين أوّله وآخره «جهاديون» على الأرض، و«معتدلون» افتراضيون، ورغباتٌ إقليمية ودولية. نظامٌ سياسيٌّ حذف مفردة التنازلات من قاموسه، ومجموعات مسلحة يبدو توحّدها خلف قرار واحد بحاجة إلى معجزات. ووسط هذه المعمعة يبدو التنبّؤ بمصير المبادرة ضرباً من المستحيل. وإذا انضمت خطة دي ميستورا إلى سابقاتها، فإن المسار الذي ستدخله عاصمة الشمال في اليوم التالي لنعي المبادرة رسميّاً قد يكونُ كارثيّاً إلى درجة تجعل ما سبق مجرد نزهة.  ويبدو أن بعض اللاعبين الإقليميين (أحدهم على الأقل) قد بدأ بإعداد الخطة «ب»، التي تشي مقدماتُها بمحاولات لاستنساخ تنظيم «الدولة الإسلاميّة»، ولكن بنسخة قياداتها محليّة. مرور الكرام مرّ قبل أيّام بيانٌ صادرٌ عن «الجبهة الإسلاميّة» و«جيش المجاهدين» في حلب. البيانُ كشف عن توقيع الطرفين «ميثاق توحيد القضاء في حلب وريفها»، ويحمل في طيّاته مقدّمات لفرضِ «حكمٍ إسلاميّ» في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية في تلك المناطق. الطرفان أعلنا تشكيل «محكمة شرعية في حلب»، على أن يكون «الشرع الإسلامي هو المصدر الوحيد للقانون الذي سيعتمده المجلس (مجلس قضاء أُعلن تشكيله في الميثاق نفسه)». كذلك أكّدا «استقلالية المحكمة، وعدم تبعيتها لأي فصيل عسكري أو هيئة مدنية»، وتعهّدا بـ«تطبيق كل الأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة بحق مرتكبيها وإغلاق المحاكم الخاصة، ومنع إجراء أي محاكمات داخل المقرات العسكرية، باستثناء المحاكمات المسلكية بحق عناصر الكتائب أو المجموعات التابعة للفصيل». وإذ ترك الطرفان الباب مفتوحاً أمام انضمام كل المجموعات المسلحة إلى «الميثاق»، فقد طالبا في الوقت نفسه المجموعات المنضمة بـ«رفد الشرطة القضائية بالعناصر والعتاد المطلوب».  ورغم أن «الميثاق» يبدو في ظاهره معنيّاً بتنظيم «العمل القضائي»، غير أنّه في جوهر الأمر يوفّر مظلّة «شرعية» لتوحيد المجموعات المنضمة إليه. فهذه ستكون بطبيعة الحال «الذراع العسكرية» المسؤولة عن فرض الأحكام الصادرة عن «المحكمة الشرعية». «عباءة الدين» تبدو مؤهَّلاً وحيداً لجمع بعض الكيانات والمجموعات المسلحة في الشمال السوري، خاصة أن أكبر المجموعات هناك تتشارك الصبغة «الجهاديّة»، وإن حاولت إظهار عكس ذلك. ويكفي استعراض تجارب «الجهاديين» في «تطبيق الشريعة» لتقديم تصور واضحٍ للمآل الذي قد تذهب إليه مناطق سيطرتهم حالَ مجاهرتهم باعتمادها «مصدراً وحيداً للقانون» فيها. يُعزز هذه المخاوف ما أفاد به مصدرٌ من «جيش المجاهدين» لـ«الأخبار». المصدر اعتبر «الميثاق» بمثابة إنجاز، وأكّد أنه «مقدمةٌ لإقامة حكم إسلامي حنيف يكونُ به صلاح الدين والدنيا». وقال إن «التواصل قائمٌ مع كل الفصائل في المناطق المحررة، وقد أبدى معظمها حماسة للانضمام إلى الميثاق»، ورأى أن الحديث عن شكل العلاقة مع المجموعات التي قد ترفض الانضمام «أمر سابق لأوانه». المصدر أكّد في الوقت نفسه أنّ «من البديهي أن تسري قوانين المحكمة الشرعية على الجميع، ما دامت أقوى الفصائل تدعمه»، وتساءل: «من سيرفض تطبيق شرع الله سوى الكفار؟ لا مكان للكفار على هذه الأرض»، ما يعني بطبيعة الحال أن تكفير رافضي المشروع سيكونُ مقدمةً لقتالهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن «جيش المجاهدين» يُعتبر فعليّاً واحداً من القوى الوازنة على الأرض، وأن مصادره أكّدت تلقيها «إشارات إيجابية من مجموعات عدة، أبرزها جبهة أنصار الدين»، وتضم الأخيرة خليطاً من المجموعات «القاعدية»، على رأسها «جيش المهاجرين والأنصار»، (بقيادة صلاح الدين الشيشاني). وتجدر الإشارة إلى أن «المنطلقات الشرعية» لعبت في أوقات سابقة دوراً بارزاً في توجيه المسارات الميدانية في حلب. أبرز الأمثلة في هذا السياق كان إصدار «جبهة علماء حلب» بياناً يُكفّر تنظيم «داعش» في شهر تشرين الثاني من العام الماضي، ما شكل مقدمة للمعارك الطاحنة بين التنظيم والمجموعات المسلحة المحليّة مطلع العام الحالي (أي بعد شهرين من التكفير). اللافت أنّ «جيش المجاهدين» قد تمّ تشكيله حينَها، وفي الفترة الممتدة بين بيان التكفير وشنّ المعارك ضد «داعش». الجديد اليوم أنّ «الميثاق» الذي يسعى «جيش المجاهدين» إلى فرضه لا يستهدف «داعش»، أو مثيلاً له، بل يستهدف كل المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية، بمدنييها ومسلّحيها.  «جلدٌ» في ريف حلب وتصفية في ريف إدلب  تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أمس صورةً تُظهر «إقامة الحد على رجل شتم النبي (ص) في ريف حلب الجنوبي»، من دون تحديد البقعة الجغرافية بدقّة. وأوضح الناشطون أن «الحدّ نفّذته مجموعة من الجبهة الاسلامية وجيش المهاجرين والأنصار». على صعيد متصل، نقل «المرصد السوري لحقوق الانسان» عن «مصادر موثوقة» قولها إن «فصائل إسلامية أقدمت على إعدام 3 شبان في بلدة سراقب في ريف إدلب، بتهمة الخطف والسرقة والسلب والإفساد في الأرض»، حيث «أطلق الرصاص عليهم وسط تجمهر لعشرات المواطنين، بينهم أطفال»، وفقاً للمصادر ذاتها. فتوى كويتيّة تُحرّم «الجهاد بالنفس» أصدرت هيئة الفتوى الكويتية فتوى تحرّم على الكويتيين «الجهاد بالنفس مع التنظيمات الجهادية في سوريا والعراق». الهيئة أكدت أنّ «الجهاد بالنفس لا يجوز إلا بإذن من وليّ الأمر»، وأي مخالفة لذلك تُحدث «فوضى وفساداً في الأرض». واستندت الهيئة في فتواها إلى «انّ إعلان الجهاد لا يكون إلا بأمر الحاكم، أو من ينوب عنه، كونه المسؤول عن أمن البلاد والعباد، إلا أن يكون الجهاد فرض عين». كذلك حذرت من «تكفير المسلمين، وتفسيقهم، وشق عصا الطاعة، والخروج على إجماع الأمة».

المصدر : الأخبار/ صهيب عنجريني


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة