منذ اليوم الأول الذي كلّفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قيادة الحكومة وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الصيف الماضي، سعى أحمد داود أوغلو إلى ملء الموقع الذي يشغله في ظلّ الحضور الطاغي للأول.

 وحاول عبر مشاريع وأسلوب إدارة جديدة الإيحاء بأنه مختلف عن أردوغان، مثل اهتمامه بكوارث المناجم واستعجاله إصدار قانون للحدّ منها ولو على حساب رجال أعمال من أصحاب المناجم.

 لكنه كان أحياناً يتشبّه بأردوغان، من خلال محاولاته التهجّم على قادة المعارضة، أو الردّ عليهم بأسلوب الرئيس التركي الساخر والغاضب في آنٍ، علماً أن هيبة الأستاذ الأكاديمي كانت تغلبه وهو يصرخ من وراء ميكروفون في حشود، ما يُظهر أن غضبه وصراخه كانا مصطنعين في حالات كثيرة.

 وباستثناء أزمة رهائن قنصلية الموصل، لم يترك الرئيس التركي فرصة واضحة لرئيس الحكومة ليُظهِر شخصية سياسية مستقلة، ترفض العيش في ظلّه، فالشارع كان يعرف رأي أردوغان قبل وجهة نظر داود أوغلو في مسائل كثيرة مطروحة، بفضل جدول عمل مزدحم للرئيس يؤمّن له منصة حديث في شكل يومي، لا سيّما أن وسائل الإعلام كانت تركّز على تصريحات أردوغان إذا علّق الرجلان معاً على مسألة ما، خصوصاً مع قدرة أردوغان على اختراع قضايا تشكّل محور خلافات وأجندة لدى الرأي العام.

 ويقف داود أوغلو الآن أمام مشروع جديد لأردوغان لتأسيس سكرتارية للقصر الجمهوري يرتبط بها ناطق باسم القصر يتحدث عن كل القضايا السياسية، وسبعة مستشارين لكلّ منهم تخصص، يراقب من خلاله عمل وزراء.

 وفي مسودة مشروع القرار الذي يُتوقّع أن تصدره الرئاسة في الربيع، مسميات للمستشارين مثل: «مسؤول التواصل بين مؤسسات الدولة» و «مسؤول الشؤون المالية» و»مسؤول العلاقات الخارجية»... ليرتفع بذلك عدد موظفي القصر الجمهوري من 400 إلى 700، مع «تفريخ» مستشاريات أشبه بوزارات أو حكومة ظلّ، خصوصاً عندما يبدأ أردوغان ترؤس اجتماعات الحكومة قريباً.

 ويُرجّح أن يوظّف الرئيس في هذه المستشاريات قادة في حزبه يخشى أن ينقلبوا عليه بعد خروجهم من البرلمان إثر الانتخابات النيابية المرتقبة الصيف المقبل.

 أما داود أوغلو، فسيواجه قريباً في وسائل إعلام أو عبر الرأي العام أو حتى مقرّبين منه، سؤالاً عن موقعه ودوره، في ظل توسيع أردوغان هيمنته على الحكومة، وحتى في الحزب الحاكم.

 ويدرك الجميع أن اختيار قوائم مرشحي الحزب للانتخابات سيُنجَز بتدخل من أردوغان، إذ إن انضمام داود أوغلو إلى الحزب منذ فترة وجيزة وعمله خارج تركيا لا يتيحان له معرفة كوادر الحزب وخلفياتهم وعلاقاتهم وثقل جماعاتهم داخل «العدالة والتنمية»، ما قد يجعل تدخل الرئيس حاجة.

 ولم تحتمل العلاقة بين الرجلين اختلافاً في الرأي على تعيينات في رئاسة اتحاد التلفزيون الرسمي ومستشارية الخزانة، فسُرِّبت إشاعات عن سعي داود أوغلو إلى تعيين رجاله في مفاصل الدولة، وعن عنادٍ قد يفضي إلى خلاف مع أردوغان، لكن رئيس الحكومة سارع إلى تنظيم عشاء عائلي مع الرئيس لنفي هذه الأقاويل. على رغم ذلك، يتساءل كثيرون عن حدود صبر داود أوغلو الأكاديمي على الطموحات الجامحة لأردوغان
  • فريق ماسة
  • 2014-12-12
  • 13817
  • من الأرشيف

أردوغان «يحاصر» داود أوغلو بـ «حكومة ظلّ»

منذ اليوم الأول الذي كلّفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قيادة الحكومة وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم الصيف الماضي، سعى أحمد داود أوغلو إلى ملء الموقع الذي يشغله في ظلّ الحضور الطاغي للأول.  وحاول عبر مشاريع وأسلوب إدارة جديدة الإيحاء بأنه مختلف عن أردوغان، مثل اهتمامه بكوارث المناجم واستعجاله إصدار قانون للحدّ منها ولو على حساب رجال أعمال من أصحاب المناجم.  لكنه كان أحياناً يتشبّه بأردوغان، من خلال محاولاته التهجّم على قادة المعارضة، أو الردّ عليهم بأسلوب الرئيس التركي الساخر والغاضب في آنٍ، علماً أن هيبة الأستاذ الأكاديمي كانت تغلبه وهو يصرخ من وراء ميكروفون في حشود، ما يُظهر أن غضبه وصراخه كانا مصطنعين في حالات كثيرة.  وباستثناء أزمة رهائن قنصلية الموصل، لم يترك الرئيس التركي فرصة واضحة لرئيس الحكومة ليُظهِر شخصية سياسية مستقلة، ترفض العيش في ظلّه، فالشارع كان يعرف رأي أردوغان قبل وجهة نظر داود أوغلو في مسائل كثيرة مطروحة، بفضل جدول عمل مزدحم للرئيس يؤمّن له منصة حديث في شكل يومي، لا سيّما أن وسائل الإعلام كانت تركّز على تصريحات أردوغان إذا علّق الرجلان معاً على مسألة ما، خصوصاً مع قدرة أردوغان على اختراع قضايا تشكّل محور خلافات وأجندة لدى الرأي العام.  ويقف داود أوغلو الآن أمام مشروع جديد لأردوغان لتأسيس سكرتارية للقصر الجمهوري يرتبط بها ناطق باسم القصر يتحدث عن كل القضايا السياسية، وسبعة مستشارين لكلّ منهم تخصص، يراقب من خلاله عمل وزراء.  وفي مسودة مشروع القرار الذي يُتوقّع أن تصدره الرئاسة في الربيع، مسميات للمستشارين مثل: «مسؤول التواصل بين مؤسسات الدولة» و «مسؤول الشؤون المالية» و»مسؤول العلاقات الخارجية»... ليرتفع بذلك عدد موظفي القصر الجمهوري من 400 إلى 700، مع «تفريخ» مستشاريات أشبه بوزارات أو حكومة ظلّ، خصوصاً عندما يبدأ أردوغان ترؤس اجتماعات الحكومة قريباً.  ويُرجّح أن يوظّف الرئيس في هذه المستشاريات قادة في حزبه يخشى أن ينقلبوا عليه بعد خروجهم من البرلمان إثر الانتخابات النيابية المرتقبة الصيف المقبل.  أما داود أوغلو، فسيواجه قريباً في وسائل إعلام أو عبر الرأي العام أو حتى مقرّبين منه، سؤالاً عن موقعه ودوره، في ظل توسيع أردوغان هيمنته على الحكومة، وحتى في الحزب الحاكم.  ويدرك الجميع أن اختيار قوائم مرشحي الحزب للانتخابات سيُنجَز بتدخل من أردوغان، إذ إن انضمام داود أوغلو إلى الحزب منذ فترة وجيزة وعمله خارج تركيا لا يتيحان له معرفة كوادر الحزب وخلفياتهم وعلاقاتهم وثقل جماعاتهم داخل «العدالة والتنمية»، ما قد يجعل تدخل الرئيس حاجة.  ولم تحتمل العلاقة بين الرجلين اختلافاً في الرأي على تعيينات في رئاسة اتحاد التلفزيون الرسمي ومستشارية الخزانة، فسُرِّبت إشاعات عن سعي داود أوغلو إلى تعيين رجاله في مفاصل الدولة، وعن عنادٍ قد يفضي إلى خلاف مع أردوغان، لكن رئيس الحكومة سارع إلى تنظيم عشاء عائلي مع الرئيس لنفي هذه الأقاويل. على رغم ذلك، يتساءل كثيرون عن حدود صبر داود أوغلو الأكاديمي على الطموحات الجامحة لأردوغان

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة