إسرائيل مجدداً في المشهد السوري. غارتان شنهما الطيران الحربي الإسرائيلي على مطار الديماس وعلى المطار العسكري الملاصق لمطار دمشق.

وبرغم أن السوريين التزموا تقليد التكتم على نتائج العدوان الذي نفذته إسرائيل، إلا أن مصادر سورية، قالت لـ«السفير»، إن الأهداف التي حاول العدو الإسرائيلي استهدافها هي عنابر الأسلحة في عنابر المطار القريب من الحدود اللبنانية ـــ السورية، فيما استهدفت الغارة حول مطار دمشق الدولي، جناحه العسكري القريب، ومبنى الصادرات والواردات الذي يستقبل شحنات عسكرية.

ويعمم السوريون عبر تسريبات عن اقتصار النتائج على ما يسمونه أضراراً مادية، من دون الإفصاح عنها، وتؤكد مصادر سورية أنه لم يسقط ضحاياً في عمليات القصف الإسرائيلي لمنشآت الديماس ومطار دمشق، لكن مصدراً سورياً قال إن طائرة عسكرية جاثمة في الديماس أصيبت بأضرار.

ويكتفي البيان العسكري السوري بالقول إنه «في اعتداء سافر قام العدو الإسرائيلي باستهداف منطقتين آمنتين في ريف دمشق، في كل من الديماس ومطار دمشق الدولي المدني، ما أدى إلى خسائر مادية في بعض المنشآت».

وأضاف بيان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، «يأتي هذا العدوان المباشر الذي قامت به إسرائيل لنصرة الإرهابيين في سوريا، بعد أن سجلت قواتنا المسلحة انتصارات مهمة في دير الزور وحلب ومناطق أخرى». وتابع أن «مثل هذه الاعتداءات لن تثنيها عن مواصلة حربها على الإرهاب بكل أشكاله وأدواته وأذرعه على كامل تراب الوطن».

وترجح مصادر سورية أن يكون الاعتداء الإسرائيلي في مطار دمشق الدولي وفي الديماس قد استهدف بشكل خاص شحنات من الأسلحة كانت قد وصلت حديثاً إلى سوريا، فيما نفت الشائعات التي قالت إن القصف قد استهدف مستودعات مفترضة لصواريخ روسية من طراز «أس 300»، لم تتسلم سوريا أي دفعة منها أصلاً حتى الآن.

أما قلة الانفجارات، بالمقارنة مع الانفجارات الضخمة التي سمعت خلال غارات سابقة في جمرايا الدمشقية، فتعزز انطباعاً بأن الغارات لم تحقق أهدافها في تدمير المخازن الكبيرة للمطار، وعدم وجود شحنات كبيرة في عنابر الديماس، التي يقول مصدر سوري، إن «حزب الله» استخدمها في الماضي كمحطة تخزين، قبل أن يتم نقلها نحو الأراضي اللبنانية القريبة.

والتزمت إسرائيل الصمت عن تفاصيل العملية، وأهدافها الحقيقية، باستثناء ما قاله قائد سلاح الجو السابق ايتان بن الياهو من أن «الجيش الإسرائيلي، إذا ما هاجم في سوريا، فلتهديد جدي من حزب الله».

وتتوسط عنابر الديماس منطقة عسكرية واسعة، تنتشر فيها الفرقة الرابعة، وتقيم فيها مقار أساسية، وخطوط دفاع عن الخاصرتين الغربية والشرقية لدمشق، كما تؤمن الطريق الحيوي الذي يعبر الديماس، ويربط بيروت بدمشق. وجرت العملية في مناطق بعيدة نسبياً عن جبهات القتال مع المجموعات المسلحة، باستثناء تجمعاتها في الزبداني، حيث يحتويها الجيش السوري، ويمنعها من التحرك باتجاه لبنان أو الداخل السوري، عبر سيطرته، مع الفيلق السوري الثاني، على المرتفعات الرئيسة على طول المنطقة الحدودية اللبنانية - السورية.

وتشن إسرائيل للمرة الثالثة منذ بداية الحرب السورية عدواناً جوياً على دمشق، بعد العمليات التي قامت بها قبل عامين ضد مخازن أسلحة سورية، في جمرايا، وبعد إسقاط طائرة «سوخوي» فوق الجولان المحتل في أيلول الماضي.

ويحمل استهداف مخازن الديماس ومستودعات مطار دمشق مجدداً، رسائل متعددة من حيث التوقيت والحجم، باتجاه المعارضة السورية المسلحة، لرفع معنوياتها في سياق تراجعي، وإلى سوريا و»حزب الله» وإيران، خصوصاً إذا ما تأكدت الأنباء عن استهداف مخازن أسلحة موجهة إليه، خصوصاً بعد دخول سلاح كاسر للتوازن إلى المنطقة، وحصول «حزب الله» على صواريخ «فاتح 110».

فسورياً، تأتي العملية الإسرائيلية في سياق استعادة الجيش السوري المبادرة العسكرية على الجبهة الجنوبية بعد دخوله الشيخ مسكين في ريف درعا وتحصين طريق دمشق - درعا من أي اختراق للمعارضة، التي تعمل في المنطقة مع إسرائيل، وصموده في معارك خان أرنبة ومدينة البعث، التي أوقف فيها تقدم «جبهة النصرة» نحو الريف الغربي لدمشق، واحتمالات اختراق المقلب اللبناني لجبل الشيخ منها.

وكان تقرير الأمم المتحدة الأخير، عن نشاط قوة الفصل في الجولان المحتل، قد حمل شهادات دولية جديدة على تطور العلاقة والتعاون بين عناصر المعارضة السورية المسلحة وإسرائيل، في منطقة فصل الاشتباك التي انسحب منها المراقبون الدوليون، وأخلوا المنطقة لـ»جبهة النصرة» و»ألوية الحمزة» و»المثنى» و»أحرار نوى» و»اليرموك».

وسورياً أيضاً، تتزامن العملية مع صعود دور الطيران السوري في استيعاب تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش»، وتكثيف طلعاته في الرقة والشمال والجنوب. كما نجح الجيش السوري في اختبار معركة دير الزور ومطارها واحتواء «داعش» فيها، ومنعه من التمدد في الشرق السوري، ليثبت انه القوة البرية، والجوية أيضا، الوحيدة القادرة على هزيمة «الدولة الإسلامية».

ويكرر الإسرائيليون في عمليتهم محاولة، وصف معهد «ستراتفور» سابقتها بإسقاط طائرة سوخوي سورية، بأنها «تدخل لزرع الشك بين السوريين والأميركيين» في وقت تتحول فيه الأولوية الأميركية من إسقاط النظام السوري إلى مكافحة الإرهاب.

أما «حزب الله»، وإذا ما تأكدت الأنباء عن ضرب الغارات شحنات أسلحة تعود اليه، فالأرجح أن يعني ذلك، تراجع مفاعيل عملية شبعا بعد ضرب إسرائيل شاحنة أسلحة للحزب في جرود جنتا في آذار الماضي، بالإضافة إلى استدراجه مجدداً إلى رد مؤثر، في ذروة مصاعب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الداخلية التي دفعت عضو الكنيست يفعات كريف، بعد الإعلان السوري عن الغارات، للتعليق «بأن نتنياهو لم ينجح في تشكيل ائتلاف، فقرر أن يشعل الشرق الأوسط».

  • فريق ماسة
  • 2014-12-07
  • 10889
  • من الأرشيف

السفير : رسائل سياسية وعسكرية من العدوان الجوي على سورية

 إسرائيل مجدداً في المشهد السوري. غارتان شنهما الطيران الحربي الإسرائيلي على مطار الديماس وعلى المطار العسكري الملاصق لمطار دمشق. وبرغم أن السوريين التزموا تقليد التكتم على نتائج العدوان الذي نفذته إسرائيل، إلا أن مصادر سورية، قالت لـ«السفير»، إن الأهداف التي حاول العدو الإسرائيلي استهدافها هي عنابر الأسلحة في عنابر المطار القريب من الحدود اللبنانية ـــ السورية، فيما استهدفت الغارة حول مطار دمشق الدولي، جناحه العسكري القريب، ومبنى الصادرات والواردات الذي يستقبل شحنات عسكرية. ويعمم السوريون عبر تسريبات عن اقتصار النتائج على ما يسمونه أضراراً مادية، من دون الإفصاح عنها، وتؤكد مصادر سورية أنه لم يسقط ضحاياً في عمليات القصف الإسرائيلي لمنشآت الديماس ومطار دمشق، لكن مصدراً سورياً قال إن طائرة عسكرية جاثمة في الديماس أصيبت بأضرار. ويكتفي البيان العسكري السوري بالقول إنه «في اعتداء سافر قام العدو الإسرائيلي باستهداف منطقتين آمنتين في ريف دمشق، في كل من الديماس ومطار دمشق الدولي المدني، ما أدى إلى خسائر مادية في بعض المنشآت». وأضاف بيان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، «يأتي هذا العدوان المباشر الذي قامت به إسرائيل لنصرة الإرهابيين في سوريا، بعد أن سجلت قواتنا المسلحة انتصارات مهمة في دير الزور وحلب ومناطق أخرى». وتابع أن «مثل هذه الاعتداءات لن تثنيها عن مواصلة حربها على الإرهاب بكل أشكاله وأدواته وأذرعه على كامل تراب الوطن». وترجح مصادر سورية أن يكون الاعتداء الإسرائيلي في مطار دمشق الدولي وفي الديماس قد استهدف بشكل خاص شحنات من الأسلحة كانت قد وصلت حديثاً إلى سوريا، فيما نفت الشائعات التي قالت إن القصف قد استهدف مستودعات مفترضة لصواريخ روسية من طراز «أس 300»، لم تتسلم سوريا أي دفعة منها أصلاً حتى الآن. أما قلة الانفجارات، بالمقارنة مع الانفجارات الضخمة التي سمعت خلال غارات سابقة في جمرايا الدمشقية، فتعزز انطباعاً بأن الغارات لم تحقق أهدافها في تدمير المخازن الكبيرة للمطار، وعدم وجود شحنات كبيرة في عنابر الديماس، التي يقول مصدر سوري، إن «حزب الله» استخدمها في الماضي كمحطة تخزين، قبل أن يتم نقلها نحو الأراضي اللبنانية القريبة. والتزمت إسرائيل الصمت عن تفاصيل العملية، وأهدافها الحقيقية، باستثناء ما قاله قائد سلاح الجو السابق ايتان بن الياهو من أن «الجيش الإسرائيلي، إذا ما هاجم في سوريا، فلتهديد جدي من حزب الله». وتتوسط عنابر الديماس منطقة عسكرية واسعة، تنتشر فيها الفرقة الرابعة، وتقيم فيها مقار أساسية، وخطوط دفاع عن الخاصرتين الغربية والشرقية لدمشق، كما تؤمن الطريق الحيوي الذي يعبر الديماس، ويربط بيروت بدمشق. وجرت العملية في مناطق بعيدة نسبياً عن جبهات القتال مع المجموعات المسلحة، باستثناء تجمعاتها في الزبداني، حيث يحتويها الجيش السوري، ويمنعها من التحرك باتجاه لبنان أو الداخل السوري، عبر سيطرته، مع الفيلق السوري الثاني، على المرتفعات الرئيسة على طول المنطقة الحدودية اللبنانية - السورية. وتشن إسرائيل للمرة الثالثة منذ بداية الحرب السورية عدواناً جوياً على دمشق، بعد العمليات التي قامت بها قبل عامين ضد مخازن أسلحة سورية، في جمرايا، وبعد إسقاط طائرة «سوخوي» فوق الجولان المحتل في أيلول الماضي. ويحمل استهداف مخازن الديماس ومستودعات مطار دمشق مجدداً، رسائل متعددة من حيث التوقيت والحجم، باتجاه المعارضة السورية المسلحة، لرفع معنوياتها في سياق تراجعي، وإلى سوريا و»حزب الله» وإيران، خصوصاً إذا ما تأكدت الأنباء عن استهداف مخازن أسلحة موجهة إليه، خصوصاً بعد دخول سلاح كاسر للتوازن إلى المنطقة، وحصول «حزب الله» على صواريخ «فاتح 110». فسورياً، تأتي العملية الإسرائيلية في سياق استعادة الجيش السوري المبادرة العسكرية على الجبهة الجنوبية بعد دخوله الشيخ مسكين في ريف درعا وتحصين طريق دمشق - درعا من أي اختراق للمعارضة، التي تعمل في المنطقة مع إسرائيل، وصموده في معارك خان أرنبة ومدينة البعث، التي أوقف فيها تقدم «جبهة النصرة» نحو الريف الغربي لدمشق، واحتمالات اختراق المقلب اللبناني لجبل الشيخ منها. وكان تقرير الأمم المتحدة الأخير، عن نشاط قوة الفصل في الجولان المحتل، قد حمل شهادات دولية جديدة على تطور العلاقة والتعاون بين عناصر المعارضة السورية المسلحة وإسرائيل، في منطقة فصل الاشتباك التي انسحب منها المراقبون الدوليون، وأخلوا المنطقة لـ»جبهة النصرة» و»ألوية الحمزة» و»المثنى» و»أحرار نوى» و»اليرموك». وسورياً أيضاً، تتزامن العملية مع صعود دور الطيران السوري في استيعاب تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش»، وتكثيف طلعاته في الرقة والشمال والجنوب. كما نجح الجيش السوري في اختبار معركة دير الزور ومطارها واحتواء «داعش» فيها، ومنعه من التمدد في الشرق السوري، ليثبت انه القوة البرية، والجوية أيضا، الوحيدة القادرة على هزيمة «الدولة الإسلامية». ويكرر الإسرائيليون في عمليتهم محاولة، وصف معهد «ستراتفور» سابقتها بإسقاط طائرة سوخوي سورية، بأنها «تدخل لزرع الشك بين السوريين والأميركيين» في وقت تتحول فيه الأولوية الأميركية من إسقاط النظام السوري إلى مكافحة الإرهاب. أما «حزب الله»، وإذا ما تأكدت الأنباء عن ضرب الغارات شحنات أسلحة تعود اليه، فالأرجح أن يعني ذلك، تراجع مفاعيل عملية شبعا بعد ضرب إسرائيل شاحنة أسلحة للحزب في جرود جنتا في آذار الماضي، بالإضافة إلى استدراجه مجدداً إلى رد مؤثر، في ذروة مصاعب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الداخلية التي دفعت عضو الكنيست يفعات كريف، بعد الإعلان السوري عن الغارات، للتعليق «بأن نتنياهو لم ينجح في تشكيل ائتلاف، فقرر أن يشعل الشرق الأوسط».

المصدر : محمد بلوط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة