لم يطل الأمر على استعادة الجيش السوري زمام المبادرة في الجبهة الجنوبية؛ فعقب استعادته السيطرة على اللواء 82 وعين عفا وتل عريد، تتقدم وحداته بشكل لافت في "الشيخ مسكين" بريف درعا، وسط عمليات دكّ متواصلة لمواقع المسلحين في داعل ونوى وجاسم وانخل، وفي ظل إشارة مصادر أمنية إلى أن القيادة العسكرية السورية أرسلت تعزيزات لوجستية ضخمة باتجاه جبهات المنطقة الجنوبية مُرفقة بشحنات من الأسلحة النوعية التي ستدخل شريكاً في عمليات الحسم المقبلة، بينها ناقلات "تي أر 80" المتطورة، وقنابل موجَّهة بالليزر من نوع "KAB-1500-PR" الروسية، التي تزن 1500 كلغ، وتحمل رأساً مدمراً يصل إلى 1000 كلغ، سترتبط بمهمات طائرات "سوخوي 24 و27"، وراجمات صواريخ من نوع" اوراغان"، ومنظومة "يو أر 77" الكاسحة للألغام، وقنابل موجَّهة قادرة على تدمير أية منشأة أو نفق بعمق يصل إلى أكثر من عشرين متراً تحت الأرض، ما يدل على مدى اهتمام دمشق بالحسم العسكري في تلك الجبهة، وجعلها في سلّم أولويات قيادتها العسكرية "الاستراتيجية"، أدرجها خبراء عسكريون في إطار الرد على الحراك الاستخباري "الإسرائيلي" غير المسبوق في درعا والقنيطرة، مصحوباً باستحداث أكثر من غرفة عمليات، آخرها في منطقة "تل شهاب" السورية وقرية الشجرة الأردنية الحدودية، تضم ضباطاً من المخابرات الفرنسية والبريطانية و"CIA"، بالإضافة إلى أردنيين وسعوديين، وفق تأكيد معلومات صحافية مواكبة.

وفي السياق، لفتت معلومات أمنية إقليمية إلى ازدياد وتيرة عمليات التجنيد التي يقوم بها جهاز "أمان" الاستخباري "الإسرائيلي" في صفوف مسلحي "جبهة النصرة"، تحديداً في درعا والقنيطرة، مشيرة إلى أن تلك العمليات شملت مؤخراً أكثر من 1500 مسلح، بالإضافة إلى بعض الضباط المنشقين في "الجيش الحر"، وربطهم مباشرة بالجهاز المذكور، بينهم المدعو "محمد بريدي"؛ قائد ما يسمى "لواء شهداء اليرموك"، والموصوف بأبرز المتعاونين مع "إسرائيل"، بالتزامن مع إشارة المعلومات إلى تغلغل العشرات من مرتزقة "بلاك ووتر" الأميركية في بلدات داعل وانخل ونوى بريف درعا.

إلا أن للقيادة العسكرية السورية رأياً آخر؛ فأداء الجيش على الأرض بدا لافتاً لناحية التعامل مع الجماعات المسلحة، وفق تكتيك حرب العصابات، مرتكزاً على نصب الكمائن والعمليات النوعية الخاصة، سحقت أعداداً كبيرة من مسلحي "النصرة" وحلفائها، كما أوقعت قياديين بارزين من "الجبهة" أسرى في شباك الجيش، إضافة إلى 6 ضباط أردنيين، عبر عملية خاصة وُصفت بالنوعية، حسب تأكيد مراسلين ميدانيين، ولعل الهجوم الفاشل الذي شنته "النصرة" منذ أيام، معطوفاً على فشل سابقيه كان الأقسى، حيث أفضى إلى مقتل قائده السعودي الجنسية "محمد موسى الخالدي"، المكنى بـ"أبي همام الجزراوي"، مع 26 من مسلحيه، لتصل أعداد قتلى "الجبهة" والفصائل المتحالفة معها منذ سيطرتها على "نوى" و"الشيخ مسكين" إلى 290، يضاف إليهم قائد ما يسمى "اللواء 72" في "الجيش الحر"؛ رياض هزاع، والقائد الميداني في "كتائب الصحابة" التابعة لـ"النصرة"؛ عبيدة البلحوسي، في ريف القنيطرة.

وربطاً بالمجريات الميدانية الأخيرة في الجبهة الجنوبية، أكدت معلومات صحافية وأمنية ارتفاع وتيرة التنسيق بين الاستخبارات الأردنية و"الإسرائيلية" حيال دعم مسلحي "النصرة" وحلفائها، مشيرة إلى تسلل المئات من المسلحين الذين يتمّ تجنيدهم في صفوف اللاجئين السوريين بمخيم الزعتري على أيدي ضباط أردنيين باتجاه خطوط المواجهات في درعا والقنيطرة. وبالتزامن، سُرِّبت عن سفير دولة إقليمية في عمّان، معلومات تشير إلى أن الجمعيات الداعمة للاجئين في الأردن - وبالتنسيق مع السلطات الأردنية - قلّصت إلى حدّ كبير دعمها لهؤلاء، وبدأت بالتضييق عليهم ضمن خطة تقضي بـ"تجميعهم" في المخيم المذكور، بهدف إقامة "منطقة آمنة" في الجنوب، على أن يتمّ إرسالهم إلى تلك المنطقة بحجة أن المملكة لا تستطيع تحمُّل عبء هؤلاء على أراضيها، وهنا حري التوقف أمام إرسال فرنسا طائرات "ميراج" إلى الأردن الشهر الفائت، ربطاً بهدف إقامة قاعدة عسكرية فرنسية على أراضيه، تهيئة لإنشاء المنطقة العازلة في الجنوب السوري، وحماية لها.

وعلى وقع ترجيحات أكثر من مصدر أمني اقليمي باقتراب عمليات الحسم في درعا والقنيطرة، انطلاقاً من عدم سماح القيادة السورية بإنجاح المخطط "الإسرائيلي" القاضي بتهديد دمشق عبر تأمين "أرضيّته" في الجنوب السوري، كما بعدم سكوت حزب الله إزاء "انفلاش" مسلحي "النصرة" في القنيطرة، وتشكيلهم "حزاماً لحدياً جديداً"، والانطلاق عبره إلى استهداف المقاومة في الجنوب اللبناني، تبقى الجبهة الجنوبية رهناً بما خطته القيادتان في دمشق والضاحية وصولاً إلى موسكو، من دون إغفال طيف قاسم سليماني؛ قائد فيلق القدس الإيراني؛ "محطّم داعش في الميدان العراقي"، وفق توصيف مجلة "نيوزويك" الأميركية.
  • فريق ماسة
  • 2014-12-04
  • 11286
  • من الأرشيف

من درعا إلى القنيطرة.. أخطر ما جهّزه الجيش السوري

لم يطل الأمر على استعادة الجيش السوري زمام المبادرة في الجبهة الجنوبية؛ فعقب استعادته السيطرة على اللواء 82 وعين عفا وتل عريد، تتقدم وحداته بشكل لافت في "الشيخ مسكين" بريف درعا، وسط عمليات دكّ متواصلة لمواقع المسلحين في داعل ونوى وجاسم وانخل، وفي ظل إشارة مصادر أمنية إلى أن القيادة العسكرية السورية أرسلت تعزيزات لوجستية ضخمة باتجاه جبهات المنطقة الجنوبية مُرفقة بشحنات من الأسلحة النوعية التي ستدخل شريكاً في عمليات الحسم المقبلة، بينها ناقلات "تي أر 80" المتطورة، وقنابل موجَّهة بالليزر من نوع "KAB-1500-PR" الروسية، التي تزن 1500 كلغ، وتحمل رأساً مدمراً يصل إلى 1000 كلغ، سترتبط بمهمات طائرات "سوخوي 24 و27"، وراجمات صواريخ من نوع" اوراغان"، ومنظومة "يو أر 77" الكاسحة للألغام، وقنابل موجَّهة قادرة على تدمير أية منشأة أو نفق بعمق يصل إلى أكثر من عشرين متراً تحت الأرض، ما يدل على مدى اهتمام دمشق بالحسم العسكري في تلك الجبهة، وجعلها في سلّم أولويات قيادتها العسكرية "الاستراتيجية"، أدرجها خبراء عسكريون في إطار الرد على الحراك الاستخباري "الإسرائيلي" غير المسبوق في درعا والقنيطرة، مصحوباً باستحداث أكثر من غرفة عمليات، آخرها في منطقة "تل شهاب" السورية وقرية الشجرة الأردنية الحدودية، تضم ضباطاً من المخابرات الفرنسية والبريطانية و"CIA"، بالإضافة إلى أردنيين وسعوديين، وفق تأكيد معلومات صحافية مواكبة. وفي السياق، لفتت معلومات أمنية إقليمية إلى ازدياد وتيرة عمليات التجنيد التي يقوم بها جهاز "أمان" الاستخباري "الإسرائيلي" في صفوف مسلحي "جبهة النصرة"، تحديداً في درعا والقنيطرة، مشيرة إلى أن تلك العمليات شملت مؤخراً أكثر من 1500 مسلح، بالإضافة إلى بعض الضباط المنشقين في "الجيش الحر"، وربطهم مباشرة بالجهاز المذكور، بينهم المدعو "محمد بريدي"؛ قائد ما يسمى "لواء شهداء اليرموك"، والموصوف بأبرز المتعاونين مع "إسرائيل"، بالتزامن مع إشارة المعلومات إلى تغلغل العشرات من مرتزقة "بلاك ووتر" الأميركية في بلدات داعل وانخل ونوى بريف درعا. إلا أن للقيادة العسكرية السورية رأياً آخر؛ فأداء الجيش على الأرض بدا لافتاً لناحية التعامل مع الجماعات المسلحة، وفق تكتيك حرب العصابات، مرتكزاً على نصب الكمائن والعمليات النوعية الخاصة، سحقت أعداداً كبيرة من مسلحي "النصرة" وحلفائها، كما أوقعت قياديين بارزين من "الجبهة" أسرى في شباك الجيش، إضافة إلى 6 ضباط أردنيين، عبر عملية خاصة وُصفت بالنوعية، حسب تأكيد مراسلين ميدانيين، ولعل الهجوم الفاشل الذي شنته "النصرة" منذ أيام، معطوفاً على فشل سابقيه كان الأقسى، حيث أفضى إلى مقتل قائده السعودي الجنسية "محمد موسى الخالدي"، المكنى بـ"أبي همام الجزراوي"، مع 26 من مسلحيه، لتصل أعداد قتلى "الجبهة" والفصائل المتحالفة معها منذ سيطرتها على "نوى" و"الشيخ مسكين" إلى 290، يضاف إليهم قائد ما يسمى "اللواء 72" في "الجيش الحر"؛ رياض هزاع، والقائد الميداني في "كتائب الصحابة" التابعة لـ"النصرة"؛ عبيدة البلحوسي، في ريف القنيطرة. وربطاً بالمجريات الميدانية الأخيرة في الجبهة الجنوبية، أكدت معلومات صحافية وأمنية ارتفاع وتيرة التنسيق بين الاستخبارات الأردنية و"الإسرائيلية" حيال دعم مسلحي "النصرة" وحلفائها، مشيرة إلى تسلل المئات من المسلحين الذين يتمّ تجنيدهم في صفوف اللاجئين السوريين بمخيم الزعتري على أيدي ضباط أردنيين باتجاه خطوط المواجهات في درعا والقنيطرة. وبالتزامن، سُرِّبت عن سفير دولة إقليمية في عمّان، معلومات تشير إلى أن الجمعيات الداعمة للاجئين في الأردن - وبالتنسيق مع السلطات الأردنية - قلّصت إلى حدّ كبير دعمها لهؤلاء، وبدأت بالتضييق عليهم ضمن خطة تقضي بـ"تجميعهم" في المخيم المذكور، بهدف إقامة "منطقة آمنة" في الجنوب، على أن يتمّ إرسالهم إلى تلك المنطقة بحجة أن المملكة لا تستطيع تحمُّل عبء هؤلاء على أراضيها، وهنا حري التوقف أمام إرسال فرنسا طائرات "ميراج" إلى الأردن الشهر الفائت، ربطاً بهدف إقامة قاعدة عسكرية فرنسية على أراضيه، تهيئة لإنشاء المنطقة العازلة في الجنوب السوري، وحماية لها. وعلى وقع ترجيحات أكثر من مصدر أمني اقليمي باقتراب عمليات الحسم في درعا والقنيطرة، انطلاقاً من عدم سماح القيادة السورية بإنجاح المخطط "الإسرائيلي" القاضي بتهديد دمشق عبر تأمين "أرضيّته" في الجنوب السوري، كما بعدم سكوت حزب الله إزاء "انفلاش" مسلحي "النصرة" في القنيطرة، وتشكيلهم "حزاماً لحدياً جديداً"، والانطلاق عبره إلى استهداف المقاومة في الجنوب اللبناني، تبقى الجبهة الجنوبية رهناً بما خطته القيادتان في دمشق والضاحية وصولاً إلى موسكو، من دون إغفال طيف قاسم سليماني؛ قائد فيلق القدس الإيراني؛ "محطّم داعش في الميدان العراقي"، وفق توصيف مجلة "نيوزويك" الأميركية.

المصدر : الثبات / ماجدة الحاج


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة