دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، كشف الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، عن مخطط غربي ــ إسرائيلي بالغ الخطورة، يتمحور على اقتطاع مناطق من سورية والعراق،وضمّها الأردن في دولة تكون هي مآل الحلم الصهيوني بتصفية القضية الفلسطينية، نهائياً، في صيغة جديدة للوطن البديل. هل كان المخطط، كذلك، منذ بداية الأحداث في 2011؟ الأرجح أن هذا المخطط وليد التطورات، وهي (1) فشل العدوان الغربي الرجعي العثماني في اسقاط الدولتين السورية والعراقية، (2) الانقسام الطائفي الحادّ الذي يفتح الباب لإقامة دولة في الهلال الخصيب، تستوعب القسم الأكبر من العصبية السنية في المنطقة، وتدمجها في كيان طائفي تعلو فيه الهوية الطائفية على الهويات الوطنية الأساسية، ما يتيح ضرب عصافيرعدة بحجر واحد.
فأولاً، يتم تقسيم العراق العربي وعزل جنوبه ووسطه عن غربه وشماله ، وثانياً، يتم اقتطاع مساحات من سورية على أسس طائفية واتنية، وتحويل موارد هاتين المنطقتين إلى دعم نشوء دولة ذات امكانيات، وثالثاً، تتحقق الأرضية الإقليمية الواقعية لتحوّل إسرائيل إلى دولة يهودية، بينما يتم التخلّص، شيئاً فشيئاً من فلسطينيي الـ 48 بالقانون والتعويضات، ومن فلسطينيي الـ 67، بتهجيرهم من الضفة الغربية إلى شرقيّ النهر ليندمجوا في الدولة الجديدة.
سوف يتضاعف الأردن الكبير إلى أكثر من الضعفين من حيث المساحة، ويشتمل على أكثر من 25 مليون نسمة، بمن فيهم مهاجرون فلسطينيون وعراقيون وسوريون موجودون فعلا في الأردن الآن.
المخطط الجديد للوطن البديل من خلال توسيع مساحته ومضاعفة عدد سكانه أكثر من ثلاث مرات، يسعى الى استيعاب عقبات تقليدية عرقلت تطبيق مشروع الوطن البديل سابقاً، وأهم هذه العقبات: أولاً، المقاومة الأردنية المتوقع أن تتراجع قوتها وحضورها السياسي ونفوذها في الدولة الأردنية الحالية تراجعاً لا يعود يسمح لها بالفعل السياسي؛ ثانياً، تجاوز الهويات الوطنية التي تعرقل الاندماج إلى هوية جامعة تضم جميع المكوّنات والهويات، الأردنية والفلسطينية والعراقية والسورية، إلى هوية طائفية، تنظر إلى ذاتها كجزء من تحالف خليجي ــــ مصري، يتنافر، ويحدّد ذاته على الأقل، إزاء الكيان الشيعي في العراق والكيان التعددي في ما يبقى من سوريا (علوية، مسيحية، شيعية، اسماعيلية، درزية، سنية مستنيرة؛) ثالثاً، ستغدو هذه الدولة الطائفية المركّبة القائمة على المحاصصة، والمرتبطة بالولايات المتحدة والخليج والمتعاونة، سياسياً وأمنياً واقتصادياً، مع إسرائيل، قوة رجعية كبرى وأداة للإمبريالية الأميركية، وشرطياً اقليمياً. ولن تخشى إسرائيل، على المديين المنظور والمتوسط، من أي أخطار أمنية من قبل الدولة الجديدة؛ أولا، لأنها ستكون تحت إدارة النظام الهاشمي الموثوق والكفوء أمنياً، وثانيا، لأن الهوية الطائفية الجامعة ستصب عداءها نحو المكونات الطائفية الأخرى، كأولوية صراع، تجعل من الاصطدام مع إسرائيل في المرتبة الثالثة.
هذا السيناريو قد يبدو خيالياً؛ إنما هو قيد الحسابات الإمبريالية الصهيونية بالفعل؛ ويمكننا أن نلاحظ في هذا السياق ما يلي: أولا، الدعم الكبير الذي قدمته واشنطن والرياض وعمان لـ «تحالف الثورة العراقية» في غربي وشمالي العراق. وهو تحالف ضم قوى عشائرية وتنظيمات الاسلامية وبعثية و»داعش»، ومُنح كل أشكال الدعم للاستيلاء على الموصل والتحكم في غربي العراق، مقدمةً لانفصاله. لكن ما خربط هذا السياق هو انفراد «داعش» بالسلطة وضربها للقوى الأخرى، وسعيها، بعدما استقلّت مالياً، إلى إعلان الخلافة، والاصطدام بسادتها السابقين، ثانياً، برنامج تحالف واشنطن المديد الهادف إلى ضبط «داعش»، وليس هزيمتها، ثالثاً، تحضير حرس محلي في المحافظات الغربية والشمالية خارج سلطة الدولة العراقية، والمباشرة في تدريب قوات مطيعة للحلول محل «داعش» في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم؛ رابعاً، اقدام السلطات الأردنية، بصورة غير مفهومة من وجهة نظر المصالح الأردنية، على دعم انقلاب الدواعش في الموصل، وتسريع عمليات التدخل في جنوبي سوريا؛ خامساً، الجنوح الإسرائيلي إلى طرح مشروع قانون يهودية الدولة، واقتراح ليبرمان تهجير عرب الـ 48، والاعتداءات غير المسبوقة على المسجد الأقصى، بكل ما يحمله، رمزياً وسياسياً، إزاء الأردن وفلسطين. فمن الواضح أن السياسة الإسرائيلية تتجه نحو التراجع عن معاهدتي أوسلو ووادي عربة. وبالنسبة إليها: لا دولة في الضفة الممزّقة بالاستيطان والطرق الالتفافية والحواجز والحصار، ولا دولة واحدة ديموقراطية على كل فلسطين تنسف ايديولوجية الصهيونية.
العدوانية والاطماع التركية إزاء سوريا، التحالف الخليجي ــــ الاسرائيلي، التمويل المستمر للإرهاب ضد الدولتين السورية والعراقية، والانزياح الجماهيري ــــ بما في ذلك فلسطين ــــ نحو علو الهوية الطائفية على الهوية الوطنية؛ كل هذه، وسواها، تفتح الباب أمام ألوان شتى من الخيالات نصف الواقعية. وهي كذلك، طالما الجيش السوري وحلفاؤه يقاتلون.
المصدر :
الأخبار /ناهض حتر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة