دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
خصّصت صحيفة النيوزويك الأسبوعية الأميركية الصفحة الأولى لعددها الصادر الخميس، لقائد فيلق القدس، قاسم سليماني الذي "قاتل أميركا، والآن يسحق داعش" حسب تعبيرها.
تقول الصحفية جنين دي جيوفاني، إنها التقت هذا الشهر الشيخ رعد الكفاجي في حي الكرادة في بغداد، وهو ضابط سابق في الجيش العراقي متخصص في المدفعية، ومقاتل مخضرم من أيام الحرب بين إيران والعراق. وهو رئيس قبيلة الكفاجي وقائد في "كتائب حزب الله"، إحدى المجموعات الشيعية في طليعة الكفاح ضد داعش في العراق.
بعد سقوط الموصل في شهر تموز/يوليو، أصدر آية الله العظمى السيد علي السيستاني فتوى دينية داعيًا العراقيين "للدفاع عن البلاد وشعبها، وشرف مواطنيها، والأماكن المقدسة فيها"، وهذا ما شكّل دافعًا إضافيًا في لخوض "حربٍ مقدسة ضد داعش"، حسب توصيف الكاتبة.
وتضيف أنّ الشيخ رعد صرّح لها أنه في الأيام الأولى بعد فتوى السيستاني، جاءه الرجال الذين تصل أعمارهم الى ستين عامًا، لمحاربة داعش والجماعات المتطرّفة.
تشير دي جيوفاني، وهي من أهم المراسلين في أوروبا، أنّ الشيخ رعد لا يرى إشكالًا في حقيقة أنّ من يدعمه اليوم ماليًا، أي إيران، كان عدوًا لدودًا في السابق، ويبرر ذلك بقوله إنّ صدام حسين هو المسؤول عن الأخطاء السابقة التي أدت الى اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، وليست إيران، مضيفًا أنّ التمويل الإيراني الحالي يشتمل على تسليحه ورجاله بـAK-47s، رشاشات 12.7 مم، بي كا سي، رشاشات 7.62 ملم، وأسلحة رشاشة تستخدم في العديد من الدول السوفيتية السابقة والشرق أوسطية. وختم الشيخ قائلًا: "نحن هنا نقاتل من أجل العدالة - من أجل عقيدتنا - وليس من أجل المال".
بعد هذه المقابلة المقتضبة، تسهب المراسلة في سرد تاريخ العراق، منذ عهد صدام حسين مرورًا بالمجازر التي اقترفها بحق الشيعة، الى الغزو الأميركي حيث انقلبت الآية حسب تعبيرها وتسلّم الشيعة زمام الحكم، ذاكرةً حقبتي حيدر العبادي ونوري المالكي، ومعرّجةً على الأحداث الأخيرة في الحرب ضد داعش وسقوط الموصل في 10 حزيران/يونيو 2014.
ثمّ تستشهد الصحفية الأميركية بكلامٍ لنائب مستشار الأمن الوطني العراقي، صفاء حسين الشيخ، الذي يعتبر أنّ المجموعات الشيعية قد تعلّمت الكثير من المهارات جرّاء قتال المحتل الأميركي قبل خروجه من العراق، وأنّ هذا ساهم في دفعهم للقتال ضد الإرهابيين، شارحًا كيف بدأت المبادرات الشيعية بمئات الرجال لتتزايد يومًا بعد يوم.
وبحسب دي جيوفاني، فإنّ سطوع نجم المجموعات الشيعية في محاربة الإرهاب هو الذي جلب النفوذ الإيراني الى الساحة العراقية، باعتبار إيران الداعم الأول لهذه المجموعات، ما ضاعف الاعتماد المتزايد على الإيرانيين، حيث تشير مصادر مختلفة في الحكومة العراقية والعديد من المحللين الأجانب الى أنّ المصدر الأساس لتمويل هؤلاء المقاتلين، وكذلك تدريبهم وتسليحهم هو إيران. وبعد خمسة أشهر، شكّل الشيعة العمود الفقري للعملية العسكرية العراقية، بحسب الكاتبة.
تذكر الصحفية تساؤل الدكتور موفق الربيعي، عضو البرلمان العراقي ومستشار الأمن القومي السابق، الذي قال: "من الذي أتى لإنقاذنا بعد ثلاثة أيام على سقوط الموصل؟"، ويتابع الربيعي: "ليس الأميركيين. فهم أرسلوا فقط ضربات جوية بالغة السوء بعد ثلاثة أشهر عندما قُطعت رؤوس بعض مواطنيها. أما سرعة الاستجابة الإيرانية إلى بغداد وأربيل فكانت في اليوم التالي".
وتشير دي جيوفاني الى إرسال الإيرانيين لـ88 طائرة سوخوي روسية الصنع في غضون أسابيع، بالإضافة الى إرسال أفضل مقاتليهم - عناصر من الحرس الجمهوري - لتدريب العراقيين وتقديم المشورة لهم، وكذلك الطيارين، والأسلحة، والزي الرسمي. وتضيف: "أرسلوا أيضًا العقل المدبر العسكري، قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، الذي يعتبره العديد من القادة العسكريين قائدًا ممتازًا، واستراتيجيًا للغاية. وعلى الرغم من اتّصافه بالسرية، سمح سليماني لنفسه بأن يتم تصويره في أيلول/سبتمبر الماضي في ساحات القتال في قرية أمرلي، لإرسال رسالة واضحة إلى الغرب مفادها أنّ طهران موجودة بقوّة على الساحة العراقية".
وفقًا لأحد السياسيين الشيعة البارزين في العراق، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، فإنّ سليماني متواجد في كثير من الأحيان في بغداد وشمال العراق، وأضاف: "بالطبع تعرف الحكومة العراقية حول هذا الموضوع. إنه ذكي، وهو أيضًا رجلٌ يحب الحرب، لأنه يعلم أنه يجيد خوضها".
وتختم جنين دي جيوفاني بأنّه بالنسبة لدبلوماسيين غربيين، فإنّ القلق هو حول كيفية رؤية الشيعة للمستقبل. وتضيف، أنّه بغض النظر عمّا سيكون دورهم في المستقبل، فالأكيد أنهم الآن لن يتخلّوا عن مواقعهم، لأنهم عازمون على القضاء على داعش. في هذا الصدد، يقول أحد مستشاري الأمن الغربيين في بغداد إنّ الشيعة "ضروريون" لدعم الجيش العراقي المتعثّر.
"الحقيقة هي"، بحسب صفاء حسين الشيخ، "أنهم -أي المقاتلين الشيعة- يثبتون أنهم أكثر فعاليةً من قوات الأمن في العديد من الحالات، حيث أنهم يمتلكون الخبرة جرّاء قتال الأميركيين، ومشاركتهم في القتال في في الآونة الأخيرة في سوريا أيضًا". ويضيف قائلًا: "محاربة الأميركيين جعلتهم من ذوي الخبرة ومن المقاتلين الأقوياء حقًا".
المصدر :
ترجمة واعداد مروة الشامي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة