مساء اليوم، «سيظهر» الرئيس سعد الحريري «بشحمه ولحمه» على شاشة التلفزيون من مقرّ إقامته في العاصمة الفرنسيّة. الكثير من المفرقعات في سماء بيروت عند التاسعة والنصف، قد تعوّض عن غياب هدير الطائرة المنتظرة التي ستقلّ «دولة الرئيس» في يومٍ من الأيّام، إلى بلده الأول لبنان.

يطل «الشيخ سعد» وقبالته يجلس الزميل مارسيل غانم الموجود في باريس منذ أيام ومعه فريق عمل «كلام الناس». الحديث عن الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» هو «طبق الخميس». سيحاول غانم انتزاع أكبر قدر ممكن ممّا يجول في خاطر الحريري بشأن الجلوس مع «حزب الله» على طاولة واحدة. جرعة من الماء قد تكون كافية حتى يؤكّد رئيس «المستقبل» المؤكّد بشأن أسبقية مبادرته للحوار الذي من شأنه أن يجنّب لبنان نار الحروب الإقليمية.

يعيد الحريري ما يقوله دائماً بأن الاستقرار في الداخل «هو خطّ أحمر» وأنه سيقف في طليعة المدافعين عن المؤسسة العسكرية وباقي المؤسسات الأمنية، وسيعطي مثالا على ذلك ما جرى في طرابلس، عندما اتصل به مسؤول امني كبير اثناء وجوده في السعودية، وسأله عن وجود محاذير في ما يخص اقتحام أحد مساجد التبانة ومن ثم المحمرة وكان الجواب في الحالتين: نحن معك ولا تدع تمترس الارهابيين خلف مسجد هنا أو هناك، يشكل ذريعة لعدم استكمال المعركة حتى القضاء عليهم.

وسيكون للحريري كلام مطوّل عن «الإسلام المعتدل». سينفض يديه من الإرهاب، ليشدّد على أن الشارع السني لم ولن يكون بيئة حاضنة للتكفيريين والإرهابيين. سيستعرض «الشيخ سعد» إنجازات الجيش، ليذكّر بأن لا غطاء على أي مخل بالأمن في أي منطقة كانت، وليعلن صراحة أن «الأزرق براء من دعم الإرهاب».

مقدّم برنامج «كلام الناس» لن يكفيه أن يكون أوّل السامعين بأن ضيفه سيمدّ يده للحوار، بل سيمضي في اكتشاف ما يختزنه رئيس «الزرق» من آلية لهذا الحوار وجدول أعماله وأبرز قواعده ودور «الحلفاء» و»الأصدقاء» في رعايته.

واذا كان البعض في «14 آذار» يشير إلى أنّ الحريري سيحدّد أفق الحوار من خلال وضع جدول أعمال واضح لن يكون من ضمنه تدخّل «حزب الله» في الأزمة السورية، فان قياديا في «المستقبل» لا يستبعد أن يكون الموضوع «مطروحا على الطاولة»، وهو موقف يلتقي مع رأي وازن في «حزب الله» مفاده أن «لا مانع في طرح موضوع كهذا على طاولة الحوار لأن الحزب لا يخجل بانخراطه بالأزمة السورية، وهو ازداد قناعة ومعه أغلبية الرأي العام اللبناني بصوابية خياره الاستباقي».

من المحتمل ألا يذهب الحريري الى أي خيار تصعيدي مع «حزب الله» وهو على أبواب حوار، كذلك فإنّه لن يرفع سقف الهجوم أكثر من السعودية نفسها التي تنوّه بالحوار مع «حزب الله» في الداخل، وتسعى، في الوقت نفسه، إلى إدراجه على لائحة الإرهاب في مجلس الأمن الدولي، وهي قدمت الاسباب الموجبة للفصل بين الاثنين!

ببساطة، فإن الحريري سيحاول أن يمسك العصا من منتصفها، فـ»لا يخدش» مشاعر شريكه الافتراضي على طاولة الحوار، وفي الوقت عينه لا يخسر من شعبيّته داخل الشارع السني، واتهامه بتغيير خطابه. وبالتالي سيكون مع جدول أعمال واضح يتضمّن على الأقلّ هذه العناوين: اجراء انتخابات رئاسة الجمهوريّة سريعا، الحرص على عدم الانزلاق الى أي مشروع يؤدي للفتنة السنيّة ـــ الشيعيّة، الاتفاق على قانون انتخابات جديد تجري على اساسه انتخابات العام 2017، دعم حكومة تمام سلام بوصفها بديل الفراغ.

ولن يكون مستبعداً أن يحاول الزميل غانم «حشر» الحريري في زاوية التسميات الرئاسية: فكّ الارتباط مع سمير جعجع المرشح، الخروج النهائي من خيار ميشال عون «التوافقي»، احتمال تبني ترشيح العماد جان قهوجي أو رياض سلامة أو أي مرشح رئاسي ثالث من الذين تنطبق عليهم صفة «الوفاقي»...

البعض يأمل أن يعود الحريري بالذاكرة إلى 1 كانون الأوّل 2007، حينما اجتمعت «14 آذار» لتعلن عن مبادرتها بسحب مرشّحيها، و»ترشيح العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية اللبنانية، وإطلاق الآليات الدستورية المطلوبة لأجل ذلك»، وهو الخيار الذي لم يكتب له النجاح الا بعد السابع من أيار 2008، برغم مبادرة ميشال سليمان مؤخرا الى الحديث عن ذلك التاريخ بوصفه «مشؤوما»!

سيتطرّق «دولة الرئيس» خلال المقابلة التلفزيونية إلى موضوع قانون الانتخاب، ليعيد ما يقوله نوابه في «لجنة قانون الانتخاب»: مع مشروع القانون المركّب الذي أعدّه «المستقبل» و»القوات» و»الاشتراكي» (68/60)، واستحالة السير بمشروع القانون الذي قدّمه الرئيس نبيه بري (64/64) أو «الأرثوذكسي» الذي يتمسك به ميشال عون.

وإذا كان للمحكمة الخاصة بلبنان وشهادة مروان حمادة وموعد شهادته أمامها، حصة في حوار اليوم، فان غانم وعلى جاري عادته، سيترك الحريري يتناغم في الدقائق الأخيرة مع «الكاميرا»، ولو كانت الدموع هي «مسك الختام»!

  • فريق ماسة
  • 2014-11-26
  • 13126
  • من الأرشيف

كلام عن الحوار ومضمونه.. والمحكمة الدولية...ماذا سيقول الحريري اليوم؟

مساء اليوم، «سيظهر» الرئيس سعد الحريري «بشحمه ولحمه» على شاشة التلفزيون من مقرّ إقامته في العاصمة الفرنسيّة. الكثير من المفرقعات في سماء بيروت عند التاسعة والنصف، قد تعوّض عن غياب هدير الطائرة المنتظرة التي ستقلّ «دولة الرئيس» في يومٍ من الأيّام، إلى بلده الأول لبنان. يطل «الشيخ سعد» وقبالته يجلس الزميل مارسيل غانم الموجود في باريس منذ أيام ومعه فريق عمل «كلام الناس». الحديث عن الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» هو «طبق الخميس». سيحاول غانم انتزاع أكبر قدر ممكن ممّا يجول في خاطر الحريري بشأن الجلوس مع «حزب الله» على طاولة واحدة. جرعة من الماء قد تكون كافية حتى يؤكّد رئيس «المستقبل» المؤكّد بشأن أسبقية مبادرته للحوار الذي من شأنه أن يجنّب لبنان نار الحروب الإقليمية. يعيد الحريري ما يقوله دائماً بأن الاستقرار في الداخل «هو خطّ أحمر» وأنه سيقف في طليعة المدافعين عن المؤسسة العسكرية وباقي المؤسسات الأمنية، وسيعطي مثالا على ذلك ما جرى في طرابلس، عندما اتصل به مسؤول امني كبير اثناء وجوده في السعودية، وسأله عن وجود محاذير في ما يخص اقتحام أحد مساجد التبانة ومن ثم المحمرة وكان الجواب في الحالتين: نحن معك ولا تدع تمترس الارهابيين خلف مسجد هنا أو هناك، يشكل ذريعة لعدم استكمال المعركة حتى القضاء عليهم. وسيكون للحريري كلام مطوّل عن «الإسلام المعتدل». سينفض يديه من الإرهاب، ليشدّد على أن الشارع السني لم ولن يكون بيئة حاضنة للتكفيريين والإرهابيين. سيستعرض «الشيخ سعد» إنجازات الجيش، ليذكّر بأن لا غطاء على أي مخل بالأمن في أي منطقة كانت، وليعلن صراحة أن «الأزرق براء من دعم الإرهاب». مقدّم برنامج «كلام الناس» لن يكفيه أن يكون أوّل السامعين بأن ضيفه سيمدّ يده للحوار، بل سيمضي في اكتشاف ما يختزنه رئيس «الزرق» من آلية لهذا الحوار وجدول أعماله وأبرز قواعده ودور «الحلفاء» و»الأصدقاء» في رعايته. واذا كان البعض في «14 آذار» يشير إلى أنّ الحريري سيحدّد أفق الحوار من خلال وضع جدول أعمال واضح لن يكون من ضمنه تدخّل «حزب الله» في الأزمة السورية، فان قياديا في «المستقبل» لا يستبعد أن يكون الموضوع «مطروحا على الطاولة»، وهو موقف يلتقي مع رأي وازن في «حزب الله» مفاده أن «لا مانع في طرح موضوع كهذا على طاولة الحوار لأن الحزب لا يخجل بانخراطه بالأزمة السورية، وهو ازداد قناعة ومعه أغلبية الرأي العام اللبناني بصوابية خياره الاستباقي». من المحتمل ألا يذهب الحريري الى أي خيار تصعيدي مع «حزب الله» وهو على أبواب حوار، كذلك فإنّه لن يرفع سقف الهجوم أكثر من السعودية نفسها التي تنوّه بالحوار مع «حزب الله» في الداخل، وتسعى، في الوقت نفسه، إلى إدراجه على لائحة الإرهاب في مجلس الأمن الدولي، وهي قدمت الاسباب الموجبة للفصل بين الاثنين! ببساطة، فإن الحريري سيحاول أن يمسك العصا من منتصفها، فـ»لا يخدش» مشاعر شريكه الافتراضي على طاولة الحوار، وفي الوقت عينه لا يخسر من شعبيّته داخل الشارع السني، واتهامه بتغيير خطابه. وبالتالي سيكون مع جدول أعمال واضح يتضمّن على الأقلّ هذه العناوين: اجراء انتخابات رئاسة الجمهوريّة سريعا، الحرص على عدم الانزلاق الى أي مشروع يؤدي للفتنة السنيّة ـــ الشيعيّة، الاتفاق على قانون انتخابات جديد تجري على اساسه انتخابات العام 2017، دعم حكومة تمام سلام بوصفها بديل الفراغ. ولن يكون مستبعداً أن يحاول الزميل غانم «حشر» الحريري في زاوية التسميات الرئاسية: فكّ الارتباط مع سمير جعجع المرشح، الخروج النهائي من خيار ميشال عون «التوافقي»، احتمال تبني ترشيح العماد جان قهوجي أو رياض سلامة أو أي مرشح رئاسي ثالث من الذين تنطبق عليهم صفة «الوفاقي»... البعض يأمل أن يعود الحريري بالذاكرة إلى 1 كانون الأوّل 2007، حينما اجتمعت «14 آذار» لتعلن عن مبادرتها بسحب مرشّحيها، و»ترشيح العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية اللبنانية، وإطلاق الآليات الدستورية المطلوبة لأجل ذلك»، وهو الخيار الذي لم يكتب له النجاح الا بعد السابع من أيار 2008، برغم مبادرة ميشال سليمان مؤخرا الى الحديث عن ذلك التاريخ بوصفه «مشؤوما»! سيتطرّق «دولة الرئيس» خلال المقابلة التلفزيونية إلى موضوع قانون الانتخاب، ليعيد ما يقوله نوابه في «لجنة قانون الانتخاب»: مع مشروع القانون المركّب الذي أعدّه «المستقبل» و»القوات» و»الاشتراكي» (68/60)، واستحالة السير بمشروع القانون الذي قدّمه الرئيس نبيه بري (64/64) أو «الأرثوذكسي» الذي يتمسك به ميشال عون. وإذا كان للمحكمة الخاصة بلبنان وشهادة مروان حمادة وموعد شهادته أمامها، حصة في حوار اليوم، فان غانم وعلى جاري عادته، سيترك الحريري يتناغم في الدقائق الأخيرة مع «الكاميرا»، ولو كانت الدموع هي «مسك الختام»!

المصدر : السفير/ لينا فحر الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة