وأخيراً، وبدون سابق انذار، خرج اهالي دوما في الغوطة الشرقية بمظاهرات حاشدة مطالبين بانهاء سيطرة ما يسمى بجيش الاسلام على المدينة ووضع حد لاحتكار المواد الغذائية. خمسة آلاف مدني في دوما تظاهروا احتجاجاً على ما وصفوه بـ"تجارة حرب ودماء" يمارسها إرهابيو "جيش الإسلام"، وذلك من خلال احتكارهم للمواد الغذائية وبيعها للمدنيين بأسعار مضاعفة.

وقد انضمت لهذه التحركات تظاهرات أخرى خرجت في مناطق في عربين وسقبا أطلق عليها منظموها "تظاهرات الجوع"، مندّدين بسياسة التجويع الممارسة من قبل "جيش الإسلام". هؤلاء المسلحون واجهوا المدنيين بالرصاص، واندلعت اشتباكات امام مستودعات ما يعرف بمؤسسة "عدالة" التابعة لزهران علوش.

من غرائب الاحداث التي جرت في دوما عاصمة الغوطة الشرقية، والمعقل الرئيسي لزهران علوش ومسلحيه، أن الاهالي استفاقوا من الغيبوبة التي كانوا يعانون منها، بعد التقدم الكبير الذي حققه الجيش السوري في اطراف دوما، وسيطرته على العديد من القرى والبلدات والانهيار الدراماتيكي لمسلحي علوش وانسحابهم بطريقة مذلة من تلك المناطق، ليكتشفوا ان زهران علوش كان يمارس عليهم سياسة الالهاء، وجعلهم يتحركون في دائرة مغلقة ودون ادنى وقت للتفكير في بحثهم عما يسد رمقهم بعد سياسة التجويع التي مارسها علوش ضدهم لضمان الولاء له ولمسلحيه، مستفيداً من محرك الغرائز والدين لتوليد هستيريا التعصب الجماعي لديهم، على اساس تغليف جرائمه بالموجبات الدينية لتتقبلها العامة بوصفها اعمالا مبررة، بعد العبث بالعقل الباطن للبسطاء.

هزائم علوش

وهنا لم يعد خافياً على الاهالي ايضاً، أن بلدات كثيرة حول دمشق، بدأت تزحف الواحدة تلو الاخرى، بمشهد يذكرنا بعودة الابن الضال الى اهله، بعد أن اكتشف الجميع زيف تلك المجموعات التي ذاقوا الامرين على يد لصوصها تحت شعارات عديدة، وجاء التلاعب بلقمة العيش لضمان الولاء ليكون السبب المفجر، فهذه البيئة الحاضنة وصل في اسواقها سعر الكيلو الواحد من السكر الى 2000 ل.س والرز الى 1700 ل.س والعدس الى 1250 ل.س والحمص الى 800 ل.س والبرغل الى 1350 ل.س والمعكرونة الى 1400 ل.س. هذا الارتفاع الجنوني بالاسعار جاء بعد أن قام مسحلو ما يسمى بجيش الإسلام بالسطو على مساعدات الهلال الأحمر التي كان يتم تمريرها من معبر مخيم الوافدين ومعبر حرستا سابقاً، وجمعوا تلك المواد الغذائية في مستودعات تحت مظلّة تجّار، ليقوموا ببيعها بأسعار مرتفعة محتكرين السوق وفارضين على المدنيين ما يريدون ثمناً لمدهم بالعناصر الغذائية الاساسية، بالذات عبر لقمة عيشهم، وتجنيد اطفالهم في الحرب بعد النقص العددي الكبير الذي يعاني منه جيش زهران علوش، بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها جراء المعارك مع الجيش السوري.

اذن هي بداية تلوح لما هو أشمل والوعي اخذ سبيله في الاتساع داخل الغوطة الشرقية، لا سيما بعد أن ترددت اصداء تقدم الجيش من محاور مختلفة في محيط دوما، الامر الذي دفع الاهالي لمطالبة الجيش السوري الى تخليصهم من جيش زهران علوش، الذي جعل واقع الغوطة الشرقية الإنساني، واقعا كارثيا، يتحمل تبعاته المدنيون الذين ناصروه وشكلوا البيئة الحاضنة له، ما يجعل المطلوب من اهالي الغوطة في هذا الامتحان إحداث تغيير نوعي على الارض، وسحب الاعتراف بأي مجموعة مسلحة، ومن ثم العمل كوجهاء لتلك المناطق ومتنفذين، على مكافحة وجود تلك المجموعات بشكل سريع وفوري، ومحاسبة وتسليم الدولة السورية كل من ساهم في تلك الجرائم التي ارتكبت في الغوطة الشرقية خصوصاً وسورية عموماً.

  • فريق ماسة
  • 2014-11-24
  • 11973
  • من الأرشيف

مظاهرات اهالي دوما وواقع زهران علوش

  وأخيراً، وبدون سابق انذار، خرج اهالي دوما في الغوطة الشرقية بمظاهرات حاشدة مطالبين بانهاء سيطرة ما يسمى بجيش الاسلام على المدينة ووضع حد لاحتكار المواد الغذائية. خمسة آلاف مدني في دوما تظاهروا احتجاجاً على ما وصفوه بـ"تجارة حرب ودماء" يمارسها إرهابيو "جيش الإسلام"، وذلك من خلال احتكارهم للمواد الغذائية وبيعها للمدنيين بأسعار مضاعفة. وقد انضمت لهذه التحركات تظاهرات أخرى خرجت في مناطق في عربين وسقبا أطلق عليها منظموها "تظاهرات الجوع"، مندّدين بسياسة التجويع الممارسة من قبل "جيش الإسلام". هؤلاء المسلحون واجهوا المدنيين بالرصاص، واندلعت اشتباكات امام مستودعات ما يعرف بمؤسسة "عدالة" التابعة لزهران علوش. من غرائب الاحداث التي جرت في دوما عاصمة الغوطة الشرقية، والمعقل الرئيسي لزهران علوش ومسلحيه، أن الاهالي استفاقوا من الغيبوبة التي كانوا يعانون منها، بعد التقدم الكبير الذي حققه الجيش السوري في اطراف دوما، وسيطرته على العديد من القرى والبلدات والانهيار الدراماتيكي لمسلحي علوش وانسحابهم بطريقة مذلة من تلك المناطق، ليكتشفوا ان زهران علوش كان يمارس عليهم سياسة الالهاء، وجعلهم يتحركون في دائرة مغلقة ودون ادنى وقت للتفكير في بحثهم عما يسد رمقهم بعد سياسة التجويع التي مارسها علوش ضدهم لضمان الولاء له ولمسلحيه، مستفيداً من محرك الغرائز والدين لتوليد هستيريا التعصب الجماعي لديهم، على اساس تغليف جرائمه بالموجبات الدينية لتتقبلها العامة بوصفها اعمالا مبررة، بعد العبث بالعقل الباطن للبسطاء. هزائم علوش وهنا لم يعد خافياً على الاهالي ايضاً، أن بلدات كثيرة حول دمشق، بدأت تزحف الواحدة تلو الاخرى، بمشهد يذكرنا بعودة الابن الضال الى اهله، بعد أن اكتشف الجميع زيف تلك المجموعات التي ذاقوا الامرين على يد لصوصها تحت شعارات عديدة، وجاء التلاعب بلقمة العيش لضمان الولاء ليكون السبب المفجر، فهذه البيئة الحاضنة وصل في اسواقها سعر الكيلو الواحد من السكر الى 2000 ل.س والرز الى 1700 ل.س والعدس الى 1250 ل.س والحمص الى 800 ل.س والبرغل الى 1350 ل.س والمعكرونة الى 1400 ل.س. هذا الارتفاع الجنوني بالاسعار جاء بعد أن قام مسحلو ما يسمى بجيش الإسلام بالسطو على مساعدات الهلال الأحمر التي كان يتم تمريرها من معبر مخيم الوافدين ومعبر حرستا سابقاً، وجمعوا تلك المواد الغذائية في مستودعات تحت مظلّة تجّار، ليقوموا ببيعها بأسعار مرتفعة محتكرين السوق وفارضين على المدنيين ما يريدون ثمناً لمدهم بالعناصر الغذائية الاساسية، بالذات عبر لقمة عيشهم، وتجنيد اطفالهم في الحرب بعد النقص العددي الكبير الذي يعاني منه جيش زهران علوش، بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها جراء المعارك مع الجيش السوري. اذن هي بداية تلوح لما هو أشمل والوعي اخذ سبيله في الاتساع داخل الغوطة الشرقية، لا سيما بعد أن ترددت اصداء تقدم الجيش من محاور مختلفة في محيط دوما، الامر الذي دفع الاهالي لمطالبة الجيش السوري الى تخليصهم من جيش زهران علوش، الذي جعل واقع الغوطة الشرقية الإنساني، واقعا كارثيا، يتحمل تبعاته المدنيون الذين ناصروه وشكلوا البيئة الحاضنة له، ما يجعل المطلوب من اهالي الغوطة في هذا الامتحان إحداث تغيير نوعي على الارض، وسحب الاعتراف بأي مجموعة مسلحة، ومن ثم العمل كوجهاء لتلك المناطق ومتنفذين، على مكافحة وجود تلك المجموعات بشكل سريع وفوري، ومحاسبة وتسليم الدولة السورية كل من ساهم في تلك الجرائم التي ارتكبت في الغوطة الشرقية خصوصاً وسورية عموماً.

المصدر : العهد /حسين مرتضى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة