شكوى ومرارة يتبادلها الجانبان باتت معكوسة في وسائل التعامل بين الطرفين.

فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان غادر بلاده في جولة إفريقية، وذلك في ذات الوقت الذي حطت فيه طائرة منسق التحالف الدولي العربي الجنرال الأميركي جون ألن في مطار العاصمة التركية أنقرة. جدولة الموعدين بهذا الشكل ربما كان مقصوداً منه توجيه إيماءة للأميركيين، تشير إلى تفضيل أردوغان البقاء خارج التحالف الدولي العربي الذي تقوده واشنطن.

لم يكتف أردوغان برسالته الرمزية. كعادته لم يفوت فرصة الكلام الطنان، أعرب بلهجة رجل «حردان» عن إحباطه من حليفه الأميركي، كشف أن التحالف لم يستجب إلى شروطه التي وضعها للانضمام إلى صفوفه.

على الضفة الأخرى، حرصت واشنطن على تبديد كل الانطباعات التي عمل الأتراك على نشرها حول زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تركيا، عندما أعلنت أنها «لا تنظر» حالياً في احتمال فرض حظر جوي على الحدود السورية التركية.

القضية لا تتعلق بداعش بقدر تعلقها بجهود أنقرة للحفاظ على دور لها في سورية عبر حلب، وانعدام حماسة واشنطن لمساعدة الأتراك لأنها ستدخلها في مواجهة مع دمشق وطهران وموسكو.

ألن وبايدن في تركيا، على وقع تصاعد المخاوف التركية من نيات الأميركيين وبلوغها حداً جنونياً. التصريحات الرسمية بل وحتى المقالات والتحليلات الواردة من أنقرة، تحذر من إقدام واشنطن على «التآمر» لتفجير مسيرة السلام بين حكومة العدالة والتنمية وحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه على لائحة الإرهاب.

كلا الجانبين لجأ إلى التاريخ لتوجيه صفعة للآخر. البيت الأبيض بدأ قبل يومين عرض «سجادة اليتامى الأرمن» رمزاً للمجازر التي ارتكبها الجيش العثماني بحق الأرمن عام 1915. الرد الأردوغاني لم يتأخر، الرئيس التركي عير الأميركيين بأن «المسلمين اكتشفوا القارة الأميركية قبل كريستوفر كولمبوس».

وشهدت العلاقات التركية الأميركية انطلاقة حقيقية بعد تولي الرئيس باراك أوباما السلطة في 2009. وفي أيام ذروتها تبادل زعماء البلدين الاتصالات بين بشكل يومي لتنسيق الدعم للإخوان المسلمين الذين اجتاحوا المنطقة على حصان «الربيع العربي».

لكن الود بين واشنطن وأنقرة انقطع بعد احتجاجات متنزه غيزي، وتعرضت العلاقات إلى اختبار قاس مع رفض أنقرة الانضمام إلى التحالف الدولي الذي شكلته واشنطن لمحاربة تنظيم داعش بعد سيطرته على الموصل، ووصلت هذه العلاقات إلى أدنى مستوياتها بعد إسقاط واشنطن أسلحة لمسلحي «حماية الشعب» في مدينة عين العرب.

وبالعودة إلى المفاوضات الدائرة بين الأميركيين والأتراك حول دور تركيا في التحالف، قال اردوغان للصحفيين في مطار انقرة قبل أن يتوجه في جولة على عدة دول افريقية، إن التحالف «لم يتخذ اية خطوات طلبناها»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.

وتريد الحكومة التركية من الولايات المتحدة تبني إستراتيجية للإطاحة بالنظام في سورية كشرط لزيادة مشاركتها في التحالف، كما ترغب في إقامة منطقة عازلة داخل سورية على طول الحدود التركية وفرض منطقة حظر طيران، وتدريب وتجهيز أعداد كبيرة من المسلحين.

وأضاف أردوغان: إنه «لم يتم حتى الآن اتخاذ أي من الخطوات التالية: فرض منطقة حظر طيران، وإقامة منطقة عازلة وتدريب وتجهيز «مقاتلي الحر». وأشار إلى أن تركيا لن تغير موقفها إلا بعد الوفاء بهذه الشروط، مضيفاً «بالطبع تركيا ستبقى على موقفها حتى اكتمال هذه العملية».

وترافقت تصريحات الرئيس التركي مع زيارة منسق التحالف الدولي العربي إلى انقرة لإجراء محادثات مع المسؤولين الأتراك لم يتم الإعلان عنها مسبقا.

وأكد متحدث باسم السفارة الأميركية في أنقرة أن آلن يزور تركيا، وقال إنه «يلتقي مع عدد من كبار المسؤولين الاتراك في إطار المناقشات الدائرة حول مواجهة تهديد تنظيم (داعش)».

وتوقعت وسائل إعلام أن تتناول اجتماعات ألن مع المسؤولين الأتراك؛ قضية تدريب عناصر من المعارضة المعتدلة، ومسائل أخرى ذات اهتمام مشترك.

وذكرت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء أن آلن، وهو الممثل الخاص للرئيس الأميركي باراك أوباما في شؤون مكافحة تنظيم داعش، سيغادر العاصمة التركية، متجهاً إلى بروكسل؛ لحضور اجتماعٍ خاص بالتحالف الدولي لمكافحة داعش، سيجري في مقر حلف الشمال الأطلسي (الناتو).

وعشية وصول بايدن إلى تركيا، أكد البيت الأبيض أن الولايات المتحدة «لا تنظر في الوقت الحالي» في احتمال فرض حظر جوي على الحدود السورية التركية، وذلك في نفي مبطن لما أعلنه وزير الخارجية التركي مولد جاويش أوغلو عن تقارب في المواقف التركية الأميركية حيال إقامة المنطقة العازلة في سورية.

ووفقاً لوكالة «الأناضول»، أعاد الناطق باسم البيت الأبيض في مؤتمر صحفي لمناسبة زيارة نائب الرئيس الأميركي لأنقرة، إلى الأذهان بأن تركيا طرحت منذ وقت طويل فكرة فرض منطقة حظر جوي و«مناطق عازلة» متصلة بها على حدود البلاد مع سورية، فيما تبرره تركيا بضرورة مواجهة (داعش).

  • فريق ماسة
  • 2014-11-19
  • 4626
  • من الأرشيف

توتر شامل يعتري العلاقات التركية - الأميركية...وأردوغان «حردان»

شكوى ومرارة يتبادلها الجانبان باتت معكوسة في وسائل التعامل بين الطرفين. فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان غادر بلاده في جولة إفريقية، وذلك في ذات الوقت الذي حطت فيه طائرة منسق التحالف الدولي العربي الجنرال الأميركي جون ألن في مطار العاصمة التركية أنقرة. جدولة الموعدين بهذا الشكل ربما كان مقصوداً منه توجيه إيماءة للأميركيين، تشير إلى تفضيل أردوغان البقاء خارج التحالف الدولي العربي الذي تقوده واشنطن. لم يكتف أردوغان برسالته الرمزية. كعادته لم يفوت فرصة الكلام الطنان، أعرب بلهجة رجل «حردان» عن إحباطه من حليفه الأميركي، كشف أن التحالف لم يستجب إلى شروطه التي وضعها للانضمام إلى صفوفه. على الضفة الأخرى، حرصت واشنطن على تبديد كل الانطباعات التي عمل الأتراك على نشرها حول زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تركيا، عندما أعلنت أنها «لا تنظر» حالياً في احتمال فرض حظر جوي على الحدود السورية التركية. القضية لا تتعلق بداعش بقدر تعلقها بجهود أنقرة للحفاظ على دور لها في سورية عبر حلب، وانعدام حماسة واشنطن لمساعدة الأتراك لأنها ستدخلها في مواجهة مع دمشق وطهران وموسكو. ألن وبايدن في تركيا، على وقع تصاعد المخاوف التركية من نيات الأميركيين وبلوغها حداً جنونياً. التصريحات الرسمية بل وحتى المقالات والتحليلات الواردة من أنقرة، تحذر من إقدام واشنطن على «التآمر» لتفجير مسيرة السلام بين حكومة العدالة والتنمية وحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه على لائحة الإرهاب. كلا الجانبين لجأ إلى التاريخ لتوجيه صفعة للآخر. البيت الأبيض بدأ قبل يومين عرض «سجادة اليتامى الأرمن» رمزاً للمجازر التي ارتكبها الجيش العثماني بحق الأرمن عام 1915. الرد الأردوغاني لم يتأخر، الرئيس التركي عير الأميركيين بأن «المسلمين اكتشفوا القارة الأميركية قبل كريستوفر كولمبوس». وشهدت العلاقات التركية الأميركية انطلاقة حقيقية بعد تولي الرئيس باراك أوباما السلطة في 2009. وفي أيام ذروتها تبادل زعماء البلدين الاتصالات بين بشكل يومي لتنسيق الدعم للإخوان المسلمين الذين اجتاحوا المنطقة على حصان «الربيع العربي». لكن الود بين واشنطن وأنقرة انقطع بعد احتجاجات متنزه غيزي، وتعرضت العلاقات إلى اختبار قاس مع رفض أنقرة الانضمام إلى التحالف الدولي الذي شكلته واشنطن لمحاربة تنظيم داعش بعد سيطرته على الموصل، ووصلت هذه العلاقات إلى أدنى مستوياتها بعد إسقاط واشنطن أسلحة لمسلحي «حماية الشعب» في مدينة عين العرب. وبالعودة إلى المفاوضات الدائرة بين الأميركيين والأتراك حول دور تركيا في التحالف، قال اردوغان للصحفيين في مطار انقرة قبل أن يتوجه في جولة على عدة دول افريقية، إن التحالف «لم يتخذ اية خطوات طلبناها»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية. وتريد الحكومة التركية من الولايات المتحدة تبني إستراتيجية للإطاحة بالنظام في سورية كشرط لزيادة مشاركتها في التحالف، كما ترغب في إقامة منطقة عازلة داخل سورية على طول الحدود التركية وفرض منطقة حظر طيران، وتدريب وتجهيز أعداد كبيرة من المسلحين. وأضاف أردوغان: إنه «لم يتم حتى الآن اتخاذ أي من الخطوات التالية: فرض منطقة حظر طيران، وإقامة منطقة عازلة وتدريب وتجهيز «مقاتلي الحر». وأشار إلى أن تركيا لن تغير موقفها إلا بعد الوفاء بهذه الشروط، مضيفاً «بالطبع تركيا ستبقى على موقفها حتى اكتمال هذه العملية». وترافقت تصريحات الرئيس التركي مع زيارة منسق التحالف الدولي العربي إلى انقرة لإجراء محادثات مع المسؤولين الأتراك لم يتم الإعلان عنها مسبقا. وأكد متحدث باسم السفارة الأميركية في أنقرة أن آلن يزور تركيا، وقال إنه «يلتقي مع عدد من كبار المسؤولين الاتراك في إطار المناقشات الدائرة حول مواجهة تهديد تنظيم (داعش)». وتوقعت وسائل إعلام أن تتناول اجتماعات ألن مع المسؤولين الأتراك؛ قضية تدريب عناصر من المعارضة المعتدلة، ومسائل أخرى ذات اهتمام مشترك. وذكرت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء أن آلن، وهو الممثل الخاص للرئيس الأميركي باراك أوباما في شؤون مكافحة تنظيم داعش، سيغادر العاصمة التركية، متجهاً إلى بروكسل؛ لحضور اجتماعٍ خاص بالتحالف الدولي لمكافحة داعش، سيجري في مقر حلف الشمال الأطلسي (الناتو). وعشية وصول بايدن إلى تركيا، أكد البيت الأبيض أن الولايات المتحدة «لا تنظر في الوقت الحالي» في احتمال فرض حظر جوي على الحدود السورية التركية، وذلك في نفي مبطن لما أعلنه وزير الخارجية التركي مولد جاويش أوغلو عن تقارب في المواقف التركية الأميركية حيال إقامة المنطقة العازلة في سورية. ووفقاً لوكالة «الأناضول»، أعاد الناطق باسم البيت الأبيض في مؤتمر صحفي لمناسبة زيارة نائب الرئيس الأميركي لأنقرة، إلى الأذهان بأن تركيا طرحت منذ وقت طويل فكرة فرض منطقة حظر جوي و«مناطق عازلة» متصلة بها على حدود البلاد مع سورية، فيما تبرره تركيا بضرورة مواجهة (داعش).

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة