"صناديق مال الحكام العرب يمكن أن تشتري حتى الخيال"، قالها يوماً إدوارد سعيد، لكن إلى أين يذهب مال الخيال هذا، والذي لا يجني الأعراب منه إلى ثلثه فقط؟ ذلك لأن هذا المال تقسمه واشنطن والغرب لهم على ثلاثة أثلاث:

الثلث الأول لشراء التكنولوجيا: حيث يُصرف على شراء الثلاجات والغسالات وأجهزة الكومبيوتر، والتلفاز والهاتف، والسيارات، والطيارات الخاصة وهلّم جرا..

والثلث الثاني: يجمَّد ويبقى أرصدة في المصارف الأميركية والغربية.

أما الثلث الثالث: فهو الذي يُدفع للأعراب، ومنه تكون مخصصات الأسر الحاكمة؛ من المولود حديثاً إلى الذي يشارف على دخول المقبرة، وميزانيات إماراتهم ومصاريف عسكرهم والموظفين..

ولذا، فإن ثروة الخيال العربي تتحول إلى نقمة بدلاً من أن تكون نعمة، لأنها بناء على أوامر الأسياد تسخر من أجل تحطيم كل القيم والرسالات.. والتاريخ.. وحتى مظاهر المدنية.

ربما ضروري هنا التذكير بأن موسى بن نصير؛ فاتح الأندلس، انتهى متسوّلاً في شوارع دمشق.

هل تلاحظون كل تلك العداوة البدوية للمقاومة في لبنان، لأنها حققت نصراً لم يتحقق في التاريخ منذ سقوط غرناطة عام 1492م؟

هل لاحظتم كل تلك العداوة البدوية لأهم حاضرة في التاريخ العربي والإسلامي، وعنينا بها سورية، لأنها رفضت كل أشكال الاعتراف بالعدو "الإسرائيلي"، ووفّرت كل وسائل الدعم للمقاومة اللبنانية والفلسطينية، فاستحقت العداء والتآمر؟

ماذا فعل الأعراب؟

كان قرارهم واضحاً بلا لبس ولا إبهام؛ تخريب لؤلؤة العرب، بالتواطؤ مع التركي و"الإسرائيلي"، وبإشراف سيدهم الأميركي.

هكذا طلع علينا يوماً "الصدر الأعظم" رجب طيب أردوغان بأنه يريد أن يصلّي في الجامع الأموي في دمشق، ليس في {المسجد الذي باركنا حوله} واولى القبلتين! لاحظوا أن البداوة العربية، عجزت حتى عن عقد اجتماع لمجلس المندوبين في جامعة أعراب الدول العربية للتنديد بالعدوان على المسجد الأقصى.

صوت بدوي واحد لم يخرج استنكاراً لعمل المافيات التركية المتغلغلة في عصب حكم "العدالة والتنمية"، بتفكيك مصانع حلب، وسبيها إلى تركيا، من أجل ضرب الصناعة السورية والاقتصاد السوري.

وإلى كل ذلك، كان التركي يعدّ دباباته ومجنزراته لغزو اللاذقية، لمدّ شاطئه البحري المتوسطي، وغزو ثرواته الطبيعية، وسط تصفيق وتواطؤ خليجي.

الأعراب الذين أنتجوا الموجات التكفيرية لم يروا إلا إيران وحزب الله يتدخلان في سورية، ويدعمان الدولة الوطنية السورية.

فهل إيران هي من سرق المصانع الحلبية، ودمر الآثارات وشواهد التاريخ، أم هم جحافل التكفيريين والأتراك؟

في مملكة آل سعود، بدأ الحديث واسعاً عن ضرورة وقف تسويق الكراهية، لكن من أين كل هذا الوباء التكفيري، أليس من صنع أيديهم ورؤوسهم التي ما يزال "علماؤها" جامدين عند ما قبل التاريخ، حيث عقيدتهم بأن الأرض ثابتة لا تدور؟

هل يعي الأعراب أن الموجات التكفيرية التي أطلقوها من ليبيا، إلى سورية إلى العراق، إلى مصر، وقبل إلى أفغانستان والباكستان ونيجيريا، بتغطية ودعم كاملين من الأميركي، حضوراً وتدريباً استخباراتياً وميدانياً، هدفها مزيد من التفكيك والسلب ونهب خيرات شعوبنا؟

هل يدرك أصحاب البداوة أن إطلاق "داعش" كان بقرار وإرادة أميركية وغربية اعترفت بها هيلاري كلينتون، لأن واشنطن تريد أولاً وأخيراً نفط العراق ويورانيوم بلاد الرافدين، امتداداً حتى البادية السورية، دون أن ننسى استخدامها الموفّق لرقاص الساعة مسعود البرازاني، الصالح للاستخدام في كل آن وكل وقت، ولو حتى على حساب بني جنسه الكرد، الذين عانوا ويعانون من حليفه التركي الويلات؟

ماذا فعل ويفعل الأعراب؟ ربما يبقى ضرورياً التذكير أنهم ينفّذون إرادة المؤسسة اليهودية ذات الأهداف التلمودية، التي يبقى مشروعها إزالة سورية من الوجود، لأنه بإزالتها ستمرّ الإزالة على كل المضارب العربية، ولأن الحقيقة تؤكد أنه دون حل في سورية لا حل في أي مكان آخر.

في الواقع الراهن قد تكون الخشية من أن يخرج البخار من بعض الرؤوس العربية الحامية، التي تراهن على العامين الأخيرين من ولاية باراك أوباما، الذي خسر أغلبيته في مجلس الشيوخ بعد الكونغرس، فتحوّل - حسب التعبير الأميركي - إلى "بطة عرجاء" بعد سيطرة "الجمهوريين"، خصوصاً أن محلليلهم ومستشاريهم بدأوا ينظّرون لهم أن الإدارة الأميركية الحالية ستعد خطط وسياسيات في العالم والمنطقة، لوضعها بيد الرئيس الأميركي المقبل بعد سنتين، حيث سيكون قراره بتوسيع رقعة الحرب والغزوات وتصعيد التدخلات، خصوصاً إذا كان هذا الرئيس من طينة "المحافظين الجدد".

بيد أنه لا بد من الإشارة إلى أن قوى المقاومة والممانعة في المنطقة التي استطاعت على مدى السنوات الماضية أن تواجه وتقاتل وتُسقط حلقات المؤامرة الصعبة، أن تنتبه جيداً، لأن الامبراطورية الأميركية المأزومة والمهزومة ما تزال تعدّ سكاكينها مع أتباعها، وإذا ما كانت واشنطن قد اضطرت للرضوخ وبدأت الحديث عن تسويات من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط مروراً بالملف النووي، فقد تعوّدنا من التجارب على الغدر، وبالتالي لا بد أيضاً من الاستعداد للأسواء، والبقاء على اليقظة والتنبه والحذر في التعامل مع السياسات الأميركية، وعدم رفع القبضة عن أتباعها، سواء كانوا عصابات تكفيرية أم دولاً داعمة.. لاحظوا ما جرى منذ أسبوع، حيث اغتيل خمسة علماء نويين سوريين، ما يؤكد عمق التحالف التكفيري مع الموساد.

  • فريق ماسة
  • 2014-11-12
  • 11382
  • من الأرشيف

لا حلّ للأزمات الراهنة دون انتصار سورية

"صناديق مال الحكام العرب يمكن أن تشتري حتى الخيال"، قالها يوماً إدوارد سعيد، لكن إلى أين يذهب مال الخيال هذا، والذي لا يجني الأعراب منه إلى ثلثه فقط؟ ذلك لأن هذا المال تقسمه واشنطن والغرب لهم على ثلاثة أثلاث: الثلث الأول لشراء التكنولوجيا: حيث يُصرف على شراء الثلاجات والغسالات وأجهزة الكومبيوتر، والتلفاز والهاتف، والسيارات، والطيارات الخاصة وهلّم جرا.. والثلث الثاني: يجمَّد ويبقى أرصدة في المصارف الأميركية والغربية. أما الثلث الثالث: فهو الذي يُدفع للأعراب، ومنه تكون مخصصات الأسر الحاكمة؛ من المولود حديثاً إلى الذي يشارف على دخول المقبرة، وميزانيات إماراتهم ومصاريف عسكرهم والموظفين.. ولذا، فإن ثروة الخيال العربي تتحول إلى نقمة بدلاً من أن تكون نعمة، لأنها بناء على أوامر الأسياد تسخر من أجل تحطيم كل القيم والرسالات.. والتاريخ.. وحتى مظاهر المدنية. ربما ضروري هنا التذكير بأن موسى بن نصير؛ فاتح الأندلس، انتهى متسوّلاً في شوارع دمشق. هل تلاحظون كل تلك العداوة البدوية للمقاومة في لبنان، لأنها حققت نصراً لم يتحقق في التاريخ منذ سقوط غرناطة عام 1492م؟ هل لاحظتم كل تلك العداوة البدوية لأهم حاضرة في التاريخ العربي والإسلامي، وعنينا بها سورية، لأنها رفضت كل أشكال الاعتراف بالعدو "الإسرائيلي"، ووفّرت كل وسائل الدعم للمقاومة اللبنانية والفلسطينية، فاستحقت العداء والتآمر؟ ماذا فعل الأعراب؟ كان قرارهم واضحاً بلا لبس ولا إبهام؛ تخريب لؤلؤة العرب، بالتواطؤ مع التركي و"الإسرائيلي"، وبإشراف سيدهم الأميركي. هكذا طلع علينا يوماً "الصدر الأعظم" رجب طيب أردوغان بأنه يريد أن يصلّي في الجامع الأموي في دمشق، ليس في {المسجد الذي باركنا حوله} واولى القبلتين! لاحظوا أن البداوة العربية، عجزت حتى عن عقد اجتماع لمجلس المندوبين في جامعة أعراب الدول العربية للتنديد بالعدوان على المسجد الأقصى. صوت بدوي واحد لم يخرج استنكاراً لعمل المافيات التركية المتغلغلة في عصب حكم "العدالة والتنمية"، بتفكيك مصانع حلب، وسبيها إلى تركيا، من أجل ضرب الصناعة السورية والاقتصاد السوري. وإلى كل ذلك، كان التركي يعدّ دباباته ومجنزراته لغزو اللاذقية، لمدّ شاطئه البحري المتوسطي، وغزو ثرواته الطبيعية، وسط تصفيق وتواطؤ خليجي. الأعراب الذين أنتجوا الموجات التكفيرية لم يروا إلا إيران وحزب الله يتدخلان في سورية، ويدعمان الدولة الوطنية السورية. فهل إيران هي من سرق المصانع الحلبية، ودمر الآثارات وشواهد التاريخ، أم هم جحافل التكفيريين والأتراك؟ في مملكة آل سعود، بدأ الحديث واسعاً عن ضرورة وقف تسويق الكراهية، لكن من أين كل هذا الوباء التكفيري، أليس من صنع أيديهم ورؤوسهم التي ما يزال "علماؤها" جامدين عند ما قبل التاريخ، حيث عقيدتهم بأن الأرض ثابتة لا تدور؟ هل يعي الأعراب أن الموجات التكفيرية التي أطلقوها من ليبيا، إلى سورية إلى العراق، إلى مصر، وقبل إلى أفغانستان والباكستان ونيجيريا، بتغطية ودعم كاملين من الأميركي، حضوراً وتدريباً استخباراتياً وميدانياً، هدفها مزيد من التفكيك والسلب ونهب خيرات شعوبنا؟ هل يدرك أصحاب البداوة أن إطلاق "داعش" كان بقرار وإرادة أميركية وغربية اعترفت بها هيلاري كلينتون، لأن واشنطن تريد أولاً وأخيراً نفط العراق ويورانيوم بلاد الرافدين، امتداداً حتى البادية السورية، دون أن ننسى استخدامها الموفّق لرقاص الساعة مسعود البرازاني، الصالح للاستخدام في كل آن وكل وقت، ولو حتى على حساب بني جنسه الكرد، الذين عانوا ويعانون من حليفه التركي الويلات؟ ماذا فعل ويفعل الأعراب؟ ربما يبقى ضرورياً التذكير أنهم ينفّذون إرادة المؤسسة اليهودية ذات الأهداف التلمودية، التي يبقى مشروعها إزالة سورية من الوجود، لأنه بإزالتها ستمرّ الإزالة على كل المضارب العربية، ولأن الحقيقة تؤكد أنه دون حل في سورية لا حل في أي مكان آخر. في الواقع الراهن قد تكون الخشية من أن يخرج البخار من بعض الرؤوس العربية الحامية، التي تراهن على العامين الأخيرين من ولاية باراك أوباما، الذي خسر أغلبيته في مجلس الشيوخ بعد الكونغرس، فتحوّل - حسب التعبير الأميركي - إلى "بطة عرجاء" بعد سيطرة "الجمهوريين"، خصوصاً أن محلليلهم ومستشاريهم بدأوا ينظّرون لهم أن الإدارة الأميركية الحالية ستعد خطط وسياسيات في العالم والمنطقة، لوضعها بيد الرئيس الأميركي المقبل بعد سنتين، حيث سيكون قراره بتوسيع رقعة الحرب والغزوات وتصعيد التدخلات، خصوصاً إذا كان هذا الرئيس من طينة "المحافظين الجدد". بيد أنه لا بد من الإشارة إلى أن قوى المقاومة والممانعة في المنطقة التي استطاعت على مدى السنوات الماضية أن تواجه وتقاتل وتُسقط حلقات المؤامرة الصعبة، أن تنتبه جيداً، لأن الامبراطورية الأميركية المأزومة والمهزومة ما تزال تعدّ سكاكينها مع أتباعها، وإذا ما كانت واشنطن قد اضطرت للرضوخ وبدأت الحديث عن تسويات من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط مروراً بالملف النووي، فقد تعوّدنا من التجارب على الغدر، وبالتالي لا بد أيضاً من الاستعداد للأسواء، والبقاء على اليقظة والتنبه والحذر في التعامل مع السياسات الأميركية، وعدم رفع القبضة عن أتباعها، سواء كانوا عصابات تكفيرية أم دولاً داعمة.. لاحظوا ما جرى منذ أسبوع، حيث اغتيل خمسة علماء نويين سوريين، ما يؤكد عمق التحالف التكفيري مع الموساد.

المصدر : أحمد زين الدين- الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة