إذا ما رضخ المراقبون لفرضية أن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" - "داعش" على "علاقة تنسيق وارتباط بالمخابرات التركية" كما هو رائج بقوة،

 فإن الاستنتاج بأن قدرة التنظيم على تسيير طلعات جوية حربية، يعني أن أساسا جديدا ربما وضع لإنشاء "منطقة عازلة" ترغب بها تركيا على حدودها السورية.

 وفي هذا الإطار، يراه السوريون التطور الأخطر الآن، بالرغم من ميل غير مخفي، لاعتبار أن الأمر ينطوي على بعض المبالغة. ووفقا للمعلومات الضئيلة عن الوضع الراهن في تلك المنطقة من البلاد، فقد ترك الجيش السوري حين فقد مطار الجراح العسكري قرب حلب، ثلاث طائرات "ميغ 21"، اثنتان منها كانتا في وضع "مقاتل".

وخسرت القوات السورية مطار الجراح، أو الملقب بـ"كشيش" في شباط العام 2013، حين شنت "أحرار الشام" و"لواء الإسلام"، هجوما بعد حصار على المطار، وذلك في فترة اندفاعها في منطقة الشمال السوري، لكن "داعش" سرعان ما سيطر على المطار، بما فيه من غنائم، حيث مضى على سيطرته عليه أشهرا عدة. ويشير "المرصد المعارض "، في بيان، إلى أن "داعش" تدرب على تحليق طائرة أو أكثر في أجواء المنطقة المحيطة، وعلى ارتفاعات منخفضة، بإشراف طيارين عراقيين منشقين.

وأعلن الجيش الأميركي انه لا علم له بأي طلعات جوية للتنظيم "في سوريا أو غيرها". وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية باتريك رايدر: "لا علم لنا بأي طلعات جوية لتنظيم داعش في سوريا أو غيرها". وأضاف: "نحن مستمرون في مراقبة نشاط  داعش عن كثب في سوريا والعراق، وسنواصل توجيه ضربات تستهدف معداته ومنشآته ومقاتليه ومراكز تواجده أينما كانت".

ويمتلك الجيشان السوري والعراقي، منذ سبعينيات القرن الماضي، طائرات "ميغ 21" تعود بداية تصنيعها إلى العام 1959. وتحتاج "الميغ"، كما غيرها من الطائرات الحربية، إلى بنية تحتية لتشغيلها بغرض القتال، أبدى مختصون لـ"السفير" شكوكهم بتواجدها مع التنظيم.

ولا تقتصر هذه البنية التحتية على الطائرات وحدها، إنما تتعداها إلى الفنيين المختصين في جوانب عمل الطائرة وإعدادها للإقلاع والهبوط، والتدريب على أنظمة الملاحة، لا سيما للطيارين الملاحين المرافقين، ناهيك عن التنسيق مع غرفة عمليات خاصة تشرف على رادارات البلاد، وفي حالة الطيران المعادي تحرك الدفاعات الجوية ضدها.

ويوضح فنيون أن تَمَكُّنَ طياري "داعش" من التحليق بطيران حربي يعني أن عليهم الطيران في حالة "صمت لاسلكي" في ظل الأجواء المعادية التي تحيط بالتنظيم من كل صوب، كما أن عليهم اللجوء إلى "الابتكار" للوصول إلى الهدف، عبر خرائط ملاحة "غوغل"، ومن دون وجود من يصوب لهم من مقر القيادة الأرضية، وهي عملية تحتاج إلى طيارين متمرسين لا متدربين، ويجب أن تجري في طائرات في وضع أفضل من وضع الـ"ميغ 21" التي مضى على صنعها 50 عاما، وتعاني من عيوب جوهرية.

يضاف إلى هذا كله صعوبة الحصول على الوقود الذي يتم تخزينه في خزانات خاصة، إلا إذا جاء هذا الوقود من العراق أيضا، وإلى جانبه الذخائر. وكانت مجموعات مسلحة استولت على كمية مجهولة من الذخيرة، كما يمكن توفيرها من العراق، لكنها تحتاج بدورها إلى فنيي تحميل وتذخير واختبار، الأمر الذي يترك احتمال أن تستعمل هذه الطائرات بعمليات "انتحارية جنونية".

لكن غير بعيد عن التحليل التقني والفني، فإن العامل السياسي موجود. ويعتبر امتلاك التنظيم لـ"سلاح جو" مبررا لاستهدافه من قبل التحالف الدولي من جهة، ومن قبل الجيش السوري من جهة أخرى. كما أن ازدياد ازدحام الأجواء المحتمل في سوريا سيعني عودة الحديث مجددا عن تغيير أسس قواعد الاشتباك في الشمال، إما باتجاه تنسيق مباشر للتحالف الدولي مع الجيش السوري، أو عبر مواجهته. ويبقى الاحتمال الأول هو الأكثر ترجيحا، وإن كان يمكن أن يعني تشققا جديدا في تحالف خصوم سوريا القائم على رفض "تعويم النظام أو التنسيق معه".

هذا في أحسن الأحوال. أما الأسوأ فهو بالدرجة الأولى تلويح الأتراك بإقامة منطقة عازلة يمهد لها بمنطقة حظر طيران. قلق دمشق الرئيسي يكمن في هذه النقطة، التي يرى البعض أن الأتراك ربما اختاروا أن يضعوا "داعش" في هذا الموقع، لحشد تأييد للفكرة مجددا، بعد أن بدأت احتمالاتها تتراجع.

  • فريق ماسة
  • 2014-10-17
  • 11964
  • من الأرشيف

تشكيك سوري وأميركي بقدرة "داعش" على استخدام الطيران

إذا ما رضخ المراقبون لفرضية أن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" - "داعش" على "علاقة تنسيق وارتباط بالمخابرات التركية" كما هو رائج بقوة،  فإن الاستنتاج بأن قدرة التنظيم على تسيير طلعات جوية حربية، يعني أن أساسا جديدا ربما وضع لإنشاء "منطقة عازلة" ترغب بها تركيا على حدودها السورية.  وفي هذا الإطار، يراه السوريون التطور الأخطر الآن، بالرغم من ميل غير مخفي، لاعتبار أن الأمر ينطوي على بعض المبالغة. ووفقا للمعلومات الضئيلة عن الوضع الراهن في تلك المنطقة من البلاد، فقد ترك الجيش السوري حين فقد مطار الجراح العسكري قرب حلب، ثلاث طائرات "ميغ 21"، اثنتان منها كانتا في وضع "مقاتل". وخسرت القوات السورية مطار الجراح، أو الملقب بـ"كشيش" في شباط العام 2013، حين شنت "أحرار الشام" و"لواء الإسلام"، هجوما بعد حصار على المطار، وذلك في فترة اندفاعها في منطقة الشمال السوري، لكن "داعش" سرعان ما سيطر على المطار، بما فيه من غنائم، حيث مضى على سيطرته عليه أشهرا عدة. ويشير "المرصد المعارض "، في بيان، إلى أن "داعش" تدرب على تحليق طائرة أو أكثر في أجواء المنطقة المحيطة، وعلى ارتفاعات منخفضة، بإشراف طيارين عراقيين منشقين. وأعلن الجيش الأميركي انه لا علم له بأي طلعات جوية للتنظيم "في سوريا أو غيرها". وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية باتريك رايدر: "لا علم لنا بأي طلعات جوية لتنظيم داعش في سوريا أو غيرها". وأضاف: "نحن مستمرون في مراقبة نشاط  داعش عن كثب في سوريا والعراق، وسنواصل توجيه ضربات تستهدف معداته ومنشآته ومقاتليه ومراكز تواجده أينما كانت". ويمتلك الجيشان السوري والعراقي، منذ سبعينيات القرن الماضي، طائرات "ميغ 21" تعود بداية تصنيعها إلى العام 1959. وتحتاج "الميغ"، كما غيرها من الطائرات الحربية، إلى بنية تحتية لتشغيلها بغرض القتال، أبدى مختصون لـ"السفير" شكوكهم بتواجدها مع التنظيم. ولا تقتصر هذه البنية التحتية على الطائرات وحدها، إنما تتعداها إلى الفنيين المختصين في جوانب عمل الطائرة وإعدادها للإقلاع والهبوط، والتدريب على أنظمة الملاحة، لا سيما للطيارين الملاحين المرافقين، ناهيك عن التنسيق مع غرفة عمليات خاصة تشرف على رادارات البلاد، وفي حالة الطيران المعادي تحرك الدفاعات الجوية ضدها. ويوضح فنيون أن تَمَكُّنَ طياري "داعش" من التحليق بطيران حربي يعني أن عليهم الطيران في حالة "صمت لاسلكي" في ظل الأجواء المعادية التي تحيط بالتنظيم من كل صوب، كما أن عليهم اللجوء إلى "الابتكار" للوصول إلى الهدف، عبر خرائط ملاحة "غوغل"، ومن دون وجود من يصوب لهم من مقر القيادة الأرضية، وهي عملية تحتاج إلى طيارين متمرسين لا متدربين، ويجب أن تجري في طائرات في وضع أفضل من وضع الـ"ميغ 21" التي مضى على صنعها 50 عاما، وتعاني من عيوب جوهرية. يضاف إلى هذا كله صعوبة الحصول على الوقود الذي يتم تخزينه في خزانات خاصة، إلا إذا جاء هذا الوقود من العراق أيضا، وإلى جانبه الذخائر. وكانت مجموعات مسلحة استولت على كمية مجهولة من الذخيرة، كما يمكن توفيرها من العراق، لكنها تحتاج بدورها إلى فنيي تحميل وتذخير واختبار، الأمر الذي يترك احتمال أن تستعمل هذه الطائرات بعمليات "انتحارية جنونية". لكن غير بعيد عن التحليل التقني والفني، فإن العامل السياسي موجود. ويعتبر امتلاك التنظيم لـ"سلاح جو" مبررا لاستهدافه من قبل التحالف الدولي من جهة، ومن قبل الجيش السوري من جهة أخرى. كما أن ازدياد ازدحام الأجواء المحتمل في سوريا سيعني عودة الحديث مجددا عن تغيير أسس قواعد الاشتباك في الشمال، إما باتجاه تنسيق مباشر للتحالف الدولي مع الجيش السوري، أو عبر مواجهته. ويبقى الاحتمال الأول هو الأكثر ترجيحا، وإن كان يمكن أن يعني تشققا جديدا في تحالف خصوم سوريا القائم على رفض "تعويم النظام أو التنسيق معه". هذا في أحسن الأحوال. أما الأسوأ فهو بالدرجة الأولى تلويح الأتراك بإقامة منطقة عازلة يمهد لها بمنطقة حظر طيران. قلق دمشق الرئيسي يكمن في هذه النقطة، التي يرى البعض أن الأتراك ربما اختاروا أن يضعوا "داعش" في هذا الموقع، لحشد تأييد للفكرة مجددا، بعد أن بدأت احتمالاتها تتراجع.

المصدر : الماسة السورية/ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة