أعلنت مستشارة الأمن القومي الأميركي في أعقاب زيارة قام بها المنسق الأميركي للتحالف الدولي ضدّ «داعش» إلى تركيا موافقة أنقرة على الدخول في التحالف الدولي، والسماح لهذا التحالف باستخدام القواعد الجوية التركية لشنّ الغارات على مواقع «داعش» في سورية والعراق.

ولكن بعد ساعات قليلة على إدلاء مستشارة الأمن القومي بهذه الإفادة، خرجت توضيحات من أنقرة على لسان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة تنفي دخول تركيا إلى التحالف أو السماح باستخدام قواعدها الجوية في الحرب ضدّ «داعش».

طرحت هذه المواقف المتناقضة بين واشنطن وأنقرة أسئلة حول حقيقة ما تمّ التوصل إليه، وهل فعلاً وافقت تركيا على استخدام قواعدها الجوية ضدّ «داعش» أم لم توافق؟ ومن صاحب الرواية الصحيحة حول هذا المسألة، أنقرة أم واشنطن؟

بات معروفاً أنّ أنقرة قد وضعت شروطاً للدخول إلى التحالف الدولي، ومن بين هذه الشروط موافقة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سورية على إنهاء الحكم الذاتي في المناطق السورية ذات الغالبية الكردية، وقطع علاقاته مع الدولة السورية بما في ذلك التعاون القائم في محافظة الحسكة، والانضمام إلى الائتلاف السوري، وإقامة الولايات المتحدة وحلفائها لمنطقة حظر جوي على الحدود السورية التركية في سياق إقامة منطقة آمنة يتمّ فيها حشر النازحين السوريين الهاربين من نيران الحرب المشتعلة في المناطق القريبة من الحدود التركية.

من الواضح أنّ جلّ ما قبلت به واشنطن من مطالب الحكومة التركية ليس له صلة بهذه المطالب، إذ لم يعلن لا من قبل الحكومة التركية ولا من قبل الإدارة الأميركية التوصل إلى اتفاق بشأن أيّ من هذه المطالب، ما أعلن عنه في أنقرة وواشنطن أنه تمّ الاتفاق على دعم تركيا لبرنامج تدريب «المعارضة السورية» للوقوف ضدّ داعش وضدّ نظام الرئيس بشار الأسد.

لكن أنقرة تدعم برنامج تدريب المعارضة بكلّ فصائلها «المعتدلة والتكفيرية» منذ فترة طويلة، بل أكثر من ذلك إنّ جميع الإرهابيين الذين تدفقوا من كلّ أنحاء العالم إلى سورية والعراق جاؤوا عبر الحدود التركية، وتستضيف تركيا منذ اندلاع الأزمة في سورية غرف عمليات للجماعات المسلحة بإشراف وكلاء مخابرات الحكومات الغربية وحكومات المنطقة المنخرطة في الحرب على سورية، وبالتالي فإنّ الإعلان عن الاتفاق بين أنقرة وواشنطن على دعم أنقرة لبرنامج تدريب المعارضة السورية، يشبه إعلان مماثل عن استضافة السعودية لمعسكرات تدريب هذه المعارضة، أي أنّ جائزة الترضية لهاتين الدولتين اللتين سعتا بكلّ جهدهما إلى توريط الولايات المتحدة بحرب جديدة رفضت الانزلاق إليها لحسابات تتصل بالمصلحة القومية الأميركية في ضوء فشل مغامراتها العسكرية في أفغانستان والعراق في العقدين الماضيين.

نشر هذه المعلومات حول الاتفاق بين واشنطن وأنقرة حول دعم برنامج تدريب وتسليح المعارضة السورية يرجّح خيار قبول تركيا الدخول إلى التحالف الدولي ضدّ «داعش» ضمن الشروط الأميركية وليس الشروط التركية.

  • فريق ماسة
  • 2014-10-15
  • 12322
  • من الأرشيف

هل أصبحت تركيا عضواً في التحالف العربي ـ الدولي ضدّ «داعش»؟

أعلنت مستشارة الأمن القومي الأميركي في أعقاب زيارة قام بها المنسق الأميركي للتحالف الدولي ضدّ «داعش» إلى تركيا موافقة أنقرة على الدخول في التحالف الدولي، والسماح لهذا التحالف باستخدام القواعد الجوية التركية لشنّ الغارات على مواقع «داعش» في سورية والعراق. ولكن بعد ساعات قليلة على إدلاء مستشارة الأمن القومي بهذه الإفادة، خرجت توضيحات من أنقرة على لسان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة تنفي دخول تركيا إلى التحالف أو السماح باستخدام قواعدها الجوية في الحرب ضدّ «داعش». طرحت هذه المواقف المتناقضة بين واشنطن وأنقرة أسئلة حول حقيقة ما تمّ التوصل إليه، وهل فعلاً وافقت تركيا على استخدام قواعدها الجوية ضدّ «داعش» أم لم توافق؟ ومن صاحب الرواية الصحيحة حول هذا المسألة، أنقرة أم واشنطن؟ بات معروفاً أنّ أنقرة قد وضعت شروطاً للدخول إلى التحالف الدولي، ومن بين هذه الشروط موافقة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سورية على إنهاء الحكم الذاتي في المناطق السورية ذات الغالبية الكردية، وقطع علاقاته مع الدولة السورية بما في ذلك التعاون القائم في محافظة الحسكة، والانضمام إلى الائتلاف السوري، وإقامة الولايات المتحدة وحلفائها لمنطقة حظر جوي على الحدود السورية التركية في سياق إقامة منطقة آمنة يتمّ فيها حشر النازحين السوريين الهاربين من نيران الحرب المشتعلة في المناطق القريبة من الحدود التركية. من الواضح أنّ جلّ ما قبلت به واشنطن من مطالب الحكومة التركية ليس له صلة بهذه المطالب، إذ لم يعلن لا من قبل الحكومة التركية ولا من قبل الإدارة الأميركية التوصل إلى اتفاق بشأن أيّ من هذه المطالب، ما أعلن عنه في أنقرة وواشنطن أنه تمّ الاتفاق على دعم تركيا لبرنامج تدريب «المعارضة السورية» للوقوف ضدّ داعش وضدّ نظام الرئيس بشار الأسد. لكن أنقرة تدعم برنامج تدريب المعارضة بكلّ فصائلها «المعتدلة والتكفيرية» منذ فترة طويلة، بل أكثر من ذلك إنّ جميع الإرهابيين الذين تدفقوا من كلّ أنحاء العالم إلى سورية والعراق جاؤوا عبر الحدود التركية، وتستضيف تركيا منذ اندلاع الأزمة في سورية غرف عمليات للجماعات المسلحة بإشراف وكلاء مخابرات الحكومات الغربية وحكومات المنطقة المنخرطة في الحرب على سورية، وبالتالي فإنّ الإعلان عن الاتفاق بين أنقرة وواشنطن على دعم أنقرة لبرنامج تدريب المعارضة السورية، يشبه إعلان مماثل عن استضافة السعودية لمعسكرات تدريب هذه المعارضة، أي أنّ جائزة الترضية لهاتين الدولتين اللتين سعتا بكلّ جهدهما إلى توريط الولايات المتحدة بحرب جديدة رفضت الانزلاق إليها لحسابات تتصل بالمصلحة القومية الأميركية في ضوء فشل مغامراتها العسكرية في أفغانستان والعراق في العقدين الماضيين. نشر هذه المعلومات حول الاتفاق بين واشنطن وأنقرة حول دعم برنامج تدريب وتسليح المعارضة السورية يرجّح خيار قبول تركيا الدخول إلى التحالف الدولي ضدّ «داعش» ضمن الشروط الأميركية وليس الشروط التركية.

المصدر : البناء /حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة