تطوّر بالغ الأهمية حصَل في حلب بتوقيته وأهميته، وهو سيطرة الجيش العربي السوري على حندرات في حين أنّ وحداته تكمل طريقها الى مخيم حندرات.

فمنذ فترة بدأ البعض يشكو من الرتابة التي تسود جبهة حلب وعدم قيام الجيش السوري بأيّة عمليات عسكرية.

العملية التي قام بها الجيش السوري أخيراً بالتقدّم الى حندرات وهدفها الأساسي هو قطع طريق الجماعات المسلّحة من والى داخل الأحياء الشرقية في مدينة حلب، كان يمكن للجيش أن ينفذها قبل هذا الوقت، فماذا حصل ليتّم تنفيذ العملية هذه الأيام؟؟

من المعلوم أنّ نتائج العمليات العسكرية في ريف حماه قلبت خارطة السيطرة العسكرية رأساً على عقب، فمن تهديدٍ مباشر لمطار حماه العسكري الى تحرير الجيش لأغلب الريف الذي كانت تسيطر عليه الجماعات المسلّحة، وصولاً الى تحقيق السيطرة التي ستمكّن وحدات الجيش السوري من تحرير مورك وكفرزيتا وما بعدهما شمالاً.

وأصبح من المؤكد أنّ عمليات الجيش السوري في ريف اللاذقية الشمالي ليست عمليات موضعية اقتصرت على تحرير قريتي عين الجوزة ورويسة الجاعورة، بل تعدّتها ليسيطر الجيش على مرتفعات دورين وهي تلّة تشرف على أهّم معقلين للجماعات المسلّحة في جبل الأكراد وهما دورين وسلمى.

عمليات الجيش في هذه المنطقة ستكون صعبة ومعقّدة نظراً لوعورة المنطقة وعدم وجود مساحات واسعة تسمح للجيش بالمناورة، ممّا سيرتّب عليه العمل بأسلوب القصف المركّز والعمليات الخاصّة، آخذاً بعين الإعتبار عدم السماح للجماعات المسلّحة أن تعيد انتشارها بإتجاه كسب وجوارها، وهو أمرٌ تسعى الجماعات المسلّحة لتحقيقه إلّا أنّه غير واقعي ليقظة الجيش السوري وأخذه هذا العامل بعين الإعتبار.

بالإضافة الى تلّة دورين فالجيش السوري سيطر أيضاً على تلال كتف الغنة والغدر، ويبدو واضحاً أنّ وجهته هي قمة جبل النبي يونس المشرفة على منطقة الغاب وعلى كل منطقة جبل الأكراد.

وفي قراءة لما تقوم وحدات الجيش السوري بتنفيذه من عمليات عسكرية من حندرات في حلب الى ريف اللاذقية الشمالي وريف حماه، صار واضحاً أنّ الجيش السوري يعمل على حسم المعارك في هذه المناطق استعداداً لخوض معركته الكبرى القادمة في الشمال والجنوب، حيث سيشكّل حسم المعركة في هذه المناطق إمكانية استغناء الجيش عن أعداد كبيرة من وحداته في المناطق المحرّرة ووضعها في مواجهة الإحتمالات الخطرة القادمة ضمن ما صار يُعرف بالمناطق العازلة في الشمال عند الحدود مع تركيا وفي الجنوب عند الحدود مع فلسطين المحتلة.

 

إنّ تطويق أحياء حلب الشرقية في هذا التوقيت يعني منع مسلحي الجماعات من الدخول والخروج اليها، ما يعني حرمانهم من أي دعم خارجي، وكذلك منعهم من تقديم الدعم لجبهات أخرى خارج حلب الشرقية، وفي هذه الجبهة تحديداً لا يبدو ضرورياً في الوقت الحالي فتح معركة لتحرير الأحياء الشرقية لحلب بقدر ما هو مهم أن يتم وضع هذه الجماعات تحت الضغط الناتج عن الحصار الكامل، وهو إجراء قد يؤدي الى تسريع التسوية وإجراء المصالحات وتسليم المسلحين أنفسهم وأسلحتهم للجيش السوري.

وليس مستبعداً أن تبدأ مع تحرير مورك وكفرزيتا واللطامنة وهي المواقع الأخيرة للجماعات المسلحة في ريف حماه معركة استكمال الإندفاع في الريف الجنوبي لحلب عبر خان طومان والزربة وما بعد الزربة جنوباً، لتلتقي هذه القوات مع القوات المندفعة شمالاً من مورك بعد تحريرها بإتجاه خان شيخون ومعرّة النعمان، ومن هنا نفهم الإستنفار الذي قامت به الجماعات المسلّحة في ريف إدلب وتشكيل فصيل مسلّح جديد تحت إسم عشائر أهل السنّة، وإعلان هذه الجماعات عداءها للجيش السوري والجماعات الأخرى معاً وهو أمر غير مفهوم حتى الآن.

فالعمليات العسكرية في نطاق جغرافي واسع هي وحدة متكاملة في التخطيط والتنفيذ، وإذا راقبنا الفترة السابقة من الحرب نرى أنّ عنوان العمليات العسكرية للجماعات المسلّحة كان تقطيع أوصال وحدات الجيش وعزل المناطق عن بعضها ما عُرف حينها بمعارك السيطرة على الحواجز والطرقات، وها هو الجيش السوري يعيد العمليات نفسها بشكلٍ معكوس معتمداً نمط إحكام السيطرة على المرتفعات الحاكمة ونقاط الإرتكاز الهامة كعقد المواصلات الأساسية والمواقع الحيوية.

في حلب سنشهد بعد انقضاء أيام عيد الأضحى بالتأكيد نمطاً آخر من العمليات العسكرية، قد يعمد خلاله مسلحو الأحياء الشرقية الى المبادرة بهجمات باتجاه الأحياء الغربية تزامنًا مع تكثيف القصف على هذه الأحياء لشلّ الحركة وإحداث أكبر نسبة من الضغط النفسي على سكان الأحياء الغربية، وهذا ما يستدعي الكثير من الحذر للمرحلة القادمة.

وبالعودة الى ريف اللاذقية الشمالي فإنّ الجيش السوري يدرك أنّ قدوم الشتاء سيحدّ من عملياته في القمم العالية والتضاريس المعقّدة لسلسلة جبال اللاذقية ما سيجعل من تسريع العمليات هدفاً رئيسياً له في الفترة القادمة.

حتى اللحظة لا نعرف إن كان الجيش السوري سيحرّك عملياته في جبل الزاوية، وهي منطقة ترتبط المعارك فيها بمعركة ريف إدلب إضافةً الى إرتباطها بمعركة تحرير معرَة النعمان، أو أنّ الجيش السوري سيتجاوز الدخول في معركة هناك والعمل على عزلها في المراحل الأولى.

في كل الأحوال نحن أمام مرحلة مختلفة وبالتأكيد إنّ السيطرة على حندرات تثبت أنّ العقيد سهيل الحسن الذي يحرّر ريف حماه ترك بصماته في حلب وهو عائدٌ اليها لكن من طريق آخر هذه المرّة.

  • فريق ماسة
  • 2014-10-03
  • 8507
  • من الأرشيف

النمر .... يحرّر ريف حماه، وبصَماته في حلب

تطوّر بالغ الأهمية حصَل في حلب بتوقيته وأهميته، وهو سيطرة الجيش العربي السوري على حندرات في حين أنّ وحداته تكمل طريقها الى مخيم حندرات. فمنذ فترة بدأ البعض يشكو من الرتابة التي تسود جبهة حلب وعدم قيام الجيش السوري بأيّة عمليات عسكرية. العملية التي قام بها الجيش السوري أخيراً بالتقدّم الى حندرات وهدفها الأساسي هو قطع طريق الجماعات المسلّحة من والى داخل الأحياء الشرقية في مدينة حلب، كان يمكن للجيش أن ينفذها قبل هذا الوقت، فماذا حصل ليتّم تنفيذ العملية هذه الأيام؟؟ من المعلوم أنّ نتائج العمليات العسكرية في ريف حماه قلبت خارطة السيطرة العسكرية رأساً على عقب، فمن تهديدٍ مباشر لمطار حماه العسكري الى تحرير الجيش لأغلب الريف الذي كانت تسيطر عليه الجماعات المسلّحة، وصولاً الى تحقيق السيطرة التي ستمكّن وحدات الجيش السوري من تحرير مورك وكفرزيتا وما بعدهما شمالاً. وأصبح من المؤكد أنّ عمليات الجيش السوري في ريف اللاذقية الشمالي ليست عمليات موضعية اقتصرت على تحرير قريتي عين الجوزة ورويسة الجاعورة، بل تعدّتها ليسيطر الجيش على مرتفعات دورين وهي تلّة تشرف على أهّم معقلين للجماعات المسلّحة في جبل الأكراد وهما دورين وسلمى. عمليات الجيش في هذه المنطقة ستكون صعبة ومعقّدة نظراً لوعورة المنطقة وعدم وجود مساحات واسعة تسمح للجيش بالمناورة، ممّا سيرتّب عليه العمل بأسلوب القصف المركّز والعمليات الخاصّة، آخذاً بعين الإعتبار عدم السماح للجماعات المسلّحة أن تعيد انتشارها بإتجاه كسب وجوارها، وهو أمرٌ تسعى الجماعات المسلّحة لتحقيقه إلّا أنّه غير واقعي ليقظة الجيش السوري وأخذه هذا العامل بعين الإعتبار. بالإضافة الى تلّة دورين فالجيش السوري سيطر أيضاً على تلال كتف الغنة والغدر، ويبدو واضحاً أنّ وجهته هي قمة جبل النبي يونس المشرفة على منطقة الغاب وعلى كل منطقة جبل الأكراد. وفي قراءة لما تقوم وحدات الجيش السوري بتنفيذه من عمليات عسكرية من حندرات في حلب الى ريف اللاذقية الشمالي وريف حماه، صار واضحاً أنّ الجيش السوري يعمل على حسم المعارك في هذه المناطق استعداداً لخوض معركته الكبرى القادمة في الشمال والجنوب، حيث سيشكّل حسم المعركة في هذه المناطق إمكانية استغناء الجيش عن أعداد كبيرة من وحداته في المناطق المحرّرة ووضعها في مواجهة الإحتمالات الخطرة القادمة ضمن ما صار يُعرف بالمناطق العازلة في الشمال عند الحدود مع تركيا وفي الجنوب عند الحدود مع فلسطين المحتلة.   إنّ تطويق أحياء حلب الشرقية في هذا التوقيت يعني منع مسلحي الجماعات من الدخول والخروج اليها، ما يعني حرمانهم من أي دعم خارجي، وكذلك منعهم من تقديم الدعم لجبهات أخرى خارج حلب الشرقية، وفي هذه الجبهة تحديداً لا يبدو ضرورياً في الوقت الحالي فتح معركة لتحرير الأحياء الشرقية لحلب بقدر ما هو مهم أن يتم وضع هذه الجماعات تحت الضغط الناتج عن الحصار الكامل، وهو إجراء قد يؤدي الى تسريع التسوية وإجراء المصالحات وتسليم المسلحين أنفسهم وأسلحتهم للجيش السوري. وليس مستبعداً أن تبدأ مع تحرير مورك وكفرزيتا واللطامنة وهي المواقع الأخيرة للجماعات المسلحة في ريف حماه معركة استكمال الإندفاع في الريف الجنوبي لحلب عبر خان طومان والزربة وما بعد الزربة جنوباً، لتلتقي هذه القوات مع القوات المندفعة شمالاً من مورك بعد تحريرها بإتجاه خان شيخون ومعرّة النعمان، ومن هنا نفهم الإستنفار الذي قامت به الجماعات المسلّحة في ريف إدلب وتشكيل فصيل مسلّح جديد تحت إسم عشائر أهل السنّة، وإعلان هذه الجماعات عداءها للجيش السوري والجماعات الأخرى معاً وهو أمر غير مفهوم حتى الآن. فالعمليات العسكرية في نطاق جغرافي واسع هي وحدة متكاملة في التخطيط والتنفيذ، وإذا راقبنا الفترة السابقة من الحرب نرى أنّ عنوان العمليات العسكرية للجماعات المسلّحة كان تقطيع أوصال وحدات الجيش وعزل المناطق عن بعضها ما عُرف حينها بمعارك السيطرة على الحواجز والطرقات، وها هو الجيش السوري يعيد العمليات نفسها بشكلٍ معكوس معتمداً نمط إحكام السيطرة على المرتفعات الحاكمة ونقاط الإرتكاز الهامة كعقد المواصلات الأساسية والمواقع الحيوية. في حلب سنشهد بعد انقضاء أيام عيد الأضحى بالتأكيد نمطاً آخر من العمليات العسكرية، قد يعمد خلاله مسلحو الأحياء الشرقية الى المبادرة بهجمات باتجاه الأحياء الغربية تزامنًا مع تكثيف القصف على هذه الأحياء لشلّ الحركة وإحداث أكبر نسبة من الضغط النفسي على سكان الأحياء الغربية، وهذا ما يستدعي الكثير من الحذر للمرحلة القادمة. وبالعودة الى ريف اللاذقية الشمالي فإنّ الجيش السوري يدرك أنّ قدوم الشتاء سيحدّ من عملياته في القمم العالية والتضاريس المعقّدة لسلسلة جبال اللاذقية ما سيجعل من تسريع العمليات هدفاً رئيسياً له في الفترة القادمة. حتى اللحظة لا نعرف إن كان الجيش السوري سيحرّك عملياته في جبل الزاوية، وهي منطقة ترتبط المعارك فيها بمعركة ريف إدلب إضافةً الى إرتباطها بمعركة تحرير معرَة النعمان، أو أنّ الجيش السوري سيتجاوز الدخول في معركة هناك والعمل على عزلها في المراحل الأولى. في كل الأحوال نحن أمام مرحلة مختلفة وبالتأكيد إنّ السيطرة على حندرات تثبت أنّ العقيد سهيل الحسن الذي يحرّر ريف حماه ترك بصماته في حلب وهو عائدٌ اليها لكن من طريق آخر هذه المرّة.

المصدر : عمر معربوني


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة