أنا بصدق لاأعرف الموقف السياسي للكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي من الربيع العربي الجهنمي ولاأعرف موقفها من مايسمى الثورة السورية ولايهمني

... لكن ماكتبته عن الألم والوجع الانساني الذي اجتاحها بسبب مجزرة أطفال مدرسة عكرمة في حمص يجعلني لاأنظر الى موقفها السياسي الا باحترام واعجاب مهما كان .. سواء كان مع الدولة الوطنية السورية ام مع المعارضة والمسلحين الناتويين .. لأن الكاتب الحر والمثقف لديه حس مرهف ونبض انساني في عروقه وفيضان أخلاقي يرفع دوما من حسه ويجعله يرتقي نحو الذرى ويقف كما ناطحات السحاب بين كتاب ومثقفين صغار تشبه قاماتهم أكواخ القش والطين المتهالكة القزمة التي تجرفها تيارات الأنهار الكبرى وتنتهي مع كل فيضان ..

مثقفو الطين والمستنقعات وحقول النفط لايشمون رائحة الدم الطفولي ولاتوقظهم الآهات البريئة لأن الأكواخ الطينية القزمة لاترى ماتراه ناطحات السحاب ولاتتعطر مثلها بالهواء العليل ولا تتغازل مع الرياح .. بل تكون التماسيح جيرانها والخراتيت والأفاعي .. ومن التماسيح تتعلم أخلاق الغابات ورقّة الجلد.. ومن الوحوش تتعلم فلسفة الحياة .. وفي الليل تتعلم نقيق الضفادع ومنادمة الجرذان والقوارض

أما ناطحات السحاب فانها تسهر مع النجوم وتستحم بمطر قطراته من ضوء الشمس النقي قبل ان يصل الى الأرض .. وتمر من جانبها كل الغيوم الوردية والرمادية والبيضاء .. ومن هنا نفهم ماتكتبه ناطحات السحاب على صفحة السماء ونعرف ان موقفها السياسي له جذر انساني وأخلاقي عملاق ..ومهما اتفقنا معه او اختلفنا فلا نملك الا ان نحترمه وننحني له..

اما سكان الكهوف والمغاور ومثقفو اكواخ القش والطين فنفهم لماذا لايعرفون الا كتابة الطاعون وتوزيع كؤوس القيح المملوءة من نزيز في قلوبهم والصديد السائل من عقولهم .. بعضهم يجف عقله وقلبه من شدة الطاعون فيصمت كالخشب امام وجع الناس ومنظر اطفال دخلت النار في حقائبهم واحرقت دفاترهم والوان رسوماتهم وذوبت حروفهم واقلامهم التي نزفت وتفحمت وماتت ايضا على صدورهم واستشهدت معهم ..

بعض صفحات المعارضة تديرها شركات دعاية غربية وشركات علاقات عامة متخصصة بالحرب النفسية وعقودها بمئات ملايين الدولارات .. وهي تقود حملة عواء هستيري وتحتفل بموت الحروف والاطفال لأن مهمة هذه الشركات تحريض الغرائز وتحريض الهمجية وتلقين جمهور غاب وعيه الحقد والبهيمية وتعليمه فن الكراهية ليصبح جمهورا يعيش في زمن الطاعون الأسود ولايغادر الكهوف ويتعلم شرب الدم ويدمنه مثل دراكيولا .. بعض الشركات استأجرت مواطنين سوريين وعربا في المنافي يبحثون عن المال او عن وظيفة خسيسة لتكون لهم صفحات شخصية تبدو عفوية وتدفع لهم مبالغ على كل سطر يحرض على الكراهية العبثية والدموية المذهبية والبغضاء العفنة ليخلقوا تيارا يجرف مابقي في مجتمعاتنا نحو الهلاك المجاني .. وأعرف ان بعضم صار يعيش على هذه المبالغ وبعضهم صار يبني اعمالا ويبدأ مشروعات شخصية في المنافي بسبب هذا النشاط..

لكن خطورة هؤلاء انهم صاروا تلامذة أمام أتباعهم وضحاياهم الذين صاروا مثل الدبابير التي تهاجم كل من يريد زراعة القمح ودوالي العنب وحقول الليمون والزيتون بدل المقابر والمستنقعات واكوام القمامة

ولذلك فقد شنت الدبابير والضفادع وجموع التماسيح والافاعي هجوما شرسا على الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي ونهشتها بلا رحمة لان احلام زرعت وردا على اكفان الاطفال فيما مرضى الطاعون يريدون منها ان تصبح من فصيلة القوارض التي تنشر الطاعون .. وبدا لي ان احلام صارت تشبه ناطحات سحاب نيويورك تهاجمها طائرات مجنونة لاندري من يقودها ومن يوجهها ومن يخطط لها ... تماما كما لازلنا لانعرف من دبر احداث سبتمبر ومن خطط لها.. مانعرفه ان طائرات المعارضة التي هاجمت ناطحة السحاب الجزائرية احلام مستغانمي مليئة بالخفافيش والغربان والدبابير وكل الحشرات ناقلات الملاريا والطاعون..ومانعرفه ان مثقفي أكواخ الطين والقصب يتعاطفون مع الدبابير ويوجهونهم من اماكنهم في برك الطين وبرك النفط لأنهم لايتحملون رؤية الأبراج وناطحات السحاب التي لاتنهار وتبقى راسخة فيكشف ارتفاعها حقيقة الاقزام

لاأعتقد ان احلام تسقطها اسراب المجانين ولهاث البعوض وطنينه.. لأن حروف المثقف الحر اقوى من ناطحات السحاب وهو بحسه واخلاقه جبل شاهق وقممه لاترضى بما دون النجوم ..

احلام مستغانمي وجعها لامس قلوبنا ونقدره .. ورأيها السياسي مهما كان فانه لن يكون غرائزيا بسبب اصرارها على ان تدافع عن الفطرة والاخلاق التي لاتقبل بقتل اطفال تحت اي مبرر سياسي

.. لكن تحديها للقراصنة سيسجل لها طويلا في "ذاكرة الجسد" المشرقي .. وابراجها اثبتت انها من أعلى الأبراج .. وهي بعبراتها صارت ذاكرة جسد لاتقتله الحمى .. وذاكرة أمة لاتؤثر فيها "فوضى الحواس" وحمى المذاهب

 

اترككم مع ثورة العاطفة وثورة الذاكرة وثورة احلام مستغانمي ضد الطاعون في ماكتبته احتجاجا على ثوار الطاعون الذين هاجموها لانها تعاطفت مع اطفال شهداء في مدرسة عكرمة في حمص:

 

-------------------

 

من عجائب هذا الزمن الذي فقد صوابه و بوصلته . . أنّني مذ نشرت تعليقي عن مجزرة حمص التي جُلّ ضحاياها من الأطفال، اكتشفت من التعليقات التي خصّتني بالشتم و التجريح ، واتهمتني بالعمالة أن الضحايا من طائفة بالذات دون أخرى .

 

لا عقلي ولا قلبي قبلا بتصديق ما قرأت . أبلغنا هذا الحد من الطائفية ؟ !

وهل أصبح متوجّباً عليّ أنا الجزائرية ، ابنة وطن لم نعرف فيه الطوائف ولا يميّز جلّنا بينها ، أن أدرس خريطة سوريا والعراق مدينة، مدينة قبل أن أتعاطف مع ضحية . هل أحقّق في مذهب ميّت لأعرف هل أصفه بالقتيل أم بالشهيد ؟ فأقرّر أأبكيه أم أشمت به ؟

 

المقالات الستين التي كتبتها سابقا عن العراق ، إذن ، وبكيت فيها الفلوجة والموصل وحلبجة وبغداد ، كيف فاتني أن أفتح عيون موتاهم لأسألهم عن معتقداتهم وأعراقهم .و قد كنت أخال العراق وطنا واحداً، كما سوريا ولبنان . فهكذا هي في قلوب الجزائريين وأبناء المغرب العربي أجمعين.

لقد قضيت ليلة البارحة في متابعة الحروب والشتائم المتبادلة بينكم في صفحة أحمل مسؤوليتها ، وكان أجدى بي أن أقضيها في العبادة فقد كانت من أفضل الليالي عند الله .

 

عذرا أحبّتي ، أتعبتني خلافاتكم التي لا عهد لي بها ، فقد جئت هذا العالم طيبة و بريئة .أنا امرأة جزائرية، جنسيتي عربية، ديني الإسلام و قضيتي الإنسانية. وبحكم تربيتي أؤمن أنّنا نولد جميعنا بشر ، بعضنا رفعهم الله إلى مرتبة إنسان . لذا ما كانت لي من غاية في هذه الدنيا غير الفوز بهذه المرتبة.

 

أتمنّى أن تعذروا صمتي بعد الآن، لن أعلّق على أيّ حدث كان. تباً لها من أمّة لا يمكن للمرء فيها أن يكون مواطناً ولا إنساناً ولا حتى بشرا . لا أعرف أمّة غير العرب تكفّلت بتحقيق أمنيات أعدائها، وخاضت الحروب نيابة عنهم، وأعادت أوطانها نصف قرن إلى الوراء، وما زالت تموّل خرابها، وتقتل وتذبح أبناءها بخنجرها، كي ينعم عدوّها بالأمان.

 

أخيراً . . للّذين سألوني لماذا لم أكتب عن مذبحة أخرى لأطفال سوريا غير هذه ، أنشر إحدى النصوص التي كتبتها بتاريخ 1 يوليو 2012، و ثمّة غيرها بإمكانكم العثور عليها في الانترنت.

" مذ مذبحة الحولة ما عدتُ كاتبة ، أنا أمٌّ تنتحب . تلك الطفولة النائمة في لحاف دمها عرّتني من أي مجد أدبي ، أصغر طفل مُسجّى في شاحنات الموت، هو أكبر من أيّ كلمات قد يخطها قلمي. اسمحوا لي أن أصمت بعض الوقت . لا حبر يتطاول على الدمّ .

هؤلاء الصغار الذين ذهبوا في براءة ثياب طفولتهم ، يواصلون نومهم في أكفان أصغر من أقدارهم ، خضّبوا بدمهم دفاتري ، شلوا برحيلهم يدي . بعدهم أصبحت أخجل أن أكون مازلت على قيد إنسانيتي ، أتقاسم الحياة في هذا العالم مع قتلة ، يحملون أوراق ثبوتيّة تدّعي انتسابهم لفصيلة البشر . أحتاج أن يتجاوز دمعي ذهوله لأكتب أحاسيسي .

رحم الله شهداء سوريا الحبيبة الصغار منهم والكبار ، وعوّضهم في الآخرة بحياة أجمل من التي سُرقت منهم في هذا العالم الذي أمسى حقيرًا.

  • فريق ماسة
  • 2014-10-03
  • 12689
  • من الأرشيف

ناطحة سحاب جزائرية اسمها أحلام مستغانمي.. الثورة على الطاعون

أنا بصدق لاأعرف الموقف السياسي للكاتبة الجزائرية احلام مستغانمي من الربيع العربي الجهنمي ولاأعرف موقفها من مايسمى الثورة السورية ولايهمني ... لكن ماكتبته عن الألم والوجع الانساني الذي اجتاحها بسبب مجزرة أطفال مدرسة عكرمة في حمص يجعلني لاأنظر الى موقفها السياسي الا باحترام واعجاب مهما كان .. سواء كان مع الدولة الوطنية السورية ام مع المعارضة والمسلحين الناتويين .. لأن الكاتب الحر والمثقف لديه حس مرهف ونبض انساني في عروقه وفيضان أخلاقي يرفع دوما من حسه ويجعله يرتقي نحو الذرى ويقف كما ناطحات السحاب بين كتاب ومثقفين صغار تشبه قاماتهم أكواخ القش والطين المتهالكة القزمة التي تجرفها تيارات الأنهار الكبرى وتنتهي مع كل فيضان .. مثقفو الطين والمستنقعات وحقول النفط لايشمون رائحة الدم الطفولي ولاتوقظهم الآهات البريئة لأن الأكواخ الطينية القزمة لاترى ماتراه ناطحات السحاب ولاتتعطر مثلها بالهواء العليل ولا تتغازل مع الرياح .. بل تكون التماسيح جيرانها والخراتيت والأفاعي .. ومن التماسيح تتعلم أخلاق الغابات ورقّة الجلد.. ومن الوحوش تتعلم فلسفة الحياة .. وفي الليل تتعلم نقيق الضفادع ومنادمة الجرذان والقوارض أما ناطحات السحاب فانها تسهر مع النجوم وتستحم بمطر قطراته من ضوء الشمس النقي قبل ان يصل الى الأرض .. وتمر من جانبها كل الغيوم الوردية والرمادية والبيضاء .. ومن هنا نفهم ماتكتبه ناطحات السحاب على صفحة السماء ونعرف ان موقفها السياسي له جذر انساني وأخلاقي عملاق ..ومهما اتفقنا معه او اختلفنا فلا نملك الا ان نحترمه وننحني له.. اما سكان الكهوف والمغاور ومثقفو اكواخ القش والطين فنفهم لماذا لايعرفون الا كتابة الطاعون وتوزيع كؤوس القيح المملوءة من نزيز في قلوبهم والصديد السائل من عقولهم .. بعضهم يجف عقله وقلبه من شدة الطاعون فيصمت كالخشب امام وجع الناس ومنظر اطفال دخلت النار في حقائبهم واحرقت دفاترهم والوان رسوماتهم وذوبت حروفهم واقلامهم التي نزفت وتفحمت وماتت ايضا على صدورهم واستشهدت معهم .. بعض صفحات المعارضة تديرها شركات دعاية غربية وشركات علاقات عامة متخصصة بالحرب النفسية وعقودها بمئات ملايين الدولارات .. وهي تقود حملة عواء هستيري وتحتفل بموت الحروف والاطفال لأن مهمة هذه الشركات تحريض الغرائز وتحريض الهمجية وتلقين جمهور غاب وعيه الحقد والبهيمية وتعليمه فن الكراهية ليصبح جمهورا يعيش في زمن الطاعون الأسود ولايغادر الكهوف ويتعلم شرب الدم ويدمنه مثل دراكيولا .. بعض الشركات استأجرت مواطنين سوريين وعربا في المنافي يبحثون عن المال او عن وظيفة خسيسة لتكون لهم صفحات شخصية تبدو عفوية وتدفع لهم مبالغ على كل سطر يحرض على الكراهية العبثية والدموية المذهبية والبغضاء العفنة ليخلقوا تيارا يجرف مابقي في مجتمعاتنا نحو الهلاك المجاني .. وأعرف ان بعضم صار يعيش على هذه المبالغ وبعضهم صار يبني اعمالا ويبدأ مشروعات شخصية في المنافي بسبب هذا النشاط.. لكن خطورة هؤلاء انهم صاروا تلامذة أمام أتباعهم وضحاياهم الذين صاروا مثل الدبابير التي تهاجم كل من يريد زراعة القمح ودوالي العنب وحقول الليمون والزيتون بدل المقابر والمستنقعات واكوام القمامة ولذلك فقد شنت الدبابير والضفادع وجموع التماسيح والافاعي هجوما شرسا على الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي ونهشتها بلا رحمة لان احلام زرعت وردا على اكفان الاطفال فيما مرضى الطاعون يريدون منها ان تصبح من فصيلة القوارض التي تنشر الطاعون .. وبدا لي ان احلام صارت تشبه ناطحات سحاب نيويورك تهاجمها طائرات مجنونة لاندري من يقودها ومن يوجهها ومن يخطط لها ... تماما كما لازلنا لانعرف من دبر احداث سبتمبر ومن خطط لها.. مانعرفه ان طائرات المعارضة التي هاجمت ناطحة السحاب الجزائرية احلام مستغانمي مليئة بالخفافيش والغربان والدبابير وكل الحشرات ناقلات الملاريا والطاعون..ومانعرفه ان مثقفي أكواخ الطين والقصب يتعاطفون مع الدبابير ويوجهونهم من اماكنهم في برك الطين وبرك النفط لأنهم لايتحملون رؤية الأبراج وناطحات السحاب التي لاتنهار وتبقى راسخة فيكشف ارتفاعها حقيقة الاقزام لاأعتقد ان احلام تسقطها اسراب المجانين ولهاث البعوض وطنينه.. لأن حروف المثقف الحر اقوى من ناطحات السحاب وهو بحسه واخلاقه جبل شاهق وقممه لاترضى بما دون النجوم .. احلام مستغانمي وجعها لامس قلوبنا ونقدره .. ورأيها السياسي مهما كان فانه لن يكون غرائزيا بسبب اصرارها على ان تدافع عن الفطرة والاخلاق التي لاتقبل بقتل اطفال تحت اي مبرر سياسي .. لكن تحديها للقراصنة سيسجل لها طويلا في "ذاكرة الجسد" المشرقي .. وابراجها اثبتت انها من أعلى الأبراج .. وهي بعبراتها صارت ذاكرة جسد لاتقتله الحمى .. وذاكرة أمة لاتؤثر فيها "فوضى الحواس" وحمى المذاهب   اترككم مع ثورة العاطفة وثورة الذاكرة وثورة احلام مستغانمي ضد الطاعون في ماكتبته احتجاجا على ثوار الطاعون الذين هاجموها لانها تعاطفت مع اطفال شهداء في مدرسة عكرمة في حمص:   -------------------   من عجائب هذا الزمن الذي فقد صوابه و بوصلته . . أنّني مذ نشرت تعليقي عن مجزرة حمص التي جُلّ ضحاياها من الأطفال، اكتشفت من التعليقات التي خصّتني بالشتم و التجريح ، واتهمتني بالعمالة أن الضحايا من طائفة بالذات دون أخرى .   لا عقلي ولا قلبي قبلا بتصديق ما قرأت . أبلغنا هذا الحد من الطائفية ؟ ! وهل أصبح متوجّباً عليّ أنا الجزائرية ، ابنة وطن لم نعرف فيه الطوائف ولا يميّز جلّنا بينها ، أن أدرس خريطة سوريا والعراق مدينة، مدينة قبل أن أتعاطف مع ضحية . هل أحقّق في مذهب ميّت لأعرف هل أصفه بالقتيل أم بالشهيد ؟ فأقرّر أأبكيه أم أشمت به ؟   المقالات الستين التي كتبتها سابقا عن العراق ، إذن ، وبكيت فيها الفلوجة والموصل وحلبجة وبغداد ، كيف فاتني أن أفتح عيون موتاهم لأسألهم عن معتقداتهم وأعراقهم .و قد كنت أخال العراق وطنا واحداً، كما سوريا ولبنان . فهكذا هي في قلوب الجزائريين وأبناء المغرب العربي أجمعين. لقد قضيت ليلة البارحة في متابعة الحروب والشتائم المتبادلة بينكم في صفحة أحمل مسؤوليتها ، وكان أجدى بي أن أقضيها في العبادة فقد كانت من أفضل الليالي عند الله .   عذرا أحبّتي ، أتعبتني خلافاتكم التي لا عهد لي بها ، فقد جئت هذا العالم طيبة و بريئة .أنا امرأة جزائرية، جنسيتي عربية، ديني الإسلام و قضيتي الإنسانية. وبحكم تربيتي أؤمن أنّنا نولد جميعنا بشر ، بعضنا رفعهم الله إلى مرتبة إنسان . لذا ما كانت لي من غاية في هذه الدنيا غير الفوز بهذه المرتبة.   أتمنّى أن تعذروا صمتي بعد الآن، لن أعلّق على أيّ حدث كان. تباً لها من أمّة لا يمكن للمرء فيها أن يكون مواطناً ولا إنساناً ولا حتى بشرا . لا أعرف أمّة غير العرب تكفّلت بتحقيق أمنيات أعدائها، وخاضت الحروب نيابة عنهم، وأعادت أوطانها نصف قرن إلى الوراء، وما زالت تموّل خرابها، وتقتل وتذبح أبناءها بخنجرها، كي ينعم عدوّها بالأمان.   أخيراً . . للّذين سألوني لماذا لم أكتب عن مذبحة أخرى لأطفال سوريا غير هذه ، أنشر إحدى النصوص التي كتبتها بتاريخ 1 يوليو 2012، و ثمّة غيرها بإمكانكم العثور عليها في الانترنت. " مذ مذبحة الحولة ما عدتُ كاتبة ، أنا أمٌّ تنتحب . تلك الطفولة النائمة في لحاف دمها عرّتني من أي مجد أدبي ، أصغر طفل مُسجّى في شاحنات الموت، هو أكبر من أيّ كلمات قد يخطها قلمي. اسمحوا لي أن أصمت بعض الوقت . لا حبر يتطاول على الدمّ . هؤلاء الصغار الذين ذهبوا في براءة ثياب طفولتهم ، يواصلون نومهم في أكفان أصغر من أقدارهم ، خضّبوا بدمهم دفاتري ، شلوا برحيلهم يدي . بعدهم أصبحت أخجل أن أكون مازلت على قيد إنسانيتي ، أتقاسم الحياة في هذا العالم مع قتلة ، يحملون أوراق ثبوتيّة تدّعي انتسابهم لفصيلة البشر . أحتاج أن يتجاوز دمعي ذهوله لأكتب أحاسيسي . رحم الله شهداء سوريا الحبيبة الصغار منهم والكبار ، وعوّضهم في الآخرة بحياة أجمل من التي سُرقت منهم في هذا العالم الذي أمسى حقيرًا.

المصدر : ناران سرجون


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة