حسمت الولايات المتحدة خيارها في توجيه ضربات جوية لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» العراقية.

 لكن قرار الحرب على الجناح السوري لـ«داعش» لا يزال يستهلك الكثير من النقاش حول استراتيجية تراعي شبكة من المصالح المتضاربة: مواصلة استنزاف سوريا، بإجماع أميركي ـ خليجي ـ تركي، في مواجهة الحاجة إلى السيطرة على الآلاف من «الجهاديين العائدين من سوريا» إلى فرنسا وبريطانيا واستراليا وكندا والولايات المتحدة واحتواء توسّعهم غرباً، واستنباط استراتيجية تقاتل «داعش» وتحتويه في العراق وسوريا، ولا تعود في الآن نفسه بالفائدة على الجيش السوري.

 

وبحسب مصدر ديبلوماسي غربي كانت المزاوجة بين ضرب «داعش» واستهداف الجيش السوري بشكل متزامن، محور اجتماع عقد في البيت الأبيض، عشية إرسال وزير الخارجية جون كيري إلى جدة لترؤس تحالف العشرة العرب ضد «داعش».

واستمع الرئيس باراك أوباما، خلال الاجتماع، إلى مداخلات مستشارة الأمن القومي سوزان رايس، وأسلافها من ستيفن هادلي، ساندي بيرغر، وجيم جونز. وأبلغ جونز ديبلوماسياً فرنسياً أن رايس حثت أوباما على اختيار حرب من هدفين في سوريا: الجيش السوري و«داعش». بيد أن جونز أبلغ الفرنسيين أن الرئيس الأميركي وافق على أولوية توجيه ضربات إلى «الدولة الإسلامية» في سوريا، وأنه لا يمكن شن حرب على الطرفين في آن واحد. وقال جونز إن الأولوية لم تعد إسقاط النظام السوري.

وأبلغ مستشار الأمن القومي الأميركي السابق الديبلوماسي الفرنسي أن الأولوية الوحيدة التي تتقدّم على كل شيء باتت إعادة الإمساك بملفات المنطقة، وأن الجيش السوري لن يكون هدفاً نظراً لقرار أوباما استبعاد إرسال قوات برية إلى العراق وسوريا، وتتضاعف الحاجة إلى الجيش السوري في مواجهة «داعش» لانعدام وجود قوات معارضة محلية يمكن الارتكاز إليها لاستكمال العمليات على الأرض، وتراجع قدرة الجماعات «الجهادية» على الحشد في الشرق السوري، من دون الاستعانة بـ«جبهة النصرة» المشمولة بالقرار الأممي 2170. أما الحاجة الفورية إلى قوة «معتدلة» تساند، في مسرح العمليات السورية المحتملة، الغارات الأميركية وغيرها، فتتعارض مع الحاجة إلى عام أو أكثر لإعداد قوة متواضعة من خمسة آلاف رجل من «المعتدلين»، كما قال وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل أمس الأول أمام لجنة شؤون القوات المسلحة في مجلس الشيوخ.

ويبدو أن البنتاغون والخارجية الأميركية لا يعزفان المقطوعة السورية نفسها. إذ تباهى في باريس، أحد أفراد فريق روبرت فورد، السفير السابق المشرف على المعارضة السورية الخارجية، خلال لقاء مع معارض سوري بارز ومسؤول فرنسي عن الملف السوري، بأن العمليات العسكرية الأميركية في سوريا ضد «داعش»، ستوجه ضربات إلى الجيش السوري، وستساعد المعارضة على استعادة المبادرة.

ويشيع الديبلوماسي الأميركي أن الفرصة قد تكون متاحة لتوجيه ضربات إلى دمشق، لإضعافها وإعادتها مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات، وإطلاق تسوية تصبّ في مصلحة المعارضة السورية. وفي هذا الإطار، تقول مصادر فرنسية إن الديبلوماسيين في الكي دورسيه تلقوا تعليمات بتجنب اللقاءات مع شخصيات «الائتلاف الوطني السوري»، أو عدم الإعلان عنها، فيما لا تزال وعود الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بمنح سفارة لممثل «الائتلاف» في باريس منذر ماخوس مجرد وعود، لن تجد طريقها نحو التنفيذ، رغم مرور عامين وأكثر على إطلاقها.

وكان أوباما قد استعاد بالأمس، في مقر قيادة المنطقة الوسطى في فلوريدا التي تشرف على الغارات في العراق والاستطلاع في سوريا بعد اجتماع مع رئيس القيادة الجنرال لويد أوستن، ما قاله قائد أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي من أن أي قوات أميركية لن تشارك في أي عمليات برية. وكرّر أوباما أن واشنطن ستقود تحالفاً من 40 دولة، مضيفاً «سنقوم بإضعاف داعش وفي النهاية القضاء عليه من خلال استراتيجية لمحاربة الإرهاب».

ووافق مجلس النواب الأميركي على خطة مساعدة مقاتلي المعارضة السورية «المعتدلة» والتي لا تزال تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ في إطار إستراتيجية أوباما للتصدي لـ«داعش». وأيد 273 نائبا هذا الإجراء الذي اتخذ شكل تعديل لقانون المالية، مقابل رفض 156. وصوّت العديد من النواب المنتمين إلى الحزبين الديموقراطي والجمهوري ضد الخطة، ما يؤشر إلى أن الكونغرس ليس موحدا خلف الرئيس في حربه ضد «الدولة الإسلامية».

والحال أن الاستراتيجية الأميركية في مواجهة «داعش» السورية، قد أصيبت بنكسة كبيرة، كما تقول تقارير أمنية غربية، بعد تصفية 70 قائداً عسكرياً وسياسياً من الصف الأول والثاني من «أحرار الشام»، على رأسهم زعيم الحركة حسان عبود، بتفجير مقرّ اجتماعهم المحصّن في رام حمدان الإدلبية الأسبوع الماضي. وتقول تقارير الاستخبارات الغربية إن عبود قتل بعد ساعات من عودته إلى مقرّه المحصّن في رام حمدان، الذي لا يغادره إلا نادراً، من اجتماع مع مسؤولي المخابرات الأميركية في اسطنبول، لتنسيق عمليات «أحرار الشام» الذي يُعدّ أكبر الجماعات «الجهادية» في سوريا مع الغارات الأميركية المنتظرة ضد «داعش».

وكان الأميركيون نجحوا بإقامة علاقات جيدة مع عبود (ابو عبدالله الحموي)، بعد صلات أقامها روبرت فورد معه، تبعتها لقاءات مع سلفه دانيال روبنشتاين، وتنسيق عبر المخابرات الأردنية، التي تخترق حركة «أحرار الشام» عبر أذرع السلفية الأردنية، المنتشرة في صفوفها.

وتواجه الاستراتيجية الأميركية عقبات تركية في العراق وفي سوريا. وتقول تقارير أمنية غربية إن المخابرات الأميركية تواجه صعوبة في التعاون على الأرض مع رجال رئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان. إذ يدور صراع بين الأجهزة الغربية الفرنسية والألمانية والأميركية على عمليات التسليح، التي تقوم بها هذه الأجهزة، لمقاتلي البشمركة الكردية من كل الأجنحة، التي تضم «بيجاك» الكردي الإيراني، فـ«حزب العمال الكردستاني»، ومقاتلي مسعود البرزاني. ويحاول الأتراك عبر منصور مسعود البرزاني، رئيس المخابرات الكردية المقرب من فيدان، منع وقوع أسلحة غربية متقدمة في يد مقاتلي «الكردستاني» الذين ينتشرون حول دهوك وكركوك، فيما ينتشر «بيجاك» في منطقة ديالى. ولا يزال النقاش يدور بين الأجهزة الأميركية والتركية حول مستوى التنسيق، والإمكانيات، والمعلومات التي ينبغي أن يضعها الأتراك بتصرف زملائهم الغربيين لمواجهة «داعش»، من دون التوافق على خطة نهائية، في الاجتماع الأخير الذي عقد في اسطنبول في العاشر من أيلول الحالي.

كما تواجه الاستراتيجية الأميركية تسارع العمليات الإيرانية في العراق، ومنافستها لإعادة هيكلة الجيش العراقي والقوات الرديفة التي استعادت المبادرة حول بغداد، وفكّت الحصار عن آمرلي، وتدفع «داعش» من تكريت شمالاً.

وفيما يتردد الأميركيون في تبني تفاهم سياسي واضح مع الإيرانيين، يضمّهم وسوريا إلى التحالف ضد الإرهاب، تقول تقارير غربية إن الإيرانيين لا يضيعون الوقت، وإن قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني الذي لا يزال يدير الملف العراقي الميداني، كلف الجنرال سيد شافي بالإشراف على 500 ضابط إيراني من «فيلق القدس»، لتدريب وحدات عراقية على مواجهة «داعش»، كما يقوم مساعده العقيد عبد الرضا شلائي بالإشراف على تدريب وحدات من «كتائب حزب الله» العراقية، التي دخلت آمرلي.

ويعمل الإيرانيون بفعالية على التحضير لحرب طويلة، يلعب فيها العراقيون دوراً أساسياً، من خلال إنشاء وحدات «حرس ثوري»، تكون رديفة للجيش العراقي. وتقول تقارير غربية إن أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي الأميرال علي شمخاني عرض الاقتراح على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي وعد بدرسها، فيما تنسب التقارير إلى المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني الموافقة على الاقتراح.

وبانتظار الغارات الأميركية، بدأ «داعش» بالإعداد للمواجهة عبر حرب اغتيالات لقادة الجماعات «الجهادية» المرشحة للعب دور السند الأرضي للعمليات الأميركية. وينسب إلى «الدولة الإسلامية» حملة اغتيالات واسعة، منها ما نجح كتفجير مقر «أحرار الشام» وتصفية قياداتها، ومنها محاولة اغتيال قائد «صقور الشام» احمد عيسى الشيخ، الذي يقيم الأميركيون معه صلات قوية، عبر جماعة «الإخوان المسلمين».

وتقول تقارير سورية إن «داعش» بدأ بالانكفاء عن بعض المناطق التي توسّع فيها في الآونة الأخيرة، وأصيب بنكسات كبيرة في جنوب الحسكة أمام الجيش السوري ووحدات حماية الشعب الكردية. وتلقى أكثر من 40 ألف مقاتل في الشرق السوري أوامر بالانخراط بين المدنيين في الرقة ودير الزور والموصل، فيما رفعت أكثر حواجز «داعش» على الطرق في الرقة ودير الزور والموصل، وتعمل الجرافات وآلات الحفر على إعداد شبكات من الأنفاق لإطالة أمد الصراع.

  • فريق ماسة
  • 2014-09-17
  • 14006
  • من الأرشيف

أوباما يقرر: لا اصطدام مع الجيش السوري والإيرانيون يسبقون الأميركيين لتنظيم الحرب

 حسمت الولايات المتحدة خيارها في توجيه ضربات جوية لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» العراقية.  لكن قرار الحرب على الجناح السوري لـ«داعش» لا يزال يستهلك الكثير من النقاش حول استراتيجية تراعي شبكة من المصالح المتضاربة: مواصلة استنزاف سوريا، بإجماع أميركي ـ خليجي ـ تركي، في مواجهة الحاجة إلى السيطرة على الآلاف من «الجهاديين العائدين من سوريا» إلى فرنسا وبريطانيا واستراليا وكندا والولايات المتحدة واحتواء توسّعهم غرباً، واستنباط استراتيجية تقاتل «داعش» وتحتويه في العراق وسوريا، ولا تعود في الآن نفسه بالفائدة على الجيش السوري.   وبحسب مصدر ديبلوماسي غربي كانت المزاوجة بين ضرب «داعش» واستهداف الجيش السوري بشكل متزامن، محور اجتماع عقد في البيت الأبيض، عشية إرسال وزير الخارجية جون كيري إلى جدة لترؤس تحالف العشرة العرب ضد «داعش». واستمع الرئيس باراك أوباما، خلال الاجتماع، إلى مداخلات مستشارة الأمن القومي سوزان رايس، وأسلافها من ستيفن هادلي، ساندي بيرغر، وجيم جونز. وأبلغ جونز ديبلوماسياً فرنسياً أن رايس حثت أوباما على اختيار حرب من هدفين في سوريا: الجيش السوري و«داعش». بيد أن جونز أبلغ الفرنسيين أن الرئيس الأميركي وافق على أولوية توجيه ضربات إلى «الدولة الإسلامية» في سوريا، وأنه لا يمكن شن حرب على الطرفين في آن واحد. وقال جونز إن الأولوية لم تعد إسقاط النظام السوري. وأبلغ مستشار الأمن القومي الأميركي السابق الديبلوماسي الفرنسي أن الأولوية الوحيدة التي تتقدّم على كل شيء باتت إعادة الإمساك بملفات المنطقة، وأن الجيش السوري لن يكون هدفاً نظراً لقرار أوباما استبعاد إرسال قوات برية إلى العراق وسوريا، وتتضاعف الحاجة إلى الجيش السوري في مواجهة «داعش» لانعدام وجود قوات معارضة محلية يمكن الارتكاز إليها لاستكمال العمليات على الأرض، وتراجع قدرة الجماعات «الجهادية» على الحشد في الشرق السوري، من دون الاستعانة بـ«جبهة النصرة» المشمولة بالقرار الأممي 2170. أما الحاجة الفورية إلى قوة «معتدلة» تساند، في مسرح العمليات السورية المحتملة، الغارات الأميركية وغيرها، فتتعارض مع الحاجة إلى عام أو أكثر لإعداد قوة متواضعة من خمسة آلاف رجل من «المعتدلين»، كما قال وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل أمس الأول أمام لجنة شؤون القوات المسلحة في مجلس الشيوخ. ويبدو أن البنتاغون والخارجية الأميركية لا يعزفان المقطوعة السورية نفسها. إذ تباهى في باريس، أحد أفراد فريق روبرت فورد، السفير السابق المشرف على المعارضة السورية الخارجية، خلال لقاء مع معارض سوري بارز ومسؤول فرنسي عن الملف السوري، بأن العمليات العسكرية الأميركية في سوريا ضد «داعش»، ستوجه ضربات إلى الجيش السوري، وستساعد المعارضة على استعادة المبادرة. ويشيع الديبلوماسي الأميركي أن الفرصة قد تكون متاحة لتوجيه ضربات إلى دمشق، لإضعافها وإعادتها مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات، وإطلاق تسوية تصبّ في مصلحة المعارضة السورية. وفي هذا الإطار، تقول مصادر فرنسية إن الديبلوماسيين في الكي دورسيه تلقوا تعليمات بتجنب اللقاءات مع شخصيات «الائتلاف الوطني السوري»، أو عدم الإعلان عنها، فيما لا تزال وعود الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بمنح سفارة لممثل «الائتلاف» في باريس منذر ماخوس مجرد وعود، لن تجد طريقها نحو التنفيذ، رغم مرور عامين وأكثر على إطلاقها. وكان أوباما قد استعاد بالأمس، في مقر قيادة المنطقة الوسطى في فلوريدا التي تشرف على الغارات في العراق والاستطلاع في سوريا بعد اجتماع مع رئيس القيادة الجنرال لويد أوستن، ما قاله قائد أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي من أن أي قوات أميركية لن تشارك في أي عمليات برية. وكرّر أوباما أن واشنطن ستقود تحالفاً من 40 دولة، مضيفاً «سنقوم بإضعاف داعش وفي النهاية القضاء عليه من خلال استراتيجية لمحاربة الإرهاب». ووافق مجلس النواب الأميركي على خطة مساعدة مقاتلي المعارضة السورية «المعتدلة» والتي لا تزال تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ في إطار إستراتيجية أوباما للتصدي لـ«داعش». وأيد 273 نائبا هذا الإجراء الذي اتخذ شكل تعديل لقانون المالية، مقابل رفض 156. وصوّت العديد من النواب المنتمين إلى الحزبين الديموقراطي والجمهوري ضد الخطة، ما يؤشر إلى أن الكونغرس ليس موحدا خلف الرئيس في حربه ضد «الدولة الإسلامية». والحال أن الاستراتيجية الأميركية في مواجهة «داعش» السورية، قد أصيبت بنكسة كبيرة، كما تقول تقارير أمنية غربية، بعد تصفية 70 قائداً عسكرياً وسياسياً من الصف الأول والثاني من «أحرار الشام»، على رأسهم زعيم الحركة حسان عبود، بتفجير مقرّ اجتماعهم المحصّن في رام حمدان الإدلبية الأسبوع الماضي. وتقول تقارير الاستخبارات الغربية إن عبود قتل بعد ساعات من عودته إلى مقرّه المحصّن في رام حمدان، الذي لا يغادره إلا نادراً، من اجتماع مع مسؤولي المخابرات الأميركية في اسطنبول، لتنسيق عمليات «أحرار الشام» الذي يُعدّ أكبر الجماعات «الجهادية» في سوريا مع الغارات الأميركية المنتظرة ضد «داعش». وكان الأميركيون نجحوا بإقامة علاقات جيدة مع عبود (ابو عبدالله الحموي)، بعد صلات أقامها روبرت فورد معه، تبعتها لقاءات مع سلفه دانيال روبنشتاين، وتنسيق عبر المخابرات الأردنية، التي تخترق حركة «أحرار الشام» عبر أذرع السلفية الأردنية، المنتشرة في صفوفها. وتواجه الاستراتيجية الأميركية عقبات تركية في العراق وفي سوريا. وتقول تقارير أمنية غربية إن المخابرات الأميركية تواجه صعوبة في التعاون على الأرض مع رجال رئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان. إذ يدور صراع بين الأجهزة الغربية الفرنسية والألمانية والأميركية على عمليات التسليح، التي تقوم بها هذه الأجهزة، لمقاتلي البشمركة الكردية من كل الأجنحة، التي تضم «بيجاك» الكردي الإيراني، فـ«حزب العمال الكردستاني»، ومقاتلي مسعود البرزاني. ويحاول الأتراك عبر منصور مسعود البرزاني، رئيس المخابرات الكردية المقرب من فيدان، منع وقوع أسلحة غربية متقدمة في يد مقاتلي «الكردستاني» الذين ينتشرون حول دهوك وكركوك، فيما ينتشر «بيجاك» في منطقة ديالى. ولا يزال النقاش يدور بين الأجهزة الأميركية والتركية حول مستوى التنسيق، والإمكانيات، والمعلومات التي ينبغي أن يضعها الأتراك بتصرف زملائهم الغربيين لمواجهة «داعش»، من دون التوافق على خطة نهائية، في الاجتماع الأخير الذي عقد في اسطنبول في العاشر من أيلول الحالي. كما تواجه الاستراتيجية الأميركية تسارع العمليات الإيرانية في العراق، ومنافستها لإعادة هيكلة الجيش العراقي والقوات الرديفة التي استعادت المبادرة حول بغداد، وفكّت الحصار عن آمرلي، وتدفع «داعش» من تكريت شمالاً. وفيما يتردد الأميركيون في تبني تفاهم سياسي واضح مع الإيرانيين، يضمّهم وسوريا إلى التحالف ضد الإرهاب، تقول تقارير غربية إن الإيرانيين لا يضيعون الوقت، وإن قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني الذي لا يزال يدير الملف العراقي الميداني، كلف الجنرال سيد شافي بالإشراف على 500 ضابط إيراني من «فيلق القدس»، لتدريب وحدات عراقية على مواجهة «داعش»، كما يقوم مساعده العقيد عبد الرضا شلائي بالإشراف على تدريب وحدات من «كتائب حزب الله» العراقية، التي دخلت آمرلي. ويعمل الإيرانيون بفعالية على التحضير لحرب طويلة، يلعب فيها العراقيون دوراً أساسياً، من خلال إنشاء وحدات «حرس ثوري»، تكون رديفة للجيش العراقي. وتقول تقارير غربية إن أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي الأميرال علي شمخاني عرض الاقتراح على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي وعد بدرسها، فيما تنسب التقارير إلى المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني الموافقة على الاقتراح. وبانتظار الغارات الأميركية، بدأ «داعش» بالإعداد للمواجهة عبر حرب اغتيالات لقادة الجماعات «الجهادية» المرشحة للعب دور السند الأرضي للعمليات الأميركية. وينسب إلى «الدولة الإسلامية» حملة اغتيالات واسعة، منها ما نجح كتفجير مقر «أحرار الشام» وتصفية قياداتها، ومنها محاولة اغتيال قائد «صقور الشام» احمد عيسى الشيخ، الذي يقيم الأميركيون معه صلات قوية، عبر جماعة «الإخوان المسلمين». وتقول تقارير سورية إن «داعش» بدأ بالانكفاء عن بعض المناطق التي توسّع فيها في الآونة الأخيرة، وأصيب بنكسات كبيرة في جنوب الحسكة أمام الجيش السوري ووحدات حماية الشعب الكردية. وتلقى أكثر من 40 ألف مقاتل في الشرق السوري أوامر بالانخراط بين المدنيين في الرقة ودير الزور والموصل، فيما رفعت أكثر حواجز «داعش» على الطرق في الرقة ودير الزور والموصل، وتعمل الجرافات وآلات الحفر على إعداد شبكات من الأنفاق لإطالة أمد الصراع.

المصدر : محمد بلوط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة