سجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتراضه على تزويد العراق بالأسلحة خشية انعكاسها على عملية السلام بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني،  معلناً عن رفضه تشكيل تحالف لضرب تنظيم «الدولة الإسلامية» (المعروف سابقاً، بـ«داعش»).

 وسرب أردوغان عبر مصادره لصحيفة «حرييت» التركية، أمس أنه حذر نظيره الأميركي باراك أوباما الذي التقاه على هامش قمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» في ويلز ببريطانيا، من تزويد بغداد بالأسلحة، مشيراً إلى أن «الأسلحة المتروكة (الأميركية) في العراق أصبحت اليوم تحت سيطرة تنظيم «داعش»، وقد تعود هذه الأسلحة علينا من خلال توجيه ضربة لعملية التسوية الجارية للتوصل إلى حل للقضية الكردية، فضلاً عن تأجيج الصراع الطائفي في المنطقة».

ونقلت «حرييت» عن المصادر التي وصفتها بالمقربة من القصر الجمهوري، أن أردوغان حذر أيضاً من تشكيل تحالف لضرب تنظيم «الدولة الإسلامية»، مؤكداً في المقابل، اتخاذ خطوات حاسمة في العراق وسورية، ووضع إستراتيجية شاملة لعدم إتاحة الفرصة لتهديد الأمن الإقليمي واستقراره مع تأكيد وحدة وسيادة الأراضي العراقية مثل تأكيد الولايات المتحدة ودفاعها عن وحدة وسيادة الأراضي الأوكرانية.

كما أشارت المصادر إلى أن أردوغان أكد أن استمرار الفوضى والاضطرابات فتحت ثغرة لإيواء المنظمات الإرهابية في سورية والانتقال بعملياتهم الإرهابية إلى دول المنطقة.

وعندما اجتمع بأردوغان قال أوباما للصحفيين: «أريد أن أعبر عن تقديري للتعاون بين القوات المسلحة وأجهزة المخابرات الأميركية والتركية في التعامل مع قضية المقاتلين الأجانب وهي قضية لا تزال تحتاج إلى جهد أكبر».

أما صحيفة «صباح» التركية، فذكرت أن أردوغان وأوباما اتفقا على ضرورة تسريع الجهود لتشكيل حكومة عراقية تحتضن أطياف الشعب العراقي كافة، وأكدا أهمية تحقيق الانتقال السياسي في سورية في إطار بيان جنيف الأول.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من القصر الرئاسي أن أردوغان وأوباما تناولا الملفين العراقي والسوري بشكل مفصل، فضلاً عن بحث مكافحة التنظيمات الإرهابية التي نشأت في المنطقة مستغلة الفوضى والاضطرابات في بعض الدول.

وتتناقض تسريبات القصر الرئاسي التركي مع ما أعلنته واشنطن الجمعة عن تشكيل تحالف أساسي من دول في «الناتو«، بينها تركيا.

وقال أوباما: إنه يأمل أن يضع إستراتيجية إقليمية للتصدي لتنظيم «الدولة الإسلامية»، لكن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين توقعوا أن تنأى تركيا بنفسها عن لعب دور علني كبير.

ويحتجز تنظيم الدولة الإسلامية نحو 46 مواطناً تركياً بينهم دبلوماسيون خطفوا من القنصلية التركية في الموصل عندما اجتاح التنظيم المدينة وهي ثاني أكبر مدن العراق في حزيران الماضي.

وتقديراً للمأزق الذي تجد تركيا نفسها فيه، تهدف واشنطن إلى حمل أنقرا على التركيز على وقف تدفق المتشددين الأجانب وبينهم كثيرون من الولايات المتحدة وغرب أوروبا يعبرون أراضيها للانضمام للقتال في سورية.

وقال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه: «الكل يدرك أن الأتراك لهم وضع خاص» في إشارة إلى سلامة الرهائن الأتراك وعدم رغبة دولة في مهاجمة دولة مجاورة خشية حدوث رد فعل انتقامي. وتابع: «تركيا ستكون جزءاً من الائتلاف لكن ما الذي يعنيه ذلك؟ لن يتطلب الكثير».

وذكر مسؤول ثانٍ أن واشنطن ستطلب من أنقرا أن تبذل جهداً أكبر لمنع المقاتلين الأجانب من دخول سورية، وهي رسالة وجهها أوباما بشكل دبلوماسي يوم الجمعة وسيكررها وزير الدفاع تشاك هاجل خلال زيارة لتركيا هذا الأسبوع.

وفي مؤشر إلى مدى حساسية المسألة في تركيا شدد مسؤولون أتراك في أحاديث خاصة على أن أياً من الطائرات الأميركية التي تنفذ غارات في العراق لم تأت من قاعدة أنجرليك الجوية في جنوب تركيا.

وقال هنري باركي وهو أستاذ بجامعة ليهاي وعضو سابق في إدارة تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأميركية: «(الأتراك) لن يسمحوا باستخدام أنجرليك لتنفيذ ضربات جوية».

وأضاف في إشارة إلى مقطع الفيديو الذي نشر يوم 19 آب وأظهر مقاتلاً ملثماً وهو يذبح الصحفي الأميركي جيمس فولي: «إعدام فولي لم يكن رسالة لنا فحسب بل أيضاً للأتراك».

ونشر التنظيم مقطع فيديو آخر يوم الثلاثاء يظهر إعدام صحفي أميركي ثان هو ستيفن سوتلوف.

ورغم تشديد تركيا على احترام التزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي الذي انضمت إليه في 1952 فقد عبر مسؤولون أتراك عن عدم استعدادهم للمخاطرة بحياة رهائنهم.

وقال مسؤول تركي طلب عدم نشر اسمه: «تركيا عضو بحلف الأطلسي. نشترك في المبادئ والقيم نفسها مع الغرب. لكن لدينا 46 رهينة».

وقال دبلوماسي غربي في أنقرا: «إنهم عاجزون. لا يستطيعون، وهذا أمر مفهوم حقيقة، أن ينضموا بحماسة للتحرك العسكري. أنا واثق أنهم يدون تأييدهم في الأحاديث الخاصة لكنهم لا يشعرون أن بإمكانهم إبداء هذا على الملأ».

وقال محللون في الولايات المتحدة بينهم اللفتنانت جنرال المتقاعد ديفيد بارنو وهو قائد أميركي كبير سابق في أفغانستان: إن تركيا ستقدم المساعدة من وراء الكواليس بالسماح لدبابات وطائرات استطلاع وطائرات دون طيار بالعمل من أراضيها.

لكن استهداف التنظيم في سورية يتطلب إقناع دول مثل تركيا والسعودية والأردن وغيرها بأن الولايات المتحدة باقية لبعض الوقت رغم إحجام أوباما عن التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط.

وقال فريدريك هوف، وهو مسؤول الملف السوري الأسبق في وزارة الخارجية الأميركية»: «أي شخص يفكر جدياً في الانضمام للائتلاف ويتخذ القرار في نهاية المطاف ينبغي أن يقنعه رئيس الولايات المتحدة بأن بلاده ستكون موجودة لفترة زمنية ولن تتخلى عنه».

  • فريق ماسة
  • 2014-09-06
  • 6054
  • من الأرشيف

أردوغان يعترض على تزويد العراق بالأسلحة وتشكيل تحالف لضرب «داعش»

سجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتراضه على تزويد العراق بالأسلحة خشية انعكاسها على عملية السلام بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني،  معلناً عن رفضه تشكيل تحالف لضرب تنظيم «الدولة الإسلامية» (المعروف سابقاً، بـ«داعش»).  وسرب أردوغان عبر مصادره لصحيفة «حرييت» التركية، أمس أنه حذر نظيره الأميركي باراك أوباما الذي التقاه على هامش قمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» في ويلز ببريطانيا، من تزويد بغداد بالأسلحة، مشيراً إلى أن «الأسلحة المتروكة (الأميركية) في العراق أصبحت اليوم تحت سيطرة تنظيم «داعش»، وقد تعود هذه الأسلحة علينا من خلال توجيه ضربة لعملية التسوية الجارية للتوصل إلى حل للقضية الكردية، فضلاً عن تأجيج الصراع الطائفي في المنطقة». ونقلت «حرييت» عن المصادر التي وصفتها بالمقربة من القصر الجمهوري، أن أردوغان حذر أيضاً من تشكيل تحالف لضرب تنظيم «الدولة الإسلامية»، مؤكداً في المقابل، اتخاذ خطوات حاسمة في العراق وسورية، ووضع إستراتيجية شاملة لعدم إتاحة الفرصة لتهديد الأمن الإقليمي واستقراره مع تأكيد وحدة وسيادة الأراضي العراقية مثل تأكيد الولايات المتحدة ودفاعها عن وحدة وسيادة الأراضي الأوكرانية. كما أشارت المصادر إلى أن أردوغان أكد أن استمرار الفوضى والاضطرابات فتحت ثغرة لإيواء المنظمات الإرهابية في سورية والانتقال بعملياتهم الإرهابية إلى دول المنطقة. وعندما اجتمع بأردوغان قال أوباما للصحفيين: «أريد أن أعبر عن تقديري للتعاون بين القوات المسلحة وأجهزة المخابرات الأميركية والتركية في التعامل مع قضية المقاتلين الأجانب وهي قضية لا تزال تحتاج إلى جهد أكبر». أما صحيفة «صباح» التركية، فذكرت أن أردوغان وأوباما اتفقا على ضرورة تسريع الجهود لتشكيل حكومة عراقية تحتضن أطياف الشعب العراقي كافة، وأكدا أهمية تحقيق الانتقال السياسي في سورية في إطار بيان جنيف الأول. ونقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من القصر الرئاسي أن أردوغان وأوباما تناولا الملفين العراقي والسوري بشكل مفصل، فضلاً عن بحث مكافحة التنظيمات الإرهابية التي نشأت في المنطقة مستغلة الفوضى والاضطرابات في بعض الدول. وتتناقض تسريبات القصر الرئاسي التركي مع ما أعلنته واشنطن الجمعة عن تشكيل تحالف أساسي من دول في «الناتو«، بينها تركيا. وقال أوباما: إنه يأمل أن يضع إستراتيجية إقليمية للتصدي لتنظيم «الدولة الإسلامية»، لكن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين توقعوا أن تنأى تركيا بنفسها عن لعب دور علني كبير. ويحتجز تنظيم الدولة الإسلامية نحو 46 مواطناً تركياً بينهم دبلوماسيون خطفوا من القنصلية التركية في الموصل عندما اجتاح التنظيم المدينة وهي ثاني أكبر مدن العراق في حزيران الماضي. وتقديراً للمأزق الذي تجد تركيا نفسها فيه، تهدف واشنطن إلى حمل أنقرا على التركيز على وقف تدفق المتشددين الأجانب وبينهم كثيرون من الولايات المتحدة وغرب أوروبا يعبرون أراضيها للانضمام للقتال في سورية. وقال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه: «الكل يدرك أن الأتراك لهم وضع خاص» في إشارة إلى سلامة الرهائن الأتراك وعدم رغبة دولة في مهاجمة دولة مجاورة خشية حدوث رد فعل انتقامي. وتابع: «تركيا ستكون جزءاً من الائتلاف لكن ما الذي يعنيه ذلك؟ لن يتطلب الكثير». وذكر مسؤول ثانٍ أن واشنطن ستطلب من أنقرا أن تبذل جهداً أكبر لمنع المقاتلين الأجانب من دخول سورية، وهي رسالة وجهها أوباما بشكل دبلوماسي يوم الجمعة وسيكررها وزير الدفاع تشاك هاجل خلال زيارة لتركيا هذا الأسبوع. وفي مؤشر إلى مدى حساسية المسألة في تركيا شدد مسؤولون أتراك في أحاديث خاصة على أن أياً من الطائرات الأميركية التي تنفذ غارات في العراق لم تأت من قاعدة أنجرليك الجوية في جنوب تركيا. وقال هنري باركي وهو أستاذ بجامعة ليهاي وعضو سابق في إدارة تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأميركية: «(الأتراك) لن يسمحوا باستخدام أنجرليك لتنفيذ ضربات جوية». وأضاف في إشارة إلى مقطع الفيديو الذي نشر يوم 19 آب وأظهر مقاتلاً ملثماً وهو يذبح الصحفي الأميركي جيمس فولي: «إعدام فولي لم يكن رسالة لنا فحسب بل أيضاً للأتراك». ونشر التنظيم مقطع فيديو آخر يوم الثلاثاء يظهر إعدام صحفي أميركي ثان هو ستيفن سوتلوف. ورغم تشديد تركيا على احترام التزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي الذي انضمت إليه في 1952 فقد عبر مسؤولون أتراك عن عدم استعدادهم للمخاطرة بحياة رهائنهم. وقال مسؤول تركي طلب عدم نشر اسمه: «تركيا عضو بحلف الأطلسي. نشترك في المبادئ والقيم نفسها مع الغرب. لكن لدينا 46 رهينة». وقال دبلوماسي غربي في أنقرا: «إنهم عاجزون. لا يستطيعون، وهذا أمر مفهوم حقيقة، أن ينضموا بحماسة للتحرك العسكري. أنا واثق أنهم يدون تأييدهم في الأحاديث الخاصة لكنهم لا يشعرون أن بإمكانهم إبداء هذا على الملأ». وقال محللون في الولايات المتحدة بينهم اللفتنانت جنرال المتقاعد ديفيد بارنو وهو قائد أميركي كبير سابق في أفغانستان: إن تركيا ستقدم المساعدة من وراء الكواليس بالسماح لدبابات وطائرات استطلاع وطائرات دون طيار بالعمل من أراضيها. لكن استهداف التنظيم في سورية يتطلب إقناع دول مثل تركيا والسعودية والأردن وغيرها بأن الولايات المتحدة باقية لبعض الوقت رغم إحجام أوباما عن التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط. وقال فريدريك هوف، وهو مسؤول الملف السوري الأسبق في وزارة الخارجية الأميركية»: «أي شخص يفكر جدياً في الانضمام للائتلاف ويتخذ القرار في نهاية المطاف ينبغي أن يقنعه رئيس الولايات المتحدة بأن بلاده ستكون موجودة لفترة زمنية ولن تتخلى عنه».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة